عاطف الدرابسة
الحوار المتمدن-العدد: 5233 - 2016 / 7 / 24 - 02:02
المحور:
الادب والفن
قلتُ لها :
ضاقَ عليَّ ثوبُ سيزيف ، فحجمُ مأساتي أكبرُ ممّا تتخيلين ، كلّما أعلنتُ للملأ أنّني انتصرتُ على يأسي وبؤسي وفقري وحروبي الداخلية والخارجية ، أكتشفُ أنّني ما زلتُ مهزوماً كطفلٍ مهاجرٍ يصرعهُ موجُ البحر في ليلةٍ عاصفة .
كُنتُ أَسألُ عن الطّريقِ إلى القُدس ؛ هل يمُرُّ من دمشقَ أو بغدادَ أو صنعاءَ أو عمّان ؟ فإذا بي أسألُ الآنَ عن الطّريقِ إلى دمشقَ وبغدادَ وصنعاءَ وعمّان .
لم يتركوا لي جسراً يحملُني إلى العيد ، فرؤيةُ الهلال في موطني مُستحيلةٌ لأن الغُيومَ القاتلة لا تأتي إلّا صيفاً .
ما أصعبَ التعذيبَ بالقهر ! ما أقسى التعذيبَ بنشرة أخبار المساء ! وما أقذرَ ما يفعلونهُ حينَ يجعلونَ وعيكَ بالأشياءِ ممسوخاً ، مُفرّغاً من كُل شيء إلّا من الهواء الفاسد ، فالدّينُ لديهم ضروبٌ وأنواع : دينٌ مُتطرّفٌ ودينٌ مُعتدلٌ ودينٌ وسطيٌّ ودينٌ مخلوطٌ بالعلمانيّةِ ، ودينٌ بالفلفلِ الحار ، ودينٌ مع سَلَطة .
ويتمادونَ أكثر في تزييف الوعي فيتّخذونَ العولمةَ احتكاراً ، ويُقدّمونَ الاستبدادَ والتّسلُّط على طبقٍ من ديموقراطيّة بدون سَلطة ، ويُسوِّقونَ الفوضى الخلاقة بوصفها نظاماً ، ويعتبرونَ تقسيمِ البلادِ تعدّدُية ، والفتنَ الدّاخليّة خلاصاً ، وتطهيرَ البلادِ من أعراقها وأربابها إعادةَ إنتاجٍ للسُلطةِ والدّولة .
قالوا لنا : آخر الزّمان يحكمُ هذهِ الأرضُ دجّال ، وأنا أقول في الشّرقِ وحدهُ ألفُ دجّال ، تعالوا نزرعُ شجرةَ الخلاص قبلَ أن تُسلمَ هذهِ الأرضُ نفسها للطوفان .
د.عاطف الدرابسة
#عاطف_الدرابسة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟