أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد ع محمد - تفجيرات اسطنبول والأحكام الجاهزة















المزيد.....


تفجيرات اسطنبول والأحكام الجاهزة


ماجد ع محمد

الحوار المتمدن-العدد: 5211 - 2016 / 7 / 2 - 20:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"انظر بعين العقل لا عينِ الهوى فالحـق للعـين الجليَّة عـاري"
ابن الرومي
يقول الكاتب خليل الفزيع بأن "الأحكام المسبقة غالبًا ما تكون نتيجة ظنٍ خادع، أو انطباع عام، أو تأثر بكلامٍ عابر، فيؤخذ ذلك كله على علاته دون عناء البحث عن الحقيقة، أو التفكير في الاحتمالات" وتلك الأحكام عادة ما تكون حاضرة في ذهن الشخص، وهو أصلاً ينتظر أية نافذة ليُخرج بفضلها ما لديه، باعتبار أن وسائل الاعلام وعلى مدار خمس سنوات غذته بالكراهية والاحتقانات وجعلت الكثير من الناس حشوداً أشبه بالحالة القطيعية التي تحدث عنها الفيلسوف الفرنسي غوستاف لوبون.
‏كما لم يعد يخفى على المتابعين ثقافة التودد إلى الحكومة التركية ورأس الهرم فيها، لدى أغلب النشطاء والمعارضين السوريين، وهي الثقافة التي تذكرنا بالتسعينات وكيف أن السوريين أوصلوا الأسد إلى مرتبة القداسة، فلم يكن واحدنا يجرؤ على التحدث حتى عن كلاب بيت الأسد وليس الأسد نفسه، وذلك من فرط الحرص على سلامة سمعته بين باقي الآلهة في المشرق، حتى أني أتذكر حادثة ضرب سيارة محافظ اللاذقية حسن رضا الشهوان من قبل الشبيحة أمام مطعم الدار في اللاذقية عام 1993 ولكن سيادة المحافظ وحرصاً على اسم وسمعة رئيسه المفدى لم يقبل حتى بتقديم شكوى قانونية بسيطة ضد الشبيحة آنذاك، وكله بدعوى الحرص على قدسية مقام الأسد وسمعته التي لا يجب أن تتلطخ بين البشرية، ولم يكن هناك إشكال إن قام هارون الأسد بقتل فتاة على طريق جبلة، أو قام فواز بإهانة الفنانين في مهرجان المحبة والسلام، ولكن يبدو أن السورييين الذين تعودوا على أن يكونوا مصفقين عميان لسطوة الأسد وسلطانه، لن يصعب عليهم إيجاد البديل الجاهز عن الإله الذي للتوِ تم رجمه من قِبلهم.
وكأن النشطاء ومن خلفهم من دعاة الفكر والسياسة ينسون بأن الأحزاب التي تكون خلفياتها يسارية لا تؤمن بشيء اسمه الجنة أو الحواري أو ما شابه ذلك من القصص المنقوله عن الفراديس ومشتهياتها حتى يقتلوا أنفسهم بسببها، ومن المفروض كحالة بديهية وعقب كل تفجيرٍ انتحاري أو عملية من العمليات الانتحارية التي حدثت وقد تحدث في تركيا أو في أي بقعة أخرى من العالم، وقبل إصدار الأحكام جزافاً أن يخطر على بالهم أن الفاعل، إما هو مختل عقلياً كما هو الحال مع مَن هجم على ملهى المثليين في أمريكا، أو أنه من عشاق الحواري، باعتبار أن الفئة الأولى وارد ظهورها في أي مجتمع، والمنتمي للفئة الثانية لديه الاستعداد الدائم لتفخيخ الذات كرمى الطيبات التي يعتقد بأنها في انتظاره على أحر من الجمر في مكانٍ ما، وذلك قبل أن يخطر على بالهم اتهام أي حزبٍ أو نفرٍ من العلمانيين أو اليساريين الذين لا رغبات ماورائية لديهم لتكون الدافع لتفخيخ الذات، على غرار المتشوقين لمغانم ما بعد التفخيخ وعوائده، أولئك الباحثين عن ملذات الفردوس من بني ملتنا الدينية، طالما أن المغريات الى الفناء تشدهم الى الموت أكثر من التمسك بالحياة، بخلاف ما هم عليه أولئك اللامؤمنين بالنظريات الثيوقراطية في العالم.
لذا فاتهامهم لحزب العمال الكردستاني بمناسبة أو بدونها ليس له أدنى سبب منطقي غير كره الحزب المذكور بناءً على ما تلقفوه من وسائل إعلامهم من ناحية، وكذلك حباً بالخاقان الذي حل محل الاسد في أخيلة معظمهم، باعتبار أن مَن يكره المعبود نكرهه ومن يحبه نحبه، هذا بالنسبة لعوام الناس.
ولكن الغريب في أمر احتقانات الأدلجة أنها قادرة على أن تُنزل النخبة الى مستوى العوام في التصورات وإطلاق الأحكام، وهنا كنموذج من هؤلاء هو البرفسور والدكتور سمير صالحة الذي أطل من على قناة العربية وراح يشير الى حزب العمال الكردستاني بأنه يقف وراء العملية وذلك بدون أي دليلٍ يذكر، إنما دليه الوحيد ربما هو موقفه السابق من الحزب المذكور، إذ أن موقفه المسبق جعل رأيه أشبه برأي أي جاهلٍ لا يؤخذ بما يقوله، علماً أنه أكاديمي وهو العميد المؤسس لكلية القانون في جامعة غازي عنتاب وأستاذ مادتي القانون الدولي العام والعلاقات الدولية في جامعة كوجالي، فتصوروا هذا الأكاديمي مع ما يحمله من ألقابٍ ونياشين وقارنوها بآرائه حيال الحادثة لتدركوا بأن ليس كل ما تصرح به النخبة هو محط ثقة وتقدير.
وربما كان المئات من نشطاء الثورة السورية يرغبون في دخيلة أنفسهم أن يكون حزب العمال الكردستاني هو الذي قام بالعملية في المطار، لا لشيء سوى لاشباع رغباتهم في كيل الاتهامات الى الجهة المذكورة وتأليب الرأي العالمي ضده، وهي لا شك رغبة دفينة لدى كل من ذكرناهم، باعتبار أن الصور الذهنية والحقد المسبق هو ما يدفعهم لا شعورياً إلى اتهام حزب العمال الكردستاني، أولاً لأنه حزب يساري وهم بمعظمهم متدينون، وثانياً لأنه يعادي السلطات التركية والجماعة تلقائياً يكرهون كل مَن يكره تركيا، وثالثاً لأنه حزب محسوب على الكرد، وكلمة الكرد تلقائياً تُقلق المزاج القومي لدى أغلبهم، وهذه الأسباب مجتمعة هي حقيقةً كافية لأن يخرج في لحظةٍ ما كل ما هو مودع في صناديق اللاوعي لديهم.
إذ أن المواقف المسبقة من الحزب المذكور لم تسمح لهم انتظار إعلان رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم القائل بأن تحقيقات الأمن في الاعتداء الإرهابي بمطار أتاتورك أشارت إلى تنفيذه من قبل تنظيم "داعش"ومن ثم اتهام تركيا لمواطنين شيشان بأن لهم صلة بتنظيم القاعدة، وبانهم ساعدوا في الاعداد لتفجيرات اسطنبول وقد أحالت السلطات الى محكمة امن الدولة 9 مشتبهين يخضعون للاستجواب في اطار التحقيق حولها، أو ما نقلته صحيفة ميليت التركية عن وزير العدل التركي جميل سيجك قوله: "أن مواطنين شيشان وأتراك لهم صلة بتنظيم القاعدة ساعدوا في الإعداد للتفجيرات الانتحارية التي أسفرت عن مقتل العشرات في اسطنبول"، هذاعدا عما جاء في سياق التحقيقات بأن منفذي الهجوم الثلاثة هم أجانب ومن جنسيات مختلفة :أحدهم داغستاني - يحمل الجنسية الروسية ، والثاني قرغيزي ، والثالث أوزباكستاني، وطبعاً نشطاؤنا وأمثال صالحة ربما أزعجتهم نتائج التحقيقات، بما أن ما كانوا يتمنونه في دخيلة أنفسهم قد سقط أمام الحقيقة، وطبعاً من غير أن يخطر على بال أصحاب الاحكام المسبقة أن تنظيم داعش مافيا عالمية، وأن عملية تفجير مطار إستانبول حسب الكاتب أحمد مصطفى هي ربما كانت رسالة من داعش لرأس النظام بتركيا؛ بأن التنظيم قادر على ضرب العمق التركي إن لعب معهم ونفذ وعوده بإغلاق الحدود في وجه التنظيم، وأن ضرب المطار كرمز وممر دولي نحو الخارج هي رسالة للنظام التركي، ويعني بأن أي إغلاق للحدود أمام التنظيم سيكون له تداعيات كارثية على تركيا، محملاً بذلك قيادة حزب العدالة والتنمية مسؤولية ما جرى في المطار، وأنها هي مَن فتحت المجال أمام الجماعات والتيارات الدينية لكي تتغلغل في بنية المجتمع التركي لزرع خلايا إرهابية قادرة على تفجير أي بقعة في تركيا.
ولكن كل ذلك لم يخطر على بال المشحونين والجاهزين لإطلاق الأحكام من النشطاء السوريين ومعهم أمثال صالحة الذين ربما كان بودهم من خلال التراكض على اتهام العمال الكردستاني بأن يظهروا للعالم بأنهم أفهم من الاستخبارات التركية والعالمية في معرفة فاعلي العمليات الانتحارية، لذا وتعبيراً عن حبهم الجم للدولة ورئيسها وتقرباً من السلطة، سارعوا إلى اتهام حزب العمال الكردستاني بتفجير المطار كما سارعوا الى اتهام الحزب نفسه بأكثر من عملية قام بها الاسلاميون في تركيا، وكأنهم من فرط حب التودد لم يستطيعوا انتظار تحقيقات الحكومة التي لا يتمنى أي عاقل الإضرار بها أو بشعبها الذي فتح صدره لآلاف اللاجئين السوريين، كما لا يتمنى إلا الانسان الحقودُ ضرب المدنيين أوالتسبب بقتلهم ليس فقط في تركيا إنما في كل دول العالم.



#ماجد_ع_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السياسة النكاياتية في اقليم كردستان
- هل يُعيد بشار ما فعله والده بأوجلان مع صالح مسلم؟
- الكردي والخفاش
- ثقافة الاعتذار لدى أقطاب العمال الكردستاني
- الثنائي (ميترا عدنان هورو): لم نغادر الوطن حباً إنما تركنا ...
- ما الذي يربط الخزنوي بدمشق وأنقرة؟
- مَن هُم الأولى بتحرير الرقة؟
- محمد محمود: روسيا أهم شيء لديها هو استرجاع قوتها الدولية من ...
- مواقف الجبور والتركمان مقارنة بمحور (قم)
- من التحرير والتوحيد إلى الكنتنة
- ماذا يريد دوران كالكان ورهطُه؟
- عكاكيز الملالي في قنديل والسليمانية
- توفيق عبدالمجيد: الهدف مما جرى ويجري في حلب هو إفشال مفاوضات ...
- بموازاة مجازر الأسد
- دوز خورماتو والهلال الشيعي
- اقتداءً بديمقراطية المستفرِّد
- حساسية وتزاحم الهويات في سوريا
- حول ملف 1 أيار
- الاتحاد الديمقراطي وسياسة الإلهاء مجدداً
- المثقف عندما لا يقرأ


المزيد.....




- إليسا تشيد بحملة هيفاء وهبي ونور عريضة في مواجهة التحرش الإل ...
- ماذا قال أحمد الشرع في أول خطاب له كرئيس لسوريا؟
- حماس تؤكد مقتل القائد العسكري محمد الضيف، فماذا نعرف عنه؟
- عاصفة قوية تضرب البرتغال وسيول من رغوة بيضاء حملتها الفيضانا ...
- ما دور الهلال الأحمر المصري في دعم غزة؟
- أمير دولة قطر في دمشق للقاء الشرع وبحث التعاون بين البلدين
- تدريبات قوات الحرس الوطني الخاصة
- مصر.. وزارة الطيران المدني توضح سبب تصاعد الدخان في صالة الس ...
- العراق يؤكد دعم مصر ويرفض مخطط تهجير الفلسطينيين
- ترمب: نتواصل مع موسكو حول كارثة الطائرة


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد ع محمد - تفجيرات اسطنبول والأحكام الجاهزة