|
العراق وخيارات المرحلة ح2
عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 5244 - 2016 / 8 / 4 - 03:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
المرحلة القادمة عراقيا مرحلة تعتبر إجهاض لكل المشاريع الإقليمية والصراعات التي دارات من أجل تجيير الموقع العراقي لصالح أطراف محددة ضد أطراف محددة من جهة، وتدويل العراق كمركز قوة وتحكم مركزي في صراع الشرق الأوسط جغرافيا وسياسيا وجعله مرتكز للمواجهة القادمة التي تتعدى حدود الإقليم إلى ساحة دولية، الجناح الروسي الصيني الإيراني يرى في العراق الخاصرة الأمريكية الضعيفة، في الوقت الذي يرى الأمريكان من جهتهم أهتزاز موقع العراق وأضطرابه يشكل تهديد حقيقي وأكيد للمحور الشرقي طالما أنه لم تحسم خياراته في وجهة محددة، إذن الصراع القادم كي ينجح في بلورة مفهوم جديد للشرق الأوسط لا بد من حسم توجه العراق لجهة محددة كي يستثمر هذا التحديد في حسم ملفات المنطقة عموما ولا سيما في ظل تهافت إقليمي على إعادة رسم رؤية إقليمية مرتكزها الأساس الكيان الصهيوني في مواجهة إيران روسيا ومحور المقاومة العربية. إذن على العراق كدولة محورية في صراع التناقضات والمتناقضات الأممية أن يتهيأ للمرحلة القادمة من خلال جملة من الإجراءات التكتيكية، منها تغير الأطار السياسي السائد منذ التغير الأكبر عام 2003 وإعادة رسمه من جديد وفق منظور أمريكي استراتيجي بما فيه المحتوى المحرك له، وثانيا أن يحسم قضية الولاءات المتعددة لحلفاء أمريك وأعداءها في المنطقة بما يضمن توحيد الهوية الوطنية السياسية، وأخيرا الشروع بإعادة بناء الديمقراطية التناوبية التي تعتمد على مفهوم المعارضة القوية والموالات القوية، كسياق حر يقود البلد نحو علمنة المجتمع أولا ودحر ظاهرة الإسلام السياسي، الذي ستنسب له كل منظومة الفساد والتخريب بالتجربة والدليل الذي ينتج من هذه الفضيحة وما سيظهر لاحقا من قضايا تسود تاريخ هذه الأسماء وترمي بقادتها وممثليها في دائرة الإدانة والتجريم شعبيا وقضائيا. القادم الأمريكي إلى العراق سوف يرتبط بجملة من التغيرات الأمريكية أولا والعالمية ثانيا والمحلية ثالثا، ونبدأ من الأخير، حيث أن هزيمة داعش في العراق تحديدا وأظهار التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا سيسجل كما يلي: • أمريكا هي التي تفضلت على بالقضاء على خطر تمدد داعش إلى البلدان الأخرى وبذلك تستحق الجائز الغالية التي ستدفعها الشعوب والأمم، وسيكون لمعنى التحالفات التي ستنشأ مستقبلا قوة مسبقة واستباقية تضمن نجاحها بمجرد الأعلان عنها فقد قادت تحالفين دوليين ضد القاعدة وضد داعش، الهدف أولا غسل الخطيئة التي أرتكبتها أمريكا في تحالفها الدولي ضد العراق وسوريا وليبيا واليمن، وثانيا لتضمن قدرة قوة التأثير النفسي الذي ستتركه على الساحة العالمية تجاه القوى والدول التي تحاول الأنفراد بعيدا أو قليلا عن خيارات أمريكا الاستراتيجية. • نجاح إدارة أوباما في تحقيق الأنتصار على داعش قبيل الانتخابات يعني تجديد الثقة بالحزب الديمقراطي حاكما لأربع سنوات قادمة في مواجهة اليمين الجمهوري المتطرف، خاصة بعد الأداء الضيف للسيدة كلنتون والهجوم الحاد من قبل الجمهوريين بما ينسب لأوباما من التفريط بملفات مهمة في إدارة الصراع العالمي منها ملف إيران النووي، والضرر الذي تسبب في سوء العلاقة التي تربط اليمين الصهيوني الإسرائيلي بإدارة الرئيس الحالب. • نجاح الإدارة الأمريكية في سحب البساط عن روسيا وإيران من اللعب على وتر محاربة داعش سيسهل الكثير من التحركات الأمريكية الجارية الأن تحت عنوان عجز التحالف الدولي من التأثير المباشر على قدرة داعش وأخواتها على رسم الأحداث في المنطقة، كما لا يخفى على المتابع الفطن أن عملية إخراج داعش من العراق الحقيقة هب بالنتيجة ستتحول إلى إعادة تدوير الظاهرة التكفيرية الإرهابية لإعادة أستخدامها في مكان أخر أو بصورة مغايرة مع الاحتفاظ بوحدة الهدف الأمريكي منها كما صرحت السيدة كلنتون سابقا. هذه الأسباب التي تتعلق بالواقع المحلي الذي سيتغير بنتائجه ومدى تأثيره على القرار الأمريكي أيضا سيرجع بإرتدادات رهيبة على الواقع الإقليمي، وخاصة على الدول الراعية للإرهاب أو الممولة والمسوقة له وخاصة السعودية ومشيخات الخليج، التي ستجد نفسها مضطرة للتعامل مع الواقع العراقي الجديد من زاوية أخرى هذه المرة وخارج سياسة أضعاف العراق وإسقاطه من المعادلة الإقليمية لمصلحتها هي وللضرورات الجيبولتك الخاص برؤيتها قصيرة الأمد، زاوية بلد خارج منتصر من حرب وجوديه ومدعوم أمريكيا ويطالب من جهته بالتعويض أو بالتلويح بمطالبات دولية عن خسائره المادية المباشرة والغير مباشرة، والذي ستستخدمه الإدارة الأمريكية كسلاح مضمر وورقة ضغط للتحول الديمقراطي والسياسي التي تتطلبه المرحلة الثانية من نظرية الفوضى الخلاقة. من يظن أن ما جرى من تصادم حقيقي بين رموز وعناوين سياسية عراقية هو نتيجة طبيعية لمجريات الصراع الداخلي العراقي ومستلزمات إعادة توزيع الأدوار نتيجة تغيرات محلية فقط فهو واهم تماما، كل ما يجري في الساحة العراقية هو تصفية حسابات أمريكية مع كل الذين حاولوا أن ينفردوا أو يغنوا خارج السرب الأمريكي، خاصة من الذين يطمحون للعب أدوار إقليمية خارج المقرر لارتباطهم بقوى منافسة أو لها قراءات خاصة كالأخوان المسلمين، والذين يعدون من أكثر المتضررين مما جرى في البرلمان العراقي في الأول من آب الجاري، وأجزم بالقول أن ما جرى هو ضمن سلسلة التفاهمات البريطانية الأمريكية لتقليم أظافر التنظيم الدولي الخاص بهم أي الأخوان المسلمين، أبتدأ من أحداث مصر وتونس وتركيا مرورا بما يجري في الأردن والأمارات العربية.
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العراق وخيارات المرحلة.ح1
-
مقهى عبد ننه ... قراءة في تأريخ مدينة يسكنها وهج السياسة ويت
...
-
من أفسد نواب الشعب
-
الأيديولوجيا القذرة
-
النقد الديني بين ضرورة المعيارية النقدية ووحدة الهدف من المم
...
-
غضب .... ليس على وقع الجمر _ قصة قصيرة
-
الدين الأجتماعي وقضية الحرية في المجتمع الإسلامي
-
حروف للقاء ..... لقاء أخر بيننا
-
العمامة والزي الديني توظيف للأنا المتضخمة وخداع للمؤمنين بأن
...
-
هلوسات رجل مهزوم ..... لكنه يحلم
-
أحلام الوطن البديل
-
عوامل التغير وطريق الثورة
-
العصر مفردة الزمن في دلالات النص الديني
-
يوميات عاشق .... مسافر مع الحروف
-
صندوق جدتي وسفينة نوح
-
قوة الأصالة الأجتماعية ونجاحها في مواجهة التغيرات الفكرية وا
...
-
مكة والمدينة وجوهر الصراع الأجتماعي الأول في المجتمع الإسلام
...
-
مكة والمدينة وجوهر الصراع الأجتماعي الأول في المجتمع الإسلام
...
-
مفهوم النسقية الأجتماعية والنمطية الاجتماعي ودورهما في بلورة
...
-
الحقيقة الضائعة بين الناسخ والمنسوخ _ح3
المزيد.....
-
الملكة رانيا تهنئ الأمير هاشم بعيد ميلاده العشرين
-
انتشال 30 جثة حتى الآن لضحايا كارثة مطار ريغان في واشنطن
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف في كورسك
-
فوائد -مكملات الحمل- في تقليل مضاعفات الولادة
-
ماذا نعرف عن وحدة الظل في كتائب القسام المسؤولة عن تأمين الر
...
-
-مخاوف من سيطرة دينية على الحكم في سوريا- - جيروزاليم بوست
-
سانا: الرئيس أحمد الشرع سيلقي خطابا موجها للشعب السوري مساء
...
-
شاهد: فرحة أسرة الأسيرة أغام بيرغر بعد أن أفرجت عنها حماس
-
انهيار صخري في أعماق كاليفورنيا يكشف أسرار تكوّن القارات
-
سر -طبيب الموت- ولغز -عاصمة التوائم-!
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|