|
الطفولة في مجموعة -أنثى المارشميللو- نور محمد
رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 5231 - 2016 / 7 / 22 - 17:11
المحور:
الادب والفن
الطفولة في مجموعة "أنثى المارشميللو" نور محمد تحتل الطفولة مساحة كبيرة في الذاكرة، خاصة إذا تعرض الشخص لنقلة قسرية تجبره على التخلي عنها، ففي مجتمعاتنا الشرقية تتعرض الطفولة بشكل عام والأنثى تحديدا إلى هذا الأمر عندما تخضع لقرارات العائلة بتحويلها من طفلة إلى امرأة دفعة واحدة ودون تمهيد، مما يجعلها تبقى معلقة/مرتبطة بذكرياتها الجميلة، بعيدا عن ضغط الأسرة والحياة الزوجية. نجد استحضار الطفولة في أكثر نص، منها ما جاء بشكل واضح وصريح، ومنها من نستشفه من خلال التمعن في الكلمات وما تحمله من أفكار تعبر عما في العقل الباطن عند الراوية، فتقول في "كنت ولكن": "ام اشبع طفولتي رغبتي مع تلك الأرجوحة وركوبي دراجتي في الحي القديم جمع الحجارة السبعة أرتبها كي يرطلها أطفال الحي أشتهي الحلوى ممزوجة بالشوكولا والضحك ببراءة لم أكتف من حضن أمي ودلال أبي دميتي المركونة في غرفتي فقدتني" ص15، هذا الشكل من الطرح المباشر يؤكد للمتلقي حالة فقدان/قتل/ضاع/ الطفولة، مما يجعل الراوية تحدثنا عن من التفاصيل المتعلقة بتلك الطفولة الطائعة/المفقودة، حتى أننا نجد افتقاد "لحضن الأم" الذي يشير إلى الحنين لتلك العلاقة الفريدة والمميزة بين الأم وابنتها. ومن أشكال افتقاد الطفولة نجدها في نص "همسة" التي جاء فيه: "حلقي كما يليق بك لكن اجعلي طرف ثوبك عالقا بواقعك كي تعودي متى شئت.." ص57، فهذا الكلام يشير إلى مكنون العقل الباطن عن الراوية التي تثقها هموم الحياة وما فيها، من هنا نجدها تعبر عن هذا الثقل من خلال كلمة "بواقعك" وهذا الواقع الثقيل والغليظ يحمل بين ثناياه الحنين إلى الحياة خفيفة الظل التي كانت فيما سبق. ومن اشكل هذا الثقل الذي يرهق الراوية ويجعلها تحن إلى طفولتها ما جاء في "أحلام أنثى": كفرشة حائرة أبحث عن وردة لأتنفس وأمتص رحيقها حد الارتواء أثمل منها لأنتعش مع واقع مسموم وأتطاير هنا وهناك دون توقف ودون نظرات حاسدة مجرد أحلام ستتوقف عند صحوة الصباح" ص63، يحمل هذا النص كل الدلائل التي تشير إلى تعلق الراوية بالطفولة من خلال الحديث عن الفراشة والحوم حول الوردة، فمثل هذا الكلام يشير إلى ما يحمله العقل الباطن عند الراوية، فهو كلام مختص/متعلق بالأطفال وليس بالراشدين.
ونجد فيه أيضا حالة الغلاظة وثقل الواقع على كاهل الأنثى من خلال ما جاء في الفقرة الأخير التي تنهي تلك التأملات والأحلام في صحوة الصباح، وهذا ما يلغي/ينهي كل تلك الكلمات الجميلة وحالمة التي جاءت في بداية النص، وعلى حنينها للطفولة. أما حالة الاضطراب وعدم الاتزان فتظهر لنا جلية في نص "دعوة المظلوم" ففي هذا النص نجد الراوية تظهر لنا طريقة/شكل/اسلوب كتابة الطفلة، التي تفقد سيطرتها على الإلمام/التركيز في موضوع كتابتها، فنجدها تضيع وتفقد بوصلة الفكرة وتنساق وراء الألفاظ بعيدا عن أي فكرة مركزية، فتقول: "تهبهم السعادة تكللهم بالاهتمام تغرس في قلوبهم الدفء والحنان ليستوطنوا القلب بقوة وفي لحظة عابرة يفرون هذه ليست أرضنا ويجددون البحث عن وطن آخر حين يجدوا من يخرجهم بالدم وكرامتهم بالأرض كما تدين تدان تلك دعوة المظلوم" ص،48، يمكن تقسيم هذا النص إلى أربعة مقاطع كل مقطع منفصل عن الآخر، المقطع الأول ينتهي عند كلمة "بقوة" في الشطرة الرابعة، الفكرة المطروحة تتحدث عن أنثى/امرأة/أرض تمنح السعادة، لكن نجد الراوية تنساق/تنجر وتفقد السيطرة على نصها عندما ذكرت لكلمة "ليستوطنوا" بحث حولت فكرة الموضوع من الحب إلى الصراع من خلال قولها " هذه ليست أرضنا" فهذه الفقرة ليست لها أي علاقة بالفكرة الأولى المطروحة، ونجد هذا التفتيت والتشرذم للفكرة من خلال قولها: " ويجددون البحث عن وطن آخر" فهذا أيضا غير متعلق مرتبط بالمقاطع السابقة بتاتا، ولا يخدم أي فكرة الفكرة محددة، ونجد عبارة "حين يجدوا من يخرجهم" أيضا ليس لها ترابط أو تفيد الفكرة أو العبارة التي سبقتها، وكأنها وضعت هكذا بدون أي معنى، وتستمر طريقة كتابة (الطفلة) عندما قالت: " بالدم وكرامتهم بالأرض" وكأنها بهذا تؤكد حالة التقمص للطفلة الكاتبة التي لا تستطيع أن تربط فكرتها بألفاظ وكلمات معينة، وجاءت الفقرة الأخيرة لتأكد هذه الكتابة الطفولية من خلال عبارة " كما تدين تدان" بهذا الشكل يتأكد لنا تماهي الراوية مع طفولتها وعلى انسجامها الكامل معها، وفي ذات الوقت نجد ـ أحيانا ـ حنقها وحقدها على الواقع الجديد الذي تعيشه كأم مسؤولة عن أسرة وعائلة. تقدم لنا الراوية خلاصة الأفكار التي شكلتها عن الحياة، وبكلمات وألفاظ وعبارات تمثل ذروة الأبداع والتألق من خلال "ومضات" وفي هذه الومضات تتألق عاليا وتجعل المتلقي يتأكد بأنه كاتبة من نوع خاص لها أسلوبها وطريقتها وأفكرها التي تميزها عن غيرها، مما جاء في هذه الومضات: "أرهقني قمح شوقك يا خصب فرحي وازدهرت بك حقول أيامي التي يحركها نسيم شوقك" ص82، فهي هذا المقطع الذي يتحدث عن الخصب يأخذنا إلى العلاقة التي تجمع الربة عشتار والإله تموزي، الإله البعل والربة عشروت، ونجد هذا التناص مع الملاحم الهلالية أيضا من خلال قولها: " تعال وحدثني .. شدني من ذراعي .. أيقظني من سباتي وأسق زهرتك الذابلة .. تعال قبل أن يصمت ياسميني!" فهذ1 النداء يتماثل مع ما جاء في ملحمة جلجامش عندمنا ناشدت الربة "عشتار" المظفر "جلجامش" أن يقترن بها. نذكر بأنها من منشورات "موزاييك للترجمة والنشر والتوزيع، عمان، الأردن، الطبعة الأولى 2016.
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التأنيث في ديوان -معجم بك- محمد حلمي الريشة
-
الأدب الروائي في ديوان -أولئك اصحابي- حميد سعيد
-
الإنسان في ديوان -ذاكرة البنفسج- ناصر الشاويش
-
الفانتازيا والرمز والواقعية في مجموعة -أوهام أوغست اللطيفة-
...
-
السواد في قصيدة -كأي سواد...بلا معنى وفراشات- جمعة الرفاعي
-
المرأة والكتابة والطبيعة في ديوان -الجهة الناقصة- -جمعة الرف
...
-
الفلسطيني في رواية -السلك- عصمت منصور
-
دقة الترجمة في ديوان -شعر الحب الصيني- محمد حلمي الريشة
-
هدوء اللغة في ديوان -السروة آنستي- عيسى الرومي
-
الاختزال والتكثيف في مجموعة - نقوش في الذاكرة- شريف سمحان
-
الجغرافيا في ديوان -ليلة الخروج من الأندلس- نزيه خير
-
عطيل فلسطين في رواية -السفر إلى الجنة- وفاء عمران
-
حقيقة التاريخ في رواية -مسك الكفاية- باسم الخندقجي
-
الحرية والأمومة في مسرحية -المدعوة- فرانسوا دو كوريل
-
الطرح السياسي في رواية -فرسان الحرية- هشام عبد الرازق
-
حب المرأة في رواية -يافا- نبال قندس
-
تغير خرائط سايس بيكو
-
بحث تاريخي في كتاب -توازن النقائض- سليمان بشير
-
ثلاثة شخصيات ولغة واحد في رواية -عرافو السواد- داليا طه
-
التناسق والانسجام في مسرحية -وجهة سفر-
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|