أمل سالم
الحوار المتمدن-العدد: 5183 - 2016 / 6 / 4 - 09:54
المحور:
الادب والفن
هى لم تكن كذلك، كانت أسوأ من ذلك؛ لذا سأروى-بالضبط وبالتفصيل- كل ما فَعلتْ، حتمًا إننا زائلون، ما هى إلا برهة من الزمن ولن تُبقى منا أحدًا، برهة من الزمن، أو على الأدق فاصلةٌ صغيرةٌ.
نحن الذين أردنا أن نقيم لنا وقتًا، كى نسعد به فنقول : ما أجمل هذا الوقت! أو أن تدهشنا حياتنا هذى فنقول: ما أتعس الوقت! بالتحديد أردنا أن نقييم زمنًا معينًا بمقايسنا؛ فأقمنا الأزمنة.
لكنها لم تكن كذلك، كانت أسوأ من ذلك؛ لذا سأروى بالضبط كيف كانت لعوبًا، تتقاذف بالرجال ككرة فى الهواء، تتلاعب مثلما تتلاعب الأزمنة بمشاعرنا البراقة فتطفؤها، لذا فإن كل ما جاء بعد ذلك كان باهتًا، دلو فارغ رغم انتظارنا على رأس البئر، لا روح فيه؛ الموت : إنه الموت، بالضبط ؛ البهوت حاشية الموت التى لا فرار منها، لذا أنت عندما تراها فإنك تبصر الموت بالضبط، عليك أن تبصره واقفًا على قدمين، ويسعى بين يديها، لذا فإن خفتانها لم يكن سوى : مقدمة للموت، الموت السائر براشقة لاعبة "باليه" بين يديها.
لكنها لم تكن كذلك، كانت أسوأ من ذلك؛ أسوأ بكثير، قلت إنها غادة هذه الحياة، لكنها فاتنة لا تغتر بها عندما تراقصك، ثم تخلع ثوبها أمامك ، وأنت فاغر فاهك، متحين أن ترى الفيض الربانى فى جسدها الأبيض المرمى، مستشعرًا طاقاته النافرة، لكنها غانية؛ ما أن تنتهى من خلع ثوبها إلا وتبدؤوك العدد: الأول؛ سيظهر الثوب الثانى؛ ثوب وراء ثوب، ووجه خلف الوجه، هكذا دواليك، وبحور من الكلام المغرق، إلى أن يستوقفك مقدار ما بها من بشاعة، تدرك ساعتها أن الساعة متوقفة، وأنها تضحك بسخرية وهى تبتسم لك، تبتسم عليك وأنت كعقرب يحصى الثوانى، وتعد هى الأخرى أيضا : التالى، فى انتظار من يجئ بعدك فى الساعة المتحركة، وتتبين فى هذه اللحظة الشبقية: أن الأزمنة مسافر بحقيبة مغلقة، ينتظرعلى رصيف محطة ما لا يجئ.
#أمل_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟