أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - حقلُ الألغام














المزيد.....

حقلُ الألغام


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5215 - 2016 / 7 / 6 - 23:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


========

يأتي شهر يونيو من كل عام، فنتذكّر غضبتنا الكبرى من قراصنة الثورات والثروات والأوطان، أعداء الفنون والعلوم وأعداء الحياة. قبل ثلاثة أعوام جاء الإخوان، حينما كانوا على رأس الحكم في مصر، برجل عاطل عن الثقافة، لكي يحمل حقيبة الثقافة، في دولة الثقافة، "مصر". سمح وزير الثقافة الأخواني لرجل من حزب النور السلفيّ بأن يُحرّم فن الباليه قائلا إنه "فن العُراة"! يومها سألتني صديقتي الباليرينا النحيلة "نيفين الكيلاني" والدمع في عينيها: “هل أجسامنا مثيرة للشهوات حقًّا؟" فأجبتها بسخطٍ: "من تُثِر شهواتِه الفراشاتُ، فعيناه ليستا في رأسه، بل في مكان آخر.” ثم طلبتُ من فرقة باليه القاهرة أن يهبطوا عن خشبات المسارح والأوبرا، ويقدموا رقصاتهم للناس في الشارع، حتى يصير الباليه فنًّا شعبيًّا، لا نخبويًّا، كما كان يفعل فنانو التروبادور حين يجوبون طرقات أسبانيا، يغنّون للناسِ، فيغنّي الناسُ معهم. وبالفعل، رقصنا "زوربا وأوديسيوس" مع راقصي الباليه ورقص معنا مئات المصريين أمام مبنى وزارة الثقافة بشارع شجرة الدُّرّ بالزمالك. ثم أطلق الوزير الإخواني عدة قرارات هوجاء من بينها محاولة تقويض دار الأوبرا المصرية، "دولة الأوبرا" وإقالة مديرتها فنّانة الفلوت الجميلة د. إيناس عبد الدايم"، ليحتلّ مكانها إخوانيٌّ يكره الموسيقى قدر ما نكره صهيون. فقلتُ له على الهواء: "السيد علاء عبد العزيز، أهلا بك في حقل الألغام، الذي سوف ينفجر في وجوهكم بركانَ تحضّر وثقافة وفنون ورقي ووعي ونور، وسرعان ما يطيح بكم". ثم أقسمنا نحن المثقفين ألا نفضّ اعتصامنا، حتى لو أُقيل الوزير المزعوم، حتى يلتحم اعتصامُنا بثورة 30 يونيو الشعبية الخالدة. كسّر المثقفون الأبراج العاجية التي يظن الناس أنهم يعيشون فيها منفصلين عن واقعهم ونزلوا للشارع. اعتصم المثقفون على طريقة المثقفين. عزف العازفون، وألقى الشعراء قصائدهم، والتحم اعتصام المثقفين بثورة 30 يونيو 2013 ليهتف الجميعُ في صوت واحد ضد المرشد، وسقط المرشد.
الثقافة المصرية، هي "حقل الألغام" الخطِر الذي يُغيّب كلَّ من يحاول المساس بهُوية مصر العريقة التي كتبت للعالم السطر الأول في كتاب التاريخ مع مطلع فجر البشرية. وبالفعل كان هو الحصن الذي كنت أنتظرُ أن يقتحمه الإخوان لتكون فيه نهايتهم، وهو ما حدث بحكمة اليه وفضله. كان اعتصام المثقفين شرارة الإطاحة بنظام الإخوان العاطل، فخرج عشرات الملايين من أبناء مصر بالكروت الحمراء، وكان جيشنا العظيم هو الصخرة التي تحمي ظهورنا كفريق أوركسترا هائل يحمي موسيقى الهدر الشعبي من السقوط.
علينا الآن خوض المعركة الكبرى، بعدما انتصرنا في المعركة الصغرى. أستعير هنا مقولة رسول الله عليه الصلاة والسلام، بفرض صحتها وقوة سندها، عن الرجوع من الجهاد الأصغر، وهو المعارك والغزوات، إلى الجهاد الأكبر، وهو جهاد النفس عن الدنايا والصغائر من أجل الترقّي والتحضّر والسموّ. جهادنا الأصغر أسقط الإخوانَ وحرر مصر. على أن أمامنا الآن جهادًا أكبر وأخطر وأهم، وهو جهاد التنوير في المجتمع المصري. لأن "الجهل" هو العدو الرابض داخلنا، وهو الذي جاء بالإخوان لحكم مصر. علينا الآن تحرير جسد مصر الطيبة من هذا العدو الكامن في شرايينها ويسري فيها مسرى الدم: الجهل. على كل مثقف الآن، فرضُ عين، لا فرض كفاية، أن يعمل على تنوير المجتمع واجتثاث "جذور الجهل" التي لو بقيت جذوتها تحت الرماد، فسوف تأتي لنا بمرسي جديد، ومرشد جديد، وإخوان جدد، وداعش جديد، لا سمح اللهُ ولا قدّر. لن ننجو من تلك الدائرة الجهنمية أبدًا، إلا بوأد هذا الصنم المخيف: الجهل.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصرُ التي نشتاق إليها
- يومٌ من عمري، وشموعٌ كثيرة بعد لم تُقَد
- موسم تسريب الامتحانات
- كيف سمحنا بأن نسقط؟
- ناضجون ومراهقون
- عين الطائر ودو كيخوتي
- البابا شنودة يرفض اعتبار أقباط مصر أقليلة، هل سينال سبابكم م ...
- كل سنة وأنت طيب أيها الصندوق الطيب
- جنونٌ أمْ كفر؟ 1/3
- أمّة تقرأ | ماذا تقرأ هذه الأيام؟
- لماذا يهاجمني نشاط من أقباط المهجر؟ بيان فاطمة ناعوت
- لماذا يحمل الشباب المسيحي التمرَ على النواصي؟
- فين شيوخ القبيلة يا بلد؟
- كلمة الكاتبة فاطمة ناعوت في مؤتمر (دعم الأقباط) بواشنطن
- رصاصةُ فرج فودة؟
- الأبكم
- يقتلون براءتَهنّ!
- فين شيوخ القبيلة يا بلد؟!
- هل الأقباطُ أقلية في مصر؟
- كونشرتو اسمه: رمضان


المزيد.....




- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - حقلُ الألغام