سامى لبيب
الحوار المتمدن-العدد: 5209 - 2016 / 6 / 30 - 22:21
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
- تأملات إلحادية ولادينية – جزء عاشر.
هذه بعض التأملات والخواطر والرؤى للأديان والحالة الإيمانية تأتى كثمارمثابة دراساتى ورصدى وتحليلى وخبراتى الباحثة فى تاريخ الإنسان مع المعتقدات والأديان , مفسرة لسبب بقائها , وملقية الضوء على خطورة حضور الأديان فى عصرنا الحالى .. لا أعتقد أننى أوفيت هنا الظاهرة الإيمانية كل أسرارها متوسماً أن أوفيها فى مقالات قادمة من تأملات لادينية وإلحادية .
- الوجود والحياة صراع الضدين , فطبيعة الأشياء هو وجود الشئ ونقيضه ويستحيل أن يتواجد أى شئ بلا نقيضه ليلتحم معه فى وحدة لا تنفصم يتبادلا فيه الصراع .. الحياة والموت , النمو والهدم , السخونة والبرودة , لتجد كل أطراف التناقض مادية بالضرورة .. الفكرة الإلهية هى قراءة وتعريف خاطئ لضد متواجد نجهل مفرادته المادية .
- كيف نفسر إعتقاد البعض بأن هناك قوى راصدة على بعد 16300 مليون سنة ضوئية مهتمة ومدونة لكل أفعاله وهمساته , مُرتبة للحظة إنزلاقه من على سلم أو مقدمة له طبق طعام!.. لن تخرج الرؤية عن إحساس عالى بالغرور بأن وجودنا ذو أهمية خاصة فلا نريد أن نتساوى مع ريشة تذرها الرياح .. الدين يقدم ويؤكد هذه الرؤية المهترئة عازفاً على غرور الإنسان ووهمه وإحساسه بقيمته المتميزة .
- الإنسان الكائن الوحيد الذى يُبرر سلوكه وفى كثير من الأحيان لا يُحسن التبرير بل يناور ويدور حول نفسه إما وعيا أو بوعى باطنى فى الغالب غير مُدرك .. فيمكنه أن يغطى صراعه وعنفه وجشعه بهالات رائعة بنصرة الحق وإعلاء راية الله ومقاومة الشر والخطيئة بينما رغباته الكامنة فى الجشع والإستئثار والشهوة والتسلط هى المُحركة , المصيبة تحل عندما نجد المُهمشون والمَطحونون والمُسْتغلون يروجون لأيدلوجية الهيمنة والإستغلال .!
- الأديان هى أيدلوجيا ومنهج وفكر وميديا تروج لمجتمع الأسياد ..وكون النظام العبودى هو أعلى سقف للإستبداد و الإنتهاك والإستغلال عرفته الإنسانية , لذا عاش المجتمع الإقطاعى والبرجوازى تحت كنف المنظومة الدينية فقد وجدا فى الدين المظلة التى تتحملهم فمهما إستغلوا فلن يكونا بنفس وطأة نظام الأسياد . خطورة إستحضار الدين هو إسقاط منظومة فكرية وثقافية لمجتمع ذو علاقات إنتاج قديمة على واقع مغاير له علاقات إنتاجه .
- فى المجتمع العبودى سنجد سيد وعبيد وحاملى عرش , وفى المشهد الإلهى سنجد إله وملائكة حاملة العرش مع وجود البشر كعبيد ساجدون .. لنسأل هنا : مَن إستعار المشهد مِن الآخر..هل الإله أم مجتمع السادة ؟
عذراً مجتمع العبودية هو الذى كان حاضراً وموجوداً ومدركاً ً.
- الفكر الدينى يُخرب الإنسان ويشوه قيم الخير والحق والجمال ويمنح الإنسان إزدواجية غريبة , فلا تندهش من المؤمن عندما يُمجد ويعظم مذابح وحشية همجية بربرية لموسى ويشوع ومحمد وخالد بن الوليد ومن يمتلك بعض الخجل سيبرر .
- يمكن القول بكل ثقة أن الأديان وسيلة الإنسان لإطلاق العنف الكامن تحت مسام جلده لينطلق بلذة وبدم بارد .. الإنسان يحمل فى داخله رغبة فى إطلاق وممارسة العنف لتقلل مسيرة الإنسان الحضارية من منسوب العنف فى داخله , ولتأتى الأديان لتطلق العنف وتفتح آفاقه بممارسة القتل والذبح ضد الكفار والمشركين والأنجاس من الشعوب الأخرى والخارجين عن الدين , فالعنف هنا ليس دفاعا عن حياة ووجود بل لذة فى فى إطلاقه وممارسته , والمفجع والخطر أن يتم تغطية هذا العنف برداء مقدس فهولاء المتوحشين مجاهدى الرب وجنوده .
- الأديان لم تقدم للبشرية رسالة ومنظومة أخلاقية متماسكة , ففلسفة الأخلاق لا تستقيم مع الخوف من العصا وإغراء الجزرة .. هناك فرق كبير بين أننى لا أخالف إشارة المرور كون هذا سيضر بأمان الآخرين وبين خوفى من الغرامة والعقاب .. هناك فرق بين أنى لا أسرق لأن هذا سيؤلم الآخر وينتهك حقوقه وأمانه وبين أننى لا أسرق خوفاً من العصا لنسأل هنا : أيهما أكثر نزاهة ومصداقية وإنسانية إنسان يعمل الخير دون أن ينتظر شيئاً أم إنسان يعمل الخير لينتظر بعدها كم أضيف لرصيده , كذا يكون إبتعاده عن الشر كونه خائف من السوط .
- بدينٍ أو بدون دين سوف يعمل الناس الطيبون أعمالاً طيبة وسوف يعمل الأشرار أعمالاً شريرة وفقا للظروف الموضوعية التى تواجدوا فيها , ولكن الخطورة فى أن بعض الأشرار يخجلون أن يعلنوا عن شرهم بل يريدون تقييمهم كخيرين , فهنا لابد من وجود دين يظلل ويحلل أفعالهم البشعة كهؤلاء الذين نطلق عليهم متعصبين متطرفين إرهابيون فهم الأكثر تقوى وإخلاص وغيرة على دين الله ليتحول القبح إلى جمال .
- الله سمح بالسبى والإماء وملكات اليمين والغنائم ولم يكتفى بتحليها بل نظم طرق تقسيمها .. أنت الآن تستنكر هذه الممارسات وستلعن وتجرم من يمارسها فهل أنت تقدمت وتجاوزت نهج وشريعة الله أم أن الإنسان القديم مرر منظومته السلوكية والإجتماعية ومصالحه من خلال فكرة الاله .. فكر فى هذا وإحكم على فرضية مؤمن إستطاع أن يستعبد إنسان ويحظى على ملكات اليمين فى عصرنا الحالى , فهل يكون مبرر أم ملعون مدان .
- يقولون بتهافت شديد أن الملحد لن يتوانى عن فعل الموبقات كونه لا يؤمن بوحود إله وكأن الاخلاق نتاج السماء , لنسأل : هل ما يمنعك عن قتل إنسان انك تخاف من الله , وهل ما يحولك عن السرقة الخشية من عقاب الله , وهل ما يمنعك من مضاجعة أختك هو غضب الله وإنتقامه , فهل لو رفضت وجود الله لعدم قناعتك بوجوده مثلاً , فهل هذا سيدفعك لتقفز على أختك وتقتل وتسرق أم انك لن تمارس هذه الأفعال المشينة سواء هو موجود أم غير موجود .. الأخلاق منتج أرضى وهذا هو الفرق بين مفهوم الاخلاق الإنسانى والدينى الفاسد , فهناك من يمتنع خوفا من العصا وليس قناعة أن هذا الفعل غير جيد .
- وأنا صغير كنت أحلم بدراجة بخارية أنطلق بها كالسهم لأحلم أنى سرقت هذه الدراجة معتمداً أن خطيئة السرقة يمكن أن تغفر متى توجهت للكنيسة وصليت وإعترفت للكاهن .. الإلحاد سيعتبرنى سارقاً فى كل الأحوال فلن يُمحى خطأك ولن يعلق لك المشانق أيضا فهكذا هى الاخلاق والقيم .
- الضمير هو مجموعة محددات أنتجها نهج المجتمع الموضوعى ومنظومته المبتغاة المسيطرة .. هذا التكوين من المحددات النفسية لن يمنع من إرتكاب الخطأ ولكن سيمنع الإستمتاع به .. أما الدين فهو يمنح الإنسان القدرة على المناورة ليفتح المجال للإستمتاع بالخطأ والمحظور بدون أرق الضمير , فمن المسموح أن نقتل وننهب العدو ونغتصب نساءه فلا يؤرقنا فعل القتل والسرقة والإغتصاب .
- غريب هو الإيمان الدينى فمهما آمنت ونسكت وغرقت فى صلواتك ولكن رفضت تصديق قصة سفينة نوح البائسة فقد سقطت من الإيمان ! أنه شئ شبيه بأن تتعاطى مع قفص للطماطم فتقبل التالف والمفعص مع السليم !..أن تأخذ الأمور كلها حسب تعبير المصريين " لكشة واحدة " فلا تنتقى .!
- لا يوجد شئ اسمه كتاب مقدس ..أرض ومكان مقدس .. أيقونة وحجر مقدس فهذه الأشياء فيزيائية لن يجدى إلصاق المقدس بها من تغيير طبيعتها المادية .. المقدس محاولة من الإنسان أن يجعل من الميتافزيقا وجود مادى يتلمسه ويتحسسه ويستطيع بلعه والتعاطى معه .. فالدماغ لا يعرف لغة ولا يعى ولا يدرك إلا ماهو مادى فيزيائى .
- عندما يتغلغل الفكر والمنهج الدينى ويهيمن على مناحى الحياة سنحظى بالضرورة على شعوب متخلفة .. فالفكر الدينى لا يعتنى ولا يهتم بالعمل والفكر والإبداع والعلوم حتى وإن زعم غير ذلك , فالعلم بالنسبة له فى دائرة التوجس وتحت الملاحقة والتقييم الدينى , فلن يتم التعاطى مع العلوم إلا بعد أن تمر على لجنه من الكهنه والشيوخ ليعتمدوا منجزات العلم أو يعرقلوا مسيرتها تحت دعوى التحريم , فهل الأرض تدور حول الشمس أم العكس وهل نقل الأعضاء والإستنساخ وأطفال الأنابيب جائز أم لا .. الفكر الدينى يحتفى بعلوم الطقوس فهى أفضل العلوم للتقرب لله أما باقى العلوم ففيها من الشيطان الكثير , لذا تجد التخلف حاضراً فى المجتمعات الدينية على مر العصور .
- الإيمان عبارة عن هوية لجماعة بشرية يكون الإله رمز الجماعة ولإثبات هذا فلن تجد قناعة أصيلة وأكيدة لدى أى طائفة من المؤمنين بإلإيمان بالإله فى أى نسخة من النسخ المتواجدة , فلو احضرت مجموعة من الكهنه والشيوخ اليهود والنصارى والمسلمين والهندوس ليجتمعوا ويقنعوا مُلحد بالإله ولنفترض أن الملحد إقتنع بفكرة الإله الخالق المطلق العظيم الغير محدود ألخ , فلن يقتنع أى فصيل بإيمانه إذا خرج عن النسخة الدينية التى يمتلكها وسيرون انه يؤمن بإله وثنى بالرغم ان الملحد آمن بفكرة الإله فى جوهرها ومطلقها بأنه الخالق العظيم القديرألخ لكن هذا لن يشفع له .
- إثبات آخر .. أنت مؤمن بالله حسب النسخة العبرانية ولكنك غير مقتنع بشعب الله المختار وترفض تصديق أن موسى شق البحر فهل تعتبر مؤمن .. أنت مؤمن بإله المسيحية ولكنك غير مقتنع بميلاد المسيح من عذراء ولا تعتنى بقضية الصلب فهل أنت مؤمن .. أنت مؤمن بإله الإسلام وغير مصدق أن النبى ركب بغله وطاف فى الفضاء الخارجى فهل أنت مؤمن .
لاحظ ان الثلاثة يؤمنون بالإله وهو أهم شئ فى قضية الإيمان , ولكن خرجوا عن القبيلة فى بعض الأمور فأخرجتهم القبيلة هم وإيمانهم بالله من الإيمان .. الله تكيه فقط للوصول للإنتماء للقبيلة .. الدين أهم من الله .
- هل تؤمن بإله مُطلق القدرة يمكن أن يكون ظالماً ؟ الحل من وجهة نظري أن نتغاضى عن هذا وننظر لفكرة لإله بالنظرة التي تستحقها, فهي فكرة تعبر عن أمل الإنسان على مر العصور الغابرة فى إدراك وجوده وإحساسه العاجز عن فهم الوجود والتعاطى معه , ليخلق كائن مطلق قوي مسئول يرعى مخلوقاته ويحفظها ويعدهم بالخلود الأبدي بعد الموت ويأخذ حقوقهم الضائعه إذا ظلموا في الدنيا .. فكرة الإله هى مجموع أحلام الإنسان المحبطة التي لم يستطع أن يحققها في دنياه فإخترع من يحققها له بعد الموت , ولم يكتف بهذا بل إستخدم الإله كوسيلة ترهيب وترغيب في الدنيا حتى يضمن إستقرار المجتمع والأفراد ,لتقوم الأديان بهذه المهمة بكفاءة ومهارة لنسأل هنا هل يستمر الإنسان في الإيمان بإله غير منطقي في القرن الواحد والعشرين رغم وعيه وعدم الحاجه إلى هذه الفكرة .
- الأديان عائق لتقدم الإنسان وتطوره , ولن نقول بسبب إنكفاءه على الخرافات والغيبيات فحسب , بل من فضاءات الغيبيات التى تؤجل الحلول لعالم مجهول غير عالمنا.. نحن لكى نتقدم ونتطور علينا أن نحل قضايانا الآن فى عالمنا الذى لا نمتلك غيره ولنسحب أرجلنا الغارقة فى الطين .
- إشكالية الدين مع تطور الإنسان الموضوعى أنه يقف حائل أمام حرية التفكير فيدرب العقل ويروضه على الطريقة التى يجب أن يفكر بها .. الفكر الدينى لا يسمح بأى فضاءات للتفكير , فالتحريم وارد لذا يحدد للعقل حدود يفكر فيها لتضيق الحدود والأطر لتكاد أن تنغلق على نفسها فمجال التفكير فيما هو مقرر .
- أيهما أولا الجوع أم الإعتقاد .. بلاشك أن الجوع أولا بل هو المؤسس فيما بعد للإعتقاد .. عندما يجوع الإنسان فإنه سيفكر كيف يبدد جوعه وبعد شبعه سيتذكر الجوع ويفكر كيف لا يجوع ثانية .. إذا أوهمه أحد أن هناك قوى سحرية ستتكفل بجوعه فهو سيستجيب له كحل كسول يأمل منه ان لا يجوع ثانية فى ظل حالة من الجهل المعرفى فليس له من مفر سوى الأمل فى تلك القوى السحرية .. إقضوا على الجوع ستقضوا على القوى السحرية .
- نحن نخاف من الخطيئة والذنب .. نخاف الشيطان .. نخاف من العقاب الإلهى وإنتقامه .. نخاف الطغاة .. نخاف من الآخر .. الخوف هو سر بقاء الإيمان والأديان .. الخائفون والمرتعشون لن يصنعوا حضارة .
- الذين نراهم يقيدون أنفسهم بالخطية والذنب والتحريم ليسوا على رغبة فى التدين والفضيلة والتطهر من كل إثم كما يروجون أو يتوهمون أو يوهمون فهم يلتزمون بأمور غير نابعة عن قناعات حقيقية كون الامور غير ماثلة ولا ملموسة ليأتى سلوكهم هذا فى إطار الإستمتاع بحالة مازوخية بالتلذذ بالألم أو الخوف والهروب من مواجهة الحياة بالإختباء والهروب ولا تخلو الأمور من الرغبة فى إكتساب حالة تمايزية فوقية .
- التحريم والمحرمات تأتى بغية حرمان البعض , فحرمانهم هو من أجل وجودنا ومصالحنا وما نراه مناسبا لنا , فتحريم العلاقات الجنسية الحرة لأننا لا نريد إختلاط الأنساب وتبديد الثروات لذا حرمنا هذه الصورة ولم نحل مشكلة المحرومين , ويأتى تحريم السرقة لأننا نخشى على أملاكنا فحرمنا هذه الصورة ولم نحل مشكلة الجائعين , ولا تخلو الأمور من الرغبة فى لذة التمايز بحرمان الآخرين من ما نمارسه , ليروج أصحاب التحريم للمحرومين بأن هناك جبار فى السماء سيشوبهم على أسياخ محمية إذا تجاوزوا الحرمان .
- فى بعض الأحيان عندما أخلو بنفسى أجد اننى أتحدث لنفسى فى سريرتى فأواسيها أو أجلدها أو أؤنبها , كثيرون من البشر يفعلون ذلك ولو بصوت مرتفع ليسمونها صلاة .. الصلاة فعل تعبير عن الداخل بطريقة غير واعية تبغى مواساة النفس او تعنيفها ذاتيا .
- تكون الصلوات همسات وذبذبات صوتية لإنسان خائف مرتجف قلق عاجز ضائع فى الحياة لا يدرك سوى أن هناك قسوة ما ليس له حيلة أمامها سوى إطلاق تمتمات ذات ذبذبات .!
- لماذا ركعة ناقصة أو زائدة فى الصلاة تُبطل الصلاة وكيف أن لفة زائدة أو ناقصة تُبطل الطقس وتفقده قيمته , فلماذا هذا الإلتزام الصارم , ولماذا أى خلل فى التعداد والأرقام تفسد الأمور ؟!
الفكرة أن يتم برمجة الإنسان على أداء فعل بدون أن يفكر فتتعطل قدرة العقل على النقد والجدال ليتم بعدها تمرير جبال من الخرافات والغيبيات مع مزيد من التسليم والإنبطاح .
- هناك علاقة جدلية يمكن تلمسها بين السخافة والمظالم فعندما نؤمن بسخافات سيكون بوسعنا إرتكاب المظالم من أجل أن تظل سخافاتنا قائمة , غباء الإنسان وبشاعته عندما يعتبر سخافاته ذات معنى وقيمة .
- الدين يقوم على خلق فوبيا تجاه الأخر , فلابد أن يوجد أخر يتم تحميله كل الكراهية والعداوة , وإذا لم يتواجد الاخر البشرى فسيحل الشيطان .. لو نزعت الأخر من المشهد الدينى سواء بشرى أو شيطانى فلن تجد دين .
- هناك فرق كبير بين الاعتقاد الديني المؤسس علي الخوف والخضوع والعجز والجهل والشعور بالدونية واللاعقلانية , وبين الاعتقاد العقلي المؤسس علي الثقة في القدرات الإنسانية وقدرتها على المواجهة , لا يمكن ممارسة الإعتقاد العقلي في الأديان مهما أدعي الدينيون , فالنظرة الشاملة والمحايدة لأفكار المؤمنين تؤكد أن الخرافة فى النسيج الأصيل لمعتقداتهم , فتصوراتهم للإله ومعجزات أنبياءهم وكتبهم المقدسة وتحريماتهم وحكايات رسلهم وغيبياتهم وأخلاقهم كلها لاعقلانية بامتياز , لذا تجد من يقول لك أن الإيمان بالقلب بالرغم أن القلب مضخة للدم وليس للوعى ليكون قولهم هذا لإبعاد العقل عن الحراك والتدخل طالبين منه التسليم والإنبطاح , فهذا ما يسمى إيمان .
- يقولون لك أن الإيمان بالقلب ليعتنوا أن الإيمان يأتى بلا عقل بالرغغم أن القلب مضخة دم , أما إذا جاء الإيمان بالعقل فهم يرونه رائع فهناك دلائل عقلية تؤصل الإيمان .. حسنا طالما إعتبرنا العقل سند للإيمان , فإن تراجع العقل عن الإيمان وتشكيكه فيه فهنا لن يكون العيب فى العقل بل فى الإيمان الذى لا يجد سند عقلى .. يبدو من الأفضل لهم أن يجعلوا الإيمان فى مضخة القلب .
- حتى مقولتهم البائسة أن الله عرفوه بالعقل لا تصمد أمام قليل من التأمل فى هذا التصريح , فقد جعلوا الإله معقولاً يمكن إستيعابه بالعقل , ليهرولوا سريعا بالقول أن الإله فوق قدرة العقل على الإستيعاب .!
- الاعتقاد الديني يطلب منك أن تسلم نفسك كاملاً لكائن مطلق , وأن تسلم عقلك لرجال يدعون أنهم متحدثين باسمه مظهرين لإرادته .. أنت مخدوع وضائع ومسلوب بلا شك إن آمنت بدين هؤلاء الرجال الذين أسس تابعيهم مؤسسات الخرافة بكتب ومراجع وأبحاث وماجستير ودكتوراة ليرافقها الوصاية والقهر المسلط علي رقاب المخالفين .. إن أردت أن تدرك ذلك بعمق فلتضع نفسك مكان متدين آخر بدين مختلف لتجد أن الأمور لا تتغير ولا يوجد أى سند ليجعل هذه الخرافة صحيحة والأخرى خاطئة فكلها خرافات.
- الاعتقاد العقلي يطلب منك أن تثق في قدراتك المنطقية والعلمية والاستقلال والمصداقية والشفافية .. يطلب السعي الدائم للوعي الكاشف الفاضح المعرى لكل ما يعرض عليك .. يطلب الصدق واليقظة والشك وعدم الاستسلام للخوف والجهل واستغلال وسطوة الآخرين .. الاعتقاد العقلي يطلب الشك والمصداقية والشفافية , فالشك آلية عقلية للتقدم وتحسين فعالياتنا , آلية للتساؤلات الذكية والكاشفة , آلية التحفيز الدائم لتحليلات أكثر عمقاً وتركيبات أكثر إتساقاً فلتعلم أن الإنسان لم يتعلم ويتطور إلا بنهج الشك ليقلب الأمور فى دماغه قبل أن يعتمدها .. لذا يكون الإيمان دمار وخراب للعقل البشرى .
- رجال الدين الذين يمارسون عملية تقبيح وذم لأصحاب العقائد المغايرة لهم أو الذين يسلكون سلوكاً مغايراً لرؤيتهم للأخلاق والفضيلة هم باحثون عن لذة التمايز التى تصاحبها لذة الوصاية فليس هناك حرص على أخلاق و فضيلة ولا يحزنون بل تمايز ووصاية تُعطى لوجودهم معنى وقيمة على حساب الآخرين .
- لماذا ينعدم التعصب والتزمت لمعتقد أوأيدلوجية فى البلدان التى يحظى فيها الإنسان على حريته وحقوقه الإنسانية ؟ .. الإنسان يتعصب ويتزمت عندما يكون مهمشاً ..إنه يبحث عن قضية ينتمى لها يُثبت بها وجوده الضائع معلناً أنه ضد التهمييش .
- يخطأ من يظن أن عداء أصحاب الايمان والاديان للمخالفين لهم كونهم ليسوا أصحاب فضيلة وايمان حق بل لانهم مناهضين لمصالحهم .. هناك حمقى ومنبطحين وصل بهم الغباء حداً أن يعادوك كونك مختلف فكرياً وعقائدياً .. هم ورثوا عداء القدماء الباحثين عن مصالحهم بدون عقل بينما لم تعد تلك المصالح قائمة , مثالى على ذلك حد الردة فالقدماء رأوا الخروج عن الجماعة هو إنتقاص لمصالحهم وإضافة لمصالح الآخر وقوته الإنتاجية بينما واقعنا ليس به تلك العلاقات و المصالح .
- لا يجرؤ الدينى الإجابة على سؤال لماذا خرافاتك صحيحة بينما خرافات الآخرين خاطئة , لذا يصبح من القبح والبشاعة والهمجية أن تضطهد أحد لأنك ترى أن خرافاته خاطئة ..أرى أن من رسم فكرة الإله الذى ينتفض من خرافات الآخرين ويطلب قتلهم يعبر عن رغبته فى إطلاق طاقة عنف تطلب التفريغ .
- إذا كنت تعيساً مهمشاً في حياتك لتحس بأنك آلة إستماع للماما والبابا والمعلم والكاهن أو لشخص ما في التلفزيون يخبرك بالطريقة المثلى لمسح مؤخرتك ، فأنت تستحق ما تعانيه .
- الاعتقاد الديني خاضع للتصنيفات الجامدة ولتقديس الموت وإحتقار الحياة كإحتفال ضخم بالعدم بالرغم أنهم ينتفضون من كلمة العدمية , ولكن العدم حاضر فى فكرهم وفلسفتهم عندما يفرطون فى الحياة من أجل ما بعد الموت , أما الاعتقاد العقلي فرؤيته مرنة متحركة كإحتفال بما هو متوفر وقائم من حياة وصيرورة ووجود .
- لماذا يعادى الفكر الدينى الموسيقى .. ماذا يعنى تحريم ذبذبات وترددات صوتية ؟!
الموسيقى منظومة للحياة والدين منظومة تبنى ذاتها على حضور الموت ليجيش الدين الإنسان فى منظومته , لذا فأى مشروع داعى للحياة وإهمال الموت هو مناهض لخططه فى السيطرة والهيمنة على دماغ ووجدان الإنسان .
- الموسيقى ترقرق مشاعرنا وأحاسيسنا وتسمو بنا لتمنحنا السلام والهدوء الداخلى , لذا يقول عنها أصحاب الفكر الدينى أنها تميع الرجال وفى قول تنفيرى أخر أنها أنشودة الشيطان .. ولكن لماذا هم مستاءون من هذه الحالة ؟ .. هناك مشروع جبهوى قتالى فى الطريق فلا نريد لهذه الرقة والعذوبة والسلام أن تتواجد فى نفوس ستقاتل وتذبح .. كل جيوش العالم تمنع الموسيقى .
- كيف يتقبل العقل الإيمانى فكرة طوبى للحزانى لأنهم يفرحون .. كيف تغضب الآلهة من الذين يضحكون ويفرحون وترضى بمن يحزنون ويبكون ؟ فهل الآلهة نكدية أم تعزية وتخدير الحزانى , أم من رحم الحزن يُولد الخضوع والإستسلام .
- لن يوجد أى دين بدون أن يسوق لمجموعة من الأفعال المادية يطلقون عليه طقس ليفعلها المؤمن كالأبله .. هذه الافعال لا تأتى جزافاً بل لها رؤية عميقة فى ترويض الإنسان وسحق دماغه , فالتدريب على تمارين الترويض يأتى لضمان الإيمان , فحينما يؤدى الإنسان أداء حركى لا يفهمه ولا يعرف مغزاه ليمارسه بدون تأمل أو تفكير فهنا قد تم سحقه تماماً كحال المنظومات العسكرية التى تطالب بأداء حركات بدون جدال بغية الترويض ليتشابه هذا مع اداء الطقوس , فالمؤمن لن يتوقف بعدها ليمارس أى تأمل فكرى لما يلقى أمامه من خرافه فقد تم برمجته على أداء حركى فلم يتوقف ولم يندهش .
- العقلية الإيمانية عقلية بسيطة طفولية طيبة لا تخلو من انتهازية , فهى صدقت بمن إختزل الكون والوجود بكل تعقيداته فى كلمة واحدة " الله خالق الكون والحياة " ومن هذا النهج يصدقون نفس المصدر عندما يقول إنهم سيذهبون عنده .. هم يصدقون بعملية الخلق رغم هراءها وعدم وجود أى دلائل تثبتها .. فألا يتوقفون عن تجميع جزيئات جسدهم المبعثرة فى الحياة والوجود والتى دخلت فى دورات ووحدات حياتية وجودية عديدة فكيف يتم التجميع.. حينما يقتنع المؤمن بحياة واحدة فلن تجد أحد يؤمن بإله أو دين ولن يبدد أحد دقيقة من وقته فى صلوات وتضرعات .
- لماذا نحظى فى بلادنا الإسلامية على الرصيد الأوفر من قصص الجن والشياطين والعفاريت فى نشاطها وتأثيرها ومغامراتها بينما ينعدم فعلها وحراكها فى دول العالم المتحضر ..هل لأن الجن والعفاريت تستأنسنا أم أن العالم الحر إمتلك العلم والثقة والصحة النفسية وإبتعد عن كل تراث وثقافة قديمة جاهلة خرافية .. كلما تمرغ الإنسان فى التراث الدينى وإستمد منه ثقافته فإعلم أن أوهامنا ستحضر الجن والعفاريت لتلهو وتلعب فينا أو تتبول فى آذاننا أوتشاركنا النكاح أو تمنع رجالنا عن الفعل والتأثير .. الفوبيا والعقد والكبت الجنسى سيجعل الجن والعفاريت صاحبة الكلمة والفعل فى عقول وأجساد أعياها الجهل والقهر والحرمان .
- ما سر هذا الإحتفاء بإنسان ترك دينه وإنضم لديننا .. لماذا هذا الإحتفال بإنسان غير فكرة فى دماغه ليستبدل خرافة بخرافة أخرى فهذا ما يدور فى دماغه أو للدقة هى حالته النفسية المزاجية .
السر فى الإحتفاء هو احاسيس ومفاهيم ممتزجة ما بين الإحساس بالدونية والتهمييش فى عالم لم يعد يحتفى بخرافاتنا , فنسعد عندما نجد من يحسسنا بأن معتقداتنا ليست واهية وتزداد سعادتنا بإنضمام أصحاب البشرة البيضاء والعيون الزرقاء فهاهم اصحاب التقدم والتطور يقتنعون بخرافاتنا .. نسعد كوننا لسنا الوحيدون فى عالم يهمشنا ويسخر منا .!
- نحتفى بمن ينضم إلى ديننا ونهلل له وعندما يواجه بعض الصعوبات من أتباع دينه القديم نغضب ونثور ونندد ونعلن عن حق الإنسان فى الفكر والإعتقاد .. ولكن عندما يخرج أحد من حظيرتنا نلعنه ونلقى بوثيقة حقوق الإنسان عند أقرب صندوق قمامة لنمارس إضطهادنا له , ولا مانع أن نفصل رأسه اللعين عن جسده الذى إرتضى بعقيدة غير ديننا .
- انزعاجنا بخروج أحد من ديننا هو شعور تم تصديره لنا بالوارثة والثقافة منشأه فكر وشعور القبيلة التى ترى بخروج فرد من الدين هو خروج عن وحدة القبيلة و خيانة لها وإنتقاص من قواها الإنتاجية لينضم لمشروع قبيلة أخرى يكون إضافة لها .
- نحن نحرث فى الماء عندما نبحث عن إصلاح مجتماعاتنا .. ستكون عمليات ترقيعية فى الثوب البالى طالما ظل المنهج الفكرى الثقافى البائس حاضراً متصلداً يأبى أن يتغير أو يرحل .
دمتم بخير .
لو بطلنا نحلم نموت .. فليه ما نحلمش التخلص من كابوس الأديان .
#سامى_لبيب (هاشتاغ)