أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - ناجي العلي .. انتظار الوطن














المزيد.....

ناجي العلي .. انتظار الوطن


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 5238 - 2016 / 7 / 29 - 00:04
المحور: الادب والفن
    


توفي رسام الكاريكاتير الفلسطيني العبقري ناجي العلي بعد شهر من اغتياله في 22 يوليو 1987، وخلف لنا أكثر من أربعين ألف رسم كل منها طلقة إبداع بريشة فنان عظيم. وإلي جانب ذلك ابتكر ناجي العلي شخصية"حنظلة" الصبي الفلسطيني الصغير الذي تجرع المرارة حتى أدار ظهره للعالم، متطلعا إلي شيء مجهول بعيد. وعن حنظلة يقول ناجي:"ولد حنظلة في العاشرة من عمره، وسيظل دائما في العاشرة من عمره"! إنها السن التي ترك فيها ناجي العلي فلسطين ولم يعرف الاستقرار بعدها. وفي لبنان وهو صبي اعتقلته القوات الاسرائيلية فقضى معظم وقته يرسم على جدران الزنزانة. من الزنزانة من الزنزانة ومن طفولة ناجي المعذبة ومن قماش خيام المخيمات ومن المقاومة ومن الشعور الجارف بالوطن ولد حنظلة، بحيث لا نرى وجهه لكي نتساءل بلهفة:أي وجه لهذا الصبي؟ أمازالت على ملامحه براءة طفولة؟ أم أن شدة الظلم والكبرياء والمنافي قد دمغته بمرارة ترفع يشبه اليأس ويشبه الأمل؟! يطوي الموت نصف الفنان أما نصفه الآخر فيظل حيا فيما أبدعه. مازال ناجي حيا، وحنظلة أيضا مازال حيا، حتى بعد أن اغتال الموساد الاسرائيلي الرسام العبقري ليطفيء اللون في ريشته ويخمد اللهب من موقفه الذي لخصه ناجي بقوله:" في هذا الصراع علينا أن نصلب قاماتنا كالرماح ولا نتعب". بشخصية " حنظلة" أضاف ناجي العلي علامة إلي تاريخ الشخصيات الفنية والأدبية العالمية تقف على قدم المساواة مع شخصية المواطن الصغير المطحون الذي لا يفقد الأمل التي خلقها تشارلي شابلن، ومع شخصية " روميو" التي توجز العشق، وشخصية"دون كيخوت" المكافح الخيالي، وغيرها من الشخصيات التي أمست رموزا لمعني محدد ومفاهيم عامة دالة بفضل إحكام وعبقرية وجدة الخلق الفني وطابعه التعميمي. لقد وصف شابلن كيف ظل طويلا يتخير ملابس شخصية المواطن الصغير، وكيف بحث ليجد الجاكتة الفضفاضة والسروال الضيق والحذاء المضحك بمقدمته العريضة. وقد استطاع ناجي العلي أيضا أن يخلق حنظلة بما يميزه كشخصية فنية تتجاوز حدود مأساة الطفل الفلسطيني لتغدو رمزا إنسانيا عاما لكل طفولة تشردت. خلق ناجي العلي شخصية حنظلة من دون وجه، أخفى عنا وجهه ودموعه وغضبه، لكي يظل خيالنا مشتعلا بمحاولة تخيل ذلك الصبي. ويذكرني ذلك بما قام به المخرج فيكتور فليمنج في فيلم " ذهب مع الريح"عام 1939المأخوذ عن رواية مرجريت ميتشيل. في الفيلم تحل على البطل كارثة وفاة طفلته الوحيدة، والمعتاد في مثل هذه الحالات أن يرينا المخرج دموع الأب وعلامات حزنه، لكن المخرج على العكس من ذلك قدر أن أفضل وسيلة لنقل الأحزان هي بإخفاء وجه الوالد عنا تماما. تموت الطفلة فيندفع الأب إلي غرفة منعزلة فلا نراه ولا نشاهد وجهه. لهذا تحديدا يشتعل خيالنا من دون حد لتصور مدى حزن الوالد. طوى الموت نصف الفنان حين اغتال الموساد ناجي العلي، لكن نصفه الآخر " حنظلة " مازال حيا، ومازال يمشي كل يوم في صفوف الثائرين في فلسطين، ولا عجب ألم يوصيه والده ناجي العلي بقوله: " في هذا الصراع علينا أن نصلب قاماتنا كالرماح ولا نتعب". في ذكرى اغتيالك يولد في الجو عطر فواح من إبداعك ومن قلبك المزهو بحب بلادك والعامر بانتظار عرسها.
***

د, أحمد الخميسي . كاتب مصري



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البحث عن بلادنا
- اسطنبول والموت حسب الأصول !
- الكتابة إلي المستقبل
- الإعلان الأساسي .. يا للي عطشان وناسي !
- لن أكتب هذا المقال !
- جو كوكس .. اقتلاع الزهرة
- كله جايز .. في ثقافة الجوايز !
- عن العلم والأدب مجددا
- جراحة - قصة قصيرة
- رحلة للحكومة للتعرف إلي الشعب
- لغة الجرائد
- تفاصيل الموت والحياة
- - اتصال - قصة قصيرة
- تيران وصنافير .. وحرية التعبير
- صحافتنا المصرية تاريخ من الحرية
- صياد الأرواح
- عدمية وخراب الأدب الصهيوني
- لحظات لن يغغر فيها الوطن الصمت .. حول جزيرتي صنافير وتيران
- تمثال للأم الشجاعة
- علاء الديب .. شجن الوحدة والاغتراب


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - ناجي العلي .. انتظار الوطن