مختار سعد شحاته
الحوار المتمدن-العدد: 5242 - 2016 / 8 / 2 - 20:51
المحور:
الادب والفن
صاروا يتفلتون من سمّ خياط القلب، لولا الكتابة ما بقوا. فلماذا تصير الكتابة عندي حدًا بين الحياة والموت؟ لماذا يتحتم علىّ كتابة نصٍ تأبيني، كل مرة جلست إلى الكتابة؟
لماذا تناطح أولادي وزوجتي وكل حياتي؟ ولماذا تحتم علىّ أن أقايضها بكل شيء في لحظات الوعي الكتابي، واللاوعي الحياتي والأسرى؟
يتحول النصُ إلى حياتي المستضعفة فينقض عليها، وبديلا عن دحضها، يبعث فيها كل موات من تفاصيلها التي ماتت وتسربت عبر ذاك الثقب؟ لماذا تأخذني الكتابة من نفسي، من بيتي، من زوجتي، من عملي، من حياتي كلها، ولا تمنحني في المقابل غير هذا القلق؟!
يا سيدتي الكتابة، لماذا حرمتي روحي على مراضع البهجة؟!
ثمة حياة منحتي، محبة بها ألفتي ما بين قلوب الافتراض والتخييل والواقع، ثمة أشياء كثيرة تدخل النور في داخل نفق الروح التي تظلم وتظلم كلما تناءت مسافاتي ما بيني وبين الخارجين من سمّ خياط قلبي، أقصد قلمي. لا أعرف يبدو أن هناك الكثير من الاختلاط بين القلب والقلم، كلاهما يحملان حرفين مشتركين من جملة ثلاثة أحرف، فكيف يتفقان عبر الحرفين، ويختلفان ذاك الاختلاف عبر حرف واحد؟!
غير مندهش حين أجلس في مساحة الحرفين، ولكني جد منبهر بنواتج حرف واحد مختلف. وأنا وحيدٌ في مواجهة الحرف بمراوغته مرة وبمطاوعته أخرى، ما بين المنح والمنع عبر رحلة القلق والأسئلة يتسع سمّ خياطي فتلج جمال البعض راحلة، ولا تدخل أخرى؛ فتخلو المساحات في قلبي بوصة بوصة، وتبدأ صفارات قلبي الفارغ تصرخ وتستصرخني، وأمضى إلى النصّ التأبيني غير راغب في لوم أو مضاجرة، لا غير الحرفين حولي يملآن كل ذلك الفراغ الذي انكشف فجأة...
أنا لا وجود لي إلا عبر اتحاد الحرفين، واختلاف الحرف، قلبي قلمي، وقلمي قلبي، يستبدان بي، ويستبدلان أشخاصًا بآخرين وأشياء بأخرى، كل شيء صار تحت وطأتها مستباحًا ومطاوعًا حين الاستبدال، وصارت الحياة عبرها وخلالها ما بين الحروف الثلاثة، ينفلتون، ويولدون، بأمري وحدي.
#مختار_سعد_شحاته (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟