|
التظاهرات التخريبية امتداد لداعش
عبدالخالق حسين
الحوار المتمدن-العدد: 5171 - 2016 / 5 / 23 - 17:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعد نشر مقالي الأخير الموسوم (لماذا فرَّ الصدر إلى إيران بعد إشعاله الفتنة؟)(1)، استلمت العديد من التعليقات القيمة، والتحليلات الصائبة المؤيدة، وأخرى معارضة منها بنوايا حسنة وأخرى بنوايا بعثية خبيثة. فرأيت من المفيد العودة إلى الموضوع لبيان الكثير مما فاتني في المقال وما استجد في الساحة. فالمعروف في الأنظمة الديمقراطية العريقة أن المطالبين الحقيقيين بالإصلاح لا بد وأن يحترموا القوانين، ويلتزموا بها في تظاهراتهم السلمية، إما احتجاجاً على قانون جائر يريدون تغييره، أو فساد يطالبون بمعالجته. ولكن الذي حصل في تظاهرات يومي 30 نيسان الماضي، و19 مايس الجاري، كانت تخريبية وعدوانية هدفها إسقاط هيبة الدولة، وإرباك السلطة، ونشر الفوضى، فهم بحق فوضويون Anarchists )) بكل معنى الكلمة.
لذلك فهؤلاء النشطاء الذين ينظمون ويقودون هذه التظاهرات ليست غايتهم الإصلاح، وتحسين الخدمات ومعالجة الفساد كما يدَّعون، بل اتخذوا من هذه المشاكل ذريعة لإسقاط النظام الجديد، مثلهم كمثل أسلافهم الذين رفعوا المصاحف على أسنة الحراب في صفين، صارخين (لا حكم إلا لله). وقد حذر الإمام علي أنصاره من هذه الخدعة و(إنه قول حق أريد به باطل)، ولكن بلا جدوى، فعبرت الحيلة وانشق عليه الخوارج، وما أشبه اليوم بالبارحة.
كما يحاول البعض إيجاد المعاذير، والتبريرات للتجاوزات التي يسمونها بـ"المؤسفة"، وأن كل تظاهرة لا بد وأن يندس فيها "عدد قليل" من المندسين يقومون بالتخريب لتشويه سمعة التظاهرة! بل راح البعض منهم إلى أبعد من ذلك حيث أدعوا أن رئيس الوزراء حيدر العبادي، ورئيس البرلمان سليم الجبوري هما اللذان نظما الهجمة على البرلمان ومجلس الوزراء، لتشويه سمعة المتظاهرين!! فهل هناك إسفاف وسخف وهراء أكثر من ذلك؟ وسؤالنا لهؤلاء الذرائعيين، إذا كانت هذه التجاوزات من قبل المندسين الفوضويين، فلماذا تدافعون عنهم، ولماذا تتهجمون على القوى الأمنية إذا تصدت لهم لحماية مؤسسات الدولة من هؤلاء المنسين؟ في الحقيقة لقد شاهدنا بالصوت والصورة أن معظم المتظاهرين قاموا بأعمال تخريبية، وبأعداد كبيرة، وأطلقوا هتافات عدوانية كتلك التي سمعناها أيام الاعتصامات في ساحات المناطق الغربية قبل عامين. وما قاموا به من تخريب داخل البرلمان والاعتداء على النواب، يؤكد حقدهم على الديمقراطية وعلى العراق الجديد وعلاقتهم بداعش. لذلك فليس هناك أي مجال لتبرير جرائم هؤلاء.
وما يؤكد علاقة هذه التظاهرات التخريبية الفوضوية بداعش أنها تزامنت مع الانتصارات التي حققتها القوات العسكرية المسلحة والحشد الشعبي في ساحات الحرب على الإرهاب، والهزائم التي منيت بها داعش، والاستعداد لتحرير الفلوجة وتطهير كل الوطن من رجسهم، كما تزامنت هذه التظاهرات مع تصعيد التفجيرات الإرهابية في بغداد والحلة والسماوى وغيرها. لذلك فهذه التظاهرات والتفجيرات جاءت للتعويض عن الهزائم التي منيت بها داعش. فلو كان هؤلاء المتظاهرون فعلاً وحقاً حريصين على الإصلاح وخدمة الشعب والوطن لأعطوا الأولوية لمحاربة داعش، وتأجيل التظاهرات الاحتجاجية على الفساد إلى وقت مناسب، و لحولوا مظاهراتهم في الوقت الحاضر لدعم القوات المسلحة ومباركتها على انتصاراتها ومنحهاً زخماً معنوياً، وليس القيام بمظاهرات تخريبية تصب في خدمة الإرهابيين الدواعش وإرباك السلطة وإشغال القوات الأمنية عن واجبها المقدس في محاربة الإرهاب الداعشي البعثي الوهابي. كما وأفادت الأنباء أن القوة الأمنية في بغداد نجحت في(ضبط مطبعة بمنطقة السعدون تحوي كُتبا بعثية مُعدة للتوزيع)(2). وهذا دليل على الدور القيادي الذي تلعبه فلول البعث في هذه التظاهرات.
والجدير بالذكر أن رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي، كان قد حذّر من الذين وصفهم بـ"المندسين" في الوقوف وراء اقتحام المنطقة الخضراء داعيا "المواطنين والقوى السياسية الوطنية الى التكاتف والتصدي الى مؤامرات المندسين البعثيين المتحالفين مع الدواعش المجرمين والذين يقومون بأعمال ارهابية في المدن لإيقاع الفتنة بين المواطنين والدولة". هذه الحقيقة باتت معروفة ومكشوفة لكل مواطن يتمتع بعقل سليم وحس وطني صادق.
وكما ذكر أحد الأصدقاء في تعليق قيم له، أن هناك نشاط محموم من قبل وسائل الإعلام العربية المعادية للعراق الجديد، إذ لاحظ أنه كلما تشتد الحركات الاحتجاجية داخل العراق ينشط "الخبراء الإستراتجيون" على القنوات المساندة للجهد الداخلي التخريبي بكيل المزيد من الاكاذيب والنظريات المهوِّلة. وقد بلغت هذه الحملات الأوج في أيام ولاية السيد نوري المالكي الذي اتهموه بالدكتاتورية وعزل السنة والكرد، ثم خفت الحملة عند تسلم السيد حيدر العبادي رئاسة مجلس الوزراء، ولكن بعد أشهر أعيدت نفس الأسطوانة، حيث اخذوا يمهدون للحملة الجديدة وراحت الجوقة تدعي ان العبادي ضعيف ... وانه الوجه الآخر لزعماء حزب الدعوة...الخ. وعندما صار مقتدى رجل الشارع ارتفعت آمالهم في امتطاء حصان طروادة، ولما نكص الحصان استحق التفجيرات في مدينة الصدر وغيرها من المناطق في بغداد.
ومن كل ما تقدم، نفهم أن هذه التظاهرات ما هي إلا امتداد للدواعش البعثيين، تزامنت مع الانتصارات التي حققتها القوات المسلحة والحشد الشعبي على داعش. لذلك على الشعب والمثقفين الوطنيين الحذر من أحابيلهم وعدم الوقوع في فخهم. [email protected] http://www.abdulkhaliqhussein.nl/ ــــــــــــــ روابط ذات صلة 1- د.عبدالخالق حسين: لماذا فرَّ الصدر إلى إيران بعد إشعال الفتنة؟ http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=517835
2- ضبط مطبعة بمنطقة السعدون تحوي كُتبا بعثية مُعدة للتوزيع http://www.akhbaar.org/home/2016/5/212144.html
#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا فرَّ الصدر إلى إيران بعد إشعال الفتنة؟
-
دروس من صادق خان!
-
هل حقاً الحل في الانتخابات المبكرة؟
-
اجتياح البرلمان إصلاح أم تخريب؟
-
دعوة لتحويل عصيان البرلمانيين إلى حركة عابرة للطائفية
-
بيان سعودي باسم القمة الإسلامية
-
في ذكرى تحرير العراق من الفاشية*
-
سليم الجبوري يتحدث بلسانين
-
من وراء تفجيرات بروكسل؟
-
الشيعة ألد أعداء أنفسهم
-
حول تصريحات الرئيس أوباما الأخيرة
-
شاف القصر هدَّم كوخه
-
هل حقاً كل الأحزاب الدينية إرهابية؟
-
حول قرار الجامعة العربية بتجريم حزب الله
-
هل الحل في حكومة التكنوقراط؟
-
بضاعة أردوغان تُرد إليه
-
رشيد الخيون باع نفسه للسفاح السعودي
-
اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس!
-
عبثية الترحم على عهد صدام!
-
العراق والمؤتمرات الدولية
المزيد.....
-
الكويت: القبض على مقيم بحوزته سلاح ناري دهس رجل أمن عمدا وفر
...
-
آلاف المؤمنين في ملقة يشاركون في موكب عيد الفصح السنوي
-
تقرير يحصي تكلفة وعدد المسيرات الأمريكية التي أسقطها الحوثيو
...
-
إعلام أمريكي: كييف وافقت بنسبة 90% على مقترح ترامب للسلام
-
السلطات الأمريكية تلغي أكثر من 400 منحة لبرامج التنوع والمسا
...
-
البيت الأبيض يشعل أزمة مع جامعة هارفارد بـ-رسالة خطأ-
-
ارتفاع حصيلة الضربات الأميركية على رأس عيسى إلى 74 قتيلا
-
الكرملين: انتهاء صلاحية عدم استهداف منشآت الطاقة الأوكرانية
...
-
في ظلال المجرات… الكشف عن نصف الكون الذي لم نره من قبل
-
القوات الروسية تتقدم وتسيطر على ثالث بلدة في دونيتسك
المزيد.....
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
المزيد.....
|