|
الشعر الملحمي ... في قصائد الشاعر عماد المطاريحي
كريم حمزة
الحوار المتمدن-العدد: 5192 - 2016 / 6 / 13 - 20:05
المحور:
الادب والفن
توشحت الساحة الشعرية في العراق بنوع من انواع الشعر الشعبي المتناسق والمتراص والقريب جداً من الفصحى والذي يعتمد في الاساس او البنيان على الوصف الدقيق لأي مقطوعة يريد الشاعر ان يعبر عنها . وهذه الصفة اتسمت بعدد قليل من الشعراء وفي مقدمتهم الشاعر ( السيد عماد المطاريحي ) الذي تصاوغت كلمات شعره وتناغمت مع هذه الطريقة الشعرية والتي استطيع ان اسميها ( الشعر الشعبي الحر ) . فلو تتبع القارئ او المتذوق للشعر الشعبي ديوانه البكر ( المأذنة والبحر الاخضر ) والحائز على المركز الاول ودرع الصباح للابداع لعام 2008 يرى ذلك التناسق المتسلسل بشكل شعري يشبه المقالة الصحفية التي يحكي كل سطر فيها اسطورة وملحمة ، هكذا يرى في كل قصائده التي حواها الديوان .. نعم انها كلمات بسيطة ويظهر في ان كل سطر لا يتعدى احياناً اربع كلمات الا ما ندر (الجملة الشعرية المكثفة ) فهو يعتمد على الكلمة الواحدة او الكلمتين في السطر الواحد ويبني بنيانه للقصيدة بالشكل المتراص والمتناغم مع موضوع القطعة الشعرية . فلو اخذنا مثلاً قصيدة ( أمي ) نرى ذلك الوصف الدقيق على شكل مقال مكتوب فهو يقول : مرة حزنت حيل حزنت لان خاصمنه الرغيف نزل قرص الشمس حافي ومدد بماعونه !! هذه القطعة هي بمثابة مقال ووصف رائع لحزن الام ، الخبز الشمس انه أي ( المطاريحي ) وظف كلمات بسيطة واحدة او اثنتين في اطار قصصي رائع وهذه الطريقة قلما يكتب بها شعراؤنا في العراق . وفي مكان اخر من ديوانه نجد في قصيدة (بوسة عيد) عندما يقول : أعطش وشفتك كوثر أبرد وطولك حرير فهي ايضاً قطعة شعرية كاملة الاوصاف وبكلمات لا تتعدى الكلمتين في كل سطر وهي تسطر ملحمة شعرية رائعة ( شعر شعبي حر) روعة القصيدة نفسها وأكثر . هكذا المطاريحي يسطر روائعه في ملحمة شعرية ، فكل قصيدة يستطيع ان يٌُعبر عنها بكتاب كامل ، بل هي اسطورة فمثلاً في قصيدة ( مسخرة ) يقول : الستاره بلا ضمير الاضاءة مزوره كل بطاقات الدخول مزوره كلشي بالمسرح غريب أخذ ديكور الجماجم وأخذ جثه مبعثره محور القصة عصابه ..... أليست هذه الكلمات البسيطة هي عبارة عن اساطير وملاحم وقصص والتي استمدت شاعريتها بفن المقالة الرائع ، وان المتتبع يرى ان شعر ( المطاريحي ) سهل الكلام وبساطة التكليف والايحاء وروعة في الوصف والترتيب المتناغم ومحورية في الحديث جعلت كل هذه تصب في صنع قصة مترامية الاطراف والازمنة والابطال والحدث . ولو قرآنا بتمعن ملحمة ( العش والحطاب ) قلت ملحمة لانها تحكي وتصور عالما واسعا وأفق وجدناه متكامل المعالم ومرصوصا رصاً ليس فيه لبس ونرى ذلك الوصف الذي يتمناه المرء ويتعايش معه ، لاننا نرى ان عش العصفور فيه : احلام ، أريكة ، نافذة ، شرعية ، يسكنونه عشاق .. أليست هذه الكلمات قصة جميلة وتحكي ملاحم وعبر .. * لم ينس المطاريحي الوطنية في اشعاره فتراه ( وطني حد النخاع ) لأنه يمزج جميع الالوان ليرسم وطنا بغير أحزان كما ان الحقيقة في شعره بارزة للعيان ، فكيف الحلم عنده فهو يقول : احلم وطن بلون الناس بي باجر احلى من اليوم وطن اترابه نجوم اطفاله نجوم انجومه انجوم وطن الفقرة السهرانين هذا هو الوطن عند ( عماد ) الذي قال عنه انه وطن الفقراء الذين عندهم خبز ، فهنا جسد روح الوطن بالفقر لكونه عاش فقيراً وظل يكتب للفقراء . ومن الوطن والفقر تعلم المطاريحي البقاء في الوطن ولا يريد ان يغترب عنه لانه على ابسط صورة يحب الوطن ، وبرغم من انهم قالوا له ( تعال ). فوضع شروطاً صعبة للرحيل والابتعاد عن وجه الوطن . وبهذا فهو لا يريد ان يترك الوالد برغم انه ( راحل ) ولا يريد ان يترك الاعمام والاطفال والام والاشجار والاحجار والحبيبة لانه يريد ان يموت في وطنه لان عنده الموت في الوطن …. تأريخا ، ففي شروطه التعجيزية داس على الرحيل ليبقى في الوطن حينما قال : ارحل بس اليه شروط صعبات انذرك كل شرط لازم تجيبه اريد... اخذ مسلة بابل وياي بمعالمها بجناينها العجيبه واريد اخذ فرات ودجله والناس واريد اخذ صريفته النجيبه الحره .. الما غفت بحضان القصور ولا يم أجنبي حلت كصيبه واريد اخذ جروحي البسهن ثياب يسوع وعيب ما ينزع صليبه واخذ كربلائي وقبة حسين اشيلن لوعته وطعم المصيبه دبرلي حقيبه تشيل ..... العراق وين الكه مثل هاي الحقيبه !! ومن هذا البقاء في الوطن صدحت حنجرته بأروع الاشعار ، وانا متيقن انه لو غادر العراق لقال شعراً استطيع ان ا سميه شعر ( ملحمة الملاحم ) لكونه سيكتب وهو في الغربة بعيداً عن الاهل والاحبة بأقوى واصدق تجربة وأدق صياغة معجونة بهموم الغربة . - هذا هو شعر المطاريحي الذي إن ألقاه في محفل من المحافل أو في مهرجان من المهرجانات سيجعل من الجمهور واقفاً لا يعرف الجلوس ، ولا يكل من التصفيق ، ولا يكبح دموع عينيه ...... اخيراًً.... هناك عيب واحد عند الشاعر عماد المطاريحي الا وهو ( انه لا يريد ان يصبح غنياً مطلقاً ... يريد ان يبقى فقيراً دوماً ) .
#كريم_حمزة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مهرجان كان السينمائي يختار الممثلة جولييت بينوش لرئاسة لجنة
...
-
صدور أول كتاب للفن المعماري الطليعي الروسي باللغة العربية في
...
-
الكويت تطلق الدورة الـ30 لمهرجان القرين الثقافي
-
مداخيل السينما بالمغرب تحقق 12.7 مليون دولار في 2024
-
مكتب نتنياهو يُعلن إرسال وفد إلى الدوحة نهاية الأسبوع لمناقش
...
-
أم كلثوم.. هل كانت من أقوى الأصوات في تاريخ الغناء؟
-
بعد نصف قرن على رحيلها.. سحر أم كلثوم لايزال حيا!
-
-دوغ مان- يهيمن على شباك التذاكر وفيلم ميل غيبسون يتراجع
-
وسط مزاعم بالعنصرية وانتقادها للثقافة الإسلامية.. كارلا صوفي
...
-
الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|