أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مازن كم الماز - الزحف المقدس














المزيد.....

الزحف المقدس


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 5226 - 2016 / 7 / 17 - 22:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قد يبدو غريبا للبعض تشبيه حشود الأتراك المؤيدة لعودة إردوغان إلى القصر بحشود المصريين المنادية ببقاء عبد الناصر في 9 و 10 يونيو 67 , أو بحشود 30 يونيو 2012 , ربما وجد مدافعون عن الديمقراطية لكن ذلك كان في الواقع زحفا مقدسا , لأجل الزعيم , لا لأجل الديمقراطية أو الشعب , و من هنا بالذات يستمد "قداسته" .. فالعلاقة بين الجماهير و الزعيم تشبه جدا العلاقة بين النبي و المؤمنين به , حتى أنها تنافسها أحيانا و تتكامل معها أحيانا ... يستحق الموضوع بعض التساؤل , في لحظة ما انتقلت القوة الفعلية إلى الشارع , خرجت الناس إلى الشارع بالملايين أو بأعداد غفيرة بالفعل عجز عن مواجهتها أنصار نظام الإخوان في مصر أو جنود الانقلاب في تركيا , لكنها بدلا من أن تفرض سلطتها أو مصالحها الحقيقية , بدلا من أن تستخدم قوتها الاستثنائية تلك في لحظة أزمة عويصة للنظام القائم كي تنتزع حريتها و تصبح سيدة مصيرها , فإنها اختارت الزعيم , كانت مجرد أداة لصعود الزعيم إلى مكانة لا يفوقها إلا الله .. كان موريس برينتون قد تساءل من قبل : لماذا اختار ملايين الألمان العاطلين عن العمل و المهددين بالجوع في عام 1933 هتلر من بين كل تلك الاحتمالات , التي كان من بينها بلا شك أن يبنوا حياتهم بأنفسهم على أساس العدالة و الحرية , و لماذا خرج مئات آلاف الفلاحين و فقراء دلهي , الجوعى فعليا , في أكبر مظاهرة عرفتها المدينة حتى ذلك الوقت لرفض مشروع قانون يسمح بذبح الأبقار لا احتجاجا على ظروف حياتهم اللا إنسانية .. هل انتصرت الديمقراطية حقا ؟ بالفعل قد يكون أسوأ إردوغان أفضل من أفضل جنرال , لكن السذج وحدهم يتحدثون هنا عن انتصار الديمقراطية , و ما أكثرهم بالطبع ... و يا لها من ديمقراطية !! لنتأمل هذا الوضع الشاذ : الشارع و الزعيم و خصومه يتداخلون في علاقة شديدة الغرابة و السوريالية : السيسي بعد 30 يونيو و إردوغان بعد 15 يوليو يواجهان نفس المأزق : إنهما يستمدان القوة من الشارع لكي يفرضا ديكتاتوريتهما على الشارع أساسا , مهمتهما الأولى ستصبح احتواء الشارع و تدجينه بل و قتل الحياة فيه في نفس اللحظة التي كان فيها الشارع هو ساحة و عنوان انتصارهما ... وقع الانقلاب في تركيا في لحظة استثنائية بكل المقاييس , إردوغان الذي انسحب بغضب من قاعة المؤتمر بعد مشادة مع بيريز و الذي أمر بإسقاط القاذفة الروسية ليس نفس إردوغان الذي حاول الانقلاب الإطاحة به .. كان للتو قد اعتذر لبوتين و تصالح مع نتنياهو و ساهم بقسطه في إيقاف تدفق اللاجئين السوريين إلى أوروبا و صرح رئيس وزراءه أنه يقبل ببقاء الأسد لفترة قصيرة , كانت براغماتية الرجل قد انتصرت على النزوع للعب دور البطل في سياساته : بدلا من المضي في سياساته السابقة التي كانت تحمل مخاطر الانزلاق نحو هزيمة تاريخية قد تشبه نكسة يونيو الناصرية البعثية قرر الزعيم البراغماتي أن يتراجع و يكتفي بدور الزعيم , بشكل من الأشكال : كانت تلك هزيمة من دون إراقة دماء , من دون رصاص , مع ذلك كان العقل الساذج , الذي يصر على أن يرى الرجل بطلا , يختلق قصصا سوريالية بهدف تزيين تلك الإخفاقات و تلك الهزيمة على أنها انتصارات .. الحقيقة أن صناع الخطاب و العقل العربي و الشرقي متخصصون بهذا النوع من فنون السياسة : البروباغاندا , هم الأقدر على ممارسته ببراعة تحير أكبر العقول ... في كتاب الزحف المقدس : مظاهرات التنحي و تشكل عبادة ناصر , رأى المؤرخ شريف يونس أن مظاهرات 9 و 10 يونيو كانت حقيقية و عفوية بالفعل , كان أساسها هو عملية خلق "شعب" أو قطيع يسير وراء زعيمه و مؤسسته العسكرية كأنه رجل واحد , كما في الاستعراضات العسكرية ... أنها كانت نتيجة عملية طويلة ذوبت الشعب في الجيش ( الحزب في حالة إردوغان ) ثم الجيش في الزعيم .. قال فوكو أن السلطة هي ممارسة في الأساس , علاقة بين قوتين , علاقة سجال و صراع و تأثر و تأثير ... في كتاب الحراسة و العقاب يعرف فوكو "الانكشاف الداخلي" بوظيفته المتمثلة في فرض سلوك أو تصرف معين على أي عدد من الأفراد , و بهذا يغدو مقولة سلطة , وظيفة تأديبية خالصة .. و المؤسسات نفسها ليست ماهيات و لا أصول , إنها ممارسات , آليات إجرائية لا تفسر السلطة و لا تؤسسها ما دامت هي نفسها تفترض علاقات السلطة و تستند إليها ... طوال سنوات كان دور الجماهير هو التصفيق لقائدها المفدى , كانت قد نسيت وجودها أو أقنعت أنها ليست موجودة إلا من خلال الزعيم فقط , لذلك عندما امتلكت القوة : عندما خرجت بالملايين , الأمر الذي كان محظورا بشدة لدرجة التحريم في مصر عبد الناصر و تركيا إردوغان , و انتزعت بالتالي حرية مفاجئة غير مسبوقة , لم تتمكن في تلك اللحظة من أن تفكر و تتصرف لنفسها أو حتى أن تشعر بوجودها المستقل , فاكتفت بالقيام بما تدربت عليه طويلا : التصفيق للزعيم , لقد انتصرت ثقافة الزعيم الأوحد , و إن أردت : ثقافة القطيع .. قريبا جدا سنرى الزعيم الذي انتصر بفضل الشعب , كيف سيتصرف بعد أن يعيد إحكام قبضته على مؤسسات القمع المتهالكة اليوم و بعد أن يعيد ترميمها .. الجواب بسيط جدا : عندما يربح الزعيم فإن الخاسر الأكبر , الحقيقي , هو الشعب ( على سذاجة الاستخدام الدارج لهذه الكلمة في الخطابات السائدة و حتى الهامشية ) ... يقدم لنا شريف يونس جزءا آخرا من الجواب على ذلك السؤال , و في نفس الوقت نصل معه إلى قمة الدراما في القصة : فشريف يونس نفسه قد أصبح أحد المطبلين للسيسي , من دعاة زحف مقدس نحو محراب زعيم جديد ....



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعليق على مقال ياسين الحاج صالح : سورية في العالم , العالم ف ...
- الشتيمة في الثورة السورية
- انتصار الثورة المضادة
- إسلامية إسلامية لا شرقية و لا غربية
- حوار مع مقال أسعد أبو خليل الأخير , عن إسرائيل الأخرى , و ال ...
- تعقيب مهم على تعقيب الرفيق الماركسي يوسف الحبال
- عندما خطب نصر الله
- مواطنون لا أقليات
- عشرة نقاط عن المقاومة ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأورو ...
- الفصام المعاصر للهوية * الإسلامية
- لا دولة ديكتاتورية علمانية أو دينية ! بل مجتمع حر دون دولة ! ...
- الخميني و -أولوية الروح- لمكسيم رودنسون
- الكذب
- تسقط مكونات الشعب السوري , تسقط طوائف الشعب السوري , يسقط ال ...
- أسطورة الفاتح أو المنتصر - ماكسيم رودونسون
- رسالة مفتوحة إلى الرفاق الاشتراكيين الأممين * - 27 سبتمبر 19 ...
- قبر لينين - بوريس غرويس ( 1986 )
- فانيا كابلان , التي حاولت اغتيال لينين
- مرض اليسارية الطفولي للينين ... و الأممية الثالثة , للشيوعي ...
- من تاريخ الشمولية المعاصر : قانون التمكين 1933


المزيد.....




- الإليزيه يعلن استدعاء السفير لدى الجزائر و-طرد 12 موظفا- في ...
- المغرب يواجه الجفاف: انخفاض حاد في محصول القمح بنسبة 43% مقا ...
- كيف رد نتنياهو ونجله دعوة ماكرون إلى إقامة دولة فلسطينية؟
- أمير الكويت ورقصة العرضة في استقبال السيسي
- الرئيس اللبناني: نسعى إلى -حصر السلاح بيد الدولة- هذا العام ...
- مشاركة عزاء للرفيقتين رؤى وأشرقت داود بوفاة والدتهما
- ويتكوف: الاتفاق بشروط الولايات المتحدة يعني وقف إيران تخصيب ...
- ترامب: مزارعونا هم ضحايا الحرب التجارية مع الصين
- مصر.. أزمة سوهاج تتصاعد والنيابة تحقق في تسريب فيديو المسؤول ...
- نائب رئيس لجنة الدفاع والأمن الروسية يزور الجزائر


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مازن كم الماز - الزحف المقدس