أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح العبيدي - -شبح الشيوعية- يصل إلى سويسرا!














المزيد.....

-شبح الشيوعية- يصل إلى سويسرا!


ناجح العبيدي
اقتصادي وإعلامي مقيم في برلين

(Nagih Al-obaid)


الحوار المتمدن-العدد: 5184 - 2016 / 6 / 5 - 22:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"شبح الشيوعية" يصل إلى سويسرا!
في عام 1848 بدأ كارل ماركس وفريدريش أنغلز ميثاقهما الشيوعي بالكلمات الشهيرة "هناك شبح يجول في أوروبا، إنه شبح الشيوعية". واليوم وبعد نحو 170 عاما ، يبدو أن هذا الشبح بدأ يطرق إحدى قلاع الرأسمالية العريقة، سويسرا ولكن ليس عن طريق الثورة، التي يتحمس لها الشيوعيون عادة، وإنما عن طريق استفتاء يعتبر الأول من نوعه في العالم. ففي هذا اليوم أدلى السويسريون بأصواتهم في استفتاء حول اعتماد دخل أساسي مضمون لكل مواطن دون أي قيد أوشرط. صحيح أن غالبية السويسريين رفضوا المبادرة الشعبية بهذا الخصوص ، إلا أن ذلك لا يعني بأن الفكرة قد أصبحت في عداد الماضي، خاصة وأن مؤيديها مصرون على طرحها مرة أخرى. كما أن مجرد طرح هذا المبدأ للاستفتاء يعتبر حدثا غير مسبوق في تأريخ السياسة والاقتصاد، ما عدا بالطبع المشاريع الطوباوية لبعض المفكرين، والذين روجوا لتطبيق مبدأ الشيوعية القائل: "لكل حسب حاجته". ومع أن كثيرين تصوروا بأن الزمن قد عفى علي هذا المبدأ مع انهيار النظام الاشتراكي، إلا أن سويسرا المحافظة والهادئة والبعيدة عن "الروح الثورية" تحاول أن تلقن بقية الدول "دروسا" في مجال العدالة الاجتماعية .
وتتلخص فكرة الاستفتاء في أن تدفع الدولة شهريا لكل فرد بالغ 2500 فرنك سويسري (ما يعادل 2560 دولارا أمريكيا) ولكل طفل 625 فرنكا. وسيحصل المواطنون على هذا الدخل بغض النظر عن دخلهم الشخصي وثروتهم وبغض النظر إن كانوا فقراء أم أغنياء، موظفين أم عاطلين، كبارا أم شبابا، أصحاء أم معاقين وغيرها من السمات المؤثرة على قدرة الانسان وإمكانياته. وللوهلة الأولى يبدو هذا النظام وكأنه التطبيق المثالي لمبدأ المساوة: "دخل واحد للجميع". ولكن وكما يقال "الشيطان يكمن في التفاصيل".
وتجدر الأشارة إلى أن الكثير من الدول المتقدمة ،ومنها ألمانيا، تضمن للجميع الحد الأدنى للمعيشة من خلال إعانات البطالة والمساعدات الاجتماعية للمحتاجين وغيرها. ولكن هذه المساعدات لا تُقدم إلا بعد أن يثبت الشخص المعني بأن ليس له دخل أو أن دخله أقل من الحد الأدنى للمعيشة وأنه لا يملك أموالا (رصيد في البنك، عقارات، أسهم وغيرها) يمكن أن تعينه في تمويل معيشته. أي أن هذه المساعدات وبعكس الفكرة السويسرية مشروطة بإثبات وجود حاجة مادية ملحة.
وقبل بدء الاستفتاء في سويسرا اندلع جدل ساخن بين مؤيدي المبادرة الشعبية "من أجل دخل أساسي غير مشروط" ورافضيها حيث حاول كل طرف إبراز المزايا أو النواقص الحقيقية والمفترضة للمبادرة.
مؤيدو الدخل الأساسي غير المشروط يرون في الفكرة تجسيدا للعدالة الاجتماعية بأرقى أشكالها لأنها ستوفر الحياة اللائقة للجميع دون منة من أحد (ولا حتى من الدولة). ويضيف هؤلاء بأن مثل هذا النظام سيؤدي إلى إعادة توزيع الدخل بطريقة منصفة من خلال فرض ضريبة أعلى على ذوي الدخول العالية. وعلاوة على ذلك يعتقد مناصرو المبادرة بأن تطبيقها سيؤدي إلى تخفيف البيروقراطية نتيجة انتفاء الحاجة لأجهزة الدولة التي تقوم حاليا بفحص دخل وأموال طالبي المساعدات الاجتماعية.
في المقابل يرى منتقدو الدخل الأساسي غير المشروط أنه مشروع طوباوي لنشطاء حالمين بعيدين عن الواقع ، وغير قابل للتطبيق ، بل وغير عادل. فبحسب رأيهم تقوم الفكرة على مبدأ العدالة الشكلية لأنه يساوي بين الفقير والمليونير الذي سيحصل هو الآخر على دخل اساسي لا يحتاج له أصلا. من جانب آخر يحذر هؤلاء من استحالة تمويل مثل هذا النظام على المدى الطويل حتى في بلد ثري مثل سويسرا.
أما أقوى حجة ضد مقترح الدخل الأساسي المضمون لكل شخص فتأتي من الاقتصاديين. فحصول الجميع على مثل هذا الدخل سيعني على المدى الطويل القضاء على أي حافز للعمل والانتاج والابداع وتقويض مبدأ المبادرة الشخصية الأمر الذي سيؤدي في نهاية المطاف إلى التباطؤ والركود الاقتصادي وبالتالي إلى إنهيار النظام برمته. وبالفعل فإن مثل هذه الظاهرة لوحظت في الدول الاشتراكية سابقا والتي كانت تعاني من تدني الحوافز الاقتصادية وهو ما ساهم في انهيارها. ويحذر الاقتصاديون كذلك من أن مثل هذه النظام سيعمق من تبعية المواطن للدولة ويمكن أن يؤدي إلى ظهور ما يدعى بدولة الصدقة التي تقايض حرية الفرد بالدخل الأساسي. وهذا ما نراه في الدول الريعية مثل المملكة السعودية وإيران وقطر والعراق وغيرها.
لقد انتهى الاستقتاء السويسري بفشل المبادرة الشعبية "من أجل دخل أساسي غير مشروط" ولكن الجدل حول الفكرة وحول العدالة الاجتماعية سيستمر في سويسرا وغيرها.



#ناجح_العبيدي (هاشتاغ)       Nagih_Al-obaid#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لعنة المحاصصة وكوابيس بديلها ؟
- أسطورة الشعب -العظيم- ومرض الشعبوية في العراق!


المزيد.....




- ترجف من الإرهاق.. إنقاذ معقد لمتسلقة علقت أكثر من ساعة في -م ...
- تمنّى -لو اختفى-.. مخرج -Home Alone 2- يعلق مجددًا على ظهور ...
- جوزاف عون يتحدث عن مساعي نزع سلاح حزب الله: نأمل أن يتم هذا ...
- ثنائي راست وتحدي الكلاسيكيات العربية بإيقاعات الكترونية
- -من الخطأ الاعتقاد أن أكبر مشكلة مع إيران هي الأسلحة النووية ...
- عراقجي: زيارتي إلى روسيا هي لتسليم رسالة مكتوبة من خامنئي إ ...
- تصاعد أعمدة الدخان فوق مدينة سومي الأوكرانية بعد غارات بمسير ...
- المرسومً الذي يثير القلق!
- دورتموند يتطلع لتكرار أدائه القوي أمام برشلونة في البوندسليغ ...
- عاصفة رملية تخلف خسائر زراعية فادحة في خنشلة الجزائرية (فيدي ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح العبيدي - -شبح الشيوعية- يصل إلى سويسرا!