أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نوال السعداوي - رقة الشاعرة وحاملة الأثقال














المزيد.....

رقة الشاعرة وحاملة الأثقال


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 5257 - 2016 / 8 / 17 - 02:06
المحور: الادب والفن
    



هى فتاة تتمتع بقوة العضل مع رقة الطبع، تزداد الرقة بازدياد القوة، امرأة أو رجل، لا فرق، الموهبة العقلية والجسمية لا ينفصلان، المرأة المصرية بطلة عالمية فى حمل الأثقال، أو سجينة فى زنزانة المفكرات الثائرات، أو كاتبة منسية أو شاعرة منفية، أو طفلة منقبة تمشى إلى المدرسة محنية الرأس، تخرق كلمة «أنثى» أذنيها كالبصقة، يتحرش بها الذكور، يقذفونها بطوبة، أو كلمة نابية تهدر كرامة أمها لكن أمها هى التى شجعتها منذ الطفولة على التحدي. أمها علمتها أن ترفع رأسها عاليا، أن تثق بعقلها وجسدها معا، أن تقرأ وتلعب وتمارس الرياضة، دون خوف على عذريتها من القفز العالى أو ركوب الدراجة، أن تحمل الفكر الجديد والأثقال الحديد، أن تكون لها عضلات قوية وعظام صلبة وعقل مبدع أن تغير مفهوم الأنوثة والرجولة، ومفهوم العار والفضيلة، أن تستعيد للمرأة قوتها الطبيعية وجذورها التاريخية، فتاة واحدة فى الثامنة عشرة، ترفع قيمة الوطن ذى التسعين مليونا، تنقل العقل المصرى إلى مرحلة أرقي، تعلن للعالم أن المرأة المصرية ليست عورة تتغطي، أو سلعة تتعري، للإشباع والامتلاك أو شهوة الاستهلاك، يفخر الوطن بها اليوم، «سارة سمير» لكنه يقهر مثيلاتها البنات كل يوم، ويحرم الأطفال مثلها حرية الفكر والجسم معا.

منذ طفولتها تشجعها أمها على الحرية والاستقلال، انطلق عقلها وجسمها إلى آفاق الإبداع العقلى والجسمى فى آن واحد، يتغنون اليوم باسمها فى الأناشيد الوطنية، وبالأمس حرموها من فرصة النجاح فى المدرسة، فهل يغيرون سلوكهم اليومى تجاه بناتهم وزوجاتهم وأمهاتهم وجميع النساء، أم يستمرون فى تناقضهم وازدواجياتهم ونفاقهم؟

تذكرنى البطلة «سارة سمير» بفتاة مثلها، كانت بطلة فى مجال الثورة الفكرية والشجاعة، اسمها «سميرة إبراهيم» شاركت فى ثورة يناير بميدان التحرير، فوجدت نفسها بالسجن، وتم إجراء عملية «كشوف العذرية» عليها، أى اهانة لفتاة راقية الخلق تدافع عن كرامة الوطن فإذا بالوطن يهدر كرامتها؟ لم تضعف إرادتها الحديدية، لم تشعر بالخزى والعار، بل تقدمت بشجاعة أدبية إلى القضاء، لتحاكم النظام المزدوج، وكسبت احترام الشعب المصرى وشعوب العالم، فهل نسيها الوطن الذى حلمت بتحريره من الظلم والفساد؟

حاولت الحكومات المتعاقبة نفيها بعيدا فى الصعيد، لكن أصحاب الضمائر الحية يذكرونها، والشابات والشباب، ممن شاركوا معها فى مظاهرات ميدان التحرير، بعضهن وراء القضبان حتى اليوم، لا أحد يتغنى باسمائهن فى الأناشيد الوطنية، مع أنهن، وزملاءهن الشباب، السبب الرئيسى الأول فى سقوط الحكام السابقين وصعود الحكام الحاليين. وهناك كاتبات وشاعرات، يعشن المنفى الاجبارى أو الاختيارى خارج الوطن، بعد أن تصدين بقوة للفكر الدينى السياسى المتخلف، وهل نسيتم الشاعرة فاطمة ناعوت وغيرها من الكاتبات والكتاب؟ وهناك من يعشن المنفى داخل الوطن، فلا تحظى الكاتبة أو الشاعرة منهن بأى مساحة فى غابة الإعلام والنشر، ويحظى المنافقون والمنافقات بكل الأعمدة والمساحات فى جميع العهود، وتختفى المواهب فى البيوت.

نحن نعيش فى عالم لا يشغله إلا المال والسلطة ومضاربات البورصة، لا تكف الحكومات وأعوانها عن التغنى بالأخلاق والصداقة والمحبة والتضحية من أجل مصر وشعبها «العظيم»، لكن حياتهم الحقيقية تكشف أنهم لا يضحون بشيء، يعيشون داخل أسوار عالية بعيدا عن عيون الفقراء الجائعة، يتحصنون داخل قصورهم ومنتجعاتهم المنيعة، وكلما اقترب منهم الشعب ابتعدوا، حتى قبورهم أصبحت مثل قصورهم فاخرة البناء، حوطوها بالأسوار والحدائق، يسكن موتاهم تحت الأرض فى قصور من الحجر الملون والسيراميك، ويعيش الاحياء من الشباب الموهوب فى العشوائيات والقبور. لكن هناك شبابا وشابات يقاومون اليأس والهزيمة، يحملون الأثقال ويغيرون المفاهيم القديمة، وهذه أبيات من قصيدة للكاتبة الشاعرة «منى حلمى» عن قوة التحدى والأمل رغم الصعاب: النقاد لا يعترفون بقصائدي/ الرجال لا يفهمون أنوثتي/ الوطن لا يؤمن بحريتي/ لكني، حتى الآن، وحتى اشعار آخر بألف خير.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نكهة الشاى الأخضر بالنعناع
- تجاربنا الشخصية جدا تغير العالم
- ولم تسقط طائرة لندن
- ذكريات عن تعدد الزوجات
- ذكريات مع توفيق الحكيم
- أتكون الطفلة ملحدة؟
- فاطمة الميرنيسى
- كتابك غير حياتى
- امرأة تكتب مصيرها بيدها
- وتظل النخبة المختارة تصفق
- لا يكفى أن تكون امرأة
- مشروع جديد لإصلاح الأخلاق
- حوار لا أنساه بين أمى وأبى
- المنسيون فى التاريخ الرسمى للثورات
- القلاع الأبوية. الرأسمالية تتهاوى
- أتكون هى أنبل النساء؟
- الجبلاوى ونجيب محفوظ والنساء
- حوار بعد منتصف الليل
- منذ بداية اللامساواة والخطيئة الأولى
- ساندرا الحبيسة وقدسية الجسد؟


المزيد.....




- مصر.. تأييد لإلزام مطرب المهرجانات حسن شاكوش بدفع نفقة لطليق ...
- مصممة زي محمد رمضان المثير للجدل في مهرجان -كوتشيلا- ترد على ...
- مخرج فيلم عالمي شارك فيه ترامب منذ أكثر من 30 عاما يخشى ترح ...
- كرّم أحمد حلمي.. إعلان جوائز الدورة الرابعة من مهرجان -هوليو ...
- ابن حزم الأندلسي.. العالم والفقيه والشاعر الذي أُحرقت كتبه
- الكويت ولبنان يمنعان عرض فيلم لـ-ديزني- تشارك فيه ممثلة إسرا ...
- بوتين يتحدث باللغة الألمانية مع ألماني انتقل إلى روسيا بموجب ...
- مئات الكتّاب الإسرائيليين يهاجمون نتنياهو ويطلبون وقف الحرب ...
- فنان مصري يعرض عملا على رئيس فرنسا
- من مايكل جاكسون إلى مادونا.. أبرز 8 أفلام سيرة ذاتية منتظرة ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نوال السعداوي - رقة الشاعرة وحاملة الأثقال