أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عماد صلاح الدين - عسر النهضة وتطرف الحالة!!















المزيد.....

عسر النهضة وتطرف الحالة!!


عماد صلاح الدين

الحوار المتمدن-العدد: 5225 - 2016 / 7 / 16 - 00:54
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


عسر النهضة وتطرف الحالة!!
عماد صلاح الدين

ها هو وليدها يخرج من ظلماته الثلاث؛ من رحمها إلى عالم الحياة يملأ الدنيا من حوله صراخا وصراخا ثم صراخ، هذا هو استهلاله الأول والأولي بل والأولوي في بثقة الخروج هذه؛ من ضيق المساحة والأفق والوجود كله بالنسبة له.. لا يقوده في كل هذا غير منسوق فطري أودعه الخالق فيه، لكنه منسوق غير مكتمل لا بحكم الزمن ولا بحكم الخبرة.. لكنه مع كل هذا هو صبغة الله: "ومن أحسن من الله صبغة لقوم يوقنون".. منسوق دواعي السلامة والإرشادية؛ منطلقان طبيعيان غير مشوهين عموما، للانطلاق والنهوض الطبيعي والاكتسابي، يتكفلا به عاملا الزمن ورعاية بني البشر.

ومجتمعات خلق الله، لا تنفك تمر بين دورة تخلف وأخرى تقدم، ما بين حياة وموت .. هذه سنة الحياة وسنة التاريخ كما جرى عليه القول.

في بداية أية محاولات، لتخليق نهضة إنسانية، من بعد تخلف وحياة شبه موات للأفراد والمجتمعات والأمم، نرى هؤلاء الأفراد والجماعات والمجتمعات، تعاني في سياق شكلين اجتماعيين كاملين:

الأول: في ظل ربقة التخلف نفسها؛ إذ تكون تلكم المجتمعات تائهة، لا تعرف أهدافها، ولا تعرف ذاتها، ولا تحس حتى بقيمة مجهوداتها، وان كانت ايجابية، بفعل ما يفرضه – اقله- الحراك الإنساني نفسه. وأفرادها وجماعاتها لا يحققون لا مصيرا ذاتيا ولا جماعيا.. ويعبد الأفراد والجماعات ومعظم المكونات أصناما عديدة فيما يعتقدون أنها المخلص في الأشخاص ومبتدع المضاف على الأديان؛ ويحصل على ضوء ذلك كله الاستبداد الديني والاجتماعي، ويتوج بالاستبداد السياسي. وهنا لا حرية وكرامة ولا عدل ولا إنسان، ويعيش الكل تقريبا على ديباجات واعتذاريات خزعبلية تبرر الإخفاق الحاصل خصوصا من قادتهم ونخبهم وساداتهم.

الثاني: في ظل محاولات بدايات الحراك للخروج من الواقع الأول أعلاه. لكن محاولات الحراك هنا لا تزال تتشبث بمعتقدات وتقاليد وأعراف بالية ولا فائدة منها في العملية النهضوية والحضارية، ويظن ممارسوها عمليا من نخب المجتمع وحتى قواعده العاملة أنها الطريق والوسيلة إلى المبتغى في الحرية والرفعة والازدهار. مرد الظن ذلك يعود إلى الإحساس بان هناك انجازات نتيجة الحراكات المختلفة للتدافع الإنساني، والذي يتسم هنا بالغوغائية والديماغوجية والاهم بالاستبدادية؛ في فرض التصورات والحلول، وحتى الأفكار والمعتقدات على المجتمع، من قبل الأقوياء فيه، على اختلاف توجهاتهم الفكرية والسلوكية خصوصا النخب. يظهر في السياق بعض الناس أو النخب أو المفكرين القلائل الذين يقولون أن تلك الأفكار والتصورات والممارسات المفروضة تخالف عقل الدين وعقل الإنسان ومنطق الأشياء؛ هؤلاء القلة يتهمون حتى من طالبي الحرية والنهضة دينين ووطنيين بأنهم خونة وزنادقة ومارقون أفاقون.

وتحدث انعطافة تاريخية، بعد طول مشوار بين جذب وشد؛ بين استبداد واستبداد وتخلف وتخلف، ولكن احد الاستبدادين يقول إنني انشد الحرية والتحرر والكرامة والعدالة والإنسانية، وهنا تحدث الثورة والثورات وتحدث المقاومة والمقاومات وينحاز الغلابى من الناس الأكثرية إلى هذا الاستبداد الجاهل، الذي يختلف عن الاستبداد التقليدي السافل والمحنك؛ في كيفية إخضاع الناس وإذلالهم ونهب ثرواتهم ومقدراتهم لصالحهم أو لصالح دول وقوى أخرى إقليمية أو دولية. لكن هذا الاستبداد الجاهل سرعان ما لا يصمد أمام الاستبداد الأسفل المحنك، والمدعوم هذا الأخير من قوى التقدم المادية المتنورة؛ في سياسة الميل الإنساني إلى احتكار القوة والنفوذ والثروة والرفاه والاستقرار في مواجهة الآخرين. وبالفعل سرعان ما تتدخل عوامل حقائق القوة الإنسانية في التاريخ بتسجيل الفوز للسافل المحنك على هذا المستبد الديني والاجتماعي الجاهل؛ حيث لا رحمة في قوانين القوة والوعي والإدراك ومدى الخبرة والتجريب، وان كانت النوايا سليمة؛ إلا أن هذه النوايا السليمة لا محل لها من الإعراب، ما لم يقترن معها صواب الفكر وصوابية السلوك والممارسة.

حين تحدث تلكم الواقعة/ الوقائع في المواجهة/ المواجهات بين الاستبدادين أعلاه؛ وأجدد هنا تسمية احدهما الاستبداد الجاهل، وأضيف حسن النوايا في مواجهة الاستبداد السافل، والذي سيصبح هذا الأخير الأسفل بامتياز بعد ذلك، حين تحدث ويتشتت شمل بل وجود ذلكم الاستبداد حسن النية الذي علّق الناس يوما عليه أمالا وطموحات للخروج من واقع المرض والجهل والفقر والتخلف والاحتلال والتبعية...الخ في مواجهة الاستبداد الذي بلغ غاية الأرب والذروة، في سفالاته التي تنوف وتستعصي على العد، إلى درجة الاتصاف بما هو فوق القرف والحاجة غير المنقطعة للاستفراغ، من قرفه الإجرامي الداخلي، وخنوعه غير المسبوق خارجيا، خصوصا في مواجهة العدو والاستعمار وطغاة العالم؛ ويصبح المنتصر المؤزر أو الأقوى في الحال والاستقبال – اقله- المتوسط؛ كل هذا القرف في الزمن الماضي والأكثر إقرافا وإفقارا وذبحا واهانة وتعذيبا للناس في الزمن الحاضر، عندها يكتسح كثير من النخب خصوصا ما يعرف بالدينية الإحباط، والأخص تلك القواعد العريضة من البشر المؤطرة في إطارها، أو حتى المتعاطفة معها، وبأخص الخصوص تلك المكلومة في غير اتجاه؛ سواء بمآل تجربتها التي عولّت عليها كثيرا أو بمآل الحال في السجون والقبور والاختفاء القسري والإزاحة شبه التامة من مشهد الحياة الوطنية عموما، فتلجأ إلى العنف والتطرف في المواجهة التالية؛ لأنها كفرت بكل سبيل قد سبق؛ اعتقادا منها إنما كانت تسلك السبيل القويم. ويأخذ الأمر ربما بضع عقود لتنمو العقلانية والمنطقية في نفوس هؤلاء ومهجهم، حول ما السبيل القويم - هذه المرة- لحياة إنسانية حرة وكريمة وعادلة، ويأخذ الأمر وفي سياق الفترة أعلاه كذلك بالنسبة لأعوان ومناصري وقواعد النموذج الارتدادي الأسفل، في مواجهة حقوق الناس واغتصابها منهم بالإجرام والإبادة والكذب وحتى بالخيانة للخارج، ومعهم كل المهرجين وكل المترددين، وكل المثبطين القاعدين، وما تبقى من فئة خيرية إنسانية فاعلة، تنشد الحرية والكرامة والمساواة والعدل للجميع، بمنهج أخلاقي قيمي عملي حقيقي، على قلتهم في غالبية المراحل نحو انبثاق فجر إنساني جديد، يطلع على امة عانت بمشوه ثقافتها وممارستها لقرون وقرون، حتى يقتنع الجميع بالالتقاء على عقد اجتماعي؛ يصبغ الجميع وينظمهم في إطارية من التطلع الحضاري نحو مستقبل مشرق.

لكن، وكما يبدو، فان مسارية السير نحو تلك الانبثاقة الإنسانية والحضارية لا بد لها من ثمن غال؛ ندفعه دماء وعذابات وتشتتا وتهجيرا وتيها وضياعا وانقسامات واختلافات وطوائف ومذاهب وأحزابا ومولاة ومعارضة وانشقاقات، ما بين دورة حضارية وأخرى؛ تقدما أو تراجعا. وعلى كل حال، وكما قال الله تعالى" وما أصابكم من مصيبة فمن عند أنفسكم" وقوله" وتلك الأيام نداولها بين الناس".



#عماد_صلاح_الدين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوسيولوجيا الانقسام والشجار في فلسطين المحتلة
- تشوّه فلسطيني عام بعد أوسلو
- ضياع هيبة السلطة والثقة بها !
- في عاجلية ضرورة إيقاف زوال قضية فلسطين؟
- أعيدوا الاعتبار لوحدة القضية الفلسطينية
- فلسطين بحاجة إلى أبنائها أحياء....ماذا بعد!!.
- مسائل يجب البدء فيها فلسطينيا
- الدين والسياسة... هل هو الفصل أم التمييز بينهما أم ماذا؟
- افيجدور ليبرمان ما بين صورة السخرية وتوظيف الأسطورة
- التطبيع الرسمي مع إسرائيل قريبا!!
- هل وجود الدستور وإجراء الانتخابات كفيلان بمواجهة الاستبداد و ...
- ما هي فلسفة الموقف السياسي للرئيس أبو مازن؟
- ألأننا لازلنا نقاوم فلسطينيا وعربيا ؟؟
- في معنى غياب الوعي والرؤية والاستراتيجيا
- النهضة المُكلفة جدا في المجتمعات المتخلفة
- منطقة (ج) مضمومة عمليا لإسرائيل
- لا تجهضوا حماسَ حماسٍ وحماسَنا بحماس
- عوامل تطّول مدى المواجهة مع العنصرية الإسرائيلية
- وهم الانتصارات ووهم القادة العظام
- تحطيم عبادة الأصنام العربية في الحالة المعاصرة


المزيد.....




- أوكرانيا تصر على موقفها بشأن -سلامة الأراضي-
- عباس وحماس.. وحدة الصف في مهب الانقسام
- شويغو: سيتم تطهير كامل أراضي كورسك في المستقبل القريب
- نتنياهو: النظام الإيراني يشكل تهديدا وجوديا للبشرية بأكملها ...
- ما بين -50% و65%-.. واشنطن تدرس خفض الرسوم الجمركية على الصي ...
- البيت الأبيض: الصين بحاجة إلى إبرام اتفاق بشأن الرسوم الجمرك ...
- كنيسة القيامة.. وداع البابا فرنسيس
- القاهرة.. ندوة حول علاقات موسكو وواشنطن
- إعلام: خطة ترامب للسلام تشير إلى فشل محاولات عزل روسيا
- محللون: نتنياهو لن يقبل بوقف الحرب لكن قد يحل مشكلة المساعدا ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عماد صلاح الدين - عسر النهضة وتطرف الحالة!!