سعدي يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 1397 - 2005 / 12 / 12 - 11:06
المحور:
الادب والفن
يهبِطُ الغيمُ حتى أعالي الشــجرْ
والجذوعُ الــمُعَــرّاةُ تلمعُ في الغبَشِ
الورقُ الهشُّ يقطرُ مثل الغسيل الصِــقِـلِّـيِّ
والكونُ يُقْـلِعُ …
يا مَــرْكــباً في الأعالي :
إلى شطِّ من يقْــرعُ الطبلَ خُــذني !
*
فجأةً …
بعدَ ساعةِ " سُــورَينَ "
عندَ اقترابِكَ من سِــيفِ " شطِّ العربْ " ،
تلمُسُ الماءَ مرتفعاً في الهواءِ
الجدارُ الهُلامُ / الجدارُ الضّـبابُ / الجدارُ الذي يخنقُ النَفَـسَ
النفْـسَ
يصعدُ شيئاً فشيئاً ليبلغَ قاماتِـنا
ثم يعلو علينا
فنرتَـدُّ عن ســورِهِ لاهِـــثين .
*
يهبطُ الغيمُ حتى ترى الزانَ أسودَ في زُرقةٍ ،
وترى ساحةَ القريةِ الإنجليزيةِ انكمشتْ عن تفاصيلِــها ،
والميازيبَ معشوشباتٍ …
كأنّ البذورَ ابتنتْ منزلاً في الســماءِ ؛
انتظرتُ التي ألِــفَتْ منذ شهرٍ تناسي مواعيدِها …
وارتضيتُ ، وقد هجرتْ دوحةَ الكستناءِ العصافيرُ ، ذاكَ الغياب .
*
كنتُ ألهثُ في البصرةِ …
الشارعُ الساحليّ اختفى عند ضفّــةِ " شطّ العربْ " …
ليس إلاّ قلوعُ سفائنِ شــرقيّ إفريقيا
والنوارسُ ،
والنخلُ في الـــبُــعدِ …
والطبلُ في الــبُعدِ :
يا حبّــذا جبلُ النوبانِ من جبلٍ
وحبّـذا ساكنُ النوبانِ مَن كانا
وحبّـذا نفحاتٌ من يَـمانِـيةٍ
تأتيكَ من جبل النوبانِ أحيانا …
*
ليس في البصرة جبل . جبل سنام ؟ لكننا نُلْــحِــقهُ بالبدو .
بالكويت أو شبه الجزيرة . إلاّ أن أهل البصرة يبتدعون جبالَـهم .
كلُّ ما ارتفع ذراعاً عن الماء سُــمِّـيَ جبلاً . إذاً في البـصرةِ
جبالٌ ! جبل النوبان مثلاً …لكنه ليس جبلاً ، وليس مرتفعاً شبراً
عن الماء . إنه الجبل مطلقاً : الأرض التي يرتفعُ بها قَرعُ الطبـولِ
الإفريقية . أرضُ الزارِ والسحرِ . أرضُ سفينةِ النحاس التي ستكون
ذاتَ ليـلةٍ سفينةَ لوحٍ . سفينةَ نُوحٍ . ولسوف تعود بزنــوج
القــرن الثاني الهجريّ إلى إفريقيا …
………………………..
……………………….
……………………….
يهبطُ الغيمُ حتى أعالي الشـــجرْ !
لندن 1/12/2005
#سعدي_يوسف (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟