صلاح الدين محسن
كاتب مصري - كندي
(Salah El Din Mohssein)
الحوار المتمدن-العدد: 5202 - 2016 / 6 / 23 - 18:26
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يتردد كثيراً السؤال " هل تومن بنظرية المؤامرة " ؟ , بنفس طريقة من يسأل : " هل تؤمن بوجود الجن والعفاريت" !؟
المؤامرة ليست شيئاً خرافياً , ولا هي بالضرورة وهماً نفسياً . او وسواساً قهرياً . ومن الممكن منع استخدامها كشماعة تعلق عليها الخطايا والأخطاء والآثام
قبل أن ندلي برأينا في موضوع السؤال عما اذا كانت توجد بالفعل مؤامرة دولية ضد دول وشعوب المنطقة الناطقة بالعربية , الواقعة تحت سيف ما يشبه " قضاء وقدر" خريطة شرق أوسطية جديدة لها , بتقسيمها , بعد تدميرها , واعمال القتل وتشريد الآلاف , والملايين من شعوبها
يهمنا في البداية نود التركيز علي شيء هام , هو :
في حالة وقوع كارثة فوق رأس أمة . واكتشاف وجود مؤامرة , تقف وراء ذلك , سواء جاءت من الخارج أم نبتت من الداخل . فعلي ولي أمر البلاد ان يستقيل من منصبه . لان من مهامه , الانتباه واليقظة لافشال وابطال اية مؤامرة قد تحاك ضد بلاده , وصدها صداً مبكراً من قبل وقوع الدمار أو الاذي .
فان أغفل المسؤول , أو تقاعس أو أهمل ... أو تواطأ .. فهنا يجب محاكمته ومجازاته علي قدر ما جري من الأضرار أو الدمار
ومن غير المعقول , أن يتنصل من المسؤولية بقوله : لقد كانت هناك مؤامرة ..
والرد عليه : وأين كنت !؟ يجب أن تتحمل المسؤولية ؟؟
أما عن صحة وجو المؤامرة – سابق الحديث عنها - فنقول :
المؤامرة بشكل عام , شيء طبيعي تماماً . قد يحدث في داخل الأسرة . وفي العائلة . بأن يتأمر بعضها أو غالبيتها , ضد البعض أو ضد فرد .
وكذلك قد تحدث مؤامرة علي مستوي قرية – من داخلها أو من خارجها - ,, وعلي مستوي ما هو أعلي من القرية , حتي نصل الي امكانية حدوث المؤامرة , داخل الدولة الواحدة . وبالطبع علي مستوي دول منطقة ما , وكذك علي مستوي العالم . مؤامرة تحيكها بضع دول ضد دولة معينة , أو ضد بعض الدول الأخري ..
هذا شيء طبيعي ...
ثم ياتي للسؤال : هل توجد مؤامرة ضد دول الشرق الاوسط ( ولاسيما الناطقة بالعربية ) !؟ .
لمن لا يدري , أو لمن يتظاهر ,أو يوهم الآخرين بان الاعتقاد في وجود مؤامرة هكذا , هو محض وسواس قهري . أو اصطناع شماعة , لتعليق الاعذار والتبريرات فوقها . لتبرئة أنفسنا أو لتبرئة أولي الامر فينا .
نذكر هؤلاء باحدث تاريخ المؤامرة علي دول وشعوب المنطقة الناطقة بالعربية . فمنذ النصف الأخير من القرن الماضي , وحتي أوائل هذا القرن . حدثت المؤامرات التالية :
1 – عندما وقعت هزيمة وكارثة 5 يونيه 1967 ببطولة الزعيم الراحل " عبد الناصر " . أعلن الرئيس الامريكا وقتذاك " ليندون جونسون " نجاح مؤامرته – خطة اصطياد الديك المختال بمنطقة الشرق الأوسط – لدحر عبد الناصر , وكسر أنفه - .
وعندما خف وفد من وجوه الناطقين بالعربية . لمقابلة الرئيس الأمريكي " جونسون " . استقبلهم ومعه كلبه .. وعندما اقترب منهم بدأ المقابلة بالتحدث الي كلبه قائلاً له " من يهدد جيرانه الطيبين , ماذا يستحق !؟ " – ويقصد بذلك تهديد عبد الناصر لاسرائيل . التي تتعهد أمريكا بضمان بقائها . ( الواقعة رواها " محمد حسنين هيكل " باحدي مقالاته بجريدة الأهرام . بعد هزيمة يونيه 1967 ) .
2 – عندما أرادت أمريكا توريط " صدام " في حرب . أوعزت لسفيرتها في بغداد . بان توسوس للزعيم العراقي , بانه لا توجد اتفاقية دفاع مشترك بين أمريكا والكويت . أي أن الطريق مفتوح امامك لغزوالكويت ...
وابتلع " صدام حسين " الطعم , مثلما ابتلعه عبد الناصر في عام 1967 .. وأقدم " صدام " علي غزو الكويت , معتبراً ما قالته السفيرة الامريكية , هو ضؤ اخضر .. ! وكان ما كان .. دمر العراقيون الكويت , ثم شارك كويتيون في غزو وتدمير العراق بعد ذلك بمشاركة القوات الأمريكية في غزو العراق . في عهد جورج بوش الابن .. ولا يزال شعب العراق يدفع تعويضات للكويت .
3 – مؤامرة " صناعة شرق أوسط جديد " .. القاصي والداني يعرفون بوجود خريطة أعدتها امريكا وحلفاؤها ..
4 – مؤامرة داعش .. لدعش العراق وسوريا . بدأت تلك المؤامرة . بأن ترك جيش العراق , مواقعه في مدينة الموصل . وانسحب لأجل الدواعش القادمين من تركيا . بالاتفاق مع أمريكا واسرائيل , وبتمويل السعودية وقطر والكويت .
مؤامرات محلية :
1 - تآمر عبد الناصر مع ضابط يمني " عبد الله السلال " لاسقاط النظام في اليمن . ( بعدما أقام علاقات طيبة من نظام الامام اليمني ! . ودرّسوا لنا في بالمدارس المصرية , في الخمسينيات من القرن الماضي , عن علاقة إتحاد - اتحاد لا وحدة - بين مصر واليمن ) ! .
2 - تآمر عبد الناصر , مع البعث العراقي لاسقاط النظام لشيوعي غي العراق . بقيادة عبد الكريم قاسم . ( كان لدي عبد الناصر لاجيء سياسي بعثي اسمه " صدام حسين " هو الذي قاد العراق فيما بعد ’ علي طريق الدمار , كما قد عبد الناصر مصر , علي ذاك نفس الطريق مرتين , عام 1956 و 1967 ..
3 - تآمر عبد الناصر , مع ضابط سوداني إسمه " جعفر النميري " لعمل انقلاب , وقيام نظام موالي له . يوافقه علي مشروعه الوحدوي , وسياسته الجارية وقتذاك , في الانفتاح علي الاتحاد السوفييتي ومعاداة دول الغرب .
4 - تآمر عبد الناصر مع ضابط سوري لاسقاط نظام البعث , الذي انقلب علي الوحدة . وذاك الضابط عاش في مصر وتدرب فيها علي الطيران الحربي , ثم عاد لسوريا – كبعثي – وترقي حتي وصل لمنصب وزير الدفاع , ثم قلب نظام الحكم . ( كان قد تم نفيه إلى مصر (1959-1961) خلال فترة الوحدة بين سوريا ومصر التي لم تدم طويلاً . انه " حافظ الأسد " .
مؤامرات من الخارج بتواطؤ من الداخل :
1 - مؤامرة أمريكا مع الجيش . لادخال حزب ديني في انتخابات الرئاسة . وتزويرها ليفوز الحزب الديني . مقابل مبالغ سنوية تدفعها أمريكا للجيش تحت اسم مساعدات عسكرية ( تمويل أجنبي .. ) .
المؤامرة داخل الوطن الواحد :
1 - مؤامرة ابن أمير خليجي علي أبيه , فأطاح به , واستولي علي السلطة – 27 يونيو 1995 .. ثم تكرر سيناريو التآمر من ابنه ضده . بتخطيط من أمه الاميرة , ليتولي ابنها الحكم . فأطيح بزوجها الأمير , مثلما أطاح بأبيه من قبل ! , التآمر أخذ طابع الاكراه في بدايته , ثم تحول الي شكل التراضي وتنازل الأمير لابنه عن الحكم في 25 يونيو 2013 . : حدث هذا في قطر ..
2 - مؤامرة مجموعة رجال سُلطة عبد الناصر , بعد رحيله وتولي نائبه " السادات " خلفاً له . . باشاعة الفوضي ضده في أحد الاجتماعات . ولكن فريق آخر تآمر مع السادات وساعده علي أخذ زمام المبادرة والقبض عليهم واعتقالهم – ما سمي بحركة التصحيح 15 مايو 1971 , وتم تعديل الاسم لتكون " ثورة التصحيح ".
3 - عندما تتحالف انجلترا في بدايات القرن الماضي – وأمريكا من بعدها – مع عائلة , لتحكم تلك العائلة دولة , وتستأثر لنفسها بخيراتها دون باقي الشعب . وتصادر حقوق الانسان ببلدها , وتمول الارهاب في مختلف انحاء العالم .. وتتعهد أمريكا وانجلترا بحماية وبضمان بقائها نظام تلك العائلة .. رغم ذلك ! . بشرط أن تحفظ تلك العائلة مدخراتها في بنوك أمريكا وأوربا . عائلة أل سعود
تلك اسمها مؤامرة . مؤامرة علي أمن وامان العالم , ومؤامرة علي حقوق وحرية شعب بأكمله . انها أسوأ وأقبح مؤامرة .
كانت تلك نماذج سريعة من المؤامرة .
فهل سيستمر البعض في توجيه السؤال : هل تؤمن بنظرية المؤامرة !؟
علي هامش الموضوع : أما لماذا تتآمر أمريكا وأوربا . ضد الدول الناطقة بالعربية .. فهذا موضوع آخر . له مبرراته , التي لا تنحصر فقط في مصالح اقتصادية وامنية وسياسية , كلا .. بل وأيضاً للأخذ بأكثر من ثأر قديم جداً – ووسيط وقريب الحدوث - مستحق لاناس ضد اناس آخرين .. وذاك يرجع لما قبل التاريخ الميلادي . ومروراً ببدايات التاريخ الهجري . وتواصلاً حتي الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي . وهذا موضوع طويل وشائك ( ثأر وثأر معاكس ) , يطول شرحه . ولعلنا قد أشرنا اليه من قبل - باختصار علي نحو ما – في بعض من مقالاتنا السابقة .
http://salah48freedom.blogspot.ca/
============
#صلاح_الدين_محسن (هاشتاغ)
Salah_El_Din_Mohssein#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟