أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نمر سعدي - عبد الوهاب البياتي.. أثرٌ شعريٌّ لا يزول














المزيد.....

عبد الوهاب البياتي.. أثرٌ شعريٌّ لا يزول


نمر سعدي

الحوار المتمدن-العدد: 5214 - 2016 / 7 / 5 - 22:54
المحور: الادب والفن
    




منذُ رحيلِ الشاعرِ العراقيِّ عبد الوهاب البياتي في مطلعِ شهر آب في عام 1999 وأشباهُ النقَّاد لا يكادون يدعون شهراً واحداً يمرُّ من غير إثارة غبار نظرياتهم في تجربة هي في نظري من أهمِّ تجارب الشعر العربي الحديث وأغناها.
لم أتعصَّب لقصائد البياتي قدرَ تعصُّبي لقصائد صديقهِ الشعريِّ اللدود بدر شاكر السياب ولكني أعترف أن هناك ما يشدُّني إلى نفَسهِ الشعريِّ الصافي والهادئ كخرير نهرٍ في غابة، فرغمَ المعاركِ الأدبية الكثيرة التي خاضها صاحبُ ( قمر شيراز) و(قصائد حب على بوابات العالم السبع) و(نصوص شرقية) مع أندادٍ كثرٍ بوزن محمد مهدي الجواهري ونزار قباني وبدر شاكر السياب وغيرهم إلا أنه يحتفظُ ببريقهِ الخاص كواحدٍ من أهمِّ الشعراء العرب الذين أرسوا دعائم الشعرِ الحُر وحرسوا نارهُ الأبديَّة المقدَّسة، وأعترفُ أنني كتبتُ أحد دواويني وهو ديوان (عذابات وضاح آخر) في عامي 2002 و2003 تحت تأثير ديوان البياتي الأخير(نصوص شرقية) وكنتُ قبلَ كتابة هذا الديوان أعاني حُبسةً شعريةً غريبةً.
لن أتحدَّث عن تجاهل النقد الجاد لتجربته الشعريَّة بعد رحيلهِ المفاجئ في منفاهُ الاختياريِّ في العاصمة السورية دمشق، ولكن نبرةَ النقد الصبياني التي راح البعض يتكلَّم بها عن البياتي وهو الشاعر الرائد أصبحت تثير قلقي وحميَّتي معا للدفاع عنهُ، بعد عدة مقالات متناثرة قرأتها على مواقع التواصل الاجتماعي وفيها الكثيرُ من التجنِّي على الشاعر ومن تقليلٍ لقيمتهِ وغمطٍ لحقِّهِ، والغريبُ في الأمر أنَّ من يهاجم البياتي اليوم طالما كانَ بوقَ مدحٍ لهُ في حياتهِ، عندما كانَ ملء السمع والبصر ومالئ الدنيا وشاغل الناس وصديقاً مقرَّباً من شعراء وكتَّاب عالميين كغارسيا ماركيز ورفائيل ألبرتي وناظم حكمت.
ولكن هل يسأل سائلٌ: لماذا عندما كان البياتي حيَّاً كان المثقفون العراقيون والعرب يتمسَّحون به؟ هل لأنهم كانوا يخافون سطوته الأدبية؟
البياتيُّ رغم كل شيء شاعرٌ صنعَ مجدَهُ بنفسهِ، قلتُ كلامي هذا لمن حاولَ أن يُسقط عنه صفةَ شاعر، وزدتُ أيضاً أنَّ قلةَ الاهتمام النقدي بمنجزه بعد رحيلهِ وصمةُ عارٍ على جبين النقد العربي، وأن أهميةَ البياتي تكمن في اختلافهِ عن مجايليهِ من الشعراء الرواد وفي مقدمتهم السياب ونازك.. برأيي المتواضع أن البياتي قيمة شعرية جمالية كبيرة ودواوينه المنشورة في السبعينيات والثمانينيات تؤكد ذلك وتنحو إلى كتابة قصيدة متطوِّرة وجديدة ومتأثرة نوعا ما بالشعرية العالمية.. البياتي يبقى شاعرا عربيا كبيراً.. ما عدا ذلك فهو قشور، وأتذكَّرُ قولَ أحد النقاد المنصفين بأن بعض أشعار البياتي تتفوَّقُ جمالياً على الكثير من أشعار نزار قباني ولكن شعبيةَ الأخير هي التي كانت طاغيةً على الساحة الشعريَّة العربيَّة في ذلك الوقت.
درستُ حياةَ البياتي واكتشفت أن هواةَ النقد الذين أرادوا هدمَ بنيانهِ الشعري بمعاول رثَّة بالية لم يقرأوا تجربته بموضوعية وإنصاف، حتى أنَّ منهم من يتبجَّح بأن البياتي كانَ مجرَّد زير نساء أو شاعرٍ فقير الموهبةِ، وذهبَ بعضهم الى أبعد من ذلك حين اتَّهم البياتي بأنه لم يتقن لغةً أجنبيةً، فهو لم يتعلَّم الروسية ولا الاسبانية رغم مكوثهِ في روسيا وإسبانيا زمناً ليسَ قصيراً، وأن لغتهُ الانجليزية كانت لغة سياحية بالكاد يديرُ بها محادثةً سطحيةً، متناسين أنه ليس من واجبات الشاعر أن يتقن لغة أجنبية ويدور بها على الملأ ليقول لهم أنا أجيد التكلَّمَ بهذه اللغة أو تلك، وكلنا يعرف أن شاعرا فذَّاً كمحمد الماغوط لم يكن يعرف لغةً غير العربية وهذا لا يضيرهُ كشاعرٍ بشيء.
تجاذبتْ البياتي تياراتٌ وجوديةٌ وصوفيةٌ وسريالية وغيرها، وهو في نظرِ دارسيهِ شاعرٌ إشكاليٌّ ومقلٌّ قياساً مع غيره، ونثرهُ قليلٌ أيضاً فهو ليس من الشعراء الناثرين، له كتاب (تجربتي الشعرية) وعدة مساهمات نثرية أخرى، كتابته النثرية في مجملها تميلُ إلى البساطة ولكنهُ مختلف وذو ثقافة واسعة.. صحيحٌ أنهُ كان صاحبَ قدرة كبيرة على كتابة قصائد ممتازة بالرغم من وجود أخرى أقل منها جمالاً وروعةً في منجزهِ، لكنه أثبت بجدارة ريادته وتجديده في المضمون الشعري وفي استعمال الأقنعة الشعرية، والبحور العذبة والأقرب إلى الذوق الموسيقي العربي، ولو انطلق هؤلاء (الشعراء) الواهمون من النقطةِ ذاتها التي توقف عندها البياتي ساعة رحيلهِ في مطلع آب عام 1999 لكان أجدى لأنفسهم وللشعر العربي من تشكيلِ هذه (المحاكمات النقدية) الوهمية التافهة بعدَ فواتِ أوانها ولكنهم ارتدُّوا الى الوراء وعكفوا على التقليد الأعمى.. يكفي البياتي شرفاً أنه لم يكن مقلداً مثلهم يوما ما، وأنَّ فراشةَ روحهِ الشعريَّة تركتْ أثراً لا يزول.



#نمر_سعدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فتنةُ العزلة/ شهادة إبداعية
- الفلسطيني نمر سعدي في «وقتٌ لأنسَنةِ الذئب»/ قصائد تحمل روح ...
- حبقٌ لظلالِ القصيدة/ نصوص قصيرة
- كانَ صديقاً للفراشاتِ (عن أميرِ القصيدةِ التونسيَّة أولاد أح ...
- هواجس على طريقِ القصيدة
- تلويحةٌ لحارسِ الذاكرة
- وردةٌ من دخان(مجموعة قصائد جديدة)
- مرايا نثرية 3
- سبايا الملح/ مجموعة قصائد جديدة
- بورتريهاتٌ ليليَّة بفحمٍ أبيض
- قلبُهُ طائرٌ للحنين(في رثاء جهاد هديب)
- نقوشٌ على حجرِ الورد
- الكتابة غواية محفوفة بالمكر
- إيماءاتُ خريفِ المعنى
- سِفرُ المراثي
- تقاسيم على غيتارة الحنين
- إيقاعات 1
- مرايا نثرية 1
- مرايا نثرية 2
- تقاسيم على نايٍ أندلسي وقصيدةٌ إلى خليل حاوي


المزيد.....




- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نمر سعدي - عبد الوهاب البياتي.. أثرٌ شعريٌّ لا يزول