|
الديمقراطية والهوية الوطنية للامة العراقية
شمخي جبر
الحوار المتمدن-العدد: 1407 - 2005 / 12 / 22 - 11:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ان عملية التغيير الاجتماعي والسياسي التي حدثت في العراق بعد 9 4 2003 كانت قد فرضت بشكل عمودي على الثقافة العراقية الموبوءة بالاستبداد الذي تغذت عليه عبر سنين طويلة؛ ومن هنا يصبح لدينا أطارا الا ان محتوى هذا الإطار يعج بالاستبداد والاكراه هذا اضافة الى عدم وجود المؤسسات التي تدعم عمليات التغيير التي يقع في المقام الاول منها مؤسسات المجتمع المدني؛ بل نجد سيطرة بنى ماقبل الدولة ( القبلية والطائفية والدينية)التي تقف في الكثير من الاحيان عائقا امام التغيير الديمقراطي ؛ وبدون مؤسسات المجتمع المدني تنفرد الدولة بالمجتمع لتفرض سيطرتها من خلال استخدام آليات القسر والإكراه وليس الاتفاق والإقناع ، لهذا يرفض الديمقراطيون هذا الأسلوب في عمليات التغيير التي يطمحون لها ، فنراهم يؤكدون دائماً على العمل من خلال تغيير وإصلاح ( البنى الفوقية ) بالعمل الفكري والثقافي والإعلامي والتي يلعب المجتمع المدني ومؤسساته دوراً كبيراً فيه ، فيؤسسون لثقافة المجتمع المدني ، التي يجب ان ( تؤسس ) داخل البنية الثقافية العراقية من خلال اختراق وعي المجتمع وثقافته ، والتحول من ثقافة النخبة الى ثقافة الجماهير كما يقول ( غر امشي ) ( وتملك المشاعر والأحلام للجماهير والتحول من مركبات هويتها الثقافية باتجاه التغيير نحو مجتمع أفضل ) على وفق المقولة التي قالها ماركس ( إن الإنسان لا يحكم بالقوة فحسب بل بالأفكار أيضا ) ، متجاوزين الخطاب النخبوي الانزوائي الذي يصل في بعض الأحيان مستوى الخطاب الاستعلائي ، بالسعي نحو قاعدة ( إن أسمى فاعلية يملكها الذهن هي إيقاظ الذهن ) .ولابد لنا من ان نؤكد الدور الذي تلعبه مؤسسات المجتمع المدني؛ في عمليات الأعمار والمساهمة في الخطط التنموية؛على اعتبار ان التنمية بقدر ما تحتاج الى مؤسسات ونظم فإنها تحتاج أيضا الى أنماط سلوكية تتسق مع إجراءاتها وتدعم أنشطتها؛لان( حركة المجتمع هي نتاج ما يعتمل في أعماقه من تفاعلات بين الأفراد والجماعات التي تفرز علاقات تضامن او صراع بينهم ؛ وكذلك المؤسسات والمنظمات التي يقيمونها لتنظيم حياتهم المشتركة ؛ان هذه الحركة الاجتماعية الشاملة وما يعتمل في داخلها من تيارات فرعية ؛ تكون بمجموعها نظاما متسقا يخضع لقوانين موضوعية( قوانين حركة المجتمع التاريخية وقوانين وضعية (يضعها المشرع) تعمل على تسيير حركة المجتمع الصاعد دائما الى ماهو أفضل من الواقع الراهن ؛ أي تحقيق التقدم وبناء الحضارة الإنسانية) وانفراد الدولة بالمجتمع وقيادة عمليات التغيير ، هذا يعني في الكثير من الأحيان أن الدولة ستمارس العنف من أجل فرض برنامجها ألتغييري ، الذي قد يتحول الى تدميري ، فيما لو وصلت ردود الفعل تجاهه الى مستوى العنف المباشر او الظاهر ( يقول ولتر ان السلطة قد تمارس وهي ذات خصائص إيحائية مفيدة ومقبولة او قد تمارس بصفة قمعية حسب الظروف ؛ وقد تطلق طاقات خلاقة وتصعد الحيوية بين أفراد المجتمع او تدمر بواعث الحركة؛ وتولد جوا من الانقباض او تحرك صراعا وتمردا ؛ وقد تنطوي على معنى الحرية كما تنطوي على معنى الطغيان ).. ونرى هذا من خلال ممارسات سلطة الدولة في العراق الآن وانفرادها بالسلطة والقوة ، وممارستها العنف ضد من يعارضون العملية السياسية وعمليات التغيير الاجتماعي التي تتضمنها أجندتها* ، والمفروضة وبشكل عمودي من خارج ( البنية الفوقية ) للمجتمع ، وهنا يقول ( غرامشي ) ان القديم يتآكل ويتجوف دون ان ينتصر الجديد ، عندها يزداد دور العنف في أحكام قبضة الطبقة الحاكمة على السلطة في حين تنتشر اللامبالاة السياسية والنفعية المادية المباشرة عند أوساط واسعة من الجماهير وهكذا تحولت عمليات التغيير الاجتماعي الى حالة من التفتيت للقيم القائمة بدون زراعة قيم بديلة مكانها مما أدى الى ما يمكن تسميته بفراغ قيمي يكتسح المجتمع بكافة شرائحه؛ وهذا ما شهدناه في عهد النظام السابق وأمتد الى العهد الجديد من عمليات فساد وإفساد من أعلى قمة في الهرم السياسي الى أدنى حلقة من حلقات السلطة حتى وصل آخر درجة على مقياس ( رختر ) فتحول الفساد الى ثقافة ضربت إطنابها في الأوساط الاجتماعية والسياسية كافة ، نتيجة لتغييب دور المجتمع المدني وما يرافقها من فقدان للشفافية التي تتيح الرقابة والمحاسبة من قبل هذه المؤسسات وفي المقدمة منها وسائل الإعلام ، التي يجب ان تتوفر لها في ظل الديمقراطية كل المعطيات التي تستطيع من خلالها ان تراقب عمل مؤسسات الدولة . إن عدم وجود المجتمع المدني او تهميش دوره؛ يأتي تبعا لطبيعة السلطة السياسية، لان التعاون او الصراعات الناجمة عن العلاقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تقوم بين الأفراد والجماعات في المجتمع ؛ هي نتيجة مباشرة لوضع السلطة في المجتمع . حيث ان السلطة كما يعرفها رسل ( هي إحداث تأثير مقصود ). ان جوهر مشكلة المجتمع المدني تتركز في انتشار سلطة الدولة في كل مجالات الحياة المجتمعية مما يجعل من هذه السلطة أداة مراقبة مستمرة وعائقا أمام إمكانية تحرر الأفراد واستقلال المؤسسات الاجتماعية ؛ حيث( تبدأ السلطة من العنف الناجم عن إرادة فجة للسيطرة على الآخرين الى عمل إقناعي لزج المواطن إن عدم وجود المجتمع المدني او تهميش دوره؛ يأتي تبعا لطبيعة السلطة السياسية، لان التعاون او الصراعات الناجمة عن العلاقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تقوم بين الأفراد والجماعات في المجتمع ؛ هي نتيجة مباشرة لوضع السلطة في المجتمع . حيث ان السلطة كما يعرفها رسل ( هي إحداث تأثير مقصود ). ان جوهر مشكلة المجتمع المدني تتركز في انتشار سلطة الدولة في كل مجالات الحياة المجتمعية مما يجعل من هذه السلطة أداة مراقبة مستمرة وعائقا أمام إمكانية تحرر الأفراد واستقلال المؤسسات الاجتماعية ؛ حيث( تبدأ السلطة من العنف الناجم عن إرادة فجة للسيطرة على الآخرين الى عمل إقناعي لزج المواطن إن عدم وجود المجتمع المدني او تهميش دوره؛ يأتي تبعا لطبيعة السلطة السياسية، لان التعاون او الصراعات الناجمة عن العلاقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تقوم بين الأفراد والجماعات في المجتمع ؛ هي نتيجة مباشرة لوضع السلطة في المجتمع . حيث ان السلطة كما يعرفها رسل ( هي إحداث تأثير مقصود ). ان جوهر مشكلة المجتمع المدني تتركز في انتشار سلطة الدولة في كل مجالات الحياة المجتمعية مما يجعل من هذه السلطة أداة مراقبة مستمرة وعائقا أمام إمكانية تحرر الأفراد واستقلال المؤسسات الاجتماعية ؛ حيث( تبدأ السلطة من العنف الناجم عن إرادة فجة للسيطرة على الآخرين الى عمل إقناعي لزج المواطن في عمل جماعي مشترك)؛وتركة السلطة المنهارة شكلت عبء على العملية السياسية؛ وتمثلت الأعباء التي واجهتها عمليات التغيير بعسكرة المجتمع وتقديس العنف باعتباره الية وحيدة لمواجهة المختلف. ن التحالفات القائمة في الوقت الحاضر بانتظار الانتخابات التشريعية في 15122005 وقدمت أسمائها الى المفوضية المشرفة على الانتخابات بقت تحاصرها الرابطة الطائفية كما نرى في التحالفين السني والشيعي؛ فعلى الرغم من ان الأحزاب والحركات السنية زايدت كثيرا على المواطنة والوطنية وسمت نفسها عدة تسميات إحداها( أهل العراق) إلا إنها بقيت محاصرة ومحصورة بالعقدة الطائفية ؛ التي افلت منها أخيرا المؤتمر الوطني بقيادة الدكتور احمد الجلبي؛ والتغير المهم على ساحة الحراك السياسي قبيل الانتخابات هو الجهد الكبير الذي قامت به القائمة العراقية بقيادة الدكتور علاوي ؛ حيث جمعت طيفا واسعا يعبر عن المشهد السياسي العراقي الأصيل بدون اللجوء للبنى التقليدية وبالتالي لم الشمل العراقي ؛ بغض النظر عن المكاسب الحزبية الضيقة .ان الاصطفافات الطائفية عمقت التشرذم والفرقة داخل المجتمع وبقت حركات الإسلام السياسي منقادة للواقع الطائفي بدل محاولة العمل على طرح مشروع وطني ؛ وكذلك بقيت الكتلة الكردية محاصرة بالهم القومي بدل الانفتاح على الهم الوطني والهوية الوطنية. ان المأزق الأساس الذي وقعت فيه النخب السياسية انها غيبت النخب الثقافية والفكرية على الرغم من أنها ضمير الأمة العراقية ؛ والمعبر الصادق عن آمالها وتطلعاتها؛ وهكذا بقى السياسي يصول ويجول في الساحة منفردا بالأمة يشرق بها ويغرب ؛ باحثا عن الحلول عند هؤلاء او عند أولئك تاركا الأمة تمزقها وتتناهبها القبائل والطوائف. والسياسي في الكثير من الأحيان يفتقد للقرار السياسي الذي بقى زمامه في يد قوات الاحتلال على الرغم من الادعاء بعكس هذا . ان التجربة الديمقراطية في العراق لم تنطلق من واقع الأمة العراقية وتلبية لحاجتها بل جاءت مفروضة من الخارج ؛رافقتها الكثير من التضحيات البشرية والمادية لان الامة لم تكن مهيأة لهذه التجربة وخصوصا في بنيتها الثقافية والسياسية.كذلك فان قوات الاحتلال ومؤسساتها السياسية ربطت بين الديمقراطية ومحاربة الإرهاب؛ فحولت الساحة العراقية الى ساحة لمحاربة الإرهاب فاستدرجت كل أعدائها الى هذه الساحة مما كلف العراق الكثير؛ بل تحولت فيه الساحة العراقية الى حاضنه للإرهاب ومن ثم تصديره الى الدول المجاورة التي عليها أما أن تتفاعل مع قوات الاحتلال في محاربة الإرهاب او يصدر إليها الإرهاب ؛ ان كل الدول المجاورة او دول المنطقة اجمعها يعنيها المشروع الأمريكي الذي يحمل أجندة محاربة الإرهاب من خلال تصدير الديمقراطية
#شمخي_جبر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نجادي الذي داس على ذيل التنين
-
فساد الحكم وآثاره الاجتماعية والاقتصادية
-
المشهد السياسي ومستقبل الديمقراطية في العراق
-
طوبى للعائدين الى ارض الوطن
-
الشاعر الخباز الذي رتل
-
مثقفو القبائل والطوائف ومسؤلية المثقف العراقي
-
دولة القانون .............دولة المليشيات
-
الجندر : علم النوع الاجتماعي؛ هل نحتاج هذا العلم؟ ، وماذا يت
...
-
المعوقات التي تواجه الكتاب العراقي ؛ البحث عن حل
-
التحديات أمام الهوية العراقية ؛تذويت ألهويات الفرعية
-
استشهاد عثمان علي درس في الإخاء والتضامن وصفعة للطائفيين
-
ثقافة الاستبداد وصناعة الرمز
-
عثرات الحكومة من يقيلها ؟
-
واقعة جسر الأئمة
-
المواطنة وتجاذبات المكونات الفئوية و تأثيرها على كتابة الدست
...
-
من ينام على سرير بروكست (قراءة في مرجعية العنف في العراق
-
الحراك السياسي في العراق حضور القبيلة والطائفة _غياب المواطن
...
-
أزمة المواطنة والهويات الفرعية
-
الميت يمسك بتلابيب الحي ثنائيات الفكرالواقع؛الماضي الحاضر
-
في ظل سيطرت القبلية والطائفية؛ ومواطنة ومجتمع مدني مغيبين من
...
المزيد.....
-
بيان من مجلس سوريا الديمقراطية بعد الإعلان الدستوري
-
لأول مرة.. السعودية تتفوق على مصر وإسرائيل في المقاتلات العس
...
-
اجتماع بين إيران وروسيا والصين في بكين لمناقشة البرنامج النو
...
-
بي بي سي تدخل قاعدة حميميم في سوريا التي تؤوي عائلات علوية
...
-
متى يعتبر نقص الحديد في الجسم مشكلة؟ وما أفضل طرق العلاج؟
-
الصين وروسيا تدعمان إيران مع ضغط ترامب لإجراء محادثات نووية
...
-
البرتغال تشكك في شرائها مقاتلات -إف-35- خشية من موقف ترامب
-
اكتشاف ينهي جدلا علميا واسعا حول المومياء المصرية -الحامل-
-
أوربان يعارض القرض المشترك للاتحاد الأوروبي لدعم أوكرانيا وي
...
-
لوكاشينكو: منظومة صواريخ -أوريشنيك- الروسية ستدخل في الخدمة
...
المزيد.....
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|