هجير عدنان زكي
الحوار المتمدن-العدد: 5254 - 2016 / 8 / 14 - 19:59
المحور:
الادب والفن
طيفهم ... دون وداع
في مثل هذا الأيام ، قبل سنتين ، قالت لي صديقتي - التي تنتسب الىى إحدى العوائل المسيحية العريقة :
"قررنا الرحيل ، لم يتبق أحد من عوائلنا هنا ، و آخر ما تبقى من عائلتي غادر بالامس القريب الى كندا و صرنا كشجرة وحيدة مزروعة في الأرض فلا الجذور تتشابك ، و لا الأغصان تتنفس ، و صار هذا الهواء ثقيلا" كالغبار ، و لسماء العراق إطلالة غريبة على وجودنا فيها استحياء و اعتذار ، و لم تعد الشمس قادرة على أن تعكس لنا ظلا" طويلا" على هذه الأرض ، فالكل خائف علينا : الأرض و السماء و الشمس و الهواء .. و أنت ... "
أخفيت دمعة سميكة جمدت في عيني ، و لكنها كانت حارقة ، و وصلت حرقتها الى حنجرتي ، ثم الى طرف أصبعي الذي مددته لألمس أي شئ يقع تحت يدي ليمتص تلك الحرقة " ، و همهمت بكلمات ربما لم تسمعها ..
" انه أصعب من الموت " ...
الموت _ كشكل أبدي للفراق - يقضي على كل شئ و تتأقلم الذاكرة و العقل مع معطياته فترسل اشارات اليأس و حقيقة اللاعودة فيخمد القلب شيئا" فشيئا" على اعتاب المستحيل والباب الموصد الى الأبد... أما في هذه الحالة ، حيث يكون الفراق شكل أبدي للغياب ، في مثل هذا الغياب ، لا أدري على أي معنى سيتأقلم العقل و تتأقلم الذاكرة و أي اشارات للعقل ستخمد القلب ...
في تلك اللحظة قررت أن أمنح غيابهم و غيابي معنى الموت ..لكلينا ...
و رحلوا و رحلتْ .. دون وداع ... و سيبقون في قلبي الى الأبد ...
#هجير_عدنان_زكي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟