|
اللاجئون السوريون والعيد ..كلام خارج النص
أسعد العزوني
الحوار المتمدن-العدد: 5205 - 2016 / 6 / 26 - 17:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عشرة أعياد تباعا تمر على إخوتنا اللاجئين السوريين وهم في غياهب الشتات ، تتلقفهم المعاناة في الغربة ،ويطحنهم الحنين إلى بلدهم الذي يشاهدون فصول تدميره من قبل البعيد قبل القريب ، وتنفطر قلوبهم حزناعلى أهلهم الأسرى في ما تبقى من بيوتهم ، وتطاردهم لعنة الإستقرار التي كان يجب أن تلاحق من ظلمهم ، وتقتص منه رحمة ورأفة بالأطفال الرضع والشيوخ والنساء ، الذين يشتركون جميعا بتداعيات المأساة السورية ، فكلهم فقد بيته وأعزاء عليه ، إن قتلا بالرصاص أو إعداما في المعتقلات أو خنقا تحت الأنقاض ، أو قتلا بالبراميل المتفجرة التي تنهار عليه من الجو ، بواسطة طائرات النظام السوري وحلفائه البعيدين قبل القريبين!! وأخيرا الغرق في مياه البحر وهم في طريقهم إلى الغرب . هذه هي أعياد اللاجئين السوريين منذ خمس سنوات ، ولا يلوح في الأفق القريب أي بادرة تنقل هؤلاء المشردين الجدد ، من واقع المعاناة والحرمان إلى حالة الإستقرار التي كانوا عليها في وطنهم ، قبل إعلان النظام الحرب عليهم ، لأنهم طالبوا بالحد الأدنى من الكرامة ، وأن يكونوا مسجلين في سجلات الإنسانية . كان السوريون قبل إعلان الحرب عليهم من قبل النظام وحلفائه الدوليين والإقليميين ، ينعمون بالرضا والقناعة وبعض الهدوء ، ولم يكن سوى الله وحده وجلاوزة النظام يعلمون كيف تسير الأمور في سوريا ، لكن الحياة من الخارج كانت تبدو هادئة ، تماما كما هو الحال بالنسبة لنهر النيل الهاديء سطحا ، لكنه الهادر قاعا . كنا عندما نزور سوريا نستنشق عطر ياسمين الشام الدمشقي ، ونستمتع ببردى وبكل مناطق الشام وخاصة جبل قاسيون في الليل ، ونعود محملين بالهدايا التي كنا نشتريها من سوق الحميدية ، وكم كنا نستمتع في مطاعم الشام ونتلذذ بوجباتها وحلوياتها ، لكننا اليوم لم نعد نذهب لسوريا ، وإفتقدنا عطر الياسمين والنكهات السورية اللذيذة ، وبتنا عندما نسمع خبرا من سوريا ، نبكي على ما آلت إليه الوضاع هناك ، وعلى المصير الذي فرض على أهل سوريا ، وكيف فرض عليهم أن يكونوا مشتتين محرومين ، يعانون من فقدانهم لوطنهم وبيوتهم وفلذات أكبادهم . وأصبحت أصوات القذائف والإنفجارات والرصاص ، تلازم أسماع الأهالي في المناطق الحدودية القريبة من سوريا في الأردن ولبنان والعراق وسوريا ، وقد تبدلت رياحين الشام بروائح البارود واللحم المشوي على لهيب البراميل المتفجرة ، وكذلك الدم المسفوح على أيدي الخوارج الجدد داعش وكامل العائلة الإرهابية . ضاقت عليهم الأرض العربية والإسلامية بما رحبت ، فإضطروا إلى ركوب موج البحر، على متن قوارب تجار البشر والمهربين المهترئة مقابل مبالغ كبيرة ، علهم يصلون إلى أوروبا ، فيقضي بعضهم في البحر بعد إنقلاب القوارب المهترئة ، حيث تتلقفه أسماك القرش والأمواج العاتية ، وينتهي البعض في بطن الحوت ، في حين أن البعض الآخر تقذفه الأمواج على الشاطيء جثثا هامدة منتفخة ، بينما ينج القليل ، ليجدوا أنفسهم رهينة المحبسين إما التنصير مقابل اللجوء أو التعرض للعذابات في معسكرات الإعتقال الجديدة . السوريون من عشاق الحياة ، وهم الأمهر في التعامل معها ، لكننا نحن المضيفين لهم عبارة عن تنابل ، لا نشبههم في شيء ، فهم دائمو الحركة ويعملون رجالا ونساءا وأطفالا ، بينما نحن عكسهم في كل شيء ، ولهذا نشطوا الزراعة والتجارة وكل أنماط الحياة في لدول المضيفة لهم ، ومع ذلك يقال عنهم أنهم تسببوا في رفع الأسعار ، دون أن نحمل المسؤولية لتجارنا ، كما أنهم أثقلوا علينا في المياه ،دون أن نعترف بجهودهم التي شكلت نقلة نوعية في الحياة الأردنية على وجه الخصوص. عمل اللاجئون السوريون على تحسين أنماط الحياة في دول اللجوء وهي الأردن والعراق وتركيا ولبنان ، ولا أحد ينكر أنهم أحدثوا تغييرا آخر في أماكن لجوئهم في الغرب ، وأبهروا الغربيين الذين كانوا ينظرون إلينا ، على أننا لسنا من هذا الكوكب بحسب نظرة الآخر العدو لنا ، ونسمع الألمان على وجه الخصوص يتحدثون عن هذا الفرق . نقول بعيدا عن تقوى الله أن السوريين ينافسوننا في بلداننا ، ولم نسأ ل عن سر نجاحهم ، وقد نظرنا إليهم نظرة غير مريحة ، وكان البعض يتصل بهم ويسألهم إن كان لديهم بنات صغيرات في السن للزواج ، والغريب في الأمر أن البعض كان يتفاخر بأنه دفع مهرا لا يزيد عن مئة دولار. كانت المرأة السورية قبل إعلان النظام الحرب على السوريين تعيش ملكة في بيتها وعند أهلها ، حيث الجمال الطبيعي ، لكنها وجدت نفسها مضطرة للعيش في صحراء قاحلة يشكو حتى البؤس منها ، ورغم أن العواصم العالمية منشغلة بالمأساة السورية ، الا أن أحدا لم يطرح اللاجئين السوريين على طاولة المفاوضات لإعادتهم إلى بيوتهم ، بل ينشط المؤسسات الدولية المالية لتوطين اللاجئين السوريين حيث هم ، وكأننا ما نزال نعيش زمن المعجزات ، وننتظر البراق يحمل على متنه رسولا للمحبة والسلام . العيد بالنسبة للاجئين السوريين طعمه مر كما العلقم ، فكيف يفرح اليتيم الذي يعلم أن أباه قتل ظلما أو غدرا ، وكيف تفرح الأم التي فقدت فلذة كبدها برصاص النظام الذي تحالف مع كل شياطين الأرض ، ليس لتحرير الجولان بل لقتل شعبه الذي عاش مسالما يقبل بالأمر الواقع. وإستنادا لما تقدم فإن العيد بالنسبة للاجئين السوريين مدعاة لفتح الجروح الغائرة وتجدد نزفها ، لأن الأطفال كانوا سابقا معتادين على تقبيل يد أبيهم وتسلم العيدية منه ، والذي كان يشتري لهم ملابس العيد قبل حلول العيد بأيام ، كما أن المرأة اللاجئة لم تعد تصنع الكعك وتعد القهوة المرة لإستقبال إخوتها وأبناء عمومتها وأبناء أخوالها الذين كانوا يأتون لزيارتها ومنحها العيدية ، لأن غالبية هؤلاء أصبحوا في عليين .
#أسعد_العزوني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النائب عبد الهادي المحارمة: مدينة سحّاب أردنية وأهلها مصريون
...
-
توطين اليهود الأكراد في العراق..قنبلة الموسم
-
الصليب الاحمر البريطاني يستضيف المنظمة العربية للهلال الأحمر
...
-
لماذا لم ينتصر العرب ؟
-
الأمين العام للمنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر -ا
...
-
اليسار العربي حالة هلامية وتشبيك إنتهازي
-
أورلاندو ليس داعشيا
-
متطلبات نجاح حكومة الملقي
-
عملية عين الباشا .. كلام لم يقله أحد
-
عملية -تل الربيع- نفذها الموساد
-
توطين السوريين
-
العصفور الذي تحول إلى نسر
-
مؤتمر باريس الدولي للسلام..مستدمرة إسرائيل تؤكد ذاتها
-
-السفراء العرب- : اهتمام -السعودية- بدعم جهود المنظمة العربي
...
-
المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر تكشف عن أحدث مش
...
-
-المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر- عضواً تأسيسيا
...
-
في رحاب الإستقلال
-
الكونفدرالية الأردنية –الفلسطينية .. كلام يجب أن يقال
-
التوقيع الفلسطيني
-
ذكرى النكبة .. ليلة فرح فلسطينية في -الأرثوذكسية-
المزيد.....
-
ترامب يوضح دور إيلون ماسك في إدارته: لا يفعل أي شيء دون مواف
...
-
مصدر لـCNN: ترامب ونتنياهو يعقدان مؤتمرا صحفيا مشتركا الثلاث
...
-
ترامب يُعلّق فرض الرسوم الجمركية على كندا والمكسيك لمدة شهر
...
-
في رسالة لأميركا..وزراء عرب يعارضون تهجير الفلسطينيين من غزة
...
-
الرئيس المصري يتلقى دعوة لحضور احتفالات الذكرى الثمانين للنص
...
-
روبيو: علينا أن نمارس مزيدا من الضغط على إيران
-
روبيو: وكالة USAID تقوض عمل الحكومة الأمريكية
-
طلاب من جامعة كولومبيا يقاضون الإدارة بعد إيقافهم بسبب مظاهر
...
-
إعلان حالة التأهب الجوي في خمس مقاطعات أوكرانية
-
مصر.. تفاصيل حكم ببراءة نجل الداعية الشهير محمد حسان في قضية
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|