|
عبقرية ألبرت أينشتاين قياسا بعبقرية العلماء و الفلاسفة اليونانيين .
مهدي جعفر
الحوار المتمدن-العدد: 5202 - 2016 / 6 / 23 - 06:25
المحور:
الادب والفن
على ضفاف التاريخ غالبا ما نجد بشرا استثنائيين ، يضربون سائد المعتقدات و الأفكار عرض الحائط ، و ينقطعون للتفكير و التأمل و البحث من نقطة الصفر ، بحثا عن أفكار و نظريات عقلانية جديدة ، تحل القانون العلمي محل القوى الخارقة التي ظلت تمخر عباب عقل الإنسان لملايين السنين ، و عليه غالبا ما تشكل أعمال هؤلاء العباقرة قوة دافعة نحو التطور و المعراج بتلابيب العقل لدرجة السمو الإنساني ، و ذلك بتغيير نظرتنا البدائية بالكلية نحو الوجود من حولنا ، لذلك يبزغ فجر تليد في العالم عندما يطل علينا واحد فقط من هؤلاء في قرن أو حتى 10 قرون من الزمان ، لكن يغطي بأعماله العلمية و المنطقية سنوات الضحالة المعرفية التي سبقته ، لذلك كنت و لا أزال أعتبر أمثال هؤلاء يقفون في درجة واحدة مع الأنبياء أو ربما أكثر . من جملة عباقرة التاريخ قيصر العلماء " ألبرت آينشتاين " ، علامة المرحلة المعاصرة و من الظاهر أنه من أذكى البشر ، حيث ولد في ألمانيا و انتقل بين سويسرا و ايطاليا و انتهى به الحال في أمريكا حيث يعتنى بالعلماء في هذه الأرض أكثر من غيرها من أسقاع الأرض ، حيث كان مؤمنا يهودي الديانة لكن ريتشارد دوكنز عراب الإلحاد الجديد في العالم كما يلقب أبى إلى أن يعتبره ملحدا في كاتبه " وهم الإله " ، المهم و بعيدا عن زحام الأفكار التي أثيرت حول الرجل ، فإن آينشتاين شهير بالنسبيتين الخاصة و العامة ، الذي أتبث بها أبعاد الكون و أقر أن الزمان و غيره من أبعاد الكون لهم دلالة " نسبية " ، و هو غير ما كان يعتقد من قبل ، فظلا عن تميزه بتفسيراته الرياضية الحسابية ، و معادلاته المعقدة و لعل أشهرها تلك التي صيغة على شكل " E=Mc تربيع " ، حيث أرق باله و هو يحاول صياغة معادلة واحدة تفسر كلما في الوجود ، لكن لم يكسب الرهان بعد أن عجل به الموت للأسف ، و ترك مخطوطات لا زالت المحاولة جارية لمقاربتها فهما ، فخلاصة الحديث تقود الى أن أعمال ألبرت آينشتاين تجل عن العد و الحصر و بفضل أعماله عبد الطريق علميا للبشرية لكي نسير في الكون و نحن نعلم خافية أفلاكه و ما تخفي صدوره ، من هذا الحصاد الفكري العلمي الهائل ولد داهية العصر " ستيفن هوكينغ " عالم الكونيات العظيم المشهور بكرسيه المتحرك حيث يشغل حاليا * كرسي لوكاس للرياضيات * في جامعة كامبردج ، و هو منصب كان يشغله اسحاق نيوتن ذات مرة ، ناهيك عن اعتبار هوكنغ أحد أهم كوادر وكالة الفضاء الدولية الأمريكية N.A.S.A . لكن من الجحود أن نتحدث عن إنجازات العباقرة المعاصرين ، دون الحديث عن أسلافهم الذين بنو أسس العلم الحديث ، فما ماتوا إلا ليحيوا مرة أخرى عن طريق أعمالهم الخالدة ، و نخص بالمقارنة علماء اليونان السابقين على سقراط ، و لعل ما يستهوي القارئ بعد مطالعة أفكارهم خصوصا " أنكساغوراس و هيراقليطس " و هم أغارقة أقحاح ، أنهم خلقوا العلم و المعرفة من اللا شيء ، بأدوات بسيطة جدا جدا ، فلم يتسنى لهم استعمال الأدوات التي اشتغل بها آينشتاين ، لكن الناجحون كما قال " برنارد شو " إن لم يجدوا ظروف النجاح صنعوها ، فقد كانوا يمتلكون مسطرة و ريشة و أعظم شيء " العقل " . لذلك نستهل مسيرة التفكر مع النبي لو جاز التعبير " أنكساغوراس " ، و هو الذي ولد في مستعمرة يونانية اسمها إيليا ، حيث كان منظرا في شتى العلوم ، لذلك فل نسجل أنه كان داهية في الفلك - علم الكونيات - الطبيعيات - علم الأحياء و الفيزياء الدقيقة ، ناهيك عن تنظيراته الإجتماعية ، يعني أمة في رجل لا يقايض و لو بجل من ذهب ، عندما ناهز 40 سنة قدم إلى أثينا عاصمة اليونان و استقر فيها لوقت قصير ثم خرج منها مطرودا مهددا بالإغتيال و القتل ، لأنه أنكر أن الشمس إله ههه ، و الأثينيون يعتقدون أن الشمس أعظم آلهة بلاد الإغريق ، لكنه انساق خارج قطيعهم و قال أن * الشمس جرم مشتعل ملتهب ليست أكبر بكثير من شبه جزيرة لابروبونيز * و هي مستعمرة يونانية أيضا ، لكن الأثينيين لم يستوعبوا لا كلامه و لا كلام من خلف لأن الدين وقف عائقا بينهم و بين التغكير بطريقة مناسبة ، ذلك أن الدين في تاريخه غالبا ما يرسم حدود العقل ، لكن التفلسف هو حينما يصل المرء لمناطق الحدود ثم يتجاوزها كما قال برتنارد راسل ، المهم أن صاحبنا عاد الى إيليا ووجد فيها استقرارا مواتيا للإنقطاع للتأمل و التفكير بعيدا عن الضوضاء الأسطورية في أثينا ، فلاحظ حركية النيازك فحللها و فسرها ، ثم استنتج منها طبيعة الشمس و قال أن ** القمر و الشمس مكونان من نفس طبيعة كوكب الأرض ، و من المحتمل أنهم كانوا في الأول شيءا واحدا ** و هذا ما ثبت عمليا من بعد ، فظلا عن معارضته للقوانين الأربعة التي أتى بها ( آمبدكلس ) و فحواها أن الكون مكون و يتألف من مواد ذات خصائص جوهرية و هي "" التراب و الماء / النار و الهواء "" ، لكن أنكساغوراس قال عنها كلام فارغ ، و هنا العجب حيث قال أن هذه العناصر بمعية الكون تتمون من دقائق صغيرة جدا لا يمكن أن نراها بالعين بل نراها بالعقل ، و هو يشير هنا إلى ما سمي بعده بالذرات ، حيث اعتبر الحواس خداعة و عليه كان يؤمن بالعقل أكثر من إيمانه بالحواس ، أما فيما يخص تنظيراته الفلكية فهو أول من قال بتعدد الأكوان و كان راسخ في دهنه أن هناك أكيد كواكب أخرى عليها أشكال حياة كالتي على كوكبنا أو تزيد ، للإشارة فنظرية """ الأكوان المتعددة """ هي أحد النظريات المعاصرة التي أقامت دنيا العلم و لم تقعدها بعد و أول من طرحها هو الأمريكي " إيفرت " و لم يلتفت إليها إلا حديثا مع البروفيسور ريتشارد دوكنز الغني عن التعريف ، و كذلك اهتم بها بشكل لافت ستيفن هوكنغ و فسرها ب 5 معادلات تقبل ما لا نهاية من الحلول ، لذلك حلت نهايتها عند المؤمنين على الأقل ، لمن ذكرها أنكساغوراس قبل مل هؤلاء ، أما المسألة التي لا تكاد تصدق مع أنكساغورس هي أنه أول من قال بالتطور العضوي Evolution ,قبل شالز داروين و لامارك الفرنسي و روبرت شانبرز الأسكوتلاندي ، حيث قال "** أن الأشياء تتولد عن بعضها ، و كل عنصر يتولد عنه عنصر آخر مفارق له في الجوهر و الصورة ، لذلك لا أملك الا الدهشة بعد كل هذا ، ناهيك عن هذا فما تكلم عنه آينشتاين وغيره بخصوص الذرة في القرن 20 ، تكلم عنه أناكساغوراس قبل الميلاد قائلا : "" أن هذه الدقائق التي يتكون منها الكون تحمل في ذاتها كل مكونات الخارج الناطق للكون ، فهذا الصغير يحتوي الكل الكبير ، كل هذا أتى به هذا القديس قبل الميلاد ب 6 قرون حوالي 628 ق.م . و أخيرا على ان حصاد القول يفضي بنا إلى اعتبار أن أناكساغوراس يضع ألبرت آنشتاين في جيبه فقط ، بالمقارنة مع الظروف التي أتيحت لكليهما ، فآينشتاين أرجح الناس عقلا و أكبرهم علما و معرفتا في القرن 20 و 21م ، ليس إلا تلميذا كسولا يقبع في آخر الصف و أستاذه هو هذا الداهية اليوناني ، و عليه فإن تاريخ العلم عرف نقلتين نوعيتين ، على يد كل من أناكساغوراس و آينشتاين ، فقد نشأ و ولد العلم على يد الأول ، و بلغ قدرا من النضج و الرشد على يد الثاني .
#مهدي_جعفر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
- ما لم نفهمه من شعار داعش باقية و تتمدد -
-
- المرأة العربية عقلية دون الظرفية المعاشة .-
المزيد.....
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
-
-المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية
...
-
أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد
...
-
الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين
...
-
-لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
-
انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
-
مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب
...
-
فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو
...
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|