|
حول تصحيح النزعات الخاطئة في صفوف اليسار الجذري - 2 -
ابو منصور حرب
الحوار المتمدن-العدد: 5176 - 2016 / 5 / 28 - 02:46
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
حول تصحيح النزعات الخاطئة في صفوف اليسار الجذري - 2 - " هناك شيوعيون لم يستطع العدو قهرهم بالسلاح، فهم جديرون بلقب الأبطال لصمودهم بوجه العدو، و لكنهم يعجزون عن الصمود بوجه الطلقات المغلّفة بالسكّر، و ينهزمون أمامها. فعلينا ان نكون على حذر من هذا " ماو لقد حاولنا في المقال السابق بسط ردود الافعال التي بصمت تفاعل العديد من الجهات في المسألة التي صارت تعرف بحادث الموقع الجامعي مكناس . هل فعلا ما وقع بموقع مكناس هو وليد تطور لا تقدمي للحركة الطلابية حتى لا نقول عنه شيء اخر ؟ هل ما وقع هناك وجب التغاضي عنه لأنه صدر من " شباب طائش " ؟ أو في أبله الاحوال الدفاع عنه بشتى المبررات الموجودة ولو اضطر المرء الى الكذب على التاريخ ؟ أم ان الامر يستدعي قول الحقيقة كما عبر أحد الرفاق وإن كانت مؤلمة ! إن تاريخ الطلبة القاعديين هو تاريخ مشرق ، خطه الطلبة القاعديون بتضحيات جسام منذ ظهورهم إبان المؤتمر 16 لأوطم – وقبل – ودفاعهم المستميت عن نضالات الجماهير الطلابية كجزء لا يتجزأ منها ، وعن أجهزتها التنظيمية وهياكلها التحتية بعد تكثيف الحظر العملي ما بعد 1981 .ولا يجب أن ننسى كذلك أن تاريخ الطلبة القاعديين هو تاريخ صراع الخطوط السياسية و الفكرية ، شكل مركز ثقله الفكري و السياسي خلال فترة الثمانينات الصراع حول تداعيات تكثيف الحظر العملي على أو ط م وفقدان هياكلها بين القاعديون أنصار الهيكلة وباقي التيارات الاخرى للطلبة القاعديون الرافضون للهيكلة بغض النظر عن مدى سلامة هذا الطرح أو ذاك ، وكانت احدى الخصائص الاساسية التي ميزت هذه الفترة هي صراع التصورات الفكرية و السياسية وسط نضالات الجماهير الطلابية بوسائل في أغلبها هي وسائل مبدئية تراعي وتسعى الى الحل السليم للتناقضات في صفوف الحركة الطلابية بشكل عام أو حركة الطلبة القاعديون بشكل خاص ، رغم ما يمكن أن يقال عنها من سيادة نزعة الجمود العقائدي والضبابية الفكرية في صفوف العديد من التيارات بصدد نظرتهم للنقابة أو العمل النقابي وسبل ربط النضال الطلابي بالحركة الجماهيرية ... خلال مرحلة التسعينيات وما واكبها من تطورات على المستوى الدولي و المحلي القت بظلالها على قطاع التعليم ، وأمام الدينامية التي عرفتها الحركة الطلابية سينتقل مركز الثقل الفكري و السياسي وسط الطلبة القاعديون حول مضمون الاشكال التنظيمية التي أفرزتها سيرورة تطور النضال الطلابي نهاية التسعينيات ، حيث برزت وجهات نظر تتصارع حول تطوير اللجان الانتقالية وتحديد مضمونها وأهدافها ، دون أن ننكر استمرار الاشكالات الاخرى وعلى رأسها الصراع حول بلورة البرنامج المرحلي الذي أريد له أن يكون " إجابة علمية لواقع الازمة الموضوعية والذاتية للحركة الطلابية " ! والموقف من القوى الاصولية الدينية ممثلة بشكل كبير في جماعة العدل والاحسان التي نزلت تترجم أجندات النظام القائم بتصفية الاصوات المكافحة داخل الساحة الجامعية وعرقلة مسيرة اللجان الانتقالية التي رسمت هدفا مباشرا لها هو عقد المؤتمر الاستثنائي للاتحاد الوطني لطلبة المغرب . خلال سنوات أواسط التسعينات و بالضبط في سياق النقاشات التي أثارها صدور تقرير البنك الدولي لسنة 1995و الذي أثار بشكل واضح المسألة التعليمية بالمغرب و تضمن العديد من التوصيات التي سوف تترجم فيما بعد فيما سمي الميثاق الوطني للتربية والتكوين فقد عرفت الساحة الجامعية آنذاك نقاشات واسعة حول هذا التقرير . إن ما ميز هذه الفترة هو انتقال الصراع الفكري و السياسي وسط تجربة الطلبة القاعديين أنصار البرنامج المرحلي ، غير أن الخاصية التي تميز بها هذا الانتقال عن سابقيه هو إستعمال شتى الوسائل اللامبدئية في الصراع وحل التناقضات في صفوف المناضلين و المناضلات بشكل عدائي – عنيف راح ضحيته العشرات من الاطر المكافحة و المناضلة بغض النظر عن صحة أو عدم صحة أفكارها ، إننا لن نبالغ إذا قلنا أن الصراعات التي عاشتها تجربة الطلبة القاعديين أنصار البرنامج المرحلي كانت مبررة في لحظتها وهذا راجع بالدرجة الاولى الى تعمق نزعة القوالب الجامدة وسيادة موجة من التصرفات الطائشة التي تعود جذورها الطبقية الى المزيج الحاصل بين عقلية البروليتاريا الرثة و البرجوازية الصغيرة . قلنا ، في خضم النقاشات و الصراعات وسط الطلبة القاعدين إستطاع قسم منهم في استيعاب حجم الاستهدافات التي تطال الحركة الطلابية وسيبلور شعارا تكتيكيا يوجه معاركة الحركة الطلابية انذاك هو شعار " المجانية أو الاستشهاد " في اطار معركة مقاطعة الامتحانات بفاس 1997/1996 بما يعنه النضال من أجل مجانية التعليم العمومي وضمان تواجد أبناء العمال و الفلاحين وكافة الكادحين الذين يعتبرون الاساس المادي لتواجد حركة طلابية مكافحة ومناضلة ، أو استشهاد الحركة الطلابية بمضمونها الكفاحي الشعبي عبر الاجهاز على المجانية وتكريس النخبوية ، إن بسطنا لمضمون هذا الشعار يأتي في إطار نفض الغبار حول مضمونه بغض النظر عن صلاحيته أو عدمها اليوم ، لما تعرض ويتعرض له من تشويه وفهم أهبل لخلاصاته التي أصبحت تردد اليوم داخل الساحة الطلابية بالمغرب دون حياء . لقد استطاع هذا الشعار أن يؤطر جل المعارك التي خيضت خلال النصف الاول من العشرية الاولى لتطبيق الميثاق في مجموعة من المواقع الجامعية ما بين 2002 و2005 ( وجدة ، مكناس ، مراكش ) . في خضم هذاه المعارك استطاع الموقع الجامعي مكناس موضوع حديثنا أن يلعب دورا رائدا في قيادة المعارك الشبه سنوية ( وجدة 2002 مكناس 2003 مراكش 2004 ..) وقد لعب مناضليه دورا حماسيا في توحيد الرؤى وسط القاعديين أنصار البرنامج المرحلي حول أبعاد المعارك المؤطرة بشعار" المجانية أو الاستشهاد " ، غير أن حجم الضربات التي تعرض لها خلال المعركة البطولية لكلية الحقوق سنة 2003 وخصوصا ورقة طرد المناضلين أدت بمناضليه خلال نهاية الموسم الجامعي الى التراجع تحت مبررات الطرد و الاعتقال و المتابعات ... غير ان بداية الموسم الجامعي 2004 بدأ الرفاق هناك يرددون بعض العبارات التي ما فتئت تحولت الى قناعات " فكرية و سياسية " مضمونها أن الحركة الطلابية عاجزة عن خوض معارك مواجهة الميثاق ! وأن الحركة الطلابية غير قادرة على مواجهة القمع في اللحظة الراهنة و أن رفع الحضر العملي يستدعي الثورة ! ….. . لكن مع اندلاع المعركة بموقع مراكش سنة 2004 واجتيازها اشواطا كبيرة بدأت الهجومات الصبيانية على معركة الجماهير الطلابية بكلية الحقوق مراكش تحت مبررات أن الحركة الطلابية ليس في مصلحتها تفجير معارك في اللحظة الراهنة محاولين رفع الاحراج عن تردد الموقع الجامعي مكناس ومناضليه ، غير ان هذا لم يثني المعركة عن السير قدما نحو مطالبها وعلى رأسها اطلاق المعتقلين السياسيين ورفع العسكرة عن الجامعة ما دفع المناضلين من موقع مكناس أنصار البرنامج المرحلي الى الهجوم على المعركة بمبرر قيادة المعطلين لها !! رافعين الشعار البئيس الذي يردد اليوم في جل المواقع الجامعية التي يتواجد بها أصحابنا " استقلالية الطلبة القاعديين " و فقاعة " التابث التنظيمي لدى الطلبة القاعديين " إضافة الى طرح نقاش خارج الحركة الطلابية أكثر بلادة ويعبرعن نوعية التفكير السائد هناك وهو " لا للعمل داخل الاطارات الجماهيرية " إن ما وقع في موقع مكناس مؤخرا من حلق رأس وحاجبي فتاة هو دليل ملموس وتطور طبيعي لنظرة استسلامية انهزامية ظهرت في فترة معينة وسط الحركة الطلابية سميت أنذاك بــ " الصبية الجدد" الذين يوقعون بيانتهم اليوم بــ " مواقع الصمود "دعاة تجريم العمل داخل الاطارات الجماهيرية مع أنهم يرددونها داخل اطار جماهيري أ و ط م ! ورددوها وهم داخل الجمعية الوطني لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب تحت مبررات صبيانية " غياب الحزب الثوري " ... وها هي تتحول اليوم الى تصور لجماعة ضالة فاقدة لأي بوصلة فكرية وسياسية تتمظهر اليوم كما تمظهرت البارحة في شكل يسراوي وهذا هو مآل من يعمل بمنطق " نفعل ما وجدنا الرفاق قبلنا يفعلون " على وزن " هذا ما وجدنا عليه اباؤنا الاولون " ليس وفقط بصدد " المحاكمات الجماهيرية " بل على طول الخط . لقد إستطاع الطلبة القاعديون انصار الهيكلة – الكراس – أن يطوروا نظرتهم للحركة الطلابية وفق واقعها المعطى وذلك بتطوير خطهم الفكري و السياسي على أرضية المهام الملقاة على عاتق الحركة وشكل جزء مهم منهم فصيل طلبة اليسار التقدمي ، وإستطاع الطلبة القاعديون التقدميون أن يطوروا كذلك نظرتهم للحركة الطلابية عبر تطوير خطهم الفكري و السياسي وانخرطوا بشكل واعي ومنظم في مشروع إعادة بناء الاتحاد الوطني لطلبة المغرب عبر مشروع توحيد نضالات الحركة الطلابية ، وإستطاع جزء من البرنامج المرحلي ان يطور نظرته للحركة الطلابية بتطوير خطه الفكري و السياسي نحو تشكيل النهج الديمقراطي القاعدي الماوي على أرضية فكرية و سياسية مغايرة للنظرة التي كانت سائدة قبل 2007 ، أما المجموعات المتأخرة من هذه التجربة فقد ظلت تردد نفس النقاط الثلاث متشبثة بنفس العقلية المتحجرة والتي يعرف الكل مآلاتها في كل من وجدة وفاس وأكادير والراشيدية رغم التضحيات المقدمة هنا وهناك . إن تاريخ الطلبة القاعديون هو تاريخ صراع الخطوط الفكرية و السياسية كما سبق وأشرنا وهي تجربة طلابية فريدة من نوعها ولن نبالغ إذا قلنا انها تجربة غنية من حيث الانتاج الفكري و السياسي الذي يطغى عليه الجانب الشفهي باستثناء أرضية هنا وهناك ما يتبعها من نقاشات وصراعات سياسية أكثر من حجم حروف تلك الارضيات بأكملها وهذا إن دل على شيء فهو يدل على الدينامية الغنية للطلبة القاعديون بغض النظر عن حجم الاخطاء . فالنقاشات و الصراعات التي كانت تختمر في صفوفهم كانت نتيجة لتفاعلهم مع مجمل القضايا التي أثارها ويثيرها الصراع الطبقي سواء وسط الحركة الشيوعية المغربية أو وسط الحركة الجماهيرية بشكل عام . يتبع ابومنصورحرب
#ابو_منصور_حرب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حول تصحيح النزعات الخاطئة في صفوف اليسار الجذري
-
من هو الشعب ؟ من هم أصدقائه ؟وأعدائه؟ الجزء 2
-
من هو الشعب ؟ من هم أصدقائه ؟وأعدائه؟
المزيد.....
-
وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
-
مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي
...
-
ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
-
-تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3
...
-
ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
-
السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
-
واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
-
انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
-
العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل
...
-
300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال
...
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|