أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود العكري - لعنات السلم














المزيد.....

لعنات السلم


محمود العكري

الحوار المتمدن-العدد: 5221 - 2016 / 7 / 12 - 09:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يعيشُ الإنسان على هذه الأرض منذ آلاف السنين وفي كل هذه السنين لم يخلو العالم من الحروب سواء كانت إقتصادية إجتماعية دينية طائفية إلى غير ذلك، ثم نقول ببلاهة إننا نسير نحو بناء مجتمع متحضر! أي مجتمع هذا الذي لديه قابلية الإستعداد للحرب أكثر من أي شيء آخر! دمار شامل، يأس، أزمات نفسية، قتلى، مشردين، فقراء وأغنياء، شيوعيين، مسيحيين، إسلاميين، هندوسيين، بوذيين.. شتى الطوائف مستعدة للحرب لكي تأكد شيئا واحدا فقط: أنها الحقيقة. لكن متى كانت الحقيقة مبينة على العنق والصراع والتدمير؟ وفي مجتمعنا المعاصر صارت اليوم تتردد كلمة " السلام " كثيرا، وربما هذا الإستعداد للسلام أيضا يوجب وجود الحرب. ما الذي وصلنا إليه في نهاية المطاف عبر كل هذه التجارب القاسية؟ ربما الشيء الأكيد هو أننا استطعنا بناء إنسان عاجز على أن يكون إنسانا.. وهذا راجع إلى فشل الأنظمة العالمية اليوم التي تقود العالم نحو مصيره المحتوم، نحو النهاية، كل نظام عالمي يحاول السيطرة على الآخر ويحاول إقناعه بأن إديولوجيته هي الحق لا غير. لكن هذا يزيد من شدة الخناق بين رؤساء هذا العالم السوداوي ويزيذ بالتالي من المساهمة في بناء إنسانية عدوانية لا غير والهدف هو الإستحواذ، الأنانية، الجشع، الحقد، ومزيدا من كراهية الآخر المختلف! ثم نأتي ونقول: من أين خرج لنا هذا الأمر؟ إنه في حقيقة الأمر لم يخرج من أي مكان، بل خرج منا ونحن من نتحمل مسؤولية ظهوره. فالدول سواء كانت فقيرة أو غنية تسعى دائما للعتاد والحصول على القدر الممكن من الأسلحة! والسبب هو حب السيطرة بالقوة على الإنسان وحرمانه من حريته الفطرية التي خلق عليها.. نولد أحرارا لكن لا نلبث كثيرا حتى نصير ذلك الإنسان الفتاك، سواء تعلق الأمر بالفكر أو بالقوة، النتيجة واحدة: أن نسيطر على زمام الأمور. ما سمعنا لحد اليوم ورغم كل تجارب المأساة التي مرت منها البشرية على مدى قرون ولو بدولة واحدة سعت للسهر والمناداة بالسلم في حين أن الإستعداد للحروب كانت ولا تزال من بين أول المسائل التي تشغل كل الحكومات العالمية، فهل هذا حقا ما يريده الإنسان؟ إننا اليوم نفتقد الأمان والراحة النفسية والحصول على التوازن حتى في حياتنا البسيطة العادية التي نحيا داخلها، ونتساءل ما السبب! من أين أتى عدم الأمان هذا! إنها مساءل جد معقدة لأننا لسنا طرفا فيها ولكننا مشاركون في اللعبة بطريقة ما، تواجدنا في هذه الحياة كفيل بأن يشحن عدوانيتنا ويزيد من حقدنا للآخر الذي هو نحن في نهاية الأمر وهذا بسبب واحد: الجميع يريد فرض إيديولوجيته على الجميع، والجميع يرى أن الجميع لاشيء، إننا في حقيقة الأمر لاشيء وهذه ربما هي الطامة العظمى في عالمنا المعاصر، نولد لنكبر بطريقتهم فنصير مثلهم ولا نقف لحظة تأمل واحدة نسأل فيها: هل نحن هؤلاء؟ لقد إستحوذنا على الطبيعة على التكنولوجيا على الإقتصاد على كل المنظومات لكننا لم نستطع أبدا أن نتحكم في غرائزنا الحيوانية وفي حبنا للسيطرة، وعلى ماذا؟ على الإنسان. لقد صرنا نعيش في عالم عبثي نرى فيه آلاف الموتى كل يوم والسبب هو الحرب اللعينة التي تخاض في الخفاء والتي يترأسها حكام وملاك هذا الكون، بيد أننا لا ننفي أننا خارج تيار مجرى هذه التفاهة، إننا فيها ومنها ولها و إليها، فيها نصرخ صرختنا الأولى، ومنها نحاول بناء ذواتنا على أذواق مريضة، ولها نعد بالمضي قدما مع كل ما هو كائن، ولكن نهاية اللعبة أننا لا نعي أن الأرض التي منها جئنا إليها سنعود. غير آبهين بأن جوهر الحياة ليس هكذا أبدا، إن الحياة تتطلب التغيير المستمر، تغييرنا نحن، تعويضنا بإنسانية لها أفق آخر غير الذي نطمح له، أفق ينحو نحن الحب والعطاء لا نحو النبذ والكراهية التي علمنا ولا زلنا نتعلم كل يوم درس من دروسها، لكن كيف لفاقد الشيء أن يعطي الحب؟ أن يبدي رغبته للسلام، لتغيير أفق نظرتنا ووعينا إتجاه العالم الذي لا يوجد فيه غيرنا. نعيش كل يوم على أمل لن يتأتى إلا بالتصادم والتشاحن ولا يبالي أحد لمصير جمالية هذا الكون الفسيح الجليل، لا أحد، ربما لأننا لم نعد أطفالا ولا نستطيع العودة للحظة البراءة الأولى، لأنها السبيل الوحيد الذي من خلاله نستطيع رفض كل هذا الدمار الذي يخلقه حاضرنا الآني الذي لا آن له.



#محمود_العكري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نيتشه: أفلاطون محاكما الحياة.. 2
- نيتشه: أفلاطون محاكما الحياة.. 1
- نيتشه: سقراط الحكيم 4
- نيتشه: سقراط الحكيم 3
- نيتشه: سقراط الحكيم 2
- نيتشه: سقراط الحكيم
- إلى متى!
- اللعبة الملعونة
- عين اللعبة
- لعنة آلهة الحب
- - نسيان - 1 .. قصة قصيرة من أربع أجزاء
- - نسيان - .. 2
- - نسيان - .. 3
- - نسيان - .. 4
- توقف هنيهة!
- مريض نفساني
- حكم مستبد
- مهزلة
- هوية على المحك
- نيتشه وحكمة الإغريق الأولى.. 3


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود العكري - لعنات السلم