أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - أديب في الجنة (84) تحليل أميري للتمظهر الوهمي !















المزيد.....

أديب في الجنة (84) تحليل أميري للتمظهر الوهمي !


محمود شاهين
روائي

(Mahmoud Shahin)


الحوار المتمدن-العدد: 5190 - 2016 / 6 / 11 - 10:14
المحور: الادب والفن
    


أديب في الجنة (84)
تحليل أميري للتمظهر الوهمي !
تخوف الملك لقمان من أن تضع فلسفة سحب السماوات فلسفته في مهب الريح ، جعلته يمضي معظم وقت تناول طعام الغداء وهو يفكرفي إيجاد وشائج مشتركة بين الفلسفتين بحيث تكمل إحداهما الاخرى كما تكمل فلسفته فلسفات ومعتقدات البشرية دون أن تلغيها بالمطلق . وظلت الأفكار تلاحقه حتى في القيلولة التي طلب أن تتاح له بعد الغداء ، فقد حلم أنه يتحاور مع ابنه وأنه كان يسخر من فلسفته ، فاستيقظ قلقا مضطربا . تنبهت الملكة للأمر ورجته أن يؤجل الجلسة الثانية من الحوار مع ابنه لبضعة أيام ، فلم يذعن لها ، بل وهتف بإصرار " هذا ابننا من لحمنا ودمنا، وقد اكتسب عبر مورثاتنا كل ما اكتسبناه وعرفناه في حياتنا ولا أستطيع أن أتمهل في معرفة العقل الذي يفكر به " وحتى لا يعرض الجلسة إلى مداخلات من الملكة أو الأميرة طلب أن تقتصر الجلسة عليه وعلى سحب .
جلسا على انفراد في زاوية متطرفة في أحد صالونات القصر الذي بنته الملكة ليكون أحد أجنحته الضخمة مقرا للأمير سحب ، فيما تكون باقي الأجنحة لها وللملك ولباقي الحاشية الملكية .
ابتدر الملك الحديث بأن تساءل :
- قل لي يا سحب !
- ماذا يا أبي ؟
- لقد انتهينا حسب رأيك إلى الصورة المتخيلة غير المتجلية في العقل الكوني للخالق ،وأنه أراد للكائنات غير المتجلية فيها وبشكل خاص الإنسان ، أن ترى نفسها متجلية وترى الوجود المتخيل فيها أيضا متجليا ، رغم أن الأمر مجرد تصور متخيل في العقل الكوني ( الكلي ) للخالق . هل هذا صحيح ؟
- أجل يا أبي !
- السؤال ! لماذا أراد الخالق أن يجعل الإنسان المتخيل يتجلى ،والكائنات المتخيلة بدورها ، تتجلى ، قبل أن يكتمل تخيل وتصور عملية الخلق برمتها ، كونها لم تكتمل بعد في المتخيل الإلهي ، لماذا لم ينتظر الخالق إلى أن يكتمل تصوره لمتخيله ، ليقوم بإظهاره إلى الوجود مكتملا وحقيقيا وليس مجرد صورة وهمية يراها البشر والكائنات ؟!
أدرك الأمير عمق السؤال الذي طرحه أبوه . أطرق للحظات في محاولة لترتيب أفكاره، وإيجاد المفردات المناسبة للتعبير عنها .
- لأن الخالق يا أبي يحتاج في كل مرحلة من مراحل التخيل المديدة إلى أن يرى ما تخيله مجسدا لتكتمل الصورة المتخيلة وتتوضح في عقله الكلي الكوني. هذا من ناحية ،ومن ناحية أخرى ، فإن الخالق لم يظهر هذا المتخيل لرؤيته فحسب ، بل ليتيح له المشاركة في عملية الخلق كون المتخيل المخلوق جزء من ذات الخالق نفسه . فإذا كان المخلوق المتمظهرالإنسان مثلا ، فإنه يقوم بدوره بالتأثير والتأثر في عملية الخلق ، كونه جزءا من الذات الخالقة نفسها، وينبغي عليه أن يقوم بدوره في الغاية التي تمظهر ووجد من أجلها ،وهي المساهمة في عملية الخلق !
شعر الملك أنه يستمع إلى فكره هو وليس إلى فكر ابنه . هتف :
- أنت هنا تعيدنا إلى فكري أنا يا بني !
- أجل يا أبي . الفرق بيننا هو أنك ترى التمظهر المتجلي حقيقة واقعية مكتملة نسبيا ، أي أنها لم تبلغ كمالا مطلقا أو شبه مطلق، بينما أراها أنا وهما لحقيقة نسبية لم تكتمل بعد، وأنها ما تزال قيد التشكل قبل أن تكتمل لتتمظهربشكل حقيقي واقعي يمكن اعتباره انتهاء الغاية أو الكمال الممكن .
- أين تضع تدميرك لكوكب وإبادة جيش من مليون كائن جني حسب هذا الفهم ؟
ضحك الأميرحتى كاد أن يقهقه رغم عمق السؤال وأبعاده المختلفة، مما جعل الملك يهتف مستنكرا :
- هل تضحك على أبيك يا ولد ؟
- حاشاك يا أبي . لكن سؤالك قادني إلى المتخيل البشري . فقبل أن نتحدث عما فعلته يمكن تناول الأمر من وجوه عدة . فمن هم هؤلاء الجن . ومن هو الخالق نفسه ؟ وإذا كان العقل البشري قد توقع وجود خالق لوجود خلق رآه متمظهرا في أشكال متعددة لا تحصى ، بغض النظر عن حقيقة التمظهر أو توهمه ، فهل توقع هذا العقل لجن وشياطين وملائكة لم يرهم متمظهرين يوما هو توقع صحيح أم مجرد توهم لغوي . ولو أننا أخذنا الأمر من وجهة نظر فلسفتي التي ترى أن التمظهر الوجودي وهم ، أريد لنا أن نراه حقيقة مجسدة ، فماذا ستكون عليه الحال مع الجن غير الموجودين أصلا والذين لم يتمظهروا هتى في الوهم ؟ إن مفردات خلق وخالق وإنس وجن ..ألخ ، أوجدها العقل البشري بعد اختراع اللغة من زمن قريب جدا مقارنة بعمر الوجود ،وقبل ذلك ، لم تكن البشرية تعرف إن كان هناك خالق وإنس وجن ! لم يكن البشريعرفون ما هم حتى عبروا عن وجودهم بمفردات لغوية تجريدية ،وهنا يأتي دور التأثير والتأثر الذي تحدثنا عنه . وبناء على هذا الفهم فنحن نتعامل مع موروث متخيل هوهنا نتاج عقل بشري بدائي ليس لمتخيله وجود ،وإذا ما أخذناه من ناحية التأثير في عملية الخلق فهو تأثير سلبي بالمطلق يشكل عبئا على عملية الخلق وفهمها ككل المفاهيم البدائية التي أخفق مجتهدوها في تقديم فهم منطقي إنساني للخلق والخالق ولعملية الخلق بحد ذاتها .
وإذا أردنا أن نتناول تدميري للكوكب وإبادتي للجيش من هذين المنظورين ، التمظهرالوهمي والموروث اللغوي، فإنني لم أدمر ولم أبد إلا الوهم والموروث اللغوي البدائي ! لكن إذا ما افترضنا أن الوجود الوهمي هو تمظهر لوجود الشر حسب ما قام به ملك الكوكب ، فإنني قمت بالغاية التي وجدت من أجلها وهي أنني قمت بتدمير قوى شرانية خلصت البشرية من وجودها !
آمل أن أكون قد أجبت بشكل مقبول على تساؤلك يا أبي .
بدا الملك مرتاحا لتحليل ابنه .. هتف بعد إطراقة :
- أؤيدك في معظم ما أتيت به يا بني ما عدا التدمير والإبادة . ألم يكن في المقدور ثني الملك عن حربه بوسائل مختلفة ؟
- ألم تحاول أنت يا أبي وفشلت ؟
- بلى ، لكن ألم يكن في مقدورك تجنب الإفراط في استخدام القوة ؟
- بالتأكيد يا أبي كان في الإمكان فعل ذلك ، لكن مفهومي عن الجن وتصوري للوهم هما ما دفعني إلى
ذلك .
- مسألة تداخل الوهم بالحقيقة مسألة أوقعت العقل البشري في حيرة بحيث لم يعد قادرا على معرفة أيهما وهم وأيهما حقيقة، وكم قاد الوهم البشرية إلى حروب أزهقت أرواح الملايين .
- وما زالت توقع يا أبي !
- هذا صحيح !
- ألا ترى أن سعيي للرقي بالحضارة الإنسانية عبر وسائل سلمية يمكن أن يثمر ؟
- سيثمر يا أبي لكن ليس في المدى المنظور . أنا أرى أن الطريق الأسرع للرقي بالحضارة الإنسانية يقتضي استخدام الأمرين (الجزرة والعصا) حسب ما يقول الناس !
ضحك الملك للحظات ،ثم صمت متفكرا ،وما لبث أن هتف:
- حسنا يا بني ، ثمة مسائل كثيرة حول فهم الوجود والغاية منه لا بد من طرحها معك ،لأرى أين نتفق وأين نختلف ، فقد أفيد من ثقافتك ومعرفتك وأوظفهما في رسالتي قبل رحيلي عن الدنيا .
- لا تنس يا أبي أنني نتاج مورثاتك ، فلولاك لما كنت أنا !
- ومورثات أمك ؟
- أمي نتاج موروث لغوي وهمي بشري يا أبي لم تورثني إلا الخرافات والأساطير !
عاد الملك إلى الضحك ،وصور الواقع والخيال تراود مخيلته ، وتذكر حديثه مع رجل المعرفة على كوكب الزهرة في رحلته السماوية الأولى حين كان أديبا فقط ولم يصبح ملكا بعد . ما يزال يذكر بعض كلماته " المشكلة أيها الأديب أنك ترى الحقيقة خيالا ولا تريد أن ترى الخيال حقيقة ،وآمل أن لا يضيع عقلك بينهما "
****
يتبع



#محمود_شاهين (هاشتاغ)       Mahmoud_Shahin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أديب في الجنة (83) * غرام ممتع وجنون فلسفي !!
- أديب في الجنة (82) * الملك لقمان طريح الفراش !
- صلاة الأطفال والمستقبل المرعب! شاهينيات ( 1256)
- أديب في الجنة (81) * هذيانات وكوابيس لقمانية !
- أديب في الجنة (80) حرب طاحنة وسحب سماوية !
- الدين والعقل البشري! خواطر . تأملات . مقولات ومقالات. (5)
- في الجميل والأجمل ! شاهينيات ( 1241)
- تعريف المصطلحات في مذهب - وحدة الوجود الحديث- شاهينيات ( 124 ...
- واحسرتاه على الطفولة القتيلة !
- *في الألوهة وتعريفها وفعلها ! شاهينيات ( 1229 )
- * وعي الألوهة بين المادة والطاقة ! شاهينيات 1228
- أديب في الجنة (79) * عجائب الزمان في عرس الأميرة والأمير .
- أديب في الجنة (78) * حب عابر للكواكب!!
- * في الخالق والخلق والغباء الثقافي والدكتاتورية!
- أديب في الجنة (77) * - حوار الحضارات - وأميرة تقع في حب سحب ...
- أديب في الجنة 76 * اسطورة الأساطير في جمال سحب السماوات !
- أديب في الجنة (75) * الملك والظبية واللبؤة وخرق قوانين الطبي ...
- شاهينيات صادمة تقدس الأنثى ! !
- كعب الحذاء غير النبيل !! * الأبوة بين الرضا والغضب !
- شاهينيات صادمة جدا جدا !!


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - أديب في الجنة (84) تحليل أميري للتمظهر الوهمي !