أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باسم فرات - جنوب مطلق














المزيد.....


جنوب مطلق


باسم فرات

الحوار المتمدن-العدد: 1401 - 2005 / 12 / 16 - 10:27
المحور: الادب والفن
    



... وأقول : في الأقاصي البعيدة
ثمة ما يدعو للتذكّر
في المدن التي أنهكها البحرُ
أردمُ أحلامي
لي من الحروبِ تذكارٌ
ومن البلادِ أقصى الجراح
لي من الأسى دموع المشاحيف وارتباك القصب
تأوهات النخلِ
بوح البرتقالِ
دمُ الآس
هناكَ ...
تركتُ على خارطةِ الطفولةِ
براءةً ثقّبَتها عفونة العسكر
ومن البيت سرقتني الثكنات
ورمتني الى المنفى

أنا والله وحيدان
ثمة أبدية تستظلّ بي
ثمة نسيان يغادرني
تاركاً رائحة القصف في ممرات عمري
وأقول : في الأقاصي البعيدة
تستغفلني الحرب ، فتكنسُ أفراحي
أمسكُ بالسراب ..
بلا جوازِ سفرٍ يُشعل الفرات أمواجه لي
بينما جميع الأشياء تشير إليكِ
لا شئ يُذكرني بكِ
تنحي السماء لتعبري
خيطٌ من الفراشاتِ ينتظرُ عند بابك
كذلك زقزقةٌ شاسعة
وهديل شفيف يلامس الورقة
وفي البياض بوحٌ طويلٌ
وأقولُ : في أقصى الجنوبِ جنوبٌ .

المرأة بأعوامها الأربعين تجهلُ تماماً
ان أبي أكثرُ القتلى بشاشةً
بطولاتُه أورثتنا الجوعَ واحتفاء الآخرين
ومنذ ثلاثين سنةً قمريةً تحتطبُ أمي انتظارها
حتى غدت إنتظاراً
طفولتي التي سخمها الفقرُ واليتمُ
ها هي تمدّ لسانها ساخرةً مني
بعدما سَخّمَتْ حياتي الحروب والمنافي
كلما أستلقي يحاذينا الفرات
مادّاً لي أحلامه
فتزاحمها القذائف وصفارات الحصار
أخرج من نومي إلى الطرقات
مثخناً بالذكريات
أبادل الشظايا بالورود والقصائد
ورعونة القصف بعود مُلاّ عثمان الموصلي
ومقامات القبنجي

للبحر الذي بَلّلَته أناشيد البحارة
دموع تسترخي على الشواطئ
فيلهو بها العشاق والأطفال
محارٌ يغفو على جفنِ الموجِ
صخورٌ تتكئُ على خاصرتِهِ
تعدّ تساقط الأمنيات
من المارة

وللحربِ أيضاً أناشيدها
تلك التي بلّلَت أحضان الأمهات
بالعويلِ والترقّبِ
نوافذ أُشرعت للانتظار
ولا تشيرُ الى أحدٍ
أبوابٌ أكلتها الحسرة
فتهشّمتْ عتباتها
أحلامٌ تسحل في الشوارع
( أيتها الشوارع متى أُشيّع حزني على أرصفتكِ )
مصابيحُ شاحبة أنهكها البرد

وللحرب . . .
قذائف تتوسدنا ، وتستريحُ بأجسادنا
قتلى في جيوبهم
عصافير تشاكس الصباح
وتلهو بنجمةٍ يتيمة نساها الليل
رسائل دافقة بالفجر
. . . . وأقولُ :
يا لهاث الجنوب
يا ابن الشمس
والانهار التي تطلق الكوارث من شدقاتها
مثلما تطلق الكتب المقدسة والانبياء
ها أنت أخطأتك المعارك غير مرة
فوجدت نفسك خارج الحدود
وحين تطلعتَ إلى الوطن
ابتلعك المنفى
تنفخ سنواتكَ فلا ترى سوى الرماد
وتخشى على بهائك من الاندثار
كل ليلة تقيم حفلاً لدجلة في أقصى جنوب الجنوب
لا جنوب ورائي لأصيح : هنا بلادي
ولا جنوب أمامي لأتلمس لي منفذاً إليه
أنا الجنوب المطلق
عُدّتي تاريخٌ طويلٌ من الحروب والانكسارات
الأمجاد الملوّثة بسياط الوالي
وأوسمة الجنرال
عرّتني وحيداً في الأرض الحرام
ليلي مُشبّع بتفاصيل الثكنات
سرّ الليل
ضابط الخفر
وفرق الاعدام
كل النساء اللواتي عرفت
واللواتي سوف أسم شهواتهنَّ بحماقاتي
شَممنَ صهيل السواتر في زفيري
واستفزّ انوثتهن هذياني في ثاكلة الليل
وأقول :
يا لهاث الفراتين
كي أستطيع مصافحة غربتي
هل عليّ أن أحرق جذوري ؟
وأرمي ثلاثين عاماً الى البحر
لتكون وليمة شهية للأسماك
هل عليّ ان أخلع قميصي الملئ قسراً
بالقذائف والوشايات والحصار
لتعانقني سماءٌ ليست لي
وأقول :
يا لهاث الفراتين
في المدن القصية
ثمة ما يدعو للتذكّر
في الأقاصي التي أنهكها البحر
أردمُ أحلامي
لي من الحروب تذكارٌ
ومن البلادِ أقصى الجراح .



#باسم_فرات (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بغداد
- عانقتُ برجاً خلته مئذنة
- خريف المآذن... ربيع السواد ...دمنا!
- عواء ابن آوى
- عبرت الحدود مصادفة
- قصيدة
- عناق لايقطعه سوى القصف
- أرسمُ بَغْداد
- الشاعر باسم فرات * في أطول حوار له باللغة العربية


المزيد.....




- وصف مصر: كنز نابليون العلمي الذي كشف أسرار الفراعنة
- سوريا.. انتفاضة طلابية و-جلسة سرية- في المعهد العالي للفنون ...
- العراق.. نقابة الفنانين تتخذ عدة إجراءات ضد فنانة شهيرة بينه ...
- إعلان القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية 2025 ...
- بينالي الفنون الإسلامية : مخطوطات نادرة في منتدى المدار
- ذكريات عمّان على الجدران.. أكثر من ألف -آرمة- تؤرخ نشأة مجتم ...
- سباق سيارات بين صخور العلا بالسعودية؟ فنانة تتخيل كيف سيبدو ...
- معرض 1-54 في مراكش: منصة عالمية للفنانين الأفارقة
- الكويتية نجمة إدريس تفوز بجائزة الملتقى للقصة القصيرة العربي ...
- -نيويورك تايمز-: تغير موقف الولايات المتحدة تجاه أوروبا يشبه ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باسم فرات - جنوب مطلق