أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - العراق وأزمة الهوية.














المزيد.....

العراق وأزمة الهوية.


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5206 - 2016 / 6 / 27 - 15:13
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


العراق وأزمة الهوية.


من المصادفات الغريبة أن تأريخا أصيلا ذا هوية مميزة وفريدة ورائدة مثل تأريخ العراق الغائر في ذاكرة الوجود وأول مجتمع تبلورت فيه مسميات الهوية والشكل يفتقد اليوم إلى مسمى واضح فيما يتعلق بالهوية والماهية، وبعد كل ذاك الحراك الحضاري والمعرفي يعود ليبحث عن عنوان يستر به واقع مؤلم تتقاذفه الأمنيات الرخيصة والأحلام الفردية، وتحاول التخلي عن وجود أصيل للبحث عن وجود يلبي حاجات آنية ومتطلبات تتعلق بالمصالح دون أن تهتم بالبعد النظري والقيمي لمعنى تأريخ الهوية وهوية التأريخ.
هنا يطرح البعض جملة من التشكيكات في معنى الهوية مرة ومرة في معنى التسمية، وكلا المحاولتين تصب في خانة ومجرى واحد يحاول أنتزاع دلالات حضارية وفكرية من واقعها ورميها كمقدمة لإلغاء الزمن ومسح الذاكرة وتغييب الوعي، في معنى الهوية يرجع البعض دلالة المعنى إلى جملة من التصورات الغير حقيقية التي يبشر بها عقل جمعي لا واعي كما يقولون يبحث عن أعذار ومبررات ليزرع وهما في ذاكرتنا، وما يسمى بالهوية عندهم مجرد معالجة غير موفقة لقراءة واقع رسم خارج المنطق وخارج ضروريات اللزوم الإنساني بأعتبار أن الإنسان يحمل هوية واحدة هي الهوية الكونية.
هذا الزعم والتبرير يكون مقبولا حينما يتنازل الكل عن تحديدات الهوية ويصار إلى أتفاق كوني بأن الإنسان واحد، متعدد في الصورة ولكنه في الأصل يملك ذات المقومات وذات الماهية التي تجعله متساوي في حق الوجود وحق الخيارات، العذر سيكون ليس من العدل أن نفرض على الأخر أن يؤمن بفرضية قد تبدو الآن نوع من اليوتيبيا الخيالية وعلينا أن نقر ولو مرحليا أن الواقع الكوني شيء والأفتراض المنطقي شيء أخر، هنا يتهافت منطق الداعين إلى فكرة الإنسان الكوني والتخلي عن الهوية التأريخية، إضافة إلى أن الهدف الأساسي ليس فلسفيا ولا معرفيا في الطرح أو في التقدمة، بقدر ما هو أستجابة لدواع خارج مديات الدعوة وقد تكون لها أساس في فكرة أيديولوجية ما.
إذن التشكيك في التسمية لا يخلو من هدف خفي ولأجل قضية مضمرة يراد لها أن تبرز أو يراد للمعنى أن يتشتت، في الجانب الأخر هناك صوت يشكك في ماهية الهوية العراقية نافيا أن تكون هذه الماهية حاصلة فعلا أو لها حيز في الواقع، يستند هؤلاء الدعاة اليوم على حقائق الجغرافيا والتاريخ والتجربة الإنسانية التي تثبت هوية مشوشة وغير مستقرة وليس لها ملامح حقيقية بأعتبار أن العراق ككيان جغرافي وتأريخي لم يكم واحدا على مر التأريخ، ولا موحدا في تركيبته الديموغرافية ولا في ثقافته وحضارته وعماده الأهم اللغة.
يؤكد هؤلاء على مفاهيم جزئية ويظهرون أن المعيار الفلسفي لتحديد معنى الهوية يعتمد على أس واحد أو بعض الأسس التي تعني في مضمونه الوحدة القيمية، كاللغة أو الدين أو العنصرية وكأن العراق هو الكيان التأريخي الوحيد الذي شذ عن قاعدة التنوع الإيجابي والتعدد الفكري والثقافي والحضاري، إن التعدد والتلون يشكل في حد ذاته واحدا من أهم أسباب القدرة على تحريك الوجود من خلال التفاعل المثمر في جذور المجتمع والتي تتفرع عادة منه أجيالا جديدة من الأفكار والرؤى، أوربا الثقافية الحضارية والهند المتنوعة وحتى بلاد فارس وتركيا لم تشهد التطوع والنضج المعرف لولا هذا التنوع والمشاركة متعدد التأثيرات، عكس المجتمعات العقيمة التي تدور في أطارها التقليدي المنغلق ما لم تتحرك ضمن مؤثر خارجي كما حدث في مجتمع مكة والمدينة سابقا ومجتمع الجزيرة والخليج حاليا.
العراق المتعدد العروق والثقافات واللغات والوعي المركب هو الذي قاد صنع الحضارة، وهو الذي كان رياديا في صناعة التأريخ المدون، كمعرفة مبتكرة دون أن يسأل أحد عن معنى الماهية، العراق المتنوع والمنفتح على فضاءات حرة وديناميكية قادر بالقوة الطبيعية أن يستعيد دوره الحضاري والتأريخي، وأن يخلق ويصنع رؤيته الكلية للكون والوجود، مستفيدا من قدرة التنوع على طرح الإثراء المعرفي والتراكم الحضاري ليكون واحدا من المجتمعات التي تحتفظ بهوية خاصة، لا تنتزع ولا تتبدل نتيجة أختلال في توازنات القوة الذاتية له أو الوعي بها، بفعل الغزو الخارجي الناسف لوحدة الأنتماء أو التدخل لتحريف مسارات السيرورة عنده.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البيان المدني
- انا لون الرماد ...طز بالحجر
- نحن والعمة بريطانيا
- كوميديا السارق والسارقة باللون الاحمر والاخضر
- الحجاب والخداع الفقهي باستغلال النص. ح4
- إسلام معاصر ومسلمون تحت الوصاية ح 2
- أسلام معاصر ومسلمون تحت الوصاية ح1
- الحجاب والخداع الفقهي باستغلال النص. ح3
- الحجاب والخداع الفقهي باستغلال النص. ح1
- الحجاب والخداع الفقهي باستغلال النص. ح2
- ماذا نريد من الله ... الكلمة الأخيرة.ح3
- لو أصبحت رئيسا للوزراء هذه خطواتي الأولى...ج2
- ماذا نريد من الله ... الكلمة الأخيرة.ح2
- لو أصبحت رئيسا للوزراء هذه خطواتي الأولى...ج1
- ماذا نريد من الله ... الكلمة الأخيرة.ح1
- ترانيم الصباح ...أمنيات لا ترفع للسماء
- من سلسلة _ جدلية الزمن والمكان في النص الديني ح4
- من سلسلة _ جدلية الزمن والمكان في النص الديني ح5
- من سلسلة _ جدلية الزمن والمكان في النص الديني ح3
- من سلسلة _ جدلية الزمن والمكان في النص الديني ح2


المزيد.....




- لحظة لقاء أطول وأقصر سيدتين في العالم لأول مرة.. شاهد الفرق ...
- بوتين يحذر من استهداف الدول التي تُستخدم أسلحتها ضد روسيا وي ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك شمال قطاع غزة
- هيّا نحتفل مع العالم بيوم التلفزيون، كيف تطوّرت -أم الشاشات- ...
- نجاح غير مسبوق في التحول الرقمي.. بومي تُكرّم 5 شركاء مبدعين ...
- أبرز ردود الفعل الدولية على مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالا ...
- الفصل الخامس والسبعون - أمين
- السفير الروسي في لندن: روسيا ستقيم رئاسة ترامب من خلال أفعال ...
- رصد صواريخ -حزب الله- تحلق في أجواء نهاريا
- مصر تعلن تمويل سد في الكونغو الديمقراطية وتتفق معها على مبدأ ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - العراق وأزمة الهوية.