أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز باكوش - هنري بوراسا وعبد الغني بنكروم وحكاية الخط 269















المزيد.....

هنري بوراسا وعبد الغني بنكروم وحكاية الخط 269


عزيز باكوش
إعلامي من المغرب

(Bakouch Azziz)


الحوار المتمدن-العدد: 5243 - 2016 / 8 / 3 - 10:56
المحور: الادب والفن
    


على امتداد جانبي هذا الشارع الكبير العريض الطويل الذي يحمل اسم هنري بوراسا henri bourassa ، ذلك الصحافي والسياسي الكيبيكي البارز من مواليد 1868 بمنتريال ،الذي ظل يعتبر أن عمله الأكثر أهمية يتمثل في مساعدة شعبه ليصبح منارة الكاثوليكية في أميركا الشمالية ، وكان طموحه يقضي بمنع أمركة كندا ، ورفض تقديم مراكمة الثروات على عبادة الله كقيمة أساسية للمجتمع الكندي . لذلك كرمته بلاد الكيبيك بأن أطلقت أسمه على أحد أكبر شوارع هذه الربوع الكيبيكية الشاسعة الأطراف ، وذلك بعد وفاته في 31 غشت عام 1952 في مونتريال عن عمر ناهز 83 عاماً عشية عيد ميلاده حيث دُفن في مقبرة نوتردام دي نيج. وفي سنة 1919 توفيت زوجته وتركت له 8 أطفال تراوحت أعمارهم بين 3 و 12 عاماً مما دفعه إلى تخفيض وتيرة عمله في صحيفة لودوفوار.

وعلى طول دور هذا الشارع العملاق بشوارعه الرحبة وأنظمة مروره الذكية وإقاماته الحمراء الصقيلة المجلوة بالآجور الأحمر ، والمزهوة فضاءاتها بالحدائق المشذبة لم يكن هناك ما يخدش مشاعرك ويجرح أحاسيس العابرين ، كانت النفايات في حاوياتها وما زاد عبئ في أكياس سوداء محكمة الإغلاق ، أما عناوين الدور السكنية وعلامات تشوير الأحياء والإشارات المرورية فهي خدمة على مستوى عال من التنزيل وعلى أرقى طراز ، حيث انتظمت بحس ذكي الأعداد وأرقام المنازل والمحلات التجارية والفضاءات على البوابات الرئيسية ومداخل المؤسسات الخدماتية بشكل بارز ، فيما غابت عن الجدران والحيطان نهائيا تلك الخربشات والعبارات المذلة والخادشة للحياء العام التي تلوث العين وتوقر الأذن في ماوراء الأطلسي . لكن إحساسا غريبا سيطر علي اللحظة ودفعني إلى السؤال : لا عربة مجرورة ... لا تريبورتور ...؟
واستحضرت لتوي دروب حينا بفاس حيث لا عناوين ولا أرقام ولا علامات تشويرية كافية ، باستثناء تلك التي تطوع ساكنوها بنقشها وصباغتها بلاذوق ، أرقام تنوعت ألوانها وغرست بغباء بين النوافذ أو وسط الأبواب المتهالكة المتباينة أحجامها،من غير أن يكون للسلطات موقف بحكم الاختصاص.
سواء في شارع هنري بوراسا أوغيره من ربوع كندا ، كانت الأرقام تشع من بعيد، ليلا ونهارا ، كما لو أعدت بذكاء خصيصا لذلك . لذلك رن في خاطري الرقم 6000 المطلوب و المحدد في خارطة التوجيه الرئيسية للصديق بنكروم . وانقشعت متعة اقتفاء هذا الرقم بدء من 517 رقم البناية الماثل أمامي ، وحدثت نفسي بصوت مسموع، لم لا تتابع السير على الأقدام يا عزيز ؟ فأمامك ساعة من الوقت تكفي للوصول إلى الرقم المطلوب، وأن تفي بالموعد بالتمام ، فالأرقام سهلة الانسياب ، ثم في داخلك رغبة فضول الاكتشاف تنتابك قوية وجامحة ؟؟ بدا لي الأمر بسيطا وسهلا للوهلة الأولى ، لكن سرعان ما بدأ العرق يتفصد على جبيني ، بعد 15 دقيقة مشي ، كانت الشمس أحيانا لاهبة وحين تختفي وراء السحاب، تنخفض درجة الحرارة بشكل ملموس ما يؤثر على بنيتنا الجسدية نحن القادمين من مناطق المناخ المعتدل ويعرضنا للنزلة بهامش كبير .
وبينما أنا أنشف ما ترشح من عرق شكل بركا ومستنقعات بدأت تتقاذفها المسام من مختلف مناطق جسدي، كان العناد سيد الموقف ، والرغبة في مواصلة المشوار تحد أرفعه إذ بعد حوالي 30دقيقة سيراعلى الأقدام كانت الأرقام تتهاوى ببطء شديد، بالكاد وصلت منزلا عبارة عن محل تجاري depaneur كان يحمل الرقم 1475.
فمتى أصل إلى العدد 6000 ولم يبق على موعد اللقاء ببنكروم سوى نصف ساعة تقريبا ؟ تساءلت مع نفسي ، ثم حددت محطة حافلة بمقام بيت مجهز ، وقررت أن أتوقف لدقائق ، أجفف عرقي المتصبب ، وأداعب هاتفي الأيفون دون تعبئة ومغازلة تطبيق ال " ج ب س " عله يقدم خدمة ما أحوجني إليها اللحظة.
وكما الإنزال الجوي شرعت الذاكرة في استحضار مشاهد من مسار حياة بنكروم ذلك الشخص الذي سجل إسمه ذات يوم بكلية الآداب ، وكان قيد تحضير رسالة الدكتوراه في العلوم البيولوجية، لما سرق أحد الموظفين بالكلية منحته ظنا منه أنه مجرد رجل تعليم ، ولا حق له فيها، ليحولها إلى جيبه. ولما قدم شكاية تظلم ورفع ضرر لوزير التربية الوطنية آنذاك ، بعد أن يئس من عرض مشكلته على عمادة الكلية ، اكتشف أنها مافيا شبكة منظمة للسطو على المنح . فغادر مطأطأ الرأس ليس الكلية والمدينة التي احتضنته، بل الوطن بكامل هوائه وتربته .
هنا ، لابد من التذكير بصلابة وقوة الانتقاد والملاحظة التي يتمتع بها صديقي عبد الغني بنكروم ، هذا الفتى القادم قبل قرابة عقدين من حد كورت إقليم سيدي قاسم ، إذ سبق له أن وجه رسالة إلى عالم الفيلسوف وعالم الرياضيات POINCARE: " يعبر له فيها عن إعجابه بمواقفه التي زادته متاعبا وتهميشا حين وقف إلى جانب ذوي الضمير الحي " وزاد أبو أنس في رسالته المنشورة يتهم فيها أينشتاين بالسطو على معادلة بوانكاري الذكية دون خجل، وساندته في ذلك الدعاية الصهيونية والشركات الرأسمالية . يقول بنكروم في مقطع من رسالته " أيها الفذ بوانكاري أكاد أجزم أن العوامل الذاتية جذبتني إليك. فأنت بالإضافة إلى أنك عالم رياضيات بارز، رجل آداب أيضا وحاصل على البكالوريوس فيها وفيلسوف حقيقي لا دجال مثل آينشتاين. كتابك ” العلم والفرضية ” La Science et L Hypothèse ” شاهد على حسن منطقك وحُبِّك لتقدم العلوم إسوة بالجهبذ ديكارت ." ويتأسف بنكروم وهو يشعر بوانكاري أن عدوه اللص " إنشتاين" سرق منه ما وسعه من السرقة ونسب إليه ما نسب وإنها لطامة كبرى أن يقوم بهذا العمل الشنيع حامل لجائزة نوبل واسعة الشهرة، زيادة على أنها كبيرة المقدار.
"عفوا أيها الرياضي الكبير يضيف بنكروم" إذا ما سهوت وحكيت بعضا من همومي، فالحديث ذو شجون وأخشى أن تخرج سيفا طبقيا لا أحسبك تحمله، لكني أريد أن أصارحك بحقيقةٍ لا يجب أن تخفى عليك. تمة عوامل ذاتية جذبتني إليك لكنها ما أغمضت جفني عن النظر بعين يقظة.
بيت القصيد في هذه الرسالة هو إخبارك بأن العلاقة E=mc2 تنسب الآن إلى آينشتاين في كل مكان إلا عند اليقظين النزيهين وهم نُدرة. لعمري كيف يستطيع رجل لا يعرف عن المعادلات التفاضلية سوى أنها علاقة بين دالة ومشتقتها أن يصل إلى ما وصلتَ إليه قبله " هبت اللحظة نسائم عليلة جففت حبيبات عرق ضالة ، وشعرت كما لو أنني مكثت ساعات بالمكان ، وسرعان ما نهضت وتابعت السير في تجاه ال 6000 فيما كان موعد اللقاء قد مر ب15 دقيقة ...... يتبع
مع تحيات عزيز باكوش



#عزيز_باكوش (هاشتاغ)       Bakouch__Azziz#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تيسة - المغرب - منبع الشعراء الكبار - فقط للذين يكتبون الشعر ...
- نصفي يغيب
- كاديمية فاس مكناس تدعم تظاهرة بيئية عالمية بفاس للتعبئة للCO ...
- فاس والكل في فاس 326
- هجرة مواطني جنوب الصحراء نحو المغرب -الجيل الجديد- فاس نموذج ...
- نحو عمل صحفي خال من الأخطاء
- (حوار مع الكاتب التّونسيّ المهاجر, كمال العيادي الكينغ): كما ...
- حوار مع الدكتور الليبي علي محمد رحومة كاتب وشاعر وباحث في ال ...
- الشباب العربي يزرع في رأسه الخرائط بدل حبوب العلم والمعرفة
- السينما الإيرانية بين الفجور والايديولوجيا
- صورة ذاتية تقتل
- الدارجة المغربية من دبلجة الدارما العربية والعالمية إلى رسوم ...
- أنا لا ابحث عن الجمال في الصورة ؟
- فيلم L’horizon blanc - الأفق الأبيض - لمخرجه علي الحضري استر ...
- هل تساهم الدبلجة إلى العاميات في تمزيق الفصحى وهيمنة الضياع ...
- لماذا تنعدم تماثيل ومجسمات عظماء العرب من الساحات العمومية ؟
- فاس والكل في فاس 325
- المخرج المغربي بوشتى المشروح يقتفي آثار البدايات الأولى للسي ...
- فاس والكل في فاس 324
- فاس والكل في فاس 323


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز باكوش - هنري بوراسا وعبد الغني بنكروم وحكاية الخط 269