|
الغابة السياسة
نبيل عودة
كاتب وباحث
(Nabeel Oudeh)
الحوار المتمدن-العدد: 5164 - 2016 / 5 / 16 - 23:17
المحور:
كتابات ساخرة
الغابة السياسة (من الأدب الساخر) نبيل عودة
قرر الخالق لحث الانسان على التطور والتنافس في الرقي بان ان لا ينتمي آدم الى عرق واحد، بل يتوزع بين الأعراق ، بحيث يكون لكل انسان شكله المختلف، أي ان ما يقال عن خلق الانسان شبيه بالرب هو قول مجازي، هل يمكن مثلا ان يكون الافريقي شبيه بالأوروبي؟ او البدوية السمراء شبيهة بالنرويجية الشقراء؟ او الصيني الأصفر شبيه بالسيبيري الأبيض؟ او العربي ابن الصحراء بالعشر طبقات من الملابس الخشنة شبيه بالعراة وأنصاف العراة على شواطئ هونولولو؟ وهذا ما تعلمناه من البابا فرانسيس حين قال ان: الجنة والنار هي مجرد تقنيات قصصية. اذن قصة الخلق أيضا تنتمي للتقنيات قصصية. فهل كان الله متعدد الأشكال والألوان؟ .. بدويا غامق السمرة او نرويجيا أشقر او سيبيريا أبيض او افريقيا بلون الليل؟ طبعا لن نتوسع بالحديث عن طويلي القامة والأقزام.. او النساء والرجال ومن هو الأقرب لشاكلة الرب؟ إذ لا يجوز التدخل بما اقره الخالق ، فهو ادرى بما خلق والهدف من تنوع الأجناس واختلاف أشكالها. موضوع آخر يدعي العرب ابناء الصحراء القاحلة ان الله خصهم بكتاب دين انزله بلغتهم التي هي لغة السماء كما يعتقدون. لا اعرف دوافع هذا الحب لقبائل متصارعة وارض قاحلة ، حتى النفط لم يكن معروفا بعد ، لم تأت على ذكره الكتب السماوية ، فما هو مصدر هذا العشق لأهل البادية وغلاظتهم العقلية والمعيشية؟ حتى اليهود لم يجرؤوا على الادعاء ان الله انزل لهم توراة بالعبرية الفصحى.. رغم انهم باعتراف كل كتب الدين هم شعب الله المختار...ونبيهم هو الوحيد الذي تكلم مع الرب وتلقى منه الواح العهد. المسيح ابن الله أيضا لم يدع ان لغته السريانية هي لغة الله، او انه تحدث مع والده فأوحى لرسله بكتابة الانجيل المقدس بالسريانية. فكيف اختفت لغة المسيح – ابن الله، أليست هي لغة السماء، لغة الحديث بين الأب وابنه، وبأي لغة سيجري الحساب يوم القيامة؟ من يصل الى جهنم لن يحتاج الى لغة لأن النار ستذيبه وتجعل منه صابونا لأهل الجنة.. حيث من المتوقع ان يكون اكتظاظا عربيا في الجنة ، بسبب الايمان الواسع الذي انجزه الدواعش بفضل سيوفهم المسلطة على رقاب الكفار، لذا لا بد من مصنع للصابون لمن جاءوا دون استحمام.. حسب تقليدهم القومي!! العلماء، لا اعني علماء الفيزياء او الكيمياء او البيولوجيا او الهندسة بكل فروعها، انما علماء تبرير ما لا يبرر وتفسير ما لا يفسر، علماء تحريم السياقة على المرأة، علماء الاصرار على ان الأرض مستوية وشكلها لا علاقة له بالبطيخة. علماء جهاد النكاح وارضاع الكبير وقتل "الميكي ماوس" الذي يلهي الأطفال عن دينهم، علماء ذم المسيحيين اتباع ابن الله والرمي بالإشراك والزندقة كل من يشاركهم اعيادهم او يهنئهم بها، علماء تحريم اللون الأحمر لأنه لون عيد الحب الذي ابتكره الكفار والغريب ان علمهم الكبير يجعلهم يناقضون ايمانهم بان الله اختار له شعبا يرعاه فسموهم المغضوب عليهم واتهموا شعب المسيح بانهم الضالين! بعض المفسرين يدعون انه في ساعة الخلق قرر سبحانه وتعالى ان ينتج الانسان بنسخ عديدة تنتمي لأعراق عدة.. وان يكون لكل عرق بشري مضامين مختلفة عن الأخرين. ربما هذا يجعل المنافسة للتطور اقوى بين البشر. مثلا يدعون انه خلق العرب يحبون الثرثرة فطوروا الشعر وما فيه من خيال وأوهام ومراجل فتخلفوا لدرجة انهم اليوم خارج التاريخ، لكنهم يكابرون بقصائدهم العصماء بحيث يتوهم من يسمعها انهم في صدارة الحضارة البشرية، فهل تقارن حضارة الجمل بحضارة الطائرة النفاثة؟! وهل حضارة وأد البنات أفضل من حضارة مسابقات ملكات الجمال؟! البريطانيون خلقهم شعبا منظما ومحافظا على القانون ويعشقون استعباد غيرهم من الشعوب فصاروا مستعمرين بلا أخلاق. الروس خلقهم شعبا عنيدا ، لكنهم يحبون الثقافة فابدعوا في الأدب والموسيقى والدفاع عن بلادهم من الغزاة المعتدين.. حتى الغزو الفكري لماركس قضوا على بقاياه واعادوا لكنيستهم سطوتها!! اليابانيون اعطاهم ان يكونوا عبيدا للعمل وشعب صبور فبرزت سحناتهم صفراء تعبيرا عن الارهاق والصبر وعيون منحرفة في زاويتها لأن النعاس والارهاق لا يفارقانهم. الايطاليون اوقعوه بحيرة.. سحناتهم الحالمة حسمت الأمر فخلقهم أصحاب عقل ابداعي في الفنون ... ووهبهم فن طبخ المعكرونة بأشكال لا عد لها بحيث تتلوى عند طبخها مثل قاماتهم. الأمريكيون منحهم ارضا ليست لهم ليتقي شر غربهم المتوحش، الذي انتج عقليات متوحشة برزت لأول مرة في تاريخهم في التعامل مع الهنود الحمر.. جعلهم يحبون الكلاب لدرجة انك تجد في كل بيت ولدا واحدا وكلبا او اكثر. يعطفون على الكلاب كأنها من البشر المعذبون في الأرض، حتى ان اشهر اطعمتهم السريعة اطلقوا عليها اسم "هوت دوجز"(الكلاب الحارة) تيمنا بكلاب تكبر بالامتداد طولا مثل اصبع النقانق، رغم ان "الهوت دوجز" يصنع من لحم الدجاج بالمقام الأول، ثم ادخلوا اضافات للنقانق من لحوم اخرى من بينها الخنزير، لكن التسمية لم تتغير وظلت على اسم الكلاب. كذلك قرر ان تكون لعبة كرة السلة وكرة اليد العنيفة من مميزاتهم القومية.. حتى يفرغوا عنفهم في اللعب ويقللوا من استعمال عنفهم ضد سائر الشعوب.. ويقال ان رجال الفضاء الأمريكيين عندما عادوا بكامل اسلحتهم وذخائرهم من الفضاء الخارجي، أثاروا تساؤلات دولية واسعة. سأل ساسة العالم: هل تغيرت سياسة العنف الأمريكية؟ فسر الناطق العسكري الأمريكي بأن السبب وراء عودة رواد الفضاء بكامل اسلحتهم وذخائرهم ان الرواد لم يجدوا في الفضاء الخارجي بشرا ليستعملوا اسلحتهم وذخائرهم ضدهم. وهكذا أعطى القدير لكل شعب مضامينه الخاصة حتى حانت ساعة بني اسرائيل الذي قرر انه شعبه المختار.. فلم يكتفوا وتواقحوا طالبين المزيد، فاحتار من كثرة طلباتهم. كان قد خلق آدم وحواء منهم لعلهم يرضون، لكنهم عاثوا فسادا في الجنة فقتل الأخ أخاه وقطفوا من شجرة الحكمة دون اذنه.. لذلك قرر ان يحسمها معهم، لكنه أب عطوف فميزهم بأن يكونوا حكماء، مستقيمين وسياسيين.. الملائكة لا حظوا ان الله، رغم التجربة في الجنة، التي اثبتت انهم اكثر الشعوب تجاوزا لأوامر الرب، ورغم وصاياه العشر التي خصهم بها والتي ارسلها مع موسى من جبل سيناء محفوره على الواح العهد الا انهم نقضوها من اليوم الأول، قال لهم موسى عندما وقف بينهم محتضنا الواح العهد : جئتكم بخبران، الأول جيد والثاني سيئ، اما الخبر الجيد فهو اني نجحت بحفض عدد الوصايا الى عشرة فقط، اما الخبر السيئ فالزنا ما زال ممنوعا حسب وصايا الرب. رغم ذلك خص شعبه بصفات حرمها بهذا التراكم الكبير عن سائر الشعوب... اذ قرر ان تكون الحكمة والاستقامة والسياسة من صفاتهم. اثار ذلك تساؤلات: هل الحكمة وقفا عليهم؟ هل الاستقامة لا تليق بالآخرين؟ هل السياسة ستكون احتكارا لشعبه المختار؟ يبدو ان اصوات التساؤلات السماوية صدرت بالخفاء، لكنه عليم بكل شيء، فتلاشت بنظرة رهيبة غاضبة من الرب. قال الله للملاك الذي يسجل عملية الخلق: اكتب، بما اني اعطيت صفات مميزة كثيرة لشعبي المختار وحرمت منها بقية الشعوب.. لكني يجب ان اضع قيودا على المضامين على شعبي المختار. أولا: مستقيم وسياسي لا يستطيع ان يكون حكيما. ثانيا: سياسي وحكيم لا يستطيع ان يكون مستقيما. ثالثا: حكيم ومستقيم لا يستطيع ان يكون سياسيا!! لا تصدقون؟ اهلا وسهلا بكم في غابة السياسة في اسرائيل. الجنة مضمونة لمن ينجح بإيجاد شخص سياسي حكيم ومستقيم !! [email protected]
#نبيل_عودة (هاشتاغ)
Nabeel_Oudeh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البطركية الأورتوذكسية المقدسية امام امتحان صعب
-
قصص ساخرة - (القسم الأول)
-
التصدع السياسي: استجابة شرطية لواقع فاسد ومأزوم ...
-
حتى نوقف العنف في بلداتنا العربية...!!
-
بيان لجبهة الناصرة حول ملصقات اول ايار
-
العاهرة البتول...!!
-
طهروا انفسكم من الزؤان
-
طريق الانتحار مفروشة بأوهامكم يا رجالات جبهة الناصرة
-
فكرة افنان القاسم الرائدة لمؤتمر عربي عالمي
-
حكايات نصراوية
-
قصص فلسفية – الحلقة السادسة
-
قصص فلسفية – الحلقة الخامسة
-
قصص فلسفية – الحلقة الرابعة
-
عيد البشارة عيد كل النصراويين
-
علي سلام شريك بالمؤامرة الصهيونية..!!
-
حجج صبيانية وراء التصويت ضد ميزانية بلدية الناصرة
-
قصص فلسفية - الحلقة الثالثة
-
من يخدم قرار إضراب يوم الأرض?
-
قصص فلسفية – الحلقة الثانية
-
إذاعة الشمس والإعلام العربي في كتاب للمعهد الإسرائيلي للديمق
...
المزيد.....
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|