أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي أمين غدار - مسميّاتٌ تائهة في بحر الغريزة














المزيد.....

مسميّاتٌ تائهة في بحر الغريزة


علي أمين غدار

الحوار المتمدن-العدد: 5187 - 2016 / 6 / 8 - 00:45
المحور: الادب والفن
    



ههنا، توّهتنا عصرونيّات الأرض من جديدٍ.
ههنا، طهّرتِ التوابيت المرميّة هنا وهناك جثثها القذرة.
ههنا، لوّثتِ المياهُ الثياب البالية ومزّقتها بذرّاتها الأوكسجينيّة.

ها نحن نعيد توقيع الأوراقِ المزوّرةِ ونعيد الكرّة ونعيدها، وننظر بعين العجب إلى لون المداد المرسوم على الورق، فنبصق ما تيسّرَ من فُتات الطّعامِ في أفواهنا على الأرضيّة البلوريّة.

خربشاتٌ على ورقٍ تسمّى.
ولعابٌ جافّ بعد جرعته المخدّرة الأخيرة. عقارٌ بعد عقار.
وساعةٌ بلا عقارب. وكيفما دارت الساعة، تمحو الصفر ومتبوعاتها.
هنا، تُنْتَشلُ الرّمزيّات وتوضعُ في أكفٍّ مطليّةٍ باللون الغامض: الأحمر.

قنبلةٌ ذريّةٌ أخرى، وعالمٌ مندثرٌ آخر، وأوراق مزورة ولعاب جافّ وساعةٌ ليست بساعة.
نقف على تلّاتٍ خضراءَ تدوسُها أقدامٌ مخضرّةٌ تلوّح فوقها الأيادي البيضاء.
أساورٌ من رصاصٍ تلوّن الأذرع وتتسرّب جزيئاتها رويدًا رويدًا إلى الخلايا فتزيّنها باللون الغامض مجدّدًا: الأحمر.

*********

طبقة تكنوقراطيّة تجدّد الخلق، تجدّد إيديولوجيّتها وترسمها ثمّ تزيّنها بالأحمر، اللون الغامض.
هل صحيح كلّ من يلبس الأحمر يعدّ غامضًا؟ أليس غامضًا أن يضفي الأحمر على الصورةِ غموضًا بغموضته.
لست أتكلّم عن هذا النوع من الغموض، بل عن الغموض الّذي يترسّب في أعماقنا ويتفشّى في الجسد كالسّرطان.

هل كانت القصائد الوطنيّة حقًّا تشجّعنا على الغموض؟ وهل كنّا بالفعل نتحقّق من نشأته؟ غريب هذا فعلًا! نصوّر خيالاتنا على أقنعةٍ ضائعة تعابيرها، ثمّ نسترجع الوجه الأصليّ فنصلح القناع ونختلق من الشرّ خيرًا.

نرى إصبعًا مقطوعًا من اليد الخطأ... نسرّ أيّما سرورٍ... نحاول معرفة المجهول...
لقد تمّ اكتشاف الغموض وأيّ نوعٍ هذا الغموض؟
ما سلب منّا سعادتنا هو فضولنا الغرائزي للاكتشاف. هل قادتك فعلًا اليقينيّة إلى صورةٍ مزيّفةٍ؟ وهل قادك الشكّ إلى صورةٍ صائبةٍ؟ هل كنت تستمع إلى عزف بيتهوفن فتصيبك القشعريرة؟ هل كنت تتردّد إلى الطّرب الأصيل من فيروز وعبد الحليم وأنت غارق في قعر البئر المظلم؟ هل كنت تشعر بانزياحٍ كي تلوك السيجارة؟ لكن ما شأن "الأحمر" في هذا؟
رزمة جديدة من الملفّات المتلفة أو الأفضل إتلافها كي لا تترك وصمةَ سوءٍ على الخارطة.
في أعقاب السّنوات التابعة لجيل الألفيّة، تبقى الألغاز والأحاجي بحاجةٍ إلى مفتاح ذهبيّ لم تلتقطه إلّا اليد المثلى.
ويبقى اللون الأحمر هو الوحيد الذي يبهت نحو البرتقالية ويشعّ نحو البنفسجيّة.
البرتقالية كلون الليمون والأحمر كلون الكرز والبنفسجيّة كلون الدّم العفن.
بلى وألف بلى، لم يوضّح جان جاك روسو حبّ الغريزة وعلاقته بالتربية، إلّا أنّ البرتقالة تظلّ غريزةً أيضًا للديدان، والكرز يلاقي استحسانًا للديدان، فيحوّل لونه إلى لون الدّم العفن. ونعود إلى السلسلة ذاتها، كما حال الأوراق المزوّرة... وتمامًا كالغريزة المطلقة. غامضة هي غريبة. تضيء بنا أوّلًا كمبدإٍ يرغب الإنسان في التقاطه واستخلاص بذوره بذرةً بذرة.
ثمّ تشرع بالذّوبان شمعةً التصقت ولم تعد تحني للأرضية البلورية رأسها. وتنطفئ أخيرًا دون سابق إنذار. سيلان اللعاب هذا كان نتيجة التخدير الموضعي. وشناعة الساعة تلك كانت بفضل اليد الطفوليّة الّتي تريد إمساك ما يمتّعها لبرهاتٍ ولتملَّ أخيرًا فتبصقه كما بُصق الفتات.

القضيّة مهمّش عنوانها. وينتقي هذا العنوان "الأحمرَ" لمخطوطات الأزل. ويركّبها على أساسٍ عشوائي يصل به في النّهاية إلى مسلسلٍ فاشلٍ أخرق، وسيناريو خارج عن المنطق، وإخراج يديره مخرجٌ مشلولٌ... أمّا فكرة من، فكرة رجل أو امرأة يرث جسده أو جسدها من كان ولا يزال مثالًا للفشل.



#علي_أمين_غدار (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة


المزيد.....




- تصاعد رفض الخدمة العسكرية في إسرائيل مع استمرار الحرب على غز ...
- رحيل العلامة البلجيكي يحيى ميشو بعد حياة علمية حافلة
- بالصوت والصورة.. ماكرون يوجه رسالة باللغة العربية للسيسي وال ...
- من بيبرس إلى شهرزاد.. أبرز العروض العربية والآسيوية في ختام ...
- وفاة الفنانة الأردنية رناد ثلجي
- -حدث ذات مرة في الموصل- يحصل على جائزة MENA في مهرجان سينما ...
- الصين تسعى لحظر أفلام هوليوود الأمريكية ردا على رسوم ترامب ا ...
- زاخاروفا توضح موقف الغرب من النازية بصورة من عام 1948 لرسام ...
- المغرب: لبصير والعوادي ضمن 7 فائزين بجائزة الشيخ زايد للكتاب ...
- منع أم دعاية؟ الجدل يلاحق فيلم -استنساخ- قبل عرضه الرسمي


المزيد.....

- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي أمين غدار - مسميّاتٌ تائهة في بحر الغريزة