أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يعقوب زامل الربيعي - الحلزون..














المزيد.....

الحلزون..


يعقوب زامل الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 5196 - 2016 / 6 / 17 - 12:38
المحور: الادب والفن
    



......
أمام المرآة، استدارت ثلاثاً، وقبل أن تسقط على سريرها، سحبت جسدها أمام المرآة من غير أن تنظر لشبحها الباهت.
في الإطار العام كانت حياة باطنية ذات متطلبات تمارس على جسدها غواية الحياة، وفي الجانب الآخر كانت تشعر بضمور واقعيتها. امرأة من شراهة خلابة، وكمية غير واعية من تعاويذ وأوثان ومبادئ متهافتة بين اللاهوت الشفقي المدثر بروح السكر وبين مرارة جسدها.
بالأمس تحنطت كما دمية من قش عندما همس زوجها يسألها
ــ " هل فكرتي ليلة ونحن في فراشنا بشخص آخر "؟!.
لم تكن وجيزة، ولا عملية، ولا صوفية أيضاً. لكنها على نحو من جنس لبعض طبيعتها في الميل للعقوبة، وهي تفطن لعبقرية فطنة زوجها، شعرت بأنها مثل بيضة فاسدة غير مدهشة، وغير مفيدة.
في لحظات غيبوبتها عندما تكون طريحة المرض، كانت ترحل داخل صندوق سحر موسيقى غير معزوفة خارج جسدها، ومن غير وضوح، تسقط داخل الحلزون الأفعوان، منتظرة غبار الموت في جهنم انزوائها.
منذ ساعة سقطت الظلمة. وسقطت هي ساكنة سكون خطوة متجمدة، وعارية مثل شعور لا يفسر.
في العتمة، كان صوت مجذاف ثمل يزيح الماء. وشيء من أرض غامقة بطيئة تحت صعود سواد خافت. مزيج من رائحة ياسمينة كانت تلامسها صباحا في طريقها لعملها صباحا، وعند العودة تتحسس نهديها كأنها ما تزال ببعض ذاك الشذى، ومن مزيج سفر طويل في حشد شبق عارم كان يشعرها بوجودها المتلألئ صعودا وهبوطا.
ــ لا أريد شيئا !
لحظة من هدنة. ولحظات من تجوال كأنها في حقول الصبار. أرض من جرار وفخاريات، وحيث ثمة شعاب طينية نصف كروية تقع في كثافة ماء صاخب. طرق أسطورية أشد قسوة من لمعان الفسفور.
بين حركة التيارات المائية وهي تتخلل ثقوب الحجر الصلد، هناك، وبين ضجيج شراشف لم تعد مقدسة. حاولت أن تفكر فيه على نحو حضوره المتسلط على كيانها. حاولت أن تتذكر بعض كلماته.. بعض ملامحه وهو ينزوي فيها، أو بعض مقاطع قصيدة كتبها لثوري في بوليفيا، وبلا رحمة راحت تجلد جبروتها بأصابع سريعة كالطلقات.
كان الطين والقرنفل يتخذ ملامح وليمة على جسدها. الصحراء الجليدية تتفرس بوجهها. ومثل سفينة كانت تمتد فرسخاً بعد فرسخ، ومعها كانت المدن تتأخر سراعاً للوراء. أما الهبوط الذهبي فكان مثل زناد بندقية محشوة بالنار يرتخي تحت أصابعها.
الشيء الذي شغل رأسها، تحرك للأعلى ثم الأسفل، أكثر ما كان يتحرك نحو الجوانب الخاملة. وحدها كانت في القفر المضبب.. العابق الساخن. كانت تشعر بأنها لا تنتمي لعالم من الافتراض الصرف، إنما لعالم هي فيه مخلوقة من لا توازن.
في المرآة، وهي تراقب قطرة ماء ساخنة تقطرت من عينها. القطرة التي تشبثت بين جلدة الموق والرمش لم تسقط إلا بعد وقت على سطح خدها، ثم لتنحدر بتمهل على نقرة ظليلة قرب طارف شفتيها.
لحظتها شعرت مع مذاق الملح والنجيع، أنها كانت على موعد مع هذا الغير قابل للمس ولا للكسر ولا للاعوجاج.. كما يحدث في الكيمياء الحياتية أو في حركة الفيزياء من تماهي وشد وتقاطع. الى التوازن الذي يصيب السعادة بالغرابة لأن ثمَ غرام مفرط يسلك طريقه في كل الاجزاء دون أن يضمحل أو يغيب أو يموت، أو تنتظر من يأتي ليطرده من شروخ جسدها ليطرحه في وديان غريبة ومجردة، او حتى ليستطيع المستحيل أن يرسم وجهها الترابي وهي تبحث في مواضعها الدفينة عمن تخيلت، وهي تحت زوجها، أنها كانت شريكة لشخص آخر!



#يعقوب_زامل_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- .. وأحياناً نزق الموتِ !
- شواء غابة...
- ما يدنو مني.. وما يضيعُ
- .. ويأخٌذكِ الأكلُ !
- قد ثمة يسقط البياض !..
- أختصارات.....
- نافذةٌ لهجرة المواجع !
- القلق.. وما بعد !
- قطرات المطر والنرجس..
- نقولُ سلاماً....
- جحود...
- انتظاركِ ينسكب....
- الاستمتاع الأعلى...
- هي كل شيء ...
- بالمصادفة...
- لنمعنَ في الحب...
- حشد يرقات الماء..
- .. وقلتُ تعالي!
- المُنعَزل....
- شيء من رائحة الأبنوس..


المزيد.....




- بوتين يستضيف قمة في قازان لإظهار عدم عزلته المفروضة من الغرب ...
- محمد بن زايد يدون باللغة الروسية: الإمارات مهتمة بتعزيز العل ...
- لماذا ينبغي على الأطفال مشاهدة التلفاز مع الترجمة النصية؟
- طفل روسي يلقي التحية ويتحدث باللغة العربية مع الشيخ بن زايد ...
- روسيا تدخل اللغة العربية إلى امتحان الدولة الموحد
- السنوار.. أديباً ومؤلفاً ومترجماً وفناناً!
- “عيش مع الطبيعة” تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك نايل سات 2024 ...
- الفنانة ميرنا بامية تقدّم معرض -حامض- في باريس
- -قازان- من أقدم وأجمل المدن الروسية.. إليكم جولة على أهم معا ...
- الفيلسوف إيمانويل تود الذي يتنبأ بهزيمة الغرب كما تنبأ بسقوط ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يعقوب زامل الربيعي - الحلزون..