أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيدي المولودي - الجامعة المغربية: -العنف أصدق أنباء من الكتب-















المزيد.....

الجامعة المغربية: -العنف أصدق أنباء من الكتب-


سعيدي المولودي

الحوار المتمدن-العدد: 5174 - 2016 / 5 / 26 - 09:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الجامعة المغربية:
"العنف أصدق أنباء من الكتب."
أثارت حادثة الاعتداء الهمجي الذي شهدته كلية العلوم بمكناس مؤخرا السجال مجددا حول العنف في الجامعة المغربية، والذي غدا ظاهرة مألوفة وعادة مسيطرة لها طقوسها وشعائرها الخاصة، التي يرعاها الجميع ويكاد يمنحها مشروعيتها ضمن دائرة الحذر والتردد واللامبالاة التي تواجه بها. ولا نبالغ إذا قلنا إن جامعة مكناس إحدى بؤر هذا العنف الذي ارتفعت حدته في السنوات الأخيرة، ودخل منعطفا خطيرا يصعب معه تحديد الإطار الذي يرتسم فيه.
والملاحظ بشكل عام أن دائرة العنف هذه تتسع وتتأصل في مواقع جامعية محددة، يمكن القول إنها تشكل "الهامش"،في حين يظل "المركز" في الغالب بمنأى عنها، كما أن المؤسسات الجامعية التي يتفاقم فيها هي المؤسسات ذات الاستقطاب المفتوح أي المؤسسات التي تستقبل وتحضن الأغلبية الساحقة من أبناء الشعب ، والذين لم يجدوا موقعا لهم في المعاهد العليا والمؤسسات ذات الاستقطاب المحدود. وهو أمر يطرح أكثر من سؤال، ولكنه في كل حال يؤشر لما يمكن أن نزعم إنه وجه" لمؤامرة" غامضة المعالم والأصول تستهدف الجامعة على وجه العموم والتعليم العمومي بوجه خاص، إذ ما يمكن استنتاجه، في الواقع، منذ سنوات هو تكريس محاولات يائسة لتقويض الجامعة المغربية ومحاصرتها والنيل من دورها وكبح جماح إشعاعها، وآثارها الإيجابية المحتملة على السيرورة الاجتماعية والثقافية لبلادنا، لأن كل بوادر العنف التي نُعاينُها لا تسعى إلا وراء تحطيم الجامعة ونسف كيانها، خاصة وأن كثيرا من تجليات هذا العنف لا تمت بأية صلة للأفق النظري والعملي للتغيير ، ولا يمكن تصنيفها إلا في دائرة الغوغاء والفوضى المدبرة، إذ أضحت بعض المؤسسات الجامعية منشآت أو قلاعا غوغائية تحكمها الفوضى والتسيب على كافة المستويات، وتجد نفسها رهينة شعارات الهدم والتهديد والترهيب والمطالب الابتزازية التي تضطر للاستجابة لها تلافيا لتداعيات الصورة القاتمة التي قد تتأسس عنها ، وهي شعارات لا علاقة لها ب"القدرة الثورية" أو بالثقافة والممارسة السياسية الفاعلة، حيث ناظمها الأساسي يتحرك في دوامة توجه عدمي عقيم يتغذى بوهم "إلغاء الدولة" وتخريب كل مظاهرها وأدواتها ورموزها وتحويل المؤسسات الجامعية إلى " باستيل" قوام وضعه الداخلي الفوضى والفوضى المضادة، وتدمير كل أسباب توازناته.
هذه الوضعية في النهاية تقود إلى نتيجة أولية هي عزل الجامعة عن محيطها وعن سياق التطورات الاجتماعية والسياسية والثقافية وتهميش أو إلغاء دورها المحتمل، وتسويق صورة هجينة سيئة عنها باعتبارها "قلعة الشر" و"الأشرار"، لتعضيد عوامل النفور والابتعاد عنها، والإطاحة بهيبتها وصيتها وبأدائها المعرفي والأكاديمي والعلمي، ويبدو أن هذا هو إحدى مظاهر الرؤية "التجزيئية" التي تنظر إلى الجامعة ككيان مستقل قائم الذات مغلق ومعزول عن حركية المجتمع ولا هدف لها في النهاية. ومن هذه الزاوية بالذات نستطيع أن نستوعب الدور المرسوم للجامعة ووظيفتها وإرادة محاصرة سلطانها وامتداداتها الممكنة داخل المجتمع.
المثير في هذا الصدد أن جامعة مولاي إسماعيل بمكناس أصدرت بلاغا إلى الرأي العام تعتبر فيه الحدث فعلا أو عملا معزولا، وهو ما يمكن أن نجد أصداءه في كثير من الأدبيات الموازية والتصريحات الرسمية المرتبطة بالموضوع، والحقيقة أن النظر إلى الظاهرة بهذه الصورة لا يعدو أن يكون مجاراة لمنحى تضليلي في مواجهة الوقائع وتفسيرها وتأويلها، ولذلك يبدو من الموضوعي ومن باب المسؤولية ، والحرص على مستقبل ودور الجامعة المغربية التأكيد أن مثل هذه الأعمال ليست بالمرة معزولة، والقول بأنها بدون تاريخ، أو هي نتاج خطأ غير مقصود لا يتعدى ذاته مجانب للحقيقة، فهي أعمال، بالقوة والفعل، مندرجة ضمن سياق غامض، شائك ومتقلب من الممارسات والأفعال التي تستهدف الجامعة وأمنها المعرفي ودورها الريادي، والأحداث أو الوقائع المرجعية التي شهدتها الكثير من المواقع الجامعية وبلغت أوجها في سلم درجات القسوة وانتهت بالاغتيالات والقتل أقوى دليل على ذلك، و ما نلمسه في هذا الشأن أيضا هو أن آليات تدبير وتصريف العنف داخل الجامعة آخذة في التطور والنمو والتنوع، ولكل مرحلة عتادها وأسلحتها الآنية وأدواتها وموادها التطبيقية والنظرية والبرنامجية، وهي جاهزة في أي وقت وحين للتدخل وتفجير الوضع الطبيعي للجامعة وشحن فضاءاته بمنطق الدم بالدم والفوضى الخانقة.
ولا نغالي إذا قلنا إن جامعة مولاي إسماعيل بالذات على مدى ما يزيد عن عشر سنوات تعاني من تداعيات وإيقاعات العنف والرعب الذي حولته "جماعات" و"مليشيات" طلابية أو شبه طلابية إلى طقس يومي داخل بعض المؤسسات الجامعية، وخلال الموسم الجامعي الفارط (2015- 2016)، مثلا، عاشت كلية آداب مكناس على امتداد ما يفوق شهرين متتابعين وضعا مأساويا أقرب إلى أجواء الحروب الأهلية، حيث خضعت لسلطة التسيير الذاتي من طرف " ميلشيات " منظمة ومسلحة بكل ألوان الأسلحة البدائية المعروفة، ومارست كل أشكال التخريب والتدمير الشامل لممتلكاتها العمومية والخصوصية وفرضت "شريعة الغاب" على كل مكوناتها ، واحتجزت بعض موظفيها في مكاتبهم لأيام متتالية، واضطرت إدارة الكلية مستكينة أن تكفكف خسائرها وتستسلم لسيطرة "تنظيم الغزاة"، وتُقْدِمَ على ما يشبه تسليم مفاتيح قيادة وتدبير شؤون الكلية التربوية لنزوات مطالب طائشة هوجاء لم يكن الهدف منها في الواقع غير ضرب مصداقية الجامعة والاستهتار بتقاليدها وأعرافها وتحقير المقررات والمقتضيات التشريعية الجاري بها العمل.
إن ظاهرة العنف في الجامعة المغربية آخذة في الانتشار والازدهار وتغذيها بشكل مباشر أو غير مباشر حدة الانكسارات والانهيارات التي عاني منها التعليم العالي جراء الفشل الذريع لسلسلة الإصلاحات العشوائية التي فرضت عليه، والتدهور الفظيع الذي اعترى مستوى التحصيل العلمي والمعرفي وساهم في اختلال العلاقات بين كل أطراف العمليات التربوية حيث يتحكم منطق المحسوبيات واللامسؤولية والزبونية وعدم تكافؤ الفرص ، واتساع الفجوة بين التعليم العالي وسوق الشغل، إضافة إلى غياب رؤية استراتيجية وطنية رائدة تحدد الأهداف السياسية والثقافية والاجتماعية المتوخاة من التعليم العالي... واستعارة ذريعة الحالات المعزولة لن تزيد الأوضاع إلا استفحالا، والوقائع المتكررة التي تلاحقنا تفرض لزاما إعادة تقييم جذرية للأوضاع داخل الجامعة المغربية، وتطوير المنظور نحو منحها دورا أكثر فعالية ونجاعة، وتشخيص "الوضع الأمني" داخلها وانتشال صورتها من سياق كونها "مجتمعا عدوانيا"( كومونة أو إمارة) وتحويلها إلى فضاء مفتوح للحرية والإبداع والاختلاف والتعدد والتسامح والتعايش والحوار والخلق والابتكار، فضاء يكتسب فيها الجميع ( الأستاذ والطالب..) العادات والأساليب الديموقراطية في التفكير والسلوك ويتمرس على الفكر النقدي والممارسة العقلانية.
سعيدي المولودي
كلية الآداب .مكناس.



#سعيدي_المولودي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - نشيد-
- مرثية ( وفاء لروح الفنان حمو أوليزيد)
- للتاريخ .. لعل الذكرى تنفع بعض السياسين. (من رسالة عبد الإله ...
- المعادلة السياسية الجديدة: P (P+S) = P (J+D)
- - القيم الإرْوَهَّابية-
- -السماء ترفع دعمها عن بلاد المغرب-
- هل المغرب -دولة عربية-؟
- فضيحة - علمية- بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس
- - سنوات الرصاص: طبعة جديدة ، مزيدة ومنقحة-
- - دُّو سْ تَوِيلْ آوَا دُّو سْ تَوِيلْ.. أيهذا الخراب...
- مقتطفات من كتاب : الترجمانة الكبرى لأبي القاسم الزياني (1734 ...
- التأهيل الجامعي وولوج إطار أستاذ التعليم العالي: تكريس لحيف ...
- -الحالة الصحية للقطيع-
- عاصفة النفط
- استباحة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس: من يلعب بالنار ...
- -ثيلوفا- -9-
- كلية الآداب والعلوم الإنسانية.مكناس: -العمل النقابي وثقافة ا ...
- - شجرة الغياب- إلى روح رفيقي وصديقي: بوطيب الحانون.
- كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس و-العدمية النقابية-
- كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس و-نبش القبور-


المزيد.....




- كييف.. على دقات ساعة موسكو وواشنطن
- رغم الحرب والحصار.. خان يونس تتشبث بالحياة
- -سأقتل نفسي قبل أن أعود إليهم-... محاولة هروب يائسة لضحايا ش ...
- حماس تعلن فقدان الاتصال مع محتجزي الإسرائيلي-الأمريكي عيدان ...
- قطر وروسيا.. تعزيز التعاون إقليميا ودوليا
- ناشطون لبنانيون يرسلون 6 أطنان من المساعدات الإنسانية إلى دو ...
- البيت الأبيض: كرة الرسوم الجمركية في ملعب الصين
- هل تتجه علاقات الجزائر وفرنسا للقطيعة؟
- موسكو: غالبية أوروبا تعارض نشر قوات سلام
- أزمة صاعدة بين حكومة نتنياهو والشاباك


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيدي المولودي - الجامعة المغربية: -العنف أصدق أنباء من الكتب-