|
طائفيون عابرون للطائفية!!
فاضل عباس البدراوي
الحوار المتمدن-العدد: 5235 - 2016 / 7 / 26 - 16:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يبدو من الوهلة الاولى للقارئ الكريم، ان هناك تناقضا في عنوان هذا الموضوع، أقول له نعم فكل شيئ في العراق (الجديد) هو متناقض، فتناقضات الامور في عراق ما بعد سقوط الدكتاتورية، اصبحت سمة من سمات القائمين المتنفذين على العملية السياسية، فالعراق ينفرد عن سائر دول العالم بجوانب عديدة، فعلى سبيل المثال، درجة الحرارة في العراق اعلى من كافة الدول حتى الاستوائية منها، الرواتب التي يتقاضاها نواب (الشعب) والرؤساء والوزراء في العراق، اضعاف ما يتقاضاها أي مسؤول في العالم، وسرقة المال العام وشرعنته اصبح سمة ينفرد بها المسؤولون العراقيون عن اقرانهم في دول العالم، فلو اردنا ان نعدد تفرد بلدنا العراق عن كل اقطار الدنيا، فلا يتسع لتدوينه عشرات الصفحات. كتبت هذه المقدمة كي اوضح سمة جديدة أخرى ينفرد بها العراق. فلا يخفى على أحد ان القائمين على ادراة وتسيير شؤون البلد هم من، (عباد الله الاتقياء الانقياء)! ففي كل دورة انتخابية يأتون للناخبين بشعار جديد، تارة أن الرقم الذي خرجت في القرعة التي اجرتها المفوضية العليا (المستقلة جدا) للانتخابات، هو رقم لآية من القرآن الكريم، وفي دورة ثانية وثالثة يأتون للناخب، بشعارات الدفاع عن الدين والمذهب، الذين هم أول من أساء اليهما. عندما بدأت الغمامة تزول من أعين الكثيرين من ابناء الشعب، وبانت زيف شعاراتهم عبر ممارساتهم السيئة والمسيئة لكل القيم، على ارض الواقع، وحينما بدأ موعد انتخابات مجالس المحافظات على الابواب، ثم تليها الانتخابات النيابية، وشعورا منهم بالخوف والوجل من انتفاضة الجماهير العراقية التي انطلقت منذ أكثر من عام التي أقضت مضاجعهم، راحوا يبحثون عن طرق مبتكرة أخرى، حيث أنهم اصبحوا اساتذة في المكر والخداع، أخذوا يطرحون هذه المرة، مشاريع يضحك لها الطفل الصغير قبل الشخص الكبير، وهذه المشاريع تنطلق من نفس الكتل الموغلة في الطائفية التي جرَت على العراق الويلات والدمار والخراب، ذلك بفقدان ألأمن وسقوط الاف الضحايا من ابناء الشعب، غير المحصنين، لكن لم نجد أن احدهم فد فقد عزيز له، لأنهم حصنوا انفسهم وعوائلهم، اضافة الى هدر المال العام وسرقة ما تيسر لهم من سرقته على رؤوس الاشهاد، وجعلوا دوائر الدولة حكرا على منتسبيهم، هؤلاء الذين بمعضمهم من الانتهازيين والوصوليين ومن مزوري الشهادات، وحرَموا منها مئات الالاف من اصحاب الشهادات والمهن من غير المحسوبين عليهم. أعود لأقول، انهم هذه المرة خرجوا علينا بمشاريع تحالفات عابرة للطائفية!! جميل جدا هذ (الفيكة) الجديدة من محاولة الالتفاف على مطالب الشعب الرافض للطائفية السياسية والحزبية، ربما سائل يسأل ما الضير من ايجاد كتل عابرة للطائفية؟ الجواب انها كلمة حق يراد منها باطل، فكيف يتسنى لهؤلاء الذين لا برامج عمل حقيقية لهم لبناء الوطن وتخليصه مما وصل اليه من اوضاع يرثى لها، على أيدي هؤلاء؟، عبر الضرب على وتر الطائفية واثارة نعراتها كلما تقترب مواعيد الانتخابات؟ والشيئ الاهم، هو ان أحزابهم وتياراتهم شكلت أساسا على أسس طائفية، كيف يمكن ان يلتأم شمل هؤلاء وهم بالاساس عبارة عن احزاب مكونات؟ واسماؤهم تدل على حقيقتهم؟ كانوا طيلة هذه الاعوام التي تولوا فيها قيادة البلد، متخاصمين فيما بينهم يكيل البعض للاخر شتى التهم وحتى الشتائم، كل منهم من منطلق طائفي بحت، لم يكن الخصام او لنقل الاختلاف على من يقدم الافضل للشعب المنكوب. واذا حصل ما يريدون القيام به فعلا أقول جازما انه مشروع سيفشل ان رأى النور في اول يوم من ظهور نتائج الانتخابات، ثم يعودون كرة اخرى للتخاصم على مبدأ حصة كل مكون يدوعون تمثيله من الكابينة الوزارية، ثم يعودون الى اصولهم الحقيقية، وهذه المحاولات التي يبذلونها ما هي الا دليل فشل مشاريعهم السياسية ومحاولة منهم للضحك على الذقون، فسوف لا يضحكون الا على ذقونهم، لأن بوادر الوعي الشعبي بدأت تلوح في أفق العراق، وما محاولاتهم البائسة هذه الا دليل خوفهم من خسران ما بنوه على حساب دماء وأموال الشعب العراقي. قد يتساءل البعض، ما هو الحل اذن؟ الجواب هو، ان العراق لايخلو من الاحزاب والتيارت والشخصيات الوطنية والديمقراطية والليبرالية واليسارية العلمانية، التي هي منذ بدايات تكوينها تبنت الافكار المتنورة، وأسست على اساس المواطنة لا على أساس المكونات، وهي تضم مجاميع من الطيف العراقي الجميل بمختلف مسمياته، الا ان فرصة نجاحها كانت ضئيلة في السنوات الماضية، واسبابها معروفة منها، نتيجة القمع الا محدود الذي تعرضوا له أبان فترات الانظمة الدكتاتورية، وحملة التشويه التي تعرضوا لها على يد الجهات الطائفية والاثنية والرجعية، بعد سقوط الدكتاتورية، وبسبب ضيق اليد لأنهم لم يمدوا أيديهم الى المال العام، حيث افتقروا كثيرا الى وسائل الاعلام المرئية على الخصوص، اذ لا يخفى على أحد ما لدور الاعلام من أهمية في التأثير على الرأي العام، بخلاف أولئك الذين امتلكوا كل تلك الوسائل المؤثرة على الرأي العام، وان الدفع لم يكن من جيوبهم بالطبع، فالكل يعلم عند تولي هؤلاء للسلطة كانت جيوبهم خاوية، لكنهم اكتنزوا الاموال من المال العام ومن عمولات الصفقات المشبوهة والفاسدة، اضافة لتدفق الاموال عليهم من خارج الحدود، ليس لوجه الله وانما لخدمة اجندات من دفع لهم، وهذا ما حدث بالفعل. الفرصة الان سانحة لتوحيد صفوف التيارات والاحزاب والشخصيات الوطنية والليبرالية واليسارية العلمانية، بعيدا عن الشخصنة وحب الذات والاختلاف على مسميات جزئية ومن أجل المصلحة الوطنية العليا وانقاذ البلاد من هذا البلاء الذي اوقعه فيه، دعاة الطائفية بالامس، ودعاة التحالفات العابرة للطائفية اليوم، انهم يحاولون تغيير جلودهم، الا ان عقولهم يصعب على التغيير.!
#فاضل_عباس_البدراوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نماذج من الانجازات الكثيرة للنظام -الملكي السعيدي-!!
-
ثورة 14 تموز من الولادة الى الوأد... من المسؤول؟
-
ضحايا الارهاب يطالبون بمحاسبة الرؤوس قبل الذيول
-
لتذهب سلطة المافيات الى مزبلة التاريخ
-
النقابة الوطنية للصحفيين تكرم اقلام البعث المقبور!
-
المهام الآنية للديمقراطيين الليبراليين العراقيين
-
رائد من رواد الحركة النقابية العراقية يرحل عنا
-
محاربة الارهاب لايعني السكوت عن المطالبة بالحقوق
-
حكام العراق يعترفون بفشلهم لكنهم يصرون على تكراره
-
عمال العراق.. معاناة كبيرة وحقوق مسلوبة
-
انقلاب ابيض يقوده دولة القانون بقيادة المالكي!!
-
المتباكون على (سقوط بغداد)!
-
متى يستفيق العالم على الخطر الوهابي؟
-
ضوء على الاعتصامات وطريقة اجتماع قادة الكتل السياسية
-
العراق يتجه صوب الدولة العميقة
-
حول التنسيق الجاري بين التيار المدني والصدريين
-
لا اصلاح حقيقي قبل الاطاحة برؤوس الفساد
-
ذكريات عن الشهيد الخالد ابراهيم محمد علي مخموري
-
المتقاعدون يدفعون ثمن فساد وفشل الحكام
-
جريمة 8 شباط الاسود لن تمحى من ذاكرة التاريخ
المزيد.....
-
نتنياهو يبحث المرحلة الثانية من اتفاق غزة خلال زيارته إلى أم
...
-
السودان: أكثر من 60 قتيلا في هجوم لقوات الدعم السريع على سوق
...
-
هيغسيث: -داعش- تكبدت خسائر جراء الضربة الأمريكية في الصومال
...
-
قلق في إسرائيل بسبب منصب رئيس وفد المفاوضات مع حماس
-
وزير الخارجية المصري: لن تنعم المنطقة بالسلام ما لم تقم دولة
...
-
تقدم روسي.. وترمب يصر على الحل بأوكرانيا
-
لقطات جوية من مكان تحطم طائرة طبية في مدينة فيلادلفيا الأمري
...
-
بولندا.. مرشح المعارضة للرئاسة يتعهد بإعادة 20 مليون بولندي
...
-
ويتكوف ونتنياهو يتفقان على بدء مفاوضات المرحلة الثانية لوقف
...
-
الدفاع الروسية: القوات الأوكرانية ارتكبت جريمة حرب جديدة بقص
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|