أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كريمة الحفناوى - الفساد والغش فى الامتحانات














المزيد.....

الفساد والغش فى الامتحانات


كريمة الحفناوى

الحوار المتمدن-العدد: 5195 - 2016 / 6 / 16 - 21:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



فى أوائل عام 2003 عادت ابنتى غاضبة من عملها فى إحدى الجامعات الخاصة، وكانت تشغل فى ذلك الوقت وظيفة معيدة وتراقب على الامتحانات. وبصوت مرتفع حاد متوتر، وعيونها مليئة بالدموع صاحت فى وجهى "أنتى ربتينا غلط ياماما. فهمتينا إن الغش حرام. حكيتى لنا واحنا صغيرين أنا وأختى عن بائع اللبن الذى كان يغش اللبن بالماء ظنا منه أن أحدا لن يراه. ولكن الله يراه. فاكرة؟" رددت عليها: نعم فاكرة. ماذا حدث؟
قالت ابنتى أنها دخلت إلى لجنة الامتحانات، وأثناء المراقبة على الطلاب، وإذا بأحد الطلبة يخرج من جيبه ورقة صغيرة (برشامة)، وأخذ ينقل منها، بل ويغشش زملاءه وبصوت عال. وعندما ضبطته متلبسا أصرت على عمل محضر غش للطالب. وإذا بمعظم زملائها والعاملين بشئون الطلبة والكلية وصاحب الجامعة يتواطئون جميعا حتى لا يتم عمل محضر. وأخذوا يقنعونها أن هذا شيئ عادى يتم فى معظم الأحيان، وعليها ألا تنزعج وتدع الأمر يمر.
تذكرت فى ذلك الوقت أخى الأكبر، وكان مدرسا للتاريخ فى بداية عمله فى منتصف السبعينات. وذهب للمراقبة فى إحدى المدارس بقرية صغيرة تتبع مركز الواسطى بمحافظة بنى سويف. حكى لنا كيف أنه أصر على أن لا يغش التلاميذ، فإذا بالأهالى ينتظرونه فى الخارج مصرين على الاعتداء عليه، ونجا بأعجوبة عندما أرسل له ناظر المدرسة أحد العاملين بدراجة بخارية وأخرجه من الباب الخلفى للمدرسة.
ضحكت كثيرا وقلت لها أننى أنا أيضا ربتنى أمى وربانى أبى غلط، لأنهم أصروا على أن يلقنوننى منذ الصغر أن الدين معاملة، وأن جوهر الأديان هو الصدق والأمانة وعدم الغش وعدم السرقة، وعلمانى القناعة والجد والاجتهاد. كما أنهما ربيانى على أن من يكذب أو يدارى شيئا فهذا معناه أن هذا الشيئ خطأ جسيم لا يرضى عنه المجتمع ولا يرضى عنه الله وسنعاقب عليه. وعلمانى أيضا أن لا أخشى غير الله لا أخاف من قول الحق، وربيانى على أن الكلمة شرف.
سمعت كثيرا من الأقاويل وأنا صغيرة، وعرفت معناها عندما بدأت أكبر فى الحى الذى تربيت فيه. سمعت وتعلمت أن الإنسان موقف، وأن الرجل هو من يحافظ على كلمته، وأن للبيوت حرمة، ولا يدخلها أحد ولا يتهجم على أى سيدة مع بناتها فى غياب الزوج أو الأب. وعرفت أنه من العيب والخطأ أن يمد رجل يده على امرأة أو يستقوى عليها. كما تعلمت فى البيت والمدرسة احترام الكبير والبر بالوالدين.
كانت أمى تجيد القراءة والكتابة رغم خروجها من الصف الثالث الابتدائى، ولكنها كأمهات وجدات ذلك الزمان تملك القدرة على الفهم والتصرف مع الواقع، وتعرف أن الإيمان الحقيقى هو الإيمان بالجوهر وليس التمسك بالشكل والمظهر فقط.
وفى المدرسة تلقيت الدروس الأولى فى كيفية التفكير وإعمال العقل على يد الأستاذ جميل مدرس الكيمياء الذى علمنا "معادلات الكيمياء لا تحفظونها ولكن لابد من فهمها، فهناك مدخلات تساوى المخرجات". وكان ذلك عاملا أساسيا فى فهم الحياة بكل جوانبها، وهذا هو الجانب الأول فى التعليم. المنهج العلمى فى التفكير.
وفى المدرسة مارسنا هواياتنا وشجعنا مدرسونا ومدرساتنا على إخراج وتنمية مواهبنا، وهذا هو الجانب الثانى من التعليم: تنمية المهارات والمواهب. وفى كل مراحل التعليم تعلمنا حب الوطن والانتماء وهذا هو الجانب الثالث من التعليم.
أما رابع أضلاع مربع التعليم فهو الدراسة والمعرفة والتدرب فى مجال معين يؤهل للعمل فى مهنة ما. هذا غير تأصيل القيم والأخلاق. إن المجتمعات المتقدمة تقوم على العلم والعمل. إن منظومة القيم والأخلاق والضمير التى غابت وانقلبت رأسا على عقب منذ بدايات الانفتاح الاقتصادى، عصر النهب والفهلوة والنصب والجشع والطمع والسمسرة، مع تغلغل المفاهيم المتطرفة والمغلوطة لصحيح الدين بمعناه الحقيقى الذى يحمل قيم التسامح وعدم التمييز، والعدل والكرامة. أتت قيم العنف والإرهاب واستباحة الدماء والأعراض، وكانت نتيجة كل ذلك ظاهرة الغش فى الامتحانات.
دكتورة كريمة الحفناوى



#كريمة_الحفناوى (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العنف ضد المرأة من الصعيد للسويس
- شاهندة العطاء والألم والكفاح والأمل
- تساؤلات مطروحة وتخوفات مشروعة 1
- علاج الغلابة عليك يارب
- الدستور والحقوق والحريات العمالية
- الحقوق والحريات فى الدستور المصرى
- خطأ التعتيم وخطأ التوقيت
- الثقافة الجماهيرية والعدالة الثقافية 3
- الثقافة الجماهيرية والعدالة الثقافية 2
- الثقافة الجماهيرية والعدالة الثقافية
- عيد الأم فى قصر ثقافة مصر الجديدة
- دستور الثورة وتعديل القوانين المخالفة
- دستور الثورة والمرأة المصرية
- دستور الثورة والعدالة الضريبية
- دستور الثورة وحق المواطن فى حياة آمنة
- دستور الثورة وكرامة المواطن والطبيب
- دستور الثورة وحق المصريين فى الصحة
- احتفالية ثورة يناير فى قصر ثقافة منشية ناصر
- دستور الثورة والحقوق الاقتصادية والاجتماعية
- عام مضى وعام جديد 3


المزيد.....




- بعد لقاء السوداني والشرع، ما دلالات ذلك بالنسبة للعراق وسوري ...
- هجمات الحوثيين في البحر الأحمر تُكبد قناة السويس خسائر بـ6 م ...
- اليمن.. الحوثيون يعلنون ارتفاع حصيلة قتلى الغارات الأمريكية ...
- قاضية أمريكية تعلق العمل بخطط إدارة ترامب لتنفيذ عمليات التس ...
- الأمين العام لحزب الله: نزع سلاحنا بالقوة خدمة للعدو الإسرائ ...
- دعاوى جنائية ضد المتورطين في تزوير ملفات الجنسية الليبية
- -واشنطن بوست-: روبيو ووالتز يؤيدان تدمير القدرات النووية الإ ...
- ترامب لا يستبعد وقف المساعدات العسكرية لأوكرانيا
- انكشف أمرها بعد 16 عاما.. إسبانية تدعي فقدان القدرة على الكل ...
- -تشرنوبيل الصامتة-.. كارثة جيولوجية نادرة في بحر آرال!


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كريمة الحفناوى - الفساد والغش فى الامتحانات