أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زكي لطيف - شعوب من عبيد !















المزيد.....

شعوب من عبيد !


زكي لطيف

الحوار المتمدن-العدد: 1399 - 2005 / 12 / 14 - 11:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ذهبت إلى احد وكلاء مرجع ديني وسألته، سيدي: هل لك أن تخبرني كيف تنفق أموال الخمس الشرعي ؟ فأجابني حازما" هذا تكليفي وليس تكليفك!! ليست المصيبة في أن هذا الوكيل أو ذاك يتصرف بأموال المجتمع حسب هواه وينفقها في ملذاته وأهوائه في كثير من الأحيان ولكن الكارثة الحضارية التي نعيشها تكمن في أن المجتمع من فرط سذاجته واستسلامه للمراجع الدينيين والعلماء والمشايخ والوكلاء وكافة رموز التيار الديني التقليدي يضع بين أيديهم أموال الخمس ليتصرفوا بها كيفما يشاءون بلا رقيب أو حسيب ، ويطبق السذج من الناس مقولة شهيرة" أعطها عالم واخرج منها سالم !!" ، من جانب آخر تزخر البلدان الإسلامية بثروات هائلة ضخمة ، في تقرير لإحدى المنظمات المتخصصة في الفساد المالي والإداري أن الدول العربية يستنزف منها أكثر من ثلاثمائة مليار دولار بسبب الفساد وسوء الإدارة، ونسبة الفساد في العالم العربي 30% من النسبة العالمية ، إننا إذن شعوبا ودول وحكومات ترزح تحت يد مارد رهيب اسمه الفساد ، هذا المارد يستنزف اقتصادنا وقوتنا وقوت أجيالنا القادمة ويصادر قبل كل شي آدميتنا وإنسانيتنا وحريتنا ! .
في مجتمعاتنا الإسلامية يستنزف التيار الديني التقليدي أموال الشعب باسم القران والنبي وأهل البيت والصحابة ، فمن أموال الخمس عند الشيعة تتغذى التيارات الدينية التقليدية لتواصل مسلسل السيطرة على المجتمع وتنشر التفرقة والبغضاء بين أبناء الطائفة والى هذا اليوم في الحاضرة الواحدة يعيش الشيعة عيدين وعاشوراء اثنتين، ويحيون التمزق والفرقة والمشاحنات الدينية التافهة ومن أموال التبرعات عند السنة نشئت المنظمات التكفيرية التي حاربت العالم ونشرت فكرها المدمر في كافة أنحاء الوطن الإسلامي ، في مجتمعنا الإسلامي تحرم المرأة من إنسانيتها وحقوقها المشروعة في الحرية والكرامة، نصف المجتمع ألا وهو النساء مستعبدات تماما وخاضعات على نحو الإطلاق للنصف الآخر ألا وهو الرجال ، ليست المرأة سوى امة للرجل ، أن تخرج المرأة بالعباءة فرضا لا اختيارا لتسترها وتستتر بها عن الحياة فان ذلك مظهر صارخ من مظاهر العبودية واستنزاف الإنسانية الأصيلة في الذات الأنثوية ، أن تحيد المرأة عن شئون المجتمع وقضاياه المصيرية والجوهرية وشئونه العامة بدعوى حرمة الاختلاط فان ذلك يعني دون شك أن هذا المجتمع يحيا نظاما استعباديا رهيبا قل نظير في القرن الحادي والعشرين ، قبل فترة كنت أتناول الإفطار في احد فنادق القاهرة ، معظم الجالسين من الأجانب ، لمحت زوجين سعوديين على ما يبدوا إلا أنهما جالسان بعيدا عن المجموع ، الزوجة أعطت ظهرها للآخرين لكي تتناول طعام الإفطار دن أن يرى وجهها احد ، لا اعلم بالضبط ما يدور في خلدهما ولماذا يجلسان بعيدا عن نظرائهم من البشر؟ ولكن من خلال معرفتي بهذا الشعب اجزم بان الزوج الذي يعتبر الآمر والسيد أمرها بذلك ، ومن خلال الثقافة الدينية السائدة في هذه البلاد فان هذا الرجل لا يرى في هؤلاء الأجانب الأوربيين سوى حفنة من المتفسخين أخلاقيا ، وان مصيرهم لا محال إلى النار !! لذلك آثر الانزواء بعيدا ولم يدري "المسكين" بأنه وزوجته ليسا سوى عبدين بائسين لقيمهما الاستبدادية ونظامهما الاجتماعي والديني المستبد الذي حرمهما من الحرية والانفتاح والتطور والتقدم الإنساني في كافة جوانبه ، يقول الإمام الحسين (ع) مخاطبا قاتليه في يوم عاشوراء " إن لم يكن لكم دين فكونوا أحرارا في دنياكم" لقد طبق هؤلاء الأجانب (إن كانوا حقا في الآخرة من أهل النار) على الأقل هذه المقولة العظمية فغذوا أحرار في حياتهم لا تكبلهم قيم رعناء وفتاوى متخلفة وسيطرة فئة متعنجهة وحققوا تطورا هائلا في كافة المجالات ، بينما المسلمين امة متخلفة مستعبدة ليس لها من أمرها سوى الحسرة والشقاء .
في المجتمعات الإسلامية المستعبدة حتى النخاع ليس من حق احد كان أن يسأل "طويل العمر" عن مصير المليارات والترليونات التي تجنيها دولته من أموال النفط والغاز وسائر الثروات التي حبا الله بها بلداننا الإسلامية ، وهكذا تتوقف عجلة التنمية وتحتكر أموال الشعب في يد فئة قليل حاكمة ، أما الشعب المغلوب على أمره فليس من أمره شيئا وليس من حقه حتى أن يتساءل "لماذا نعيش الفقر والفاقة بينما باطن الأرض من تحت أقدامنا يزخر بالخيرات ؟!
عندما نوصم المجتمع الإسلامي بأنه مجتمعنا بطريكي فإننا نعني بذلك انه مجتمعا يستحكم بكيانه ذات واحدة عادة ما تكون مقدسة أو مسيطرة ، اعتقد أن معظم النظم الاجتماعية التي عفا عليها الدهر وتحولت في نظر المتنورين من أفراد المجتمع إلى عادات وتقاليد مضحكة نشئت من أفراد ينتمون للطبقة البرجوازية دون أية مقدمات عقلية أو منطقية إذ أنها مجرد فكرة عابرة مضت عليها بقية الشرائح والطبقات ، ومن فرط سيطرة هذه النظم المتخلفة أصبح الفرد أسير لها بحيث لا يمكنه الفكاك من قيودها وتنعدم في المجتمع الإسلامي المستعبد أي قنوات لتغيير هذه النظم التي يتعامل معها الفرد كالنصوص الدينية الثابتة أو المستنبطة من قبل الفقهاء، أتذكر انه في موريتانيا عندما تم الانقلاب على ولد الطابع خرج الشعب في تظاهرات فرح وسعادة بزوال نظامه البائد وترحيبا بالقيادة الجديدة، واليوم في المملكة السعودية تنتشر بين شرائح الشباب ظاهرة تعليق صورة الملك عبد الله في السيارات الخصوصية ، إنها مجتمعات لا تعرف "المؤسسة" وتسيير نظامها السياسي والاقتصادي ذاتيا، إذ ليست هناك من دستور معتبر كالشعوب المتحضرة ، جميع شئونها مسيطر عليها من قبل رموز سياسية أو دينية، رموز تمتلك السيطرة التامة على مصائر الأجساد والبعض الأخر منها على مصائر الأرواح والعقول ، السلطة السياسة تمنح الفرد المطيع لسيده الوظيفة والسكن ، بينما تمنح السلطة الدينية صكوك البراءة وعدم المحاسبة في الدار الآخرة وفقا لقاعدة" براءة الذمة" ، في إيران هناك "ولي أمر المسلمين" وفي المغرب " أمير المؤمنين" وفي مصر" السيد الرئيس" وفي البحرين "صاحب العظمة" وفي عمان"جلالة السلطان" ، في الكيان الشيعي هناك"السيد المرجع " وفي الكيان السني هناك" المفتي العام " وسماحة الشيخ " وغيرها من الألقاب التي يحكم بها الرمز ويسيطر بها على مقدرات شعبه ، بينما في المجتمعات المتقدمة الولاء فقط وفقط للدستور الذي اقره الشعب باختياره وارداته ، الولاء للوطن ، والتضحية والفداء للدولة والشعب الذي يحكم ذاته بالانتخاب وحكم القانون بمعزل تام عن سيطرة شريحة أو فئة معينة سواء كانت حزب حاكم أو عائلة أو طبقة حاكمة .
في العيد الفائت في إحدى الحواضر الشيعية انقسم الناس الذين هم في حقيقتهم وجوهرهم عبيد لرجال الدين إلى فريقين ، فبعضهم كان عيده يوم الخميس والبعض الآخر يوم الجمعة ، وسادت مظاهر استعباد مقيتة في هذا الخصوص ، فبعض رجال الدين أغلق فرصة الاستماع للشهود في رؤية الهلال لمجرد أن المرجع الديني الذي يقلده أعلن أن الجمعة هو يوم العيد،!! البعض الآخر خشي من مخالفة رجل الدين الأكثر منه قوة ونفوذا وأموالا فأغلق مكتبه وأعلن طاعته له وابلغ أنصاره ومريديه أن الجمعة هو يوم العيد !! إن ذلك ليس سوى مظهر من مظاهر العبودية التي يعيشها المجتمع الإسلامي المعاصر.
في خضم استحكام نظام الاستعباد يعيش الشعب المستعبد في فوضى قانونية عارمة فلا دستور ولا نظام ولا قانون ، الغلبة دائما لأصحاب النفوذ والقوة السياسية والاقتصادية ، وفي ظل ذلك تنعدم التنمية الاقتصادية والبشرية، في الحواضر الشيعية على سبيل المثال علاوة على أموال الخمس التي يحتكرها رجال الدين هناك الأوقاف وتعد بالمليارات ويسيطر عليه أيضا رجال الدين ويتوارثوها جيل بعد جيل، بعض رجال الدين من الشيعة يستغل احتياج النساء اللاتي يقدمن عليه من اجل الحصول على مال يسد رمقهن في ظل نظام استبدادي قمعي يحرم عليهن العمل بدعوى نشرهن الفتنة والرذيلة ، فيعرض عليهن الزواج بعنوان المتعة"!!! وبسبب ضغط الحاجة المالية وتخلف نظام الزواج والهالة المزيفة لرجال الدين تقبل المسكينة وتقدم جسدها طائعة ليستمتع به صاحب الفضيلة مقابل بضعة دنانير !!!!
في مجتمعاتنا الإسلامية ليس هناك أية قنوات حقيقة للتعبير والتغيير والتطوير سوى ما يراه الحاكم المدني والديني المستبد، كل شي مفروض على الإنسان المسلم منذ الصغر ، نظامه الاجتماعي والديني والسياسي يعتبر من المحرمات التي بمنع الخوض فيها ، كل شاردة وواردة تخضع للرقابة والمحاسبة ، الحاكم المدني والديني مهووس بالسلطة بحيث لا يقبل بان تظهر مؤسسات المجتمع المدني وتقوم بدورها الريادي في النهضة والتطور ، جحيم لا يطاق يعيشه الإنسان في هذه المجتمعات المستعبدة حتى النخاع، إلا انه لا يملك سوى الصمت عل الصمت يعبر ما لم يستطع اللسان المقيد التعبير عنه في دنيا تحكمها قوى الاستبداد والأنانية والقهر.



#زكي_لطيف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المراة وطواغيت العصر .. الطاغوت الاول : الاستبداد الديني
- معا ضد الاستبداد
- انقدني يا بوش
- لماذا تقبل المراة الشيعية على الكتب الروحية؟
- شعب حر ومجتمع سعيد 2
- الى الحرية يا نساء بلادي
- المراة السعودية بين سيمفونية العذاب ولذة الاستعباد
- شعب حر ومجتمع سعيد! 1
- فلتبقينه عانسات !
- اسرقوها صاغرين !
- الزواج المؤقت بين الفقه والقانون
- المراة السعودية انسان ام مخلوق اخر
- قيم الحرية والديمقراطية في المجتمعات الدينية


المزيد.....




- تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي ...
- الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ ...
- بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق ...
- مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو ...
- ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم ...
- إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات ...
- هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية ...
- مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض ...
- ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار ...
- العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زكي لطيف - شعوب من عبيد !