أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الثامن1














المزيد.....

بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الثامن1


أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 5245 - 2016 / 8 / 5 - 14:07
المحور: الادب والفن
    


عادت المعارك في الحال بعد هذا اللقاء في الكوخ المحطم، فأُحيلت المنطقة التي فيها ملجأ الأطفال إلى جهنم. ذهب عبد السلام مع أبي المشارق ليفحص المكان. لم يكن يتوقع أن يكون الأطفال القتلى على مثل هذا العدد. كانوا قد رفضوا الذهاب للنوم عندما سكتت المدافع، وبدأوا اللعب مع طيشهم. عندما عادت السماء إلى الرعد، كنا لم نزل نسمع ضحكهم. كانت أم الأبيض قد اغتسلت بالدم، كأم فريد، كجدران الملجأ. كانت الأمهات يصرخن، ويضربن صدورهن، وكان الآباء يبكون. لم نكن قد رأينا في حياتنا دموع رجال كهذه. كان الكل يقسم على الانتقام، وعبد السلام لا يفوه بكلمة. بقي يقف متحجرًا وسط جثث الأطفال. جمع أبو المشارق الرجال المنهارين حوله، وأخذ يحكي لهم عن الوضع في المنطقة الصناعية. "معنويات المقاتلين من حديد، قال لهم، يجب ألا يصيب اليأس قلوبكم لموت طفل أو طفلين!" كيف كان يجرؤ على الكلام هكذا في مثل تلك اللحظة المهولة؟ أراد القائد الفلسطيني أن يصفعه، لكنهم قالوا له هناك رسول يأتيه، فأمسك عن ذلك. كنا ننتظر ظهور العمة مريم، التي كانت قد اختفت تمامًا منذ بدء الحرب. كان بطرس الأحمر.
أعلمنا أن فاطمة هي من حددت للكتائب مكان الملجأ الذي يوجد الأطفال فيه، ليعاقبونا أشد عقاب، وليجبرونا على الانسحاب خلف مواقعنا الأولى. أعلمنا بطرس الأحمر كذلك أن لفاطمة عشيقًا أشقر، أمريكيًا، تخضع له خضوعًا كاملاً، ويتوقع هذا العشيق الأشقر هجومًا مفاجئًا على مسكن أبي الدميم. استقبل عبد السلام هذا النبأ بلامبالاة نسبية، على الرغم من أنه كان يخاطر بضياع نصف مليون دولار. كان يرسم في رأسه الخطة تلو الخطة لاقتحام معاقل الكتائب، وقتل أطفالهم انتقامًا لأطفالنا. عند عودتنا إلى معاقلنا، طلب العون من بطرس، فرفض. كان من رأي بطرس أن الأطفال أبرياء، وأن الانتقام بالأحرى من أبي أرز، أو من فاطمة، أو من الأمريكي. كانت حدة القتال قد وصلت أقصاها، وكنا نرى تساقط عمارات بأكملها من وراء أكياس الرمل. كانت الطوابق تنهار واحدًا واحدًا. لم يكن عبد السلام يحسب كعادته كم سيربح بعد إعادة بناء هذه العمارات الأَحْبِة أخوات الأًحْبِة أخوات أخوات الأَحْبِة. كان الأطفال الموتى يعذبونه وهم يلعبون. فجأة، في قلب جهنم، برز شبح رجل عجوز جالس على كرسي. كان لا يحرك ساكنًا رغم الهباء، وكان يحدق في الغبار والدخان كالتمثال. كانت الأشلاء أجنحةً تطير من حوله، والنار أنهارًا تهوي على رأسه، وهو دومًا هناك، يشخص ببصره إلى الجحيم. أرعبتنا هذه الرؤية لدرجة أننا فكرنا في فتح النار عليه، لكننا كنا كالمخدَّرين. سكتت أسلحتنا، ثم أسلحة الآخرين في الوجه المقابل. توقف القتال. تحجرنا على منظر الشيخ. أحدنا أشعل سيجارة، وآخر راح ينظر إلى السماء. دَفَعَنا رفيق من رفاقنا بكوعه، كان الشيخ قد نهض. أمسك بمكنسة، وأخذ يجمع الأشلاء، قبل أن يقذفها في صندوق القمامة.

يتبع...



#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل السابع3
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل السابع2
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل السابع1
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل السادس
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الخامس2
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الخامس1
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الرابع2
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الرابع1
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الثالث2
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الثالث1
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الثاني2
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الثاني1
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الأول3
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الأول2
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الأول1
- بيروت تل أبيب كلمة الغلاف
- المؤتمر العربي العالمي فرنسا هذا لا يعنيك!
- المؤتمر العربي العالمي فرنسا سرقت فكرتي
- المؤتمر العربي العالمي إلى الحمير من المحيط إلى الخليج
- المؤتمر العربي العالمي المكتوب واليوتيوب


المزيد.....




- يطارد -ولاد رزق 3-.. فيلم -سيكو.. سيكو- يحقق إيرادات تفوقت ع ...
- -لكني كتبت الأشجار بالخطأ-.. ديوان جديد للشاعر نجوان درويش
- عالم الثقافة.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك نايل سات وعرب سا ...
- مخرج مصري شهير يثير جدلا بتصريحاته حول عدم اعتراضه على مشارك ...
- وفاة مغني الراب التونسي أحمد العبيدي “كافون” إثر أزمة صحية م ...
- ترامب يعزل أمينة مكتبة الكونغرس من منصبها
- روائية نمساوية حائزة نوبل للآداب تدافع عن حق الفلسطينيين في ...
- ادباء ذي قار يحتفون بفوز أربعة من شبابهم بمسابقة الأدباء ال ...
- متحف أورسي بباريس يجري عملية ترميم مباشرة للوحة الفنان غوستا ...
-  فنانة مصرية تكشف تفاصيل -السحر والطلاق- في أزمة بوسي شلبي و ...


المزيد.....

- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الثامن1