أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فاطمة ناعوت - جميلةٌ من صبايا مصر














المزيد.....


جميلةٌ من صبايا مصر


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5240 - 2016 / 7 / 31 - 22:49
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


صبيّةٌ جميلة من صبايا مصر المثقفات اللواتي نُراهن عليهنّ ليصنعن بإذن الله غدًا أجمل لمصر. ذاك الغد الذي ربما لم نستطع نحن صناعته في مراحل صِبانا وشبابنا ونضوجنا. أُحبُّ أن أتأمل تلك النماذج الشبابية الناصعة لأنها تحقق لي معادلا موضوعيًّا يجعلني أثق أن مصر لن تسقط لأن في شعبها مَن بوسعه النهوض بها، مهما ضربتها الكبواتُ والمحن. وأحبُّ أن أسلّط الضوء على تلك النماذج من وقت لآخر، لكي تكون مثالا يحذو حذوه غيرُها من الشباب الذي مازال يبحث عن طريق يمشيه في مقتبل أيامه.
صَبيةٌ واعدة، جمعت بين قوة العقل ورهافة الروح. أما قوّة العقل فلأنها قارئةٌ نهمة، تقرأ الآداب والفلسفات بالعربية والفرنسية. لا تقرأ قراءةَ العابرين، بل تجتهد لتدخل بتعمّق في خبايا المعرفة، لتفهم أسرار الكلمات. تقرأ مقالا لي عن المفكر الإسلامي نصر حامد أبو زيد، فتستوقفها كلمة "هرمنيوطيقا"، فتراسلني وتسألني عن معنى المصطلح. فأعطيها "كبسولة" مكثفة عن المعنى من حيث منشأ الكلمة الإغريقي في القرن الرابع قبل الميلاد استلهامًا من الإله "هرمس"، ثم كيف تطور المصطلح مع الزمن، بما يُغريها لتُكمل هي مشوار البحث الذاتي عن المعنى في المعاجم ودوائر المعارف وكيف وظّفه اللاهوتيون والفلاسفة ونقلوه من تأويل النصوص المقدسة إلى النصوص البشرية، إلى أن وصل المصطلح إلى المفكر المصري نصر حامد أبو زيد، فتسبب في تكفيره والحكم بردّته، لأنه دعانا إلى التفكير ومحاولة البحث في تأويلات النص الإلهي حتى يرتقي بالإنسان. وهكذا. يومها تذكّرتُ الوليد ابن رشد حين استوقفه مصطلحان: "التراجيديا والكوميديا"، في كتاب "فنّ الشعر"، وهو يفسّر تراث أرسطو حتى ينقله إلى الثقافة العربية، فسهِر الليالي تلو الليالي ليفهم معنى الكلمتين الإغريقيتين، (حيث خلت ثقافتُنا العربية الإسلامية آنذاك، والتي لا يعرف ابن رشد سواها، من أدبيات المسرح ومصطلحاته). كذلك ذكّرتني تلك الفتاة الجميلة بنفسي حين كنت أُخضع نفسي لبرامج قراءة مكثفة ومنظمة لكي أبني عقلي في صباي المبكر، ما كنتُ أترك مصطلحًا أو كلمة تمرّ أمام عيني دون أن أفتّش في أغوارها وأبحث في تواريخها وأتقصّى أصولها حتى أتشرّب نُسغها العميق، لأنني تعلّمت من جدي ومن أبي أن القراءة القشرية، أخطرُ من عدم القراءة على الإطلاق. هذا عن قوّة عقلها ونصاعته.
وأما رهافة روحها فتجلّت حين شاركت مع مجموعة الشابات والشباب الذين واصلوا الليل بالنهار حتى أنقذوا كلبًا صغيرًا ظلّ محشورًا بين صخور مصدّات الأمواج في شاطئ كليوباترا بالأسكندرية أيامًا طوالا، واستعانوا بالجمعية المصرية للرفق بالحيوان ESMA وفرق الإنقاذ البحري وجهاز حماية الشواطئ وأطباء بيطريين وشركة "المقاولون العرب" التي مدّتهم برافعة كاتربيلر مجانًا حتى استخرجوا الحيوان البائس سليمًا معافًى بعد ثلاثة أسابيع قضاها بين ثنايا الصخور القاسية.
هي حفيدة الموسيقارة الجميلة "ملكة محمد وهبة" التي لحنت العديد من أغنيات الأطفال التي استمتعنا بها في برنامج "أبله فضيلة"، وغيرها من الأغنيات. صبيّتنا الجميلة اسمها "ميّ مدحت السكّري"، خريجة مودرن أكاديمي، قسم إدارة نظم معلومات القسم الإنجليزي. ابنة مدارس الليسيه، وتعمل مرشدة سياحية. تهوى الموسيقى الكلاسيك والأغاني المصرية القديمة، ومشاهدة الباليه، أرقى فنون البشرية. تمارس رياضة الدراجات وتعزف البيانو سماعيًّا دون نوتة، وتزور المتاحف والجاليرات والمعارض والأوبرا. وقبل هذا وبعده، تعشق القراءة العميقة. أشعر بالفرح لأنها قرأت معظم كتبي، وأبتهج حين تراسلني لتسألني عن معنى: "التداعي الحرّ للأفكار" في روايات فرجينيا وولف، أو عن أصول مدرسة "تيار الوعي" أو عن مرض Bipolar Disorder الذي ضرب عقل الجميلة وولف حتى أودى بها للانتحار عام 1941، قبل أن تُثري المكتبة العالمية بفرائد الآداب الرفيعة.
أراهنُ كثيرًا على هذا النموذج المبهج من شابات مصر، وأشعر بالفرح كلما أتصور أن هناك ملايين مثل الجميلة ميّ، لم يسعدني الحظ بمعرفتهن عن قرب، لكنهن ينتثرن بين جنبات مصر مثل اللآلئ المشعّة.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا تفعل لو كنت البابا؟
- فاتحةُ القرآن، والصلاةُ الربانية
- كل سنة وأنت طيب يا أبا زيد
- جيشُ مصرَ شعبُ مصرَ
- البجعة
- قلادتك
- الماكينة بتطلع قماش!
- وكرُ الأشرار
- المسجد النبوي .... هل غادرَ الإرهابُ من مُتردَّم؟
- هل احترام حقوق الأقباط عداءٌ للإسلام؟
- شيءٌ من العبث لن يفسد العالم
- حقلُ الألغام
- مصرُ التي نشتاق إليها
- يومٌ من عمري، وشموعٌ كثيرة بعد لم تُقَد
- موسم تسريب الامتحانات
- كيف سمحنا بأن نسقط؟
- ناضجون ومراهقون
- عين الطائر ودو كيخوتي
- البابا شنودة يرفض اعتبار أقباط مصر أقليلة، هل سينال سبابكم م ...
- كل سنة وأنت طيب أيها الصندوق الطيب


المزيد.....




- الداخلية: الأدلة أثبتت براءة الضابط المتهم باغتصاب فتاة قاصر ...
- -لا تحرروني، سأتولى الأمر بنفسي-، عرض غنائي مسرحي يروي معانا ...
- بمناسبة شهر رمضان 2025.. حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في ...
- دراسة تزعم.. الانفصال العاطفي يضر بالرجال أكثر من النساء
- بيان مشترك: مخاوف من غياب “عدالة الإبلاغ” في جرائم العنف ضد ...
- الداخلية: الأدلة أثبتت براءة الضابط المتهم باغتصاب فتاة قاصر ...
- على أنقاض البيئة.. إسرائيل توسع مستوطناتها على حساب الغطاء ا ...
- الذكاء الاصطناعي يحدد النساء المعرضات لسرطان الثدي قبل سنوات ...
- -المحكمة الأوروبية تدعم حرية المرأة الجنسية: نداء لتجريم الإ ...
- تونس.. امرأة تضرم النار في جسدها بالقيروان والإسعاف يتدخل


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فاطمة ناعوت - جميلةٌ من صبايا مصر