أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد البورقادي - من هم خُدَّامُ الدولة وخَوَنَة الشّعب ؟!















المزيد.....

من هم خُدَّامُ الدولة وخَوَنَة الشّعب ؟!


محمد البورقادي

الحوار المتمدن-العدد: 5242 - 2016 / 8 / 2 - 01:45
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أليست الدولة هي جهاز يسهر بمؤسساته على خدمة الشعب ! أليست هي حسب جون جاك روسو ذلك الجهاز الذي يختزل إرادة الشعب ويقدم له على قدر ما يأخذ منه ! ومن تم فخدام الدولة هم خدام الشعب لأن كلاهما يخدم الآخر وكلاهما يقوم عليه الآخر ..أما إن احتكرت الدولة موارد الشعب واستفردت بتوزيعها بلا عدل ولا مساواة...فقد ضيعت الأمانة وخانت الشعب الذي وكلها أمره باختياره ..ثم لماذا تطلق الدولة على صنف من الشعب خدامها !! ثم إن فرضنا للدولة خداما فماذا يسمى المواطنون الآخرون ! ..ومن هم خدام الدولة الحقيقيون ؟خدام الدولة هم العسكر الذين يحرسون الحدود من العدو ..الذين يقبعون في تكنات نخرتها أشعة الشمس ..ويقفون على منارات تذيب رؤوسهم فيها حرارة النهار ..ويسهرون في صوامع شاهقات يأتيها من السقيع ما يرجف له البدن وتسيل منه الدموع وتتصلب معه الأيدي والأرجل ..
خدام الدولة هم رجال الدرك الذين يحرسون الطريق من مهربي الحشيش والسلع الأجنبية ومن الأسلحة ..الذين يمكثون في لفح جهنم طوال النهار ..يتربصون للخائنين ..ويسهرون طوال الليل حراس أمينين من غدر الأعداء والمنحرفين ..
خدام الدولة هم شرطيو المرور الذين طنت آذانهم مزاميز السيارات ..وأخنقهم الدخان المنبعث من عوادمها ..والذين تغلي رؤوسهم بسموم الشمس ويتصببون عرقا طول النهار ..
وهم مفتشو الشرطة الذين يتوغلون في الدروب والأزقة بحثا عن المنحرفين ..ومعرضين حياتهم لخطر الإصابة بسيوف الغادرين ..وكرامتهم للتدنيس بالكلمات النابية ..في سبيل تخليص الشعب من المجرمين ..
وهم عاملو النظافة الذين يطهرون الشوارع والأزقة من الأزبال ..الذين تزكم أنوفهم روائحها الكريهة ..وتدنس أيديهم الشريفة بتلك الأقدار والأوسخة ..الذين يطؤون كرامتهم في سبيل إحياء كرامة الشعب بجمع درنه وفضلاته ..ويذلون أنفسهم في سبيل عزة الشارع ونقاءه ..وأجرهم في الشهر لا يتعدى أجرة السميك !
هم الذين يعملون تحت الأرض في المناجم ..الذين يأتيهم الموت من كل مكان ..والذين هم في عرضة على الدوام للدفن أحياء وسط الظلام ..قلة الأكسجين + حرارة مفرطة + انشقاق الصخور ..ورغم ذلك أجرهم زهيد جدا !
هم الذين يعملون تحت الأرض ..بين أحضان قوادس الواد الحار ..هم الذين ينقذون الشعب من خطر الفياضانات ..ويفتحون ما انسد من أنابيب أرهقتها نجاستنا وإسرافنا ..
هم إطفائيي الحرائق الذين يعملون وسط لهيب جهنم ..هم من تحيا الأرواح على أيديهم وتعلق الآمال على نجاح صنيعهم ..هم الملاذ وقت الخطر ..والملجأ يوم تغضب النار فتشتعل ..
هم المعلمين الذين يدرسون أبناء الشعب في المناطق القروية ..بين الجبال والوديان .. ينقطع عنهم الماء العذب والكهرباء وشبكات الاتصال .. ..وهم الذين في عزلة عن الأهل وعن المستشفى وعن رغد المدينة .. هم الذين يقطعون الأميال ويطؤون الوحل والحجر ويتكلفون كل هذا العناء في سبيل نزع الأمية عن أبنائنا في البوادي ..
ماذا فعلت الدولة لتكرم هؤلاء الجنود !! لقد في سبيل ذلك الكثير ..لقد رفعت سن التقاعد .. وزادت من نسبة الاقتطاعات في أجرتهم الهزيلة أصلا !!
أما أولئك الذين تصل أجورهم الشهرية آلاف الدراهم ..ضف إلى ذلك السكن والنقل والحصانة وباقي الامتيازات ..فلا حرج في الإغداق أكثر من ذلك عليهم ..فهم أهل الكرم والطاعة والتقرب والولاء فمهما فعلت هاته الدولة في حقهم لا يصل معشار ما قدموه لها !!! وليس أقل مما قدموه لها عدم مطالبتهم بالتغيير رغم علمهم بضرورته ..صمتهم على قراراتها المجحفة الطبقية ..محاصرتهم لأي وجه من أوجه التغيير كيفما كانت وإبطاله بالقوة والعنف تارة والتجاهل تارات أخرى ! أليس جزاء هؤلاء أن يكرّموا وأن تعلق الدولة على أعناقهم أوسمة الطاعة والولاء ..أليسوا خداما حقيقيين لها ..فكان منها أن لم تبخل بالغدق عليهم من كل ما جمعت من رساميل مادية ومعنوية لضمان ولائهم وإخلاصهم المعهود ..فلا عجب أن نسمع عن تفويتها لهم قطعا أرضية يباع فيها المتر المربع بآلاف الدراهم ب 300 درهم ! ..
وقد ذهبت الحكومة لأكثر من ذلك حيث أصدرت مرسوما يخول لهم تلك الامتيازات !! هل يتم تبرير الإجحاف والسرقة والشطط بالمراسيم !! ثم هل المراسيم نصوص قرآنية لا تقبل التبديل ولا التحويل ! أليس دور الحكومة أن تمتثل لإرادة الشعب ! أليست هي منذوبة عنه ! إنها بهذا النظام فكأنما تنصب نفسها نظاما شموليا دكتاتوريا لا قبل لشعب أن يتدخل في صياغته ..أو يناقش أبجدياته
ولماذا يأتي هذا البرنامج الحكومي الراهن بالمقاربة التشاركية وهو لم يعمل بها في الواقع؟..أم كان مراد الحكومة أن تجعل التشارك دُولة بين نخبها فقط ! ويبقى الحكم محتكر كما كان منذ القديم في سلطة المخزن والأجهزة الممخزنة الدائرة حوله ! لم كل هذا النفاق والالتفاف !
متى كان معيار تلقي الامتيازات يقَدَّرُ بدرجة التقرب من السلطة باعتبارها المركز الموزع للنعم !
كيف يعقل أن تفوت تجزئات بمئات الهكتارات بدراهم معدودة لولاة وجنرالات .. وأغلبية المواطنين الضعفاء يرزحون تحت نير الفقر والحرمان وأغلبهم يكدح طول حياته لا يوفر سكنا ملكا يؤوي إليه ... بل إن وبعضهم يصبر على نار الغربة أعواما مديدة أملا في رجوعه لبلده يوما واقتناء شقة ..
كيف تدعو حكومة إلى المحافظة على البيئة بحضر "الميكا" وتسمح في نفس الآن باستجلاب أطنان من الأزبال لأرض شعبها !
كيف توزع رخص النقل والصيد والمقالع على قياد ووزراء بلا كفاءة أو مقابل ..وهناك من الفَرَّاشة من يفرشون لكسب قوتهم .. تطالهم عصي السلطات صباح مساء !
كيف يعقل أن تهدر ثروة الشعب وأراضيه ..وأن تكون دُولة بين الأغنياء منه بلا حسيب ولا رقيب !!
كيف يعقل لحكومة تزعم إصلاح التقاعد وأموالها تفرق بلا حساب بين الأغنياء منها ..وفي كنفها يعمل وزير مدة خمس سنوات ثم يخرج بمعاش يصل 5 ملايين..
كيف يعقل أن تجمع الدولة من الموضفين والأجراء الصغار أموالا نهاية كل شهر ..ثم تقدمها على صحن من ذهب لخدامها وولاتها الأوفياء !!
كيف يعقل ذلك ..وحاملي الشواهد العليا يتضاهرون صباح مساء بحثا عن الادماج ! وهم يذوقون من الضرب أنكله ومن التجاهل أقصاه !
حقا لم يكن عبد الله حمودي مخطأ عند ما قال انطلاقا من دراسته للنسق السياسي المغربي أن النظام السياسي بالمغرب هو نظام فاسد يسوده الضعف ويستأسد فيه النظام المخزني بشكل مخيف ..ذلك أن ممارسة السلطة تتعارض مع طموحات المجتمع المدني بل إن أغلب ممثلي المجتمع المدني من جمعيات ونقابات وأحزاب قد ثم احتواؤهم من طرف المخزن فأصبحوا ينطقون باسمه وليس باسم الشعب.. كما يرى حمودي بأن الأحزاب السياسية يتم إضعافها تدريجيا من طرف الدولة بفعل شراءها ..ويعتقد بأن التحكيم السلطوي في المغرب يقوم على عملية احتكار الموارد الاستراتيجية من أجل إعادة توزيعها بطريقة سياسية وبما يخدم مصالح الطبقة الحاكمة والنخب التابعة لها التي من ضمنها الطبقة البورجوازية ( لوبيات الفساد والملاكين العقاريين الكبار ) ..
ألم يحن الأوان للقضاء على هذا النظام التقليداني البطريركي الذي أفسد الدولة عقودا من الزمن من الاستقلال حتى الآن ..التي ما جنت الجماهير العريظة منه إلى الحرمان والظلم..
ولعل أسوء شيء هو أن يقوم نظام دولة من الدول على الفساد والثيوقراطية والشمولية ..ولكن الأسوء منه هو أن يغطي هذا النظام اختلالاته الفاضحة بتشدقه بأنه يعتمد على الديموقراطية والمساواة والعدل والقانون !! وأي قانون لا يتحاكم للعقل والحق والشرع فهو باطل ..وأي مساواة تزيد الغني غنا وتزيد الفقير فقرا فهي شطط !! أي قانون يستفرد بصياغته نخبة من بين النخب ويغيب عن المشاركة فيه شعب بأكمله فهو تحكُّم ! ومتى ما كان القانون يظلم الناس ويأكل أموالهم ويزحف على حقوقهم !
ألم يحن الوقت للقطع مع هذا النظام الفاسد الذي يصل فيه التمييز إلى أبعد الحدود بين موظفي المخزن أو عبيده إن صح التعبير ..وبين عامة الموضفين الآخرين !
أين الاستقلال وأذناب الاستعمار لا زالت لاصقة في نظامنا ..لقد وقّعنا وثيقة الاستقلال ونسينا توقيع وثيقة الأمانة و"العقد الاجتماعي" الذي يربط الحكام بالمحكومين .
لقد كان استعمار فرنسا للمغرب أهون بكثير من استعمارنا لأنفسنا ..على الأقل في استعمارها لنا كانت الأهداف واضحة ومعلنة مما يستنفر جهدنا للقضاء عليها ..أما ما يميز نمط الاستعمار الداخلي فكونه دفينٌ ومندسٌّ يسري كالظل في الماء ..ومنظروه يتفنون بأبرع الوسائل وأكثرها دهاء وحنكة ويتشدقون بإسم القانون لإخفاء معالمه عن أعين العامة ومسامعهم ..



#محمد_البورقادي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أصناف الرجال ومواقفهم من الزواج..
- عواقب الإنقياد الأعمى لشهوة الجنس ..
- مُنغِّصَات ونَوائِب الحبّ ..
- نداءٌ إلى من انتهكوا حُرْمةَ المساجد !
- التلفزة المغربية وصناعة التَّفاهَة..
- يا أيها الإنسان ما أَضْعَفَكَ ..!
- التطرف الديني : شروط الإنتاج
- تخليق الفكر كسبيل لبناء المواطن المُعَوْلَم..
- أزمة الحداثة المُعَوْلَمة ..
- السلطة القمعية عند ميشيل فوكو وميشيل كروزيه
- السلوك الجمعي وشروط إحداث الثورة..
- السلطة والعنف : أي علاقة !
- السلطة القمعية وشروط بناء الفرد الخاضِع والمُنمَّط..
- العولمة كسيرورة إنتاج لسياسات الطرد والإقصاء الاجتماعي ..
- واقع الفرد في ظل هيمنة العولمة والسلطة..
- جون جاك روسو وشروط تشكيل العقد الاجتماعي..
- نصائح للشباب: الإكثار من فعل الخير..
- اختلالات النسق الجامعي..
- إنسان اليوم في ظل الحضارة المادية..
- ماذا يُطْبَخُ للمجتمع المغربي تحت غطاء المقاربة التشاركية وا ...


المزيد.....




- رقصت بالعكاز.. تفاعل مع إصرار هبة الدري على مواصلة عرض مسرحي ...
- هل باتت فرنسا والجزائر على الطريق الصحيح لاستعادة دفء العلاق ...
- الجزائر تعلن إسقاط طائرة درون عسكرية اخترقت مجالها الجوي من ...
- من الواتساب إلى أرض الواقع.. مشاجرة بين المسؤولين العراقيين ...
- قفزة بين ناطحتي سحاب تحول ناج من زلزال تايلاند إلى بطل
- قراءة في تشكيلة الحكومة السورية الانتقالية : تحديات سياسية ...
- قناة i24 الإسرائيلية: ترامب يعتزم لقاء الشرع خلال زيارته للس ...
- إعلام أمريكي: دميترييف وويتكوف يلتقيان في البيت الأبيض
- الخارجية الألمانية تعلن إجلاء 19 مواطنا ألمانيا مع عائلاتهم ...
- الولايات المتحدة توسع قوائم عقوباتها ضد روسيا


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد البورقادي - من هم خُدَّامُ الدولة وخَوَنَة الشّعب ؟!