|
هل رأى الحب سكارى مثلنا ؟
عادل صبر سالم
الحوار المتمدن-العدد: 5222 - 2016 / 7 / 13 - 11:20
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لقد درج التعارف في صفوف الاغلب من العراقيين على وصف حالة اللاوعي والتصرفات الخارجه عن المألوف والصاقها بالسكارى الذين يثقلون بالخمره الى الحد الذي يخرجهم عن السيطره والتصرف المتزن وهكذا كانوا يتعاملون مع الاحداث التي ترافق هذه الحاله كأن يقوم السكران بأي تصرف غير مقبول وخارج عن المالوف والاعراف الاجتماعية السائده اوحتى غير القانونيه بالقول عنه انه سكران وليس بوعيه . التطورات التي شهدها العراق بعد تغييرات مابعد 2003 كانت تغيرات طارئه وغريبه على المجتمع العراقي فالعملية السياسيه التي كانت نتاج هذا التغيير الذي جاء بحراب امريكيه وبحاكم امريكي وضع بنفسه ديكورات المشهد السياسي المقبل والمتبرقع بعباءة الديمقراطيه بدأ من مجلس حكم طائفي وعشائري وانتهاءا بوضع الترتيبات اللازمه لتشريع دستور جديد واجراء انتخابات عامه تم خلالها انبثاق برلمان يشرع القوانين اللازمه والمطلوبه وانتخاب رئيس وزراء حاكم بالاضافه الى رئيس جمهوريه بروتكولي وتشريفي وكل هذه الامور هي ممارسات ديمقراطيه تعارف عليها العالم قبلنا. والديمقراطيه شهدها وتعايش معها المواطنون العراقيون لاول مره في تأريخهم بالرغم من أن هذه الديمقراطيه في الحقيقه جلبت ماجلبت من الويلات والكوارث والحروب الداخليه التي شققت النسيج العراقي المتألف من عشرات قرون مضت واسست لمعايير غريبه ليس لها علاقه بالديمقراطيات في ظل تقاسم القوميات والطوائف مراكز القرار الرئيسيه وانسحاب ذلك الى ادنى المراكز والمناصب الاداريه في العاصمه وبقية المحافظات . كل هذه التغييرات الغريبه انعكست بأثارها السلبيه على الواقع العراقي الذي تخلخل وتراجع للوراء كثيرا فانطلقت الحرب الاهليه بدواعي طائفيه وبداعي مقاومة المحتل لتتداعى الاوضاع بعدها وتتردى بشكل مخيف حيث تساقطت المدن العراقيه واحده بعد الاخرى بيد الارهاب وارتكبت مجازر بشعه ضاعت الحقائق فيها بصفقات سريه معروفه ليعم الخراب والدمار مدن العراق وتنعدم الخدمات وتنتشر مخيمات المهجرين والنازحين والتي يقدر اعدادها باربعة ملايين بالاضافة لهجرة اعداد كبيره من المسيحيين والايزيدين والاخرين الهاربين من جحيم مايحدث خارج العراق خوفا من القتل او تخوفا مما سيحدث مستقبلا . الامر الاكثر ايلاما هو ضياع ثروة العراق التي شاءت الاقدار ان تشهد هذه الاعوام طفره لاسعار النفط وهو المورد الاساس لثروة العراق الى مستويات قياسيه عاليه تضاعفت بها المردودات الى الحد الذي تم من خلاله اعلان موازنات سنويه تعدت أرقامه المائة مليار دولار !!ولكن الذي حدث ان هذه الاموال بدل ان تنعكس ايجابا على حياة المواطن العراقي من خلال اعمار المدن وانعاش الواقع الاقتصادي وتاسيس بنيه اقتصاديه مستقبليه قويه كبقية بلدان النفط التي استفادت وانتعشت بصعود اسعار النفط والبلدان المجاوره والقريبة للعراق مثلا لها الا ان هذه الاموال ذهبت الى جيوب وخزانات كتل او احزاب سياسيه او حتى افراد تاسست من خلالها مافيات دوليه لتهريب الاموال واستثمارها خارج البلد ليكون العراق وعلى مدى السنوات المقصوده بالحديث من البلدان الاولى في تسلسل حجم الفساد كما هو معلن في الاحصائيات الدوليه المتخصصه بذلك . بعد كل هذا الذي حدث الملفت للامر والغريب ان الفرد العراقي ظل متفرجا وسلبيا ومغيبا وغير واع بماحدث ويحدث له الامر الذي جعل الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق بعد 2003 وبكل تفرعاتها التشريعيه والقضائيه ومسؤوليها الحكوميين وغير الحكوميين تستمر غير ابهة بردود الافعال المنتظره من مواطنيه ابممارسة عمليات النصب والاحتيال والفساد والنهب ومعه تستمر وتتوالى الازمات وبدل ان يبقى الحال عما هو عليه على اقل تقدير نرى ان الامور تتراجع بشكل مخيف تهدد بالافلاس التام واعلان الدوله سياسه تقشفيه يتم فيها كسر ظهر المواطن البسيط وتنامي كرش المسؤول الحكومي . نعود لقضية السكارى لنقول في ظل هذا الكم الهائل من الاحداث التي تعاقبت وفي ظل هذا الظلم والغبن والتقصير وغياب الانصاف والعداله والحق والادهى تحت ظل حجم هذا الفساد الذي نهب الجمل بماحمل ولم يبقي للمواطن العراقي شيئا يقتات به مع كل ذلك فهذا المواطن غائب عن الوعي ولم يستوعب للان حجم الكارثه التي حوله الى الحد الذي بقي يتفرج على مايحدث له عبر شاشات التلفزة لاغير وكأن مايشاهده يخص شعوب القوقاز ولا يخصه هو هل يحق لنا القول ( هل رأى الحب سكارى مثلنا ) ؟ .
#عادل_صبر_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تراجع في غزة وتباطؤ نمو في إسرائيل.. كيف تأثر تعداد السكان ب
...
-
إيطاليا تستدعي السفير الإيراني بشأن صحفية مسجونة.. وتوجه طلب
...
-
فيديو صادم.. شاهد كيف يموت الأطفال في غزة بسبب البرد القارس
...
-
شمس الدين جبار.. من هو منفذ هجوم نيو أورليانز الذي خدم بالجي
...
-
ماذا نعرف عن هجوم نيو أورليانز حتى الآن؟
-
تعديلات في المناهج الدراسية تثير الجدل والمخاوف في سوريا
-
بينهم قياديان في حماس.. عشرات القتلى في غارات إسرائيلية بغزة
...
-
مدير الاستخبارات العسكرية الليبية ينفي هروب 60 ضابطا سوريا إ
...
-
سوريا.. وزير التعليم العالي والبحث العلمي يزور فرع جامعة دمش
...
-
رسالة من سفارة دمشق للسوريين العائدين من مصر
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|