|
ما بين حزيران 67 .. وحزيران 2016
بدر الدين شنن
الحوار المتمدن-العدد: 5183 - 2016 / 6 / 4 - 14:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ليس من المصلحة الوطنية والقومية ، أ ن يسمى العدوان الإسرائيلي الدولي، في الخامس من حزيران 1967 ، على سوريا ومصر والأردن ، هزيمة ، أو نكسة ، التي تعني أن الدول العربية ضحية العدوان ، هي دول هزيلة فاشلة .. لا بد من أن تهزم ، وإسرائيل المكونة من المهاجرين والعنصريين اليهود في الشتات ، هي دولة عظمى لا تقهر . وذلك لإدخال مفهوم الهزيمة والضعف أمام إسرائيل والأجنبي ، في الوعي والثقافة ، والفشل في بناء الحاضر والمستقبل العربي .
كان بالإمكان استمرار التغاضي عن هذه التسمية للعدوان ، لو أنه ، كما تصوره البسطاء ، وصوره الخبثاء ، عدوان إسرائيل الدولة الناشئة الصغيرة لوحدها على البلدان العربية الثلاثة . لكن ما كشف من حقائق ، خلال الخمسين سنة الماضية ، أثبت أن العدوان لم يكن إسرائيلياً صرفاً .. وإنما كان عدوان قوى دولية " أميركا ودول أوربية استعمارية عريقة " ، وعربية رجعية " المملكة السعودية " ، تمت بالأداة المدعومة إسرائيل ، وتحت العلم الإسرائيلي . لإسقاط النظام القومي العروبي اليساري في سوريا ، والنظام العروبي النهضوي في مصر ، اللذين كانا يسيران قدماً في تسليح قواتهما المسلحة من المعسكر الاشتراكي ، وفي تصنيع البلاد والنهوض الاجتماعي والاقتصادي ، فاتحين المجال لعودة إحياء المشروع القومي العربي النهضوي .
وقد اشتركت " المملكة السعودية " بهذه الحرب ، بمالها ، وحشد عملائها وحلفائها . واشتركت أميركا بتقديم بإنجازاتها الفضائية والسلاح المتطور ، الجوي والبري والصاروخي ، وعشرات آلاف العسكريين الأميركيين " تحت غطاء متطوعين ومتقاعدين " الخبراء في استخدام أحدث الأسلحة . واشتركت دول أوربية عدة بتزويد إسرائيل بأحدث الأسلحة والخبراء ، و بدفع مليارات الدولات مساهمة منها في تغطية نفقات العدوان .
وإذا جرى تقييم حقيقي للقوة الإسرائيلية المجردة ، من الدعم الاستعماري والسعودي ، فإن ما يتبقى من قدراتها ، لا يصمد أمام الجبهة العسكرية السورية لوحدها ، ولا تستطيع الاستمرار في عدوانها ، في سيناء فقط أمام الجيش المصري
إن الأمر المهم اللافت ، عند إضاءة عدوان حزيران 1967 ، هو الهدف السياسي ، الذي تحرك وتجمع من أجله المتآمرون ، وخططوا ، لإسقاط النظام العروبي التقدمي في سوريا ومصر ، وإجراء تغيير في خريطة الوطن العربي ، وتمكين إسرائيل من الرسوخ في فلسطين ، والتوسع في أراضي جوارها .. وما هو أبعد من جوارها .
والسؤال الوارد هنا : هل هناك علاقة بين حزيران 1967 ، وبين عدوان الإرهاب الدولي الذي يجري في بلدان عربية عدة .. منذ 2011 .. وحتى الآن ؟ ..
حين نلقي نظرة على الدول الاستعمارية ، والرجعية العربية " المملكة السعودية " ، التي اشتركت بأدوار وأشكال مختلفة مع إسرائيل بحرب حزيران 1967 ، وإلى أهداف تلك الحرب ، المتمثلة بتدمير جيوش سوريا ومصر والأردن ، وإسقاط القضية الفلسطينية .. ونلقي نظرة على المنظومة الدولية الرجعية الصهيونية ، التي تشترك ، بتوسع وخداع أكثر، بحرب الإرهاب الدولي الجارية منذ السنوات الخمس الماضية ، على عدد من البلدان العربية ، وخاصة سوريا والعراق وليبيا واليمن ، نجدها هي ذاتها تقريباً في كلا الحربين مع تبادل الأدوار والرايات ونوعية الأداة .
حرب حزيران الدولية الإسرائيلية 1967 ، جرت تحت الراية الإسرائيلية ، وبقوات معظمها إسرائيلية ـ مجمعة من أصول صهيونية دينية متطرفة من الشتات اليهودي والمغامرين والمرتزقة ـ . وحرب 2011 تجري تحت رايات سوداء مخادعة ، ابتذلت القيم العزيزة على المجتمعات العربية ، وبقوات معظمها ذات جذور إسلامية متطرفة ، جلبت من مختلف بلدان العالم ، لإشعال حروب طائفية ، وعرقية ، وإقامة كيانات إسلامية وعرقية ، لتمزيق وتدمير البلدان المستهدفة ، بشكل لا تقوم لها قائمة خلال قرون . وهذا ما يرى مباشرة وبكل وسائل الإعلام ، في سوريا والعراق واليمن .. ويتحرك تجريحاً وتخريباً في استقرار مصر والجزائر ولبنان .
وعندما نقرأ التطورات السياسية والحروب ، منذ 1967 وحتى 2011 ، نجد أن الدول العربية الرجعية ـ خاصة المملكة السعودية والإمارات وقطر ـ وأميركا وإسرائيل ، والدول الغربية الاستعمارية العريقة ،تشكل التحالف العدواني الدائم . وهي حاملة مخططات التآمر ، والعدوان ، والحروب ، بأشكال وذرائع متعددة ، لإسقاط وتغيير رؤساء وحكومات ، وتقسيم شعوب ودول . بمعنى أن عدوان حزيران 1967 .. هو عدوان لم يتوقف طوال الخمسين سنة الماضية .. وإنما ينتقل من شكل إلى شكل ومن ذرائع إلى ذرائع ، ومن أداة مباشرة إلى أداة أخرى .
وقد أدى ذلك إلى الكثير من المتغيرات الموجعة في البلدان العربية . ربما كان أسوأها ، عزل مصر " باتفاقية كامب ديفيد " وعزل الأردن " باتفاقية وادي عربة " عن الصراع العربي الإسرائيلي ، وتمييع القضية الفلسطينية " باتفاقية أوسلو " . وكان غزو لبنان أكثر من مرة وغزو غزة المتوالي ، وانفجار الصدامات " الربيعية " الداخلية العربية ، بشكل اتسم بالعشوائية والدموية والتدمير ، لإجراء تغييرات شعبية مزعومة . وتفكك وانحراف قوى قومية ويسارية والتحاقها بليبرالية العولمة الأميركية . ولعل الأكثر سوءاً وإيلاماً ، هو محاولة وأد المشروع القومي العربي ، وضرب التوجهات القومية العربية الوحدوية .. ووأد القوى القومية واليسارية المعادية للإمبريالية .
ونحن في خضم حربنا ضد عدوان الإرهاب الدولي ، الابن الشرعي للقوى التي قامت بعدوان حزيران 1967 .. لا بد أن نذكر القيادات القومية العربية ، التي كانت أهدافاً مباشرة لعدوان حزيران 1967 في سوريا ومصر . ولابد أن نخص بالذكر الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر ، والرئيس السوري الراحل نورالدين الأتاسي .. اللذين صمدا بوجه العدوان بأقصى استطاعتهما ، وحالا دون انهيار الدولة السورية والدولة المصرية ، كما أراد المعتدون . بل وشرعا بإعادة بناء القوى على كل المستويات ، وخاصة القوات المسلحة ، لاستعادة الأراضي المحتلة ، واستعادة الكرامة العربية .
وفي مرحلة عدوان الإرهاب الدولي " الأميركي ـ الغربي .الرجعي العربي . الإسرائيلي " الجديدة التي بدأت بالتحالف مع قوى كردية ـ انفصالية ـ لإقامة كيان كردي فيدرالي في شمال سوريا ، التي قد تتوسع بإقامة كيانات انفصالية أخرى ، بدعم أميركي سعودي .. عبر تركيا والأردن . فإن من الضرورة بمكان ، العمل على إحياء المشروع القومي العربي ، بمضمون ديمقراطي ، تقدمي ، اجتماعي . وهذا الإحياء القومي الديمقراطي التقدمي الاجتماعي ، عدا عن أنه الرد المباشر على عمليات الانفصال والتمزيق والتقسيم للدولة وليدة " سايكس ـبيكو " والمعاهدات البريطانية الخليجية .. فهو الطريق الوحيد لوقف الانحدار والانهيار في الواقع العربي وللحفاظ على الوطن ، والوحدة الوطنية .. وعلى الوجود العربي المقاوم لعدوان الإرهاب الدولي .. والمشروع العنصري الصهيوني ـ الأميركي في الوطن العربي .
الإجلال والاحترام والخلود .. لشهداء الجيش السوري .. والجيش المصري .. والجيش الأردني .. في عدوان حزيران 1967 .. الذين قدموا دماءهم .. دفاعاً وطنهم وكرامته ووجوده .
#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حين يستعيد الشعب دوره
-
المعارضات الزاحفة إلى الرياض .. ماذا بعد ؟
-
المحاصرون
-
الحل السياسي سؤال ملتبس بين الداخل والخارج
-
أول أيار السوري الأحمر وفوضى العولمة
-
تراتيل سورية : الجولان . فلسطين . اسكندرون
-
تراتيل سورية : .. عظماء الاستقلال والجلاء والحرية ..
-
تراتيل سورية : .. وطني ..
-
حي الشيخ مقصود .. جبل النار والمقاومة
-
لتحديد نهاية النفق والحرب
-
حول الحرب والمفاوضات والحل السياسي
-
لماذا الفيدرالية الكردية الآن في سوريا ؟
-
مخاطر وتداعيات الهجمة الخليجية المتصاعدة
-
الموت يختطف عمر قشاش
-
في يوم المرأة العالمي
-
موعد مع السلام
-
في ذروة التحول إلى سناء وبدر
-
لماذا .. ولمصلحة من المفاوضات والحل السياسي ؟
-
حرب بلا حدود
-
هل تصل عواصف الحزم السعودية الأمريكية لدمشق
المزيد.....
-
ماكرون يقبل استقالة الحكومة الفرنسية ويدعوها لتصريف الأعمال
...
-
ماذا تعني المشاركة في مسابقة للجمال في الصومال؟
-
وزير خارجية جنوب إفريقيا: حل النزاع في أوكرانيا دون مشاركة ر
...
-
بوروشينكو: سلطات كييف لا تتخذ أي إجراءات لاستعادة توليد الطا
...
-
مقتل 3 أطفال سوريين في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان
-
الخارجية الأمريكية: لا أحد في أوروبا يهدد روسيا
-
روسيا.. ابتكار مصدر بديل للطاقة من القش
-
لماذا أقر جيش إسرائيل بالنقص بدباباته؟
-
رصد انفجارات للصواريخ الإسرائيلية الاعتراضية في أجواء الحدود
...
-
مصر.. إغلاق ضريح مسجد الحسين.. والأوقاف تنفي ارتباطه بذكرى ع
...
المزيد.....
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
المزيد.....
|