عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 5221 - 2016 / 7 / 12 - 13:43
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
لأنّني من "طائفةٍ" أخرى
لأنّني من "طائفةٍ" أخرى ..
فانّ موتي مُلَفّقٌ . و حُزني على أصدقائي وأهلي مُلَفّقٌ . وأنا شامِتٌ ، ومُتَشَفٍّ ، و نَذل .
أمّا حين يطالني القتلُ مع الجميع ، و حيثُ يُقتَلُ الجميع ، فانّ قتلي هذا يتمُّ مُصادفةً ، لأنّني كنتُ في المكان الخطأ .. حيثُ يتواجدُ أبناءُ الطائفة الخطأ ، و تعيشُ الطائفةُ الخطأ.
أنا لا أموتُ بـ "الضرورة" ، لأنّني بين أهلي ، و لأنّ هذه مدينتي ، وهذه محلّتي ، وهذا بلدي.. بل أموتُ بـ "الصُدفة" لأنّني ما كان ينبغي أن اكون موجوداً عندما تكون الطائفةُ الأخرى موجودةً في ذات المكان .. و حيثُ تعملُ تلك الطائفةُ .. وحيثُ تعيش .
أنا مُلتَبِس الانتماء . مُلتَبِسُ النوايا . فاسدُ الروح .
أنا .. أمّا حاكِمٌ ، أو قاتِل .. مع أنّني ولدتُ فوجدتُ ديني كذا ، و طائفتي كذا ، واسمي كذا ، ومدينتي كذا ، والعراقُ هكذا .. ولم أكن قد شاركتُ في رسم خرائط سايكس – بيكو ، ولم أكن في يومٍ ما ، فيصل الأوّل ، أو نوري السعيد ، أو عبد السلام عارف ، أو صدام حسين .. وأبنائي واحفادي ، هُمْ مثلي ، يتقاسمون معي ذات المصير .
أكتبُ عن هذا بمرارةٍ ، بمناسبة السقوط المدوّي لما تبقّى من الأقنعةِ التي كانت تُغطّي كراهية بعضنا لـلآخر ، بعد فاجعة الكرادة .
أكتبُ عن هذا بمرارةٍ ، لأنّ شباباً بعقولٍ جميلة (أو كانت جميلة) ، قد بدأت تظهرُ عليهم أعراضُ الطَفَح الطائفيّ ، فقالوا ما قالوا ، و كتبوا ما كتبوا ، ورَفعوا الرايات ، ودقّوا طبول الحربِ .. بينما دماءُ شباب الطوائف المُختلفة،والمُختَلَطة، لم تكن قد جَفّتْ، أو بَرَدَتْ، بعد.
انّ بعض من قُتِل أصدقائهم في الكرادة ، خافوا من الذهاب اليها ، فلم يتمكنوا من إيقادٍ شمعةٍ لأرواح أصدقائهم ، في ليل الطائفيّة البغيض .
مبروكٌ علينا ما يفعلهُ موتنا فينا.
ما يفعلهُ فينا .. قتلُ الآخرينَ لنا .
انّهُ يجعلُ ابادتنا مُمكنةٌ ، و غيرُ مكلّفة للقتلة.
فنحنُ ، حقّاً ، لا نُحِبُّ بعضنا بعضاً .
نحنُ ، حقّاً ، لا نُريدُ ان نكونَ معاً ، في وجه من يسعى الى قتلنا .. على الأقلّ .
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟