محمود شقير
الحوار المتمدن-العدد: 5269 - 2016 / 8 / 29 - 14:59
المحور:
الادب والفن
عدت إلى البيت وأنا أحمل مقتنيات قديمة: كيساً من قماش عليه تطريز بألوان عدّة. مكحلة من فضّة. كأساً معدنية موشّاة بالرسم، ومرآة بيضاويّة الشكل ولها قاعدة من نحاس. عرضتها فوق مائدة الطعام مثل بائع متجوّل، وهي تتأمّلني وتواصل الابتسام. سألتها: مالك؟ لماذا تبتسمين؟ قالت: أخشى أن يصبح حالنا مثل حال الساكن الجديد في مسرحيّة يوجين أونيسكو. قلت: آه، تخشين ألا يبقى لنا موطئ قدم في البيت، إنْ واصلتُ شراء مثل هذه المقتنيات.
سألتني: بكم اشتريتها؟ قلت: خَمّني. قالت: أنا لا أعرف شيئاً عن الأسعار. تذكّرت جحا وقلت: مرّ جحا بصبيان يلعبون بغراب ميّت، فاشتراه منهم بدرهم وحمله إلى البيت. فقالت أمّه: ويحك ما تصنع به وهو ميّت؟ فقال لها: اسكتي، فلو كان حيّاً ما طمعت في شرائه بمائة درهم.
ضحكت رباب. وانهمكنا معاً في وضع المقتنيات في صالة البيت وفي الحمّام وفي المطبخ وقرب السرير. تأمّلت وجهها في المرآة التي استقرّت قرب السرير، وقالت: ليتك تشتري لنا مرآة أخرى مثل هذه، ثم سكتت ولم تبح بأيّ كلام.
#محمود_شقير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟