أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الجبار خضير عباس - سقوط بابل














المزيد.....

سقوط بابل


عبد الجبار خضير عباس

الحوار المتمدن-العدد: 5200 - 2016 / 6 / 21 - 20:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سقوط بابل
عبد الجبار خضير عباس
سقطت بابل عسكرياً مراراً، لكنها لم تسقط حضارياً، فحين دخلها كورش في العام 539 قبل الميلاد انبهر بحضارتها واحترمها على عكس ما يفعله المنتصرون في تلك الأزمنة، لكن عظمة بابل جعلته يحترم آلهتها...ولهذه الأهمية أحترمها الأسكندر المقدوني، فلم يخرب المدينة وأعز أهلها.. هذا يعني أن توهجها الحضاري لم ينطفئ عبر الزمن. وظلت رمزيتها الحضارية محل فخر لسكانها وأحياناً تختزل برمزيتها بلاد الرافدين كلها بحضارتها السومرية والأكدية والآشورية... وسطع نجمها المعرفي في العالم، إذ لا يوجد متعلم أو مثقف على كوكب الأرض لم يطلع على تاريخ بابل وعلومها، ويعلن فروض الاحترام والرهبة والإجلال لدورها الواضح في تاريخ التطور البشري، وأثرها بسلم تمدنه وتحضره، هذه الأهمية الحضارية ليس لها من مثيل في العالم، وتعد من أهم وأغلى كنوز الأرض للذين يعرفون قدرها ويثمنون معرفتها.
لكن لماذا يسعى الإسلاميون العراقيون الآن لتغيير اسم مدينة بابل، هذه العلامة السيميائية التي لا يوجد بشر على وجه المعمورة، لم يسمع بعظمتها، ولم يحترم رمزيتها الحضارية؟
ولِمَ الانزلاق غير المبرر والمسوغ نحو حقل السرديات الحضارية الكبرى مثل بابل وجعلها ساحة صراع فكري عنوة عبر محاولتهم إزالة ومحو مرتكزات الفكر الرافديني؟ تساؤلات ليس لها إجابة سوى أن هذه التوجهات لا تختلف عن ثقافة الدواعش الأوائل الذين غزوا بلاد الرافدين قبل 1400عام وفرضوا ثقافتهم وقيمهم وأعرافهم على سكان العراق، ولو أن العراقيين ما كان لهم تقبل الإسلام الجزري فكان لهم قراءتهم المختلفة وهي إسلام أهل العراق (المذهب الشيعي) والذي رفض الفتوحات/ الغزوات. لكن هؤلاء بفعلتهم هذه أوفياء لثقافة الدواعش الأوائل، وليس لفكر الإمام علي –ع- الذي يقول: "لا تكرهوا أولادكم على عاداتكم، فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم" هذه الرؤية الفكرية والسوسيولوجية التي سبق بها عصره بأنه يعي أن لكل مرحلة قراءة فكرية وسياسية وثقافية وسوسيولوجية تتناسب مع المتغير التاريخي والثقافي والاقتصادي... يقول هذا ولم يفصله عن زمن الرسول زهاء عشرين عاماً، فإنه حين عاش في الكوفة تماهى مع العراقيين واحترم، وعيهم وطباعهم وما قوله لمالك بن الأشتر: " الناس صنفان: إما أخ لكَ في الدين أو نظير لكَ في الخلق" إلا دليل على ما شاهده من تعايش المسلمين من أصل رافديني مع اليهود والمسيحيين والمندائيين ومع غيرهم بوئام. فهو لا يميز بين البشر مهما كانت دياناتهم، إذا كان الإمام -علي- لا يميز بين المؤمن والوثني، لماذا تكفرون الحجر والتاريخ، وتخشون الحضارة؟ ولمصلحة منْ تعيدون إنتاج ثقافة عكرمة، وحنظلة، وداحس والغبراء، وتقحموها في الألفية الثالثة على شعب مثل العراق؟!
إن الإسلام السياسي في العراق بدأ ينحرف عن فكر الإمام علي-ع- الذي هو محتوى المذهب الشيعي وجوهره، ويجرنا عنوة نحو ثقافة يثرب. فهو الآن ينشر ثقافته هذه بعد أن أزال كل مظاهر المدنية والتحضر عن مدن سومر، وأكد، فحوصرت الموسيقى، والفنون التشكيلية، والغناء في الجنوب العراقي ما بعد العام 2003 بوصفها مظاهر للعهر والكفر ورجمت التماثيل وأزيل بعضها، وهي البارومتر الذي يقاس به مستوى تحضر الدول. الآن ثمة محاولات لإسقاط بابل حضارياً بعد فشل عديد المرات التي سقطت فيها عسكرياً عبر الزمن، لكن هذه المرة بوساطة القوة الناعمة وألاعيبها السحرية، وسياسة التكفير، وإضفاء صفة القداسة.
وعلى الرغم من انسحابهم ونكرانهم لفعلتهم هذه، فإنه أمر ليس بغريب، كما تفعل أية مؤسسة بطريركية في أي زمان ومكان، لأنها تراهن على غباء المتلقي، لكن فاتها أننا نعيش في زمن الثورة المعلوماتية، والانترنيت... وهذا الأمر ذكرني بشخصية داعشية بعد هزيمتهم في الفلوجة، وسؤاله عن شعار (قادمون يا بغداد) قال: الحكومة فسرت الأمر بشكل خاطئ نحن نقصد زيارة أبي حنيفة النعمان!



#عبد_الجبار_خضير_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما حَملهُ غبار يثرب من مهيمنات المعنى إبان الغزو /الفتح مازا ...
- سقف ذاكرة علي بدر الحضارية في رواية الوليمة العارية
- كتاب من العنف إلى التراحم..المصالحة من رحم المستحيل
- إزاحات المعنى ومتغيرات المفهوم في (طائر القصب)
- قصف المملكة للمواقع الآثارية ...الصمت العالمي المخجل
- مقاربة نقدية...السنن التي قهرت المدينة
- خضير ميري ينقر ما تبقى من قمح أيامه وحيداً
- فك الارتباط برمال يثرب ...استعادة الذاكرة العراقية
- حضارة وادي الرافدين اختراع بشري نقض نظرية الكائنات الفضائي ...
- رمال يثرب...حمار الناعور
- تناصات توراتية.. ملحمة كلكامش (الجزء الثاني)
- تناصات توراتية ..ملحمة كلكامش (الجزء الأول) عشتا ...
- الآخر .. المختلف .. الغير مقاربة مفاهيمية
- خنزير غسيل الأموال .. منْ يعلق الجرس في رقبته؟!
- علي الوردي ..ذم صبغة الحزن في الاغنية
- تفاحة انيوتن
- قراءة في كتاب الفيليون
- سردية عراقية أم صناعة ذاكرة؟
- تصحيح السرد .. خلل السردية الكبرى
- فاجعة الاربعاء


المزيد.....




- بباقة ضخمة من البصل وسمكة -فسيخ-.. لبلبة تشارك متابعيها احتف ...
- تسريب خطط عمليات اليمن في -دردشة سيغنال-.. كيف رد وزير الدفا ...
- السعودية.. ضبط مواطن لتحرشه بحدث والأمن العام يُشهر باسمه
- صورة مؤثرة لصبي فلسطيني بُترت يده بغارة إسرائيلية تفوز بجائز ...
- بالأرقام: 11 ألف مفقود لا يزالون تحت أنقاض المنازل والمباني ...
- إيران: الجولة المقبلة من المحادثات النووية ستُعقد في سلطنة ع ...
- الصين تحذّر الدول المتفاوضة مع واشنطن: لا تمسّوا مصالحنا
- وفاة البابا فرنسيس
- بسبب ترامب.. تراجع أعداد السائحين الأجانب إلى الولايات المتح ...
- الكشف عن أول كتاب إلكتروني قابل للطي


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الجبار خضير عباس - سقوط بابل