أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضا كارم - دولة إسلامية ردّا على دولة إرهابيّة














المزيد.....

دولة إسلامية ردّا على دولة إرهابيّة


رضا كارم
باحث


الحوار المتمدن-العدد: 5211 - 2016 / 7 / 2 - 17:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن أزمة الفعل التربوي في تونس جاوزت كلّ مناورة تفيض بها عبقريّة الدّولة .
مرحلة ناجي جلول أثبتت انهيار الحركة التعليمية في تونس و انحدار العلاقات بين المتدخلين التربويين إلى مستويات مفارقة للانتظارات .
ارتدادات هذا العار و انزياحاته ستبدو جليّة مستقبلا في سلوكات مغالية في لامبالاتها بالواقع و القيم و التصورات المجتمعية القائمة.
ستنشأ أجيال تدمّرنا بالكامل و تقضي على فرص حياة رتيبة عاديّة .
أتحدّث عن حرب أهليّة متوقّعة بشدّة نتيجة تواصل العبث السلطوي من تقسيم جهوي حدّي و عودة الفكرة القبلية إلى التموضع في التاريخ ، و انهيار التجربة الليبرالية الديمقراطية لغياب ثقافة الاختلاف بالكامل ، و استثمار الراغبين فيالعمل العام سياسيا و نقابيا في العرش و القبيلة و العائلة لحصد الأصوات الانتخابية اللازمة.
هذه الممارسات التي تبدو صغيرة و معزولة الآن ، هي المحدد الرئيس في كل عمل انتخابي في القرى و الجهات الداخلية أي في مناطق التوتر الاجتماعي التقليدية. و ليس غرياب ان تنتقل الى ضواحي التهميش و الضبط في العاصمة و من ثمة بقية مناطق الساحل.
و مواصلة الضغط سواء عبر العسكر و البوليس او اللامبالاة و الاحتقار كما هو الحال الآن، سيخلق جذور الحرب الأهلية. و عندما يكون لدينا خريجو مدارس فارغون من كل قيمة و عاجزون عن تدبير تواصل مقبول في حدوده الدنيا، عندما تكون صناعة الراي مسالة متاحة لمافيات يديرها نبيل القروي او سامي الفهري فإننا نحصل على مجتمع ممزق بالكامل و متسعد الآن لممارسة القتل دون هوادة.
وجود تونسيين عديدين في تنظيمات قصصوية و متطرفة جدا و مرتبطة بالدم أساسا، ليس فقط تعبيرا عن فراغ ديني ، بل لعله لليس كدلك ابدا.
المسالة أعقد كثيرا من ان ترتبط بمجرد تعلق فجئي بالله و نبيه و صحابته. نحن في الحقيقة إزاء نكوص صريح عن مؤسسات الدولة الإرهابية العنيفة ، و انتقال إلى خيارات مختلفة تؤمّن صورة إيجابية للذات عن ذاتها. يحتاج هذا الشّاب المسافر إلى الدولة الإسلامية إلى تبرير خياره لذاته. لذلك يحضر الدّين في مرتبة متأخّرة لإضفاء مسحة جميلة على سلوك متطرّف .
لنتأمّل معا هذه العلاقات : سلطة ، عنف ، ردّ عنف. ثمّ معرفة دينية، قداسة، سلطة مضادّة.
إنها توضّح مشكلة التّطرّف و شروط الارتداد البشريّ نحو فكَر مدمّرة للذات و عازلة لها عن محيطها المصدر.
السلطة تمارس عنفا مطلقا . ينتج عنه قهر متواصل. عمليات السيطرة تلك و التي تحدث بكل بلادة و دون قدرة على الإخفاء، سهّلت إيضاح مواقع العدوّ. فهم الإنسان أن صراعه ضدّ الدّولة .و لذلك بدأ بردّ الفعل . ظهر ذلك في رفضه للمؤسّسة التعليمية و نقده المثالي لها. ثم في اختيار شكل مناقض للعرف السائد، يظهر ذلك في اعتزال الغالب من الناس و السّكن الى المساجد و الانترنت لتلقّي معرفة مرفوضة من السلطة و نخبها و إعلامها. و ذلك الاستعداد القويّ للرّفض يولّد انغلاقا على الذات و تصوّراتها و ينتج قطيعة كاملة مع السلطة و المجتمع .
و في هذا المرحلة تنشأ علاقات جديدة. المعرفة الدينية التي تلقاها الانسان من المسجد و من الانمترنت خاصّة، مكّنته من الإساك بدلالة المقدّس الإلاهي و هو التكليف الشرعي بخلافة الله على الأرض و توضيح رسائلهو منها خاتمتها إلى خلقه أجمعين. تحضر سورة السّيف و سياقات العداء المسيحي و اليهودي ، و تزداد الذات تشبّعا بأزمة وجودها و فلسطين تمرّ يوميّا بعواصف التدمير دون هوادة. تبدو الهويّة الجديدة مستهدفة دون مواربة . و ينقل الإعلام بقايا أجساد محترقة و بيوت منهارة و مدن مخرّبة نتيجة القصف الأمريكي للفلوجة..
المقدّس يفضي مباشرة إلى تأسيس سلطة مضادّة. و تكون الدولة الإسلامية في هذه الحالة أعلى عقدة من شبكة التّطرّف و مظهرا نهائيا للقطيعة الكاملة مع الطبيعة الاولى للذات الهاربة من ذاتها.
إنّ المدرسة لم تعلّم الإنسان و لم تدرّبه و لم تمنحه أدوات الوعي و العقلنة.
ماذا عن سؤال جامعي يطلب من الطّلبة أن ينسخوا الدرس العامّ نسخا بليدا لتحصيل عدد سخيف بلا معنى؟
ماذا عن مصحّح يمنح أعدادا من خياله في مناظرة الباكالوريا؟
أيّ انهيار هذا الذي نعيشه؟
كيف يكون الفيلسوف مثل أبي يعرب المرزوقي؟
و خلافه.
كلّ ذلك و غيره ناجم عن أزمة المدرسة التّونسيّة. أزمة العقل التونسي و ازمة الثقافة السماعية الفاسدة. ماركسيون بالسماع . قوميون بالسماع. ليبراليون بالممارسة، و سياسات كالخراب.
هي المدرسة الفاشلة . مدرسة بورقيبة الذي عجز عن التغيير . و ظل منجزه مقتصرا على الاستثمار في تربية لم تنتج غير أزمات اجتماعية عميقة. يدرس لسنوات يفرنسا و امريكا و يعود ليفهم ان الحكومة لا يكون على رأسها إلا واحد من ساكنة السّاحل.
كلّهم يعودون لتبنّي العقل البورقيبي ذاته.
و هم اليوم يريدون وضع تماثيله في كل مكان لأنهم بالقوة بورقيبيون. كلهم دون استثناء بورقيبيون. مدرسته الجهية الفاشية البغيضة ربّتهم على التعالي و الكراهية. فهل يكونون غير طبيعتهم؟
و ناجي جلول اليساري البورقيبي الإخواني التخريفي التخريبي على راس التربية في تونس.



#رضا_كارم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النّسيان :جوهر الأزمة الإنسانيّة
- 17ديسمبر و صيحة أخرى
- حول الإصلاح التّربويّ
- فوضى الأسئلة و مشروع السّؤال
- امرأة مهمّشة ،إنسان مستعبد
- بورقيبة التاريخي لا بورقيبة المفبرك في معامل الإديولوجيا
- الجبهة الشّعبيّة بحاجة إلى -فضيلة القتل- أو عليها انتظار-رذي ...
- المثلّث الخبري المعرفيّ : من يملك الحقيقة يسيطر على التّاريخ ...
- 23أكتوبر في مقاهي الهزيمة القرار، و الهزيمة المختارة
- العشرون من مارس 56: بنود -استقلال دولة- أو شرعنة احتلالها؟من ...
- لماذا هي كتابات أخرى؟ و لماذا يعلو الصّوت؟
- التوافقات الطّبقيّة تشكيل من خارج دائرة الحرمان لموجبات عناص ...
- لكن الكاميرا سقطت
- المعركة عميقا ، الصّراع متواريا ، المقاومة هناك أيضا
- 17 ديسمبر يا 20 فبراير:معركتنا واحدة يا جماهير التغيير اللاط ...
- فري كربول، فري عبد المجيد الشرفي
- أيّ مشروع لأيّة صيرورة؟
- ما معنى العمل بين الجماهير لتحريضها و تحريرها؟
- الأول من ماي: ذاكرة الحرّية.
- إرهابي بقناع قاض، إرهابي بمهنة بوليس


المزيد.....




- وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق ...
- جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
- فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم ...
- رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
- وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل ...
- برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية ...
- الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في ...
- الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر ...
- سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة ...


المزيد.....

- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضا كارم - دولة إسلامية ردّا على دولة إرهابيّة