|
سنفتقدك دائمًا يا قبطان السفينة
احمد سعد
الحوار المتمدن-العدد: 1393 - 2005 / 12 / 8 - 11:22
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
وجودي في مهمة حزبية خارج البلاد حرمني من المشاركة في تشييع جثمان رفيق عزيز، شاركناه وشاركنا درب النضال الطويل، خلال عشرات السنين في اطار حزبنا الشيوعي، ان كان في منطقة عكا الحزبية او في صحيفة "الاتحاد" الذي كان احد محرريها المبدعين. فحقيقة هي ان حزبنا الشيوعي وفرع الحزب في مدينة عكا وصحيفة "الاتحاد" وعائلة ابو شنب الكريمة قد فقدوا انسانا لا يعوض، قائدا شيوعيا مبدئيا اصيلا ومتميزا، انه خالد الذكر محمود ابو شنب (ابو رياض). وميزة ابي رياض تكمن في تواضعه، فهو لم يدافش يوما على مركز او على مكسب ذاتي، فقد كان يرى، وعن وعي، ان اعلى مركز للشيوعي هو العضوية في هذا الحزب الثوري الطبقي المقاتل دفاعا عن حق الانسان في الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية والكرامة الشخصية والوطنية. كان بوسعه ان يختار طريقا آخر، فقد كانت لديه قدرات كبيرة على الكتابة والابداع، ولكنه اختار، وعن قناعة تامة، طريق الكرامة الوطنية والكفاح المنظم وابى ان يسخر قلمه وجهده ومجهوده الا في خدمة مصالح شعبه والقضايا التي يحمل حزبه الشيوعي لواءها على ساحات النضال متحملا حياة التقشف وشظف العيش. كان ابو رياض، وبدون مبالغة، قبطان السفينة في فرع عكا الحزبي، يكتب بخطه الجميل المناشير النضالية والنشرات البلدية، يركز المعارك الانتخابية البلدية والبرلمانية والنقابية في مدينة عكا، يعمل كالنملة دون كلل. كان بمثابة الاب الحنون لجميع رفاق ورفيقات فرع عكا الحزبي، خاصة بعد ان فقد الحزب الرعيل الاول من القادة الشيوعيين امثال خالدي الذكر جمال موسى ورمزي خوري، وكان يحظى باحترام وتقدير جميع رفاقه. لقد تعرفت على ابي رياض الانسان والشيوعي المبدئي مباشرة بعد عودتي من دراستي الجامعية في الاتحاد السوفييتي عام 1973 ومزاولتي الاحتراف الحزبي كمسؤول عن قطاع كفرياسيف للشبيبة الشيوعية، وكان فقيدنا الغالي في حينه مراسل "الاتحاد" في منطقة عكا، وكنا نلتقي صباح كل يوم في مكتب المنطقة الحزبية في مدينة عكا. ولكنني تعرفت على محمود ابو شنب الواسع الاطلاع في المواضيع الادبية والسياسية والاجتماعية من خلال "ديوان كلخوز المحترفين" الذي كان يلتئم مرة في الشهر في بيت اخيه احمد ابو شنب، ففي يوم "قبضة" المعاش الشهري كنا نجتمع، بعض المحترفين على "غدوة" حمص، وفول وسمك من بحر عكا، ويتحفنا ابو رياض بمعلوماته الواسعة وبنوادره ونكاته. كان لي الشرف ان اعمل برفقته في صحيفة "الاتحاد" بعد ان تحملت مسؤولية رئاسة تحريرها في التسعة والتسعين، والحق يقال انني تعلمت منه الكثير، من هدوء اعصابه، من اخلاصه للعمل، من حرصه على تطوير الصحيفة ورفع مستواها والحفاظ على منهجها ونهجها الثوري التقدمي الكفاحي وصيانتها من تسرب جراثيم الاصلاحية السامة وتحصينها من اختراق الانتهازيين المصلحجيين الى صفوف العاملين فيها. كان يبدي رأيه بجرأة ادبية حول كل ما كان يكتب في "الاتحاد" ويقدم الانتقادات البناءة ومن منطلق "صديقك من صدَقك وليس من صدّقك"، وقد احبه وقدره جميع المحررين لاستقامته ودماثة اخلاقه واحترامه للغير ولشهامته ولتحزبه المبدئي الصادق لصحيفة "الاتحاد" ولحزب "الاتحاد". لم يختلف يوما مع احد من المحررين، يعمل بهدوء في غرفة التحرير مع زميله الرفيق الاستاذ يوسف فرح، لا يسمع احد صوتا من غرفتهما الى درجة يكاد يعتقد المرء ان الغرفة غير مسكونة. لقد ساهم ابو رياض في تثقيف اجيال من الشيوعيين في مدينة عكا وقرى منطقة عكا من خلال المحاضرات والدروس التي كان يقدمها في مواضيع الفلسفة الماركسية- اللينينية والشيوعية العلمية وفي مختلف المواضيع السياسية والاجتماعية وذلك في اطار برامج الحزب لصقل ورفع مستوى وعي كوادر الحزب فكريا وسياسيا. ولدوره القيادي في العمل والنشاط الجماهيري في مدينة عكا وتفانيه في رفع قضايا اهالي عكا العرب، ضد مخططات الترحيل السلطوية، من اجل تحسين الظروف السكنية المأساوية لعرب عكا، مواجهة البطالة الواسعة بين الشباب العرب، مواجهة آفة المخدرات، تحسين الخدمات الصحية والتعليمية وتوفير بنية تحتية من ابنية وغيرها في المدارس ورفع مستوى التعليم في مدارس عرب عكا، لدوره في حمل هذه القضايا والكتابة عنها في الصحف، خاصة في "الاتحاد" وطرحها على طاولة المسؤولين في بلدية عكا وامام مختلف الوزارات الحكومية المختصة، لدوره هذا نال وحزبه احترام وتقدير اهالي عكا العرب واعطوه وحزبه الثقة ليكون عضوا في بلدية عكا عدة سنوات خدم من خلالها باخلاص وتفان المصالح الحقيقية لمواطني عكا العرب. اذكر اني التقيته في بيته العامر في عكا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي والردة الخيانية الغوربتشوفية- اليلتسينية بحوالي الشهر، كان متأثرا جدا من هذا الزلزال المدمر، ولكن قناعته الراسخة بالفكر الشيوعي الماركسي – اللينيني لم تتزعزع ابدا، بالعكس، كل ما كان يشغل باله، كما حدثني، هو كيفية تقوية حزبنا الشيوعي ومواجهة مدْبرة الرجعية التي ستفوع وتدشع دبابيرها بلسعاتها السامة ضد الشيوعية مستغلة انهيار الاتحاد السوفييتي. سنفتقدك دائما يا قبطان السفينة، سيفتقدك دائما رفاق دربك في عكا والمنطقة، سيردد احمد عودة وحبيب حزبون وخالد سليمان ومها خوري "تلفنوا لابي رياض حتى نتشاور وحتى يحضر المنشور". سنفتقد في "الاتحاد" أخبارك عن قضايا عكا والتي لا تحتاج ابدا الى التحرير لسلامة لغتك، وحسن سبك جملها ووضوح أفكارها وأهدافها. عزاؤنا يا فقيدنا الغالي بتاريخك النضالي المشرف، بسيرتك الحسنة، وبرفاق دربك الذين سيواصلون حمل راية الشرف والنضال الشيوعية التي حملتها ورأسك كان دائما مرفوعا شامخا. اجمل العزاء للزوجة الكريمة ام رياض، وللرفيق والصديق رياض واخوته واخواته، والى عائلة ابو شنب العزيزة وجميع الأقارب والأنسباء، كما نعزي أنفسنا بفقدان احد فرسان حزبنا. ولتبقَ ذكراك يا ابا رياض خالدة.
#احمد_سعد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هذه الشنشنة التحريضية السافرة هدفها: ضرب الحزب الشيوعي والجب
...
-
مع تقريب موعد الانتخابات المرتقب: ما العمل لقطع الطريق في وج
...
-
يحاولون الاستظلال تحت رايتنا الطبقية الاشتراكية
-
أي عمل وطني هذا?!- إدارة عولمة الارهاب الامريكية مسؤولة عن ا
...
-
ماذا يختمر تحت سطح حكومة كارثية تتأرجح على كف عفريت؟
-
أكثر من مجرد نقاش مع مجموعة سلامية اسرائيلية!!
-
تقرير ميليس ينسجم مع استراتيجية -الفوضى البنّاءة- الامريكية
-
مؤشرات لبداية مرحلة من الصراع هل بدأ اليسار يستردّ أنفاسه وي
...
-
حسابات السرايا ليست كحسابات القرايا ألمدلول السياسي للقاء عب
...
-
ألابر المشرّمة
-
لمواجهة استراتيجية المجرمين في العراق وفلسطين المحتلين
-
يلوح في الافق احتمال انقسام مرتقب في الليكود ألمدلولات السيا
...
-
ماذا وراء التصعيد العدواني الجديد على قطاع غزة؟
-
لمواجهة معسكري الرفض، المطلق والنسبي
-
ألاعلام الطبقية الحمراء ترتفع بقوة في المانيا
-
ألرسالة الحقيقية لشارون في معادلة الصراع الداخلي والاسرائيلي
...
-
في الذكرى السنوية ال 60 لقيامها: ألامم المتحدة في قمة احتفال
...
-
ألمدلول الحقيقي لخطة اولمرت في -مواجهة الفقر-
-
في الذكرى السنوية الرابعة للحادي عشر من ايلول 2001
-
شنْيورك بنْشر العجال
المزيد.....
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|