أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشا السرميطي - تيه الفكرة معلَّق على غصن الزيتون














المزيد.....


تيه الفكرة معلَّق على غصن الزيتون


رشا السرميطي

الحوار المتمدن-العدد: 5257 - 2016 / 8 / 17 - 02:04
المحور: الادب والفن
    


رشا السرميطي:
تيه الفكرة معلَّق على غصن الزيتون
رشا السرميطي- صدرت مؤخرًا رواية " والتيه والزَّيتون" للكاتب أنور حامد، عن مكتبة كل شيء- حيفا. تلك الرواية التي تقع في (222) صفحة من الحجم المتوسط، حملت بين دفتيها، التِّيه وغصن الزَّيتون، وكلاهما ربما يرمز للسَّلام الذي فقدتهما الشخصية الرَّئيسيَّة في الرِّواية " منير حمدان" وعشيقته المجنونة " سميَّة". كعادته أنور حامد يبدأ روايته بقفزة، تلك الفتاة التي تهوى السباحة عارية على شاطئ حيفا، كانت تلك المقدِّمة كفيلة بأن تمسك القارئ، ليتابع نهاية هذا الجنون بإثارة فوق المتوقع، وألخص الرِّواية بقصة فتاة عشرينيَّة تمردت على الواقع وأهلها لتعيش الحب والجنون في حضن رجل خمسيني بطريقة غير شرعيَّة، ربما احتاجته كي تفرَّ من والدها الذي قيَّد حياتها بالمنع والزَّجر، دون بلوغه لمستوى من القناعة والإقناع، فليس من الطبيعي أن تحب فتاة بعمرها رجل بعمره، وإن كان كاتبًا أو مشهورًا، فما ذلك إلا ضربًا من الجنون والتيه.
تبدأ أحداث الرواية بطريقة لافتة ومفاجأة لتختصر تفاصيل عديدة وتومئ للقارئ بوجود منير وعشيقته "سمر" في سرير واحد بلا مقدمات، بذريعة الحب الذي يكسر المسافات والقيود ويتمرد على العادات والتقاليد، ورويدًا رويدًا تبدأ التناقضات تعلو بصرخاتها، ويبدأ الواقع بسياطه يجلد في تلك الأنثى المجنونة، فيرفع عن ذلك الرَّجل العبء، وهذا غير مألوف في مجتمعاتنا، ولا أظنُّ في حيفا خصوصًا الفئات العربيَّة التي تبقت بعد حرب 1948 لها هذا الانفتاح والتطرف المجتمعي والعاطفي الذي يجعل فتاة مسلمة تمارس الجنس قبل زواجها، ولا يعجبها الرجال بل وتكرر ممارستها لتسقط أخيرًا معجبة برجل عجوز له وهج الكاتب وشهرة المثَّقف، شعرت بتضخيم الأمور منذ بداية الرّواية، ولم يعجبني زج محمود درويش بالقصة وتلك المقارنة، وكأنَّنا في موته وحياته لا نجد إلاه لكي نمدح ونقبح سيرة حياته وكم النِّساء التي عرفها، لماذا دأب الكاتب على طرح شخصيَّة منير حمدان، الكاتب الذي لديه علاقات غرامية غير شرعية وجاء ليوقع كتابه في حيفا، فلم يخلو الأمر من تجربة جسدية وحياة جنسية مع فتاة بعمر بناته!
ما بعد هذا الضجيج العاطفي وجدت الكاتب يركب أحداثًا من زيارته للأمكان التاريخيَّة في حيفا، سواء كانت ساحة باريس " ساحة الحناتير"، مطعم الصَّياد، وحي وادي النُّسناس، قبة عبَّاس، وبيت طارق شبلاق، جميعها كانت موسومة بالحنين للوطن المشتهى، وللعودة التي لا تشبه ما قبل الرَّحيل، حياة عربي مكبلة بالنِّساء والخمر، كانت كافية كي تسقط هذا الكاتب " منير حمدان" من عيون قرَّائه، بينما تجعله المرتجى والمتمنَّى لجسد تلك العشرينية. بقي أيضًا قصة الضَّابط جمال الذي أعجب بروايته وزواجه من مسلمة رغم أنَّه درزي، وما آلت إليه علاقتهما بالانفصال المحتم، لاختلاف البيئة والديانة وصلابة العادات المجتمعية والتقاليد، وأخيرًا انتهت القصة بالسخريَّة من الصَّوم الذي لا تبطله القبل والحضن، وتلك المحجبة وتلبس جلبابها وتطلب البيرة لتشربها كمتمرسَّة في الشرب، وتدافع عن النِّساء اللواتي تعرضن للقتل بسبب طلب التعليم، جميع هذه كانت بالنسبة لي كقارئة جملة من التناقضات، كلما نهمت بعضًا منها تساءلت: ماذا أراد أنور حامد من قارئه؟ وأيُّ رمزيَّة تقصَّد بها تلك المشاهد؟ أتراه ينتقد مجتمع حيفا الذي لا يعيش فيه ويقيم بعيدًا عنه في الواقع وبالرِّواية أيضًا؟
يتيه منير في آخر أحداث الرِّواية وتموت أمه وهو بعيدًا عنها، ليجد نفسه خسر الحب والأم والوطن أيضًا، ويأخذ القارئ معه في دروب التيه لــ " حيفا " الفتاة الوهميَّة التي أنجبها بطريقة غير شرعيَّة من حبيبته المجنونه، ليستدرك أنَّ ذلك مجرد حلم، بعد ضربة على رأسه تلقاها من الضَّابط جمال أثناء منعه لأمل زوجته من اصطحابة إلى بيته في الضّفة الغربيَّة.
أنور حامد – الأديب البارع على مستوى فلسطين والوطن العربي في السَّرد والامساك بالأحداث والزَّمان في كافة جوانب روايته، استطاع تحريك شخصياته كالدمى على مسرح الخيال، رغم محاولته بدمج الأحداث بتفاصيل واقعها لكنَّني لا أظنه وفق في ذلك، فكما قرأت له " جنين 2000 من قبل، وقلت بأنَّه بعيد عن واقع مخيم جنين وما جرى هناك، أراه اليوم بعيدا عن حيفا وعن واقع سكانها العرب المسلمين، بعيدا عن مجتمعنا وعاداتنا التي يتذمر منها بلسان " سميَّة " التي تغامر بجسدها في عالم مجنون، عالم لا شيء فيه أكثر من صراخ أهوج، هو أيضا بعيد عن الحب الفلسطيني الذي يشهد له البحر على طول السَّاحل، ولا أدري لماذا يعمد معظم كتابنا في العالم العربي لتصوير الحب تمردا، وخروج عن الطبائع الفطرية والعاطفيَّة المألوفة، تذكرت أثناء قراءتي لهذه الرواية قصة الفتاة التي قضت الكاتبة أحلام مستغانمي روايتها " الأسود يليق بك " وهي تعلم قارئها كيف يقبل الأنثى، وتعلم قارئتها كيف تكون في سرير الرَّجل، وبدا لي تشابه إلى حد كبير هنا أيضا، فما علق على غصن الزَّيتون في حيفا أكبر بكثير من هذه العلاقة وذاك المسَّمى "الحب"، لم أخرج من الرواية برسالة أحملها وأفخر بحملانها، وجدت أفكارا ضائعة تجمع رجلا وامرأة بين دفتي كتاب مشوق بغلافه المميز وفنية ورصانة من كتبه، وما زلت أبدي اعجابي ببراعة الروائي أنور حامد في النواحي والجوانب الفنيَّة، لكنني كلَّما بحثت عن الفكرة، لا أجدها، وماذا بعد؟
الحبُّ إن لم يهد عشاقه، ويوصلهما لبرِّ الأمان فهو ليس حبًا! والتِّيه هو الظَّن بأنَّ الحب سرير يجمع رجلا وامرأة.



#رشا_السرميطي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- همسات جميل السَّلحوت على ركب أمريكا
- عندما يبرِّر الخائن خيانته بذريعة أنَّه الضًّحيَّة
- رواية -لنوش- تطرق باب التربية الحديثة
- قراءة في رواية -أميرة-


المزيد.....




- المفكر التونسي الطاهر لبيب: سيقول العرب يوما أُكلنا يوم أُكل ...
- بعد مسيرة حافلة وجدل كبير.. نجمة كورية شابة تفارق الحياة في ...
- ما الأفلام التي حصدت جوائز البافتا لهذا العام؟
- سفيرة الفلكلور السوداني.. وفاة المطربة آسيا مدني بالقاهرة
- إيهاب الؤاقد :شاعر يقتل الحظ والفوضى !
- الفنان وسام ضياء: الدراما عليها الابتعاد عن المال السياسي وع ...
- لون وذاكرة.. معرض تشكيلي لفناني ذي قار يشارك فيه نحو 60 فنان ...
- إطلاق الدورة الـ14 من جوائز فلسطين للكتاب
- وفاة المطربة آسية مدني مرسال الفلكلور السوداني
- ليلى علوي تخطف الأضواء بالرقص والغناء في حفل نانسي بالقاهرة ...


المزيد.....

- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشا السرميطي - تيه الفكرة معلَّق على غصن الزيتون