أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الذهبي - ليتك اكلته ميّتاً وتركته حيّاً














المزيد.....

ليتك اكلته ميّتاً وتركته حيّاً


محمد الذهبي

الحوار المتمدن-العدد: 5189 - 2016 / 6 / 10 - 15:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليتك اكلته ميتاً وتركته حيّاً
محمد الذهبي
وقف الجميع وقفة رهبة من الموت، الموت الذي صار كالصياد في بلادنا، يصطاد كل يوم، في الاسواق والمساجد والحدائق ومجالس العزاء، في كل مكان، حتى ملأتنا الخشية ان الموت يتربص بنا فقط في العراق، وشغل عن الارض الباقية، الامر غريب ويحتاج الى اكثر من الولوج الى الغيبيات وقضية المنايا، وان هذا مكتوب له ان يموت اليوم وذلك غدا، ألم يكتب الله الموت على الناس الذين يعيشون في اوربا، تكاد نسب الموت هناك بين الاطفال ان تكون منعدمة، وكذلك بين الشباب، في حين صارت مقبرة النجف في العراق معرضا للصور الفوتوغرافية لشباب بعمر الورود، وكأن ملك الموت يرى العراق فقط واستجاب لدعوات حفاري القبور في قصيدة السياب، فلم يعد يحفل بجثث الموتى يدسهن في كل مكان، ويجلب شواهد القبور حاضرة فقط يضع الاسماء بعملية بسيطة جدا، وصار حفارو القبور يضعون اللافتات وربما وصل الامر ببعضهم الى الاعلان عن طريقة الدفن.
كان وسط المصلين بربطة العنق السوداء، الجميع يهابه فهو سيد من نسل رسول الله، قدموه للصلاة على الميت، فاحتج بان قلبه لايطاوعه على الصلاة على احمد المهندس الكفوء، فقد كان مثالا للموظف النزيه الذي وقف بوجه الجميع وحارب شبهات الفساد في دائرته، وحافظ على المال العام ايما محافظة، هذا السيد الجليل راح يعدد آلاء الميت واخلاقه العالية، وانه خسره كما خسرته دائرته اكثر من اهله، وقف الى جانبي احد الموظفين، المرحوم لم يكن منتميا الى اي حزب، وكان يحارب بمفرده، بينما هذا السيد ينتمي الى حزب مقتدر يحميه مع سرقاته الكبيرة، قلت له لنحترم هذه الوقفة، ودعنا من الحديث الآن، فقال: اردت ان اوضح لك الامر، حتى لاتدعه يصلي على جثة المرحوم، اغرورقت عيناي بالدموع، كم نصحتك ياحبيبي، لماذا وقفت بوجه هؤلاء، انهم يبكون لموتك بدموع الفرح والشماتة، لماذا اعطيتهم الفرصة، انبعث صوت السيد من جديد: لقد كان مثالا للاخلاق الكبيرة واليد النظيفة، سلمت البطن التي انجبته، والايدي التي ربته، هذه العائلة الكريمة انجبت انسانا يكاد يكون شبيها بالملائكة.
وعاد الى البكاء ثانية وهو يقول: انا من خسرته ، ليست عائلته من خسرته، لقد ذهب الى ربه نقيا، غمزني الواقف قربي، لن اتحمل هذا النفاق، ساصرخ باعلى صوتي وليكن مايكون، قلت اصبر قليلا، المكان ليس مناسبا لهذا الكلام، لقد فاض صبري ولم استطع السكوت، عليّ ان افضح هذا المنافق، استأذن من السيد المعمم الذي يريد الصلاة على الميت، واستسمح عائلة الفقيد واصدقائه، في بضع كلمات، فقال : هل سمع احدكم بقصة الدب والثعلب، فاجابوا بالنفي، وقف دب يباهي بحبه للخير، وانه اكثر الحيوانات شفقة ورحمة بالانسان، وانه يضمر له اعظم الاحترام، ودليله على ذلك انه لايقرب جثته اذا مات، فسمع ثعلب هذا الكلام، فقال للدب مبتسماً:
ليتك اكلته ميتاً وتركته حيّاً، واعاد الرجل الجملة باعلى صوته وراح يكررها، وذوو الفقيد يترجونه ان المكان غير مناسب، وانهم فهموا مايريد ان يقول: انسحب السيد ذو الربطة السوداء، وهو يردد لم آكله انا، هو من اكل نفسه.



#محمد_الذهبي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خريف المدينة
- امي انا في الطب العدلي
- مصحح
- سماعة الاذن والمعدلات الانفجارية
- العذارى ومراقد الاولياء
- مدن الموت
- الموت في الوطن المنفى
- تالي العمر محطات
- انا وليلى ولتفتحوا جراحكم
- لم يشترك في تحرير الفلوجة
- ماجدوى الدخول الى الخضراء
- من جيبك نوفي الديّانه
- شهادة الاوراق الصفراء في سوق اعريبهْ
- حين دفنت الشمس
- حين تتكلم المقابر وتفضح الاحياء
- لعل البحر محتاج الى البلح
- الديك الذي ملأ الارض صياحا
- لم اكن هنا
- ماذا تكتب عني
- قائمة الشعراء الموتى


المزيد.....




- الدفاع الروسية: قوات كييف استهدفت بنى الطاقة 8 مرات في 24 سا ...
- نواف سلام يبحث مع أبو الغيط الوضع في لبنان والمنطقة
- ليبيا.. حرائق غامضة تلتهم 40 منزلا في مدينة الأصابعة خلال 3 ...
- رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام يصل إلى دمشق حيث سيلتقي بال ...
- -يجب علينا تخيُّل العالم ما بعد الولايات المتحدة- - الغارديا ...
- الجزائر تمهل 12 موظفا في سفارة فرنسا 48 ساعة لمغادرة أراضيها ...
- -ديب سيك - ذكيّ ولكن بحدود... روبوت الدردشة الصيني مقيّد بضو ...
- انخفاض تعداد سكان اليابان إلى أدنى مستوى منذ عام 1950
- جدل في الكنيست حول مصر.. وخبير يعلق: كوهين أحد أدوات الهجوم ...
- وزير خارجية فرنسا يدعو لفرض -أشد العقوبات- على روسيا


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الذهبي - ليتك اكلته ميّتاً وتركته حيّاً