|
تبعات الاختلاف بين الشرق و الغرب
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 5247 - 2016 / 8 / 7 - 14:09
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
عاد صديق مغترب في احدى الدول الاوربية الى كوردستان و فرحنا بعودته و لم يكن امامي في هذا الوقت العصيب الذي تمر به كوردستان اقتصاديا الا ان اتحمل ما يكلفني ماليا ( ارجوا ان لا يقرا هذا الكلام ) في هذه المرحلة من الزمة الاقتصادية التي نمر به . تناقشنا و وصل لحد الجدال حول المواضيع العديدة و منها السياسية . قبل ان نستهلل كلامنا عن السياسة، كان يتكلم عن ما يجري في اوربا و تعامله مع الامور و ما هو يتبعه في حياته و قبوله للاخر بصدر رحب و ان اختلف معه، و لم يبق امامه اختلاف اللون و الجنس و العرق و و و امور كثيرة اخرى، انه وصل الى عقلية الفكر الانساني للتعامل مع الاخر ويفكر من زاوية ما يهم الانسان فقط . و فرحت لما ابداه من اراء و كلام حول ما كنا نتكلم به قبل عقود ايضا و في ايام الجامعة و كيف اختلفنا على مجرد راي او فكر او عقيدة او حتى سلوك و كنا في حينه من تنظميات عصبة كادحي كوردستان و شاركنا معا التظاهرات و الاعتصامات . و اهم ما اهتممنا به هو الكتب التي تبادلناها و من المحتويات المتشابهة اي اليسارية بشكل عام . اهم ما لفت نظري هو تشدقه بانه وصل الى حال يتقبل الاخر المخالف في بلده الاوربي و يتعامل معه بكل احترام، و انتقد الايام التي كنا نختلف و نبتعد ايام عن البعض بسبب الاختلاف مجرد لراي او توجه غير متوافقين فيه ، و سرد الكثير من الكلام عن ثقافة الاختلاف و التعامل مع الاخر بكل اريحية و ليس من المقبول الان ان يتصرف الشباب بسلوكنا نحن الجيل القديم . و ما لاحظه عند عودته ان الكبت مسيطر على الشعب و الخنوع و المذلة وصلت الى مستوى ما تعرضنا له ايام الدكتاتورية البعثية و لم نتحمله في حينه و قدمنا ما قدرنا عليه و لكن اليوم لم ير افعال و نشاطات تدين الوضع و تضغط على المتسلطين لتغيير الواقع المزري المفروض على الناس من قبلهم و نتيجة خلافاتهم السياسية فقط . وصل النقاش الى من هو السبب و تقع المسؤلية عليه قبل الاخر، فقلت ان الاحزاب كافة و بنسب مختلفة تتحمل مسؤلية ما نحن فيه و لا يمكن ان تحل المشكلة مجرد بالضغط على طرف واحد دون ان يتحمل الجميع المسؤلية و يتحركوا وفق ما تفرضه المرحلة و حساسيتها و متطلباتها و ان يضعوا امام العين الوقت، و عمل اي شيء متوازن و التنازل للبعض كي لا تذهب هذه الفرصة النادرة سدى دون ان نحصل على ما ضحينا من اجله، و من ثم ننتظر عقودا اخرى كي تاتينا فرصة مماثلة، هذا ان اتت. فتشبث الاخ برايه و قال، انه طرف واحد و ليس هناك الحل الا باخضاعه باي طريقة كانت وحتى باستعمال القوة كاحدى الخيارات . تعجبت لامره و كلامه المتناقض مع ما قاله قبل سويعات فقط من نقاشنا هذا، و قلت انك تؤمن بحق الاخر في الاختلاف و ما يؤمن بانه يحافظ على مصلحته و هذه عقليته مهما كان على خطا او صح . و انه بسلوكه يضر بهذه الامة العريقة المثقفة الواعية في هذه المنطقة فقط حسب رايك، و لا يمكن لهؤلاء الذين كانوا سببا في فشل كل الثورات ان يفشلوا هذه التجربة ايضا، و ليس امامهم الا الخضوع للاصح ، نعم و وافقني بكل قوة. قلت كيف تفعل دون ان تتضرر التجربة و يحترق معهم الاخضر و اليابس ؟ فكر قليلا، و قال ان لم يفد معهم التوافق و التفاهم فبتقسيم كوردستان الجنوبية ننجح و نبني تجربة ناجحة عندنا، و نحث المنطقة الاخرى على العمل من اجل التحرر من ربق العائلة دون ان نخسر نحن شيئا . قلت هذا كلام نظري و كيف يكون ذلك غير التقسيم و فرض التبعية و فشل التجربة من اساسها . قال؛ فلنبني اقليم مستقل و تابع للعراق لمدة و نحسن وضع الناس و من ثم يبدا النضال من اجل الاستقلال في اقرب فرصة . و قلت و الجانب الاخر، قال؛ فما لنا و لهم اننا نعيش في منطقة مستوى الوعي و الثقافة تختلف عن الاخرى لدى هؤلاء بكثير و لازالوا هم في الطور البدائي حسب رايه، فمن الظلم ان نبقى نربط مصيرنا و ان كانوا من العرق ذاته، يجب ان نفكر انسانيا و نعمل على ما نتمكن عليه . فتعجبت من امره، و هل من المعقول ان تحسب الانسانية على ان تحتفط بالحق في ترك الاخر و تعمل على ضمان ما يهمك و منطقتك او محافظتك ان كنا اكثر صراحة، و تحسب انك وصلت للعقلية الانسانية . فخالفته على ذلك و قلت لازلت انت في دائرة الايمان بالمناطقية الضيقة و لم تخرج من هذا التوجه الضيق الافق و تتكلم عن الانسانية، فهل من المعقول ان تتكلم انت عن ما يهم كوردستان بهذه العقلية و بخلفية مؤمنة بالمناطقية القحة و لم يبق شيء من الطبقية حتى في فكرك و مبادئك و كان الانسانية هي المصلحية فقط . قال لي انت لازلت في فترة الثمانينات من القرن الماضي و ستبقى عليه لانك لم تختلط بالمجتمعات المختلفة و لم تتغير عقليتك . فقلت يا اخي قل ما شئت الا انني مقتنع بان كوردستان الجنوبية على الاقل يجب ان يكون مصيرها واحدا و مشتركا بجميع مناطقها و المستقطعة منها قبل الجميع، فلم يتحمل الاخ ما قلته و قال بصريح العبارة انت متخلف سياسيا و عقلانيا ايضا في توجهاتك المتزمتة على ما كنا عليه قبل عقود و يجب ان تقرا كثيرا و تصل الى الانسانية في الفكر و التوجه و العقلية، و المحير في الامر انه غادر و قال انه متواعد و يجب ان يذهب، و لم يتصل بي بعد ذلك الى ان سمعت انه عاد الى بلده في اوربا دون ان يعلمني هذا، هذا هو الاخ الذي يقبل بالراي الاخر و يؤمن بالاختلاف و عقليته توسعت و نحن نعيش على ما تعلمناه في العقود الماضية فقط دون تغيير، يا للتغيير في عقلية الاخ هذا !
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل تُدشن حقبة عثمانية ام اوردغانية جديدة ؟
-
لعبة السياسيين العراقيين قبل تحرير الموصل
-
هل ما جرى في البرلمان العراقي كان مخططا من قبل ام وليد ساعته
...
-
الفدرالية الحقيقية تقلل من تاثير سلبيات المحاصصة في السلطة ا
...
-
تداعيات تلاشي الثقة بين اردوغان والجيش التركي
-
اندثار الطبقة الاجتماعية الوسطى في كوردستان الجنوبية
-
القيادة الكوردية و عدم الالتفات الى متطلبات المرحلة
-
لم يترجل احد من كرسي السلطة في كوردستان بارادته
-
اهداف الحشد الشعبي و موقف الكورد منه
-
تغيير جوهر مفهوم الاستعمار و كيفية التعامل معه
-
كوردستان الجنوبية تحت رحمة المخابرات الحزبية
-
الانقلاب المفيد المضر للشعب التركي في الوقت ذاته
-
على السلطة التركية مابعد الانقلاب ان لاتنسى فضل الكورد
-
هل سيقضي اردوغان على نفسه بتوجهات مابعد الانقلاب ؟
-
هل يتعض اردوغان من الانقلاب ؟
-
تاديب اردوغان يقع لصالح الكثيرين وفي مقدتهم الكورد
-
لازال البعض يراهن على حصان اردوغان المهزوم
-
قيم الكورد لا تسمح باهانة الذليل
-
التأني و التردد في القرار المصيري افضل من اتخاذ الخطوة الخاط
...
-
ما اجبر اردوغان على تجرع كاس السم
المزيد.....
-
كيف يستعد الجنود من المتحولين جنسيًا لمواجهة ترامب بإعادة تش
...
-
الصين تحتفل ببداية عام الأفعى وسط طقوس تقليدية وأجواء احتفال
...
-
توجيه إسرائيلي لمعلمي التاريخ بشأن حرب أكتوبر مع مصر
-
الجزائر تسلم الرباط 29 شابا مغربيا كانوا محتجزين لديها
-
تنصيب أحمد الشرع رئيسا انتقاليا لسـوريا
-
منتقدا الاحتياطي الفيدرالي ورئيسه.. ترامب يطلق العنان لمبادر
...
-
أمريكا.. السجن 11 عاما للسيناتور السابق مينينديز جراء إدانته
...
-
الرئيس السوري أحمد الشرع يطلب من روسيا تسليم الأسد
-
إصابة 24 شخصا بغارتين إسرائيليتين على النبطية.. -لم يستطيعوا
...
-
إعلام: المراحل المقبلة من وقف إطلاق النار في غزة تواجه عقبات
...
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|