أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - الجبهة الوطنية التقدمية الديمقراطية بديلا عن خرافة - الاجماع الوطني - الفاسد















المزيد.....


الجبهة الوطنية التقدمية الديمقراطية بديلا عن خرافة - الاجماع الوطني - الفاسد


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 5155 - 2016 / 5 / 7 - 15:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الجبهة الوطنية التقدمية الديمقراطية بديلا عن خرافة " الاجماع الوطني " الفاسد
هل هناك فعلا " اجماع وطني حول العرش " ،اول حول " الصحراء " ، او حول " ديمقراطية العهد الجديد " ؟ سنتعرض بالتحليل الملموس لهذه المغالطة السياسية الفاضحة التي طرحها النظام المطلق ، وتبناها من تبناها لحاجة في نفس يعقوب ، و التي ازكمت الانوف منذ العشرية الاولى من الالفية الثالثة ، خاصة ما يسمى ب " العهد الجديد / القديم " . اي عهد محمد السادس كاستمرار لعهد والده باستعمال نفس المنجل مع تغيير القبضة فقط . فهل هناك " اجماع " وطني حول هذه المحاور الثلاثة ؟ ان من يردد " الاجماع الوطني " حول القضية الوطنية ، يكون بمن يضرب اخماس في اسداس . لأنه اذا افترضنا انه يوجد اجماع من هذا القبيل ، فان النكسة التي اصابت القضية الوطنية دوليا ، حيث كل العالم ضد مغربية الصحراء ويتشبث فقط بالاستفتاء ، من الجمعية العامة الى مجلس الامن ، الى الاتحاد الاوربي ، الى البرلمان الاوربي ، لهو اعتراف واضح بانتفاء " اجماع " من هذا القبيل ، وهو نفس " الاجماع " تسبب في النكسة منذ ارتماء المعارضة الاصلاحية في كنف النظام منذ 1975 . اي ان ما يسمى ب " الاجماع " السابق والحالي فشل في الدفاع والتعريف بمغربية الصحراء .
اما من يتكلم عن " الاجماع " الوطني حول " العهد الجديد " عهد " الديمقراطية وحقوق الانسان " ، فان الانتكاسة الفظيعة المسجلة في مجال حقوق الانسان ، حيث تشديد سلطة القمع والتنكيل ، وإطلاق اليد طولا لجهاز القياد ولوزارة الداخلية والأجهزة الامنية التي اضحت دولة داخل الدولة ، حيث اضحى المواطنون ينتحرون حرقا بسبب الظلم الصارخ الذي طالهم ، ليفند وبالواضح كل اكاذيب " الاجماع " الوطني حول " العهد الجديد / القديم ، والمفهوم الجديد للسلطة " ، بحيث اضحت الحالة الحقوقية ابشع مما كانت عليه ايام الحسن الثاني .
ان " الاجماع " الذي يروجون له هو " الاجماع " فقط حول العرش ما دام الجميع يرضع من ثدي البقرة الحلوب ، وهو " اجماع " لا علاقة له بالإجماع حول القضية الوطنية التي خسرناها ، ولا حول الديمقراطية وحقوق الانسان .
لكن السؤال الاساسي الذي طرحت اعلاه : هل هناك فعلا " اجماع " وطني حول العرش ؟
لقد تطرقنا في بعض كتاباتنا الى ان هذا الشعار / التعتيم ، ما هو إلاّ جزء من الخطة التضليلية الشاملة التي وضعتها الطبقة الحاكمة لنفسها ، بهدف استغلال قضية الصحراء المغربية ، كمطية لخدمة اهدافها الطبقية الذاتية ، والتمادي في توظيف المقدرات الوطنية ، البشرية والاقتصادية والإستراتيجية ، لصالح الرأسمال العالمي ، منتفعة ومستفيدة في نفس الوقت ، بما يجود به اسيادها الامبرياليون ، جزاء لها على ما قامت به من سمسرة ، وسلب ، ونهب ، واستغلال ، وتهريب الاموال بالعملة الصعبة ، وتبييضها بالخارج كما فضحت مؤخرا " وثائق باناما " و الحسابات بالابناك السويسرية .
صحيح ان هذه الطبقة يهمها بشكل او بآخر استرجاع جزء من التراب الوطني ، حتى تتمكن من ترميم اوضاعها ، وهي التي تعرضت لهزات متتالية وخطيرة في مطلع السبعينات والثمانيات ، وعرفت هزات جماهيرية في 1981 و 1984 و 1990 و مع 20 فبراير 2011 ، ومن قبل ، انتفاضة مارس 1965 ، وتوسيع رقعة استغلالها ، وتحسين اوضاعها الاقتصادية ، والظهور بمظهر القوة امام حلفاءها ، وأمام اعداءها ( الجزائر ) . لكن طبيعة هذه الطبقة ، تاريخيا وحاليا ، تحرم عليها ان تلعب اي دور وطني تحرري حقيقي ، وتزيح عنها امكانية اي حس وطني صادق ، وتجعلها تعمل وتتحرك في اي خطوة تخطوها بمقياس المصلحة السياسية الطبقية اولا وأخيرا ، اي مصلحة الطبقة الاقطاعية الرأسمالية في ارتباط عضوي بمصلحة الامبريالية .
ولقد رأينا عبر التاريخ ومنذ اتفاق " إيكس ليبان " الخياني ، كيف جسدت الطبقة الحاكمة الربط " الجدلي " بين القضية الوطنية ، اي ( التحرير ) ، وقضية الديمقراطية ، اي ما يطلق عليه " المسلسل الديمقراطي " المخزني . اي الربط بين مصلحتها في الركوب على القضية الوطنية من جهة ، وترتيب الاوضاع الداخلية لصالحها من جهة ثانية .
ففي الوقت الذي دخل فيه النظام ، مسلسل المساومة والمتاجرة بالقضية الوطنية ، حرص في نفس الوقت على استغلال نتائج عمله في هذا الاتجاه ، لصالح تركيز حكمه المستبد والمطلق ، وإضفاء الشرعية عليه باسم " الوطنية " ، متسترا وراء ما اسماه بالمسلسل الديمقراطي المزيف المغلف بمكياج العهد الجديد ، والمفهوم الجديد للسلطة ، وذلك في نفس الوقت الذي تزداد فيه اساليبه القمعية شراسة وتنوعا وتجذيرا .
ومن منطلق التحليل البديهي لطبيعة الطبقة الاقطاعية الرأسمالية ، والنظام المطلق ، ممثل مصالحها والمعبر عنها ، نؤكد انه من الخطأ الاستراتيجي بالنسبة للحركة التقدمية الاصيلة ، الدخول في لعبة " الاجماع " مع هذه الطبقة ومع النظام باسم الدفاع عن القضية الوطنية ، وغض الطرف عن الاهداف الذاتية التي حركتهما وتحركهما ، ودفعتهما الى البحث عن اجماع فاسد من هذا القبيل . كما نؤكد كذلك ، على ضرورة التركيز على الخط الوطني المستقل ، الذي يجب ان يجمع بين كافة القوى الوطنية ، و التقدمية ، والديمقراطية ، باستثناء الطبقة السائدة ، بل في تواجه معها ، وفي صراع مستمر مستميت مع خطها السياسي الخياني والاستغلالي .
ان السؤال الذي نطرح اليوم هو : ما هي النتائج والوقائع التي تؤكد صحة هذه المنطلقات الاستراتيجية والمبدئية ، وتعطي الدليل القاطع على افلاس العهد الجديد على كل المستويات ، اي على مستوى الديمقراطية التي تم اجهاضها بتفجيرات 16 مايو 2003 بالدارالبيضاء وتفجيرات 11 مارس 2004 بمدريد ، وعلى مستوى القضية الوطنية التي ضاعت امميا ودوليا :
1 ) بعد ازيد من ستة عشر سنة من الحرب بالصحراء ، كلها تضحيات بشرية ، واقتصادية ، ومادية قدمتها الجماهير الشعبية وحدها ، في حين ان النظام وحلفاءه ، من اقطاعيين ورأسماليين ، قد استغلوا ظروف الحرب نفسها للإغراق في المضاربة والبذخ والاغتناء ، وبعد خمسة وعشرين سنة من التحرك السياسي والدبلوماسي الباهت ، والذي انتهى بمواجهة بين النظام وبين الامم المتحدة ممثلة في الجمعية العامة وفي مجلس الامن ، وبين النظام وبين الاتحاد الاوربي والبرلمان الاوربي ، ادت سياسة النظام ومساوماته ومناوراته ليس الى " التحرير " ، بل الى مأزق سياسي – عسكري – دبلوماسي اكثر تعقيدا وخطورة مما كانت عليه قضية استكمال الوحدة الترابية في سنة 1975 .
2 ) وبعد نفس المدة من المناورات الانتخابية ، يعود اليوم العهد الديمقراطي الجديد الى نقطة الصفر ، إن كان قد تقدم عنها يوما ما . ويكشف النظام الرجعي القروسطوي من جديد عن وجهه الاتوقراطي المزور ، ويعمل بنفسه على انهاء لعبة المسلسلات ، في حين ان القمع الممنهج المتطور ، والمتنوع ، والمدقق لم يتوقف يوما ما ، معرضا مئات المواطنين والمناضلين السياسيين والنقابيين ، للإرهاب المادي والمعنوي لشتى الاساليب والأشكال من اختطاف واعتقال ، وقطع للأرزاق ، وقتل فردي او تقتيل جماعي .
3 ) وها ما تبقى من القوى الوطنية التقدمية والديمقراطية عامة ، تعاني من التفرقة ، والانزواء ، والإنعكاف على النفس ، متأثرة ومصابة بنتائج سياسة " فرق تسد " التي يمارسها الحكم المطلق ، ويلقي فيها اغراضه المُبيّتة ، في حين ان بعض الفئات من هذه القوى قد جرّت قياداتها ، وليس قواعدها التي لا تزال تحن الى تلكم الايام الجميلة ، من الاختيار الثوري ، ورفاق الشهداء ، ورفاق المهدي وعمر ، لعبة " الاجماع " الوطني الفاسد حول " الصحراء " ، و حول اسطوانة " العهد الجديد " الامتداد الطبيعي للديمقراطية الحسنية قاعدة الديمقراطية المُحمدية ، واستهوتها مغازلة النظام الى درجة تقديم الخدمة العملية والموضوعية لهذا الاخير ، او الارتماء في احضانه ، وقطع خيوط الرجعة نهائيا ، والانتفاع والاستفادة بالهامش المصلحي الذي فتحه لمثل هذه الفئة المرتدة ، ولها وحدها دون سواها من قوى الممانعة الديمقراطية التي لا تزال تعارض النظام المخزني المافيوزي والقروسطوي المتحجر والبائد . لقد اصبح الاستاذ عبدالرحمان بن عمرو ، والأستاذة نبيلة منيب عن حزبي " الاشتراكي الموحد " و " الطليعة " يحضران اجتماعات بالديوان الملكي ، وتحت الرئاسة الفعلية لأحد مستشاري الملك ، بمعية الجلاد محمود العرشان ، وعبدالاله بنكيران ، وأحزاب اخرى كثيرة ليس لها من الحزب غير الاسم والتسمية . كما اضحت نبيلة منيب سفيرة القصر في الدفاع مصالح القصر بغلاف القضية الوطنية ، وهي القضية التي تستوجب التعانق اليومي مع القوى الخارجية المعادية ، وليس فقط النطُّ والقفز موسميا في الفراغ ، كلما كان هناك من تهديد يضر قضية الصحراء المغربية . الم يبشر الوزير الاول عبدالاه بنكيران بمستقبل مشرق لنبيلة منيب وحزبها " الاشتراكي " الموحد بعد انتخابات اكتوبر القادم ؟ الم يرفض محمد بن سعيد آيت إيدر التوقيع على عريضة التضامن مع علي لمرابط لنيل حقوقه الوطنية ، بسبب موقف هذا من النظام الملكي الذي اضحى يؤمن به بتسعيد ايمان العجائز ، وبسبب موقفه من الصحراء حين يتمسك بالقرارات الاممية التي اصدرتها الجمعية العامة ومجلس الامن ؟ الم يصرح الاستاذ الساسي ، بان لا احد اصبح اليوم يشكك في الملكية ؟ .
ان مجمل هذه النتائج المشئومة لا نطرحها من باب التشفي ، او من اجل تسجيلها سلبا كقدر محتوم منزل من السماء ، بل ان هدفنا الاول والأخير ، هو استخلاص الدروس والعبر من تجارب التاريخ القريب وليس البعيد ، ووضع الموقف والتحليل في محك الواقع والممارسة على طريق تقديم الخط الثوري ، وتجذيره ، وتصليبه ، وبما فيه خدمة للمصالح العليا للوطن والشعب .
ومن زاوية المصلحة العليا بالذات ، نتوجه اليوم الى كافة القوى الوطنية ، والديمقراطية ، والتقدمية الحقيقية ، والمخلصة ، والتي ما بدلت تبديلا ، وما خانت ، ولا تراجعت ، ولا سمسرت ، و لا ساومت ، من اجل تجاوز العقلية الحزبية الضيقة ، والشروع حالا في " الانفتاح " الذي يجب ان يسود في الحقيقة ، بين مختلف القوى الحية الرافضة لنظام المخزن القروسطوي والمافيوزي ( سرقة اموال الشعب وتهريبها وتبييضها بسويسرة وبأوربة وبباناما ) ، وبمختلف مشاربها العقائدية والإيديولوجية ، قاسمها المشترك ، الديمقراطية الحقيقية في صورتها الكونية لا صورتها الخصوصية المزيفة . كما يوحد بينها هدف وطني اسمى واحد اوحد ، ألا وهو تحرير بلادنا من مختلف مظاهر الاستعمار القديم والجديد بكل تلاوينه ، والقضاء على كل العوامل التي تسمح بمثل هذه السيطرة وتخدمها .
صحيح ان المنطلقات الايديولوجية والعقائدية ، والأهداف السياسية البعيدة والمتوسطة المدى ، قد تكون مختلفة او متباينة فيما بين مختلف هذه القوى . لكن هناك غير ما نقطة ، وغير ما هدف مرحلي تجد فيهما مصلحة مشتركة ، إن هي كانت فعلا مؤمنة ومخلصة للهدف الوطني الاسمى الذي هو تحرير المغرب من كل اشكال الاستعمار والعبودية . هذا زيادة على خطورة الحالة التي نعيشها على كافة المستويات ، الاقتصادية ، والاجتماعية ، والسياسية ، والمالية، والتي لن تزيد إلاّ استفحالا وتدهورا ، إن لم تجد طريقها للعلاج ، قوامه تكتيل كل القوى الوطنية ، والتقدمية ، والديمقراطية الحقيقية المخلصة للتصدي ، على الاقل في مرحلة الدفاع عن النفس ، للحرب الطبقية الشاملة التي يشنها النظام المخزني ، وحاشيته ، وأتباعه ، وخدمه ، وليس خدامه ، ومعه الرجعية المحلية على شعبنا ، محميا بالامبريالية ، وخادما لها ولمخططاتها بالمنطقة المغاربية .
ان الاحتلال الاستعماري سابقا ، وهيمنة الاستعمار الجديد حاليا ، لا زالت تطرح مهاما وطنية مستعجلة ، من اجل استكمال السيادة الوطنية المغربية ، ومحو آثار الاحتلال والعدوان .
ان اجزاء من التراب الوطني ، لا زالت تحت نير الاستعمار المباشر على مرأى ومسمع منّا ومن الرأي العام ، في عصر ولّى فيه الاحتلال الاستعماري في السواد الاعظم من مناطق العالم ، ولم تبق سوى بعض الاستثناءات ، وعلى رأسها مدينتينا المغتصبتين : سبتة ومليلية ، والجزر الجعفرية اللاحقة بهما .
اما بالنسبة لأقاليم الساقية الحمراء ووادي الذهب التي ظلت هي الاخرى تحت سيطرة الاستعمار المباشر طيلة عشرين سنة بعد الاعلان عن استقلال " إيكس ليبان " الخياني ، فلقد ادى بها تواطؤ النظام ، ومساوماته ، ومناوراته على حساب المصالح العليا للبلاد ، أدت بها اليوم الى المأزق الذي ذكرنا ، والذي يجعلها تتعرض من جديد للتقسيم والاقتسام في احسن الحالات ( الحكم الذاتي ) ، ناهيك عن الهوة والمسافة التي تم خلقها وتعميقها وتوسيعها بين جماهيرنا الصحراوية ، وبين بقية جماهير الشعب المغربي عن طريق التفرقة الشوفينية والنعرة الاقليمية الانفصالية .
وعوض ان نتقدم ، وقد فصل بيننا وبين الاعلان الرسمي عن ( الاستقلال ) زمن يزيد عن ستين سنة ، ها هي سياسة الحكم المتواطئ ، تؤدي اليوم الى رجوع الاستعمار من النافذة ، بل من الباب الواسع ، بعد ان تم رهن مقدراتنا الاستراتيجية الى فرنسا واسبانيا ، والى خنازير الخليج برئاسة آل سعود . فماذا يفرق اليوم بين القوى الوطنية ، والتقدمية ، والديمقراطية من اجل استكمال تحرير الوطن ، واستكمال سيادة البلاد ووحدتها ارضا وشعبا . إن هذه الاهداف الوطنية الدنيا ، لا يمكنها موضوعيا ، إلاّ ان تشكل محور ائتلاف وتكتل ، ووحدة فيما بينها ، وقوفا في وجه الظلم والاعتداء ، وكل اشكال الاستعمار بكل مفاصيله القديمة والجديدة .
وغني عن القول ان الاهداف الوطنية على الصعيد القطري ترتبط عضويا بالنضال ضد العدو الصهيوني المدعوم بِنفسِ الامبريالية العالمية التي تريد ان تجعل من بلادنا قاعدة لانطلاق هجماتها العدوانية ضد الامة العربية وسائر شعوب افريقيا ( قتل الشعب اليمني ) ، كما ان تلك الاهداف تندرج تماما في النضال القومي والعمل من اجل نصرة قضايا الامة القومية المركزية : تحرير فلسطين واسترداد الحقوق العادلة للشعب الفلسطيني .
اما على الصعيد المعاشي ، فإن الازمة الخانقة التي قذفت بملايين المغاربة الى اوضاع التهميش والتشرد والنفي داخل بلادهم ، وجعلت قوتهم اليومي قاب قوسين او ادنى من الاتلاف ، فهناك ايضا اهداف دنيا واضحة قوامها الدفاع – الدفاع على الاقل – عن العيش الكريم للجماهير ، والنضال من اجل كبح جشع المستغلين المتسلطين ، والحد من استغلالهم الفاحش ، وبالتالي خوض الصراع الاجتماعي الهادف ، المنظم والمسؤول ، وفق شعارات ادنى ، تطابق طبيعة المرحلة ، وتتجاوب مع المطالب العادلة لأوسع الفئات الوطنية والتقدمية والديمقراطية ، امام فداحة الظلم والاستغلال و شساعة الفوارق الطبقية الفادحة .
وكذلك الشأن بالنسبة للنضال من اجل فرض الحريات الديمقراطية التي يحلو للنظام ان يسطرها على الورق ، ويتبجح بها في الكلام ، في حين ان حرية الفرد والجماعة تعرف في بلادنا محنة ما سبقتها محنة من المحن التي عشناها ايام الحسن الثاني ووزيره المقبور ادريس البصري ، وفي الوقت الذي تُداس فيه كرامة الانسان المغربي وحقوقه ، وتتعرض الرعية بنفس الاساليب الاقطاعية التي تميزت بها القرون الوسطى .
ان اليقين الراسخ يثبت ان هذه المحاور الثلاثة ، تشكل قاعدة صلبة للعمل المشترك ، بين كافة القوى الوطنية والتقدمية المخلصة ، وأسُسا واقعية عملية لقيام الجبهة الوطنية التقدمية الديمقراطية العريضة ، التي يؤمن بها كل ديمقراطي عريق ، والتي يجب النضال من اجل قيامها ، والتي بدونها ، لا يمكن تحقيق الاهداف التحررية التي اسلفنا ذكرها اعلاه ، والتي تستدعي تعبئة كافة الفئات الشعبية ، وكافة الجماهير المسحوقة ، وليس التقوقع ، والانزواء ، والاقتصار على الاهداف الذاتية الضيقة .
ان الشروط والظروف الموضوعية لقيام جبهة من هذا القبيل ، موجودة وقائمة فعلا ، وما الخلل إلاّ في الاوضاع الذاتية للحركة الوطنية والتقدمية ، في خطها الرسمي العام ، كما في تكتيكها السياسي ، وأسلوب عملها في معالجتها للعلاقة مع النظام الفيودالي القروسطوي ، كما في طريقة عملها التنظيمي ، سواء في علاقتها الداخلية ، او في العلاقة مع اوسع الجماهير الشعبية . صحيح ان القضاء على كل مكامن الخلل ، وتوضيح الطريق الوطني الحق الذي لا غبار عليه ، والتّمكن من فرز العدو عن الصديق ، ووضع الخط الفاصل مع حلفاء النظام المحليين ، نضال معقد وشاق ، وطويل النفس . لكن النظرة المتبصرة للمصالح العليا للوطن والشعب في المرحلة الراهنة ، المرتبطة جدليا بطموحات جماهير الشعب في التحرر والبناء الاشتراكي ، لا تعفي الثوريين المخلصين من خوض هذا النضال ، وتسجيله كبند على رأس برنامجهم الشامل الذي يميز بين ما هو آني وعاجل ، وما هو مستقبلي وبعيد المدى .
صحيح كذلك ان قيام الجبهة المنشودة ، يقتضي توفير عدة شروط ، منها الاتفاق حول البرنامج الادنى ، والشعارات المرحلية المطابقة له ، وتوفر الاستعداد الذاتي الصادق عند كل طرف ، وضمان الانسجام الادنى في الممارسة القاعدية وسط الشعب ، وتوفير شروط قيادة النضال الواسع ، قيادة حكيمة وفق شروط كل مرحلة مرحلة ، دونما مزايدة ولا مناقصة ، وبما يضمن الانتقال من طور الى طور اعلى على درب تحقيق الاستقلال الحقيقي ، وفتح آفاق سيادة الشعب ، وبناء المجتمع المتحرر الديمقراطي . إلاّ ان كل هذه الشروط ، يمكن اعتبارها ، أنها ستجد حلا مناسبا لها ، مع الشروع في عملية قيام الجبهة نفسها ، وبداية العمل المشترك بين مختلف اطرافها .
وإذا كُنّا قد ركزنا في البداية على ان الظروف الموضوعية سانحة اليوم اكثر من غيره وملائمة ، بل انها تنادي بإلحاح بقيام مبادرة من هذا القبيل ، فإننا في الحقيقة لا نضع اي شرط ، او تحفظ للعمل المشترك بين كافة القوى الوطنية والديمقراطية والتقدمية بمختلف مشاربها وتلاوينها ، عدا شرط اساسي واحد ، ألا وهو الخط الفاصل مع النظام الرجعي القروسطوي القائم وحليفته الرجعية العربية الخليجية وفرنسا .
سيكون فعلا من العبث والمغالطة التحدث عن العمل الوطني المشترك ، والجبهة الوطنية الديمقراطية ، بالنسبة لمن لا تزال علاقته قائمة مع النظام ، سواء الاحزاب المخزنية التي تمخزنت اكثر من المخزن ، وسواء احزاب النيو – مخزن التي عوضت الاحزاب المخزنية الجديدة / القديمة ، وتحت اي مبرر او تبرير كان " وطني " او " ديمقراطي " ، فلن يكون ذلك سوى من باب المغالطة ، مغالطة " التحالف مع الشعب وعدوه " في آن واحد .
ان " الاجماع الوطني " الفاسد ، قد فسخ نفسه بنفسه ، سواء على صعيد القضية الوطنية التي نهجت فيها الطبقة الحاكمة ، نهجا طبقيا منفردا يراعي اولا وأخيرا ، مصلحتها ومصلحة حلفاءها الامبرياليين ، او على صعيد ما يسمى بالعهد الديمقراطي الجديد الذي لن تنخدع به جماهير الشعب المغربي ، وقد اصبحت تدرك وتعي تمام الوعي ان " الديمقراطية " المحمدية مثل الديمقراطية الحسنية ، لدا النظام المغربي ، هي احتكار لطبقته ، ومن لف لفها من منتفعين وانتهازيين ، وأن القمع والإرهاب نصيبها ونصيب قواها الحية المناضلة . وبالتالي ، فان اي محاولة للمّ حطام مسلسل الدفاع عن القضية الوطنية المزعوم ، وحطام العهد الجديد الذي افلس بالتمام والكمال ، ومحاولة احياء " الاجماع " الوطني الممسوخ ، لن تقود اصحابها سوى الى الخدمة الموضوعية والمجانية كذلك لأعداء الشعب ، ومكبلي ارادته ، ومستغلي عرقه .
سوف يعقب البعض ، بأن دعوتنا للقطيعة مع النظام المستبد بمثابة اضعاف ل " القضية الوطنية " ، ودعوة جديدة " للمشاغبة " ، ونقصان في الواقعية ، وتجاهل ل " موازين القوى " ... الخ . لكن سنرد عليهم : تأملوا قليلا في النتائج التي قادت اليها سياستكم في " الاجماع " المزعوم ، سواء على صعيد القضية الوطنية المهددة بالانفصال الذي دخل مرحلة العد العكسي ، وبالنسبة للمسألة الدستورية والديمقراطية عامة ، وتمعنوا في الضبابية التي نسجتموها خلال سبعة عشر سنة ممّا يسمى بالعهد الجديد ، والمفهوم الجديد للسلطة حيث ، طغى القياد ووزارة الداخلية على الرعايا المساكين الذين لا حول ولا قوة لهم ، المغلوبين على امرهم .
ان استقراء التاريخ يوضح لنا ، أن الشعب لا يمكنه ان يحقق اهدافه التحررية والتقدمية ، إلاّ إذا تراصت صفوفه في خندق واحد ، يقابله خندق اعداءه الطبقيين محليين وأجانب استعماريين ، ولا وسط ولا منزلة بينهما ، سوى لمن اختار لنفسه طريق الارتداد ، والانتهازية ، والتعويض عن السنوات العجاف ، وخاصة بالنسبة لبلاد تعاني من مخلفات الاحتلال ، ووقع الهيمنة الامبريالية . وهل هذه دعوة للمشاغبة وخروج عن " الشرعية " ؟
لقد حددنا اعلاه المحاور الثلاثة الاساسية التي نرى ضرورة تكتيل النضال حولها : محور النضال الوطني القومي ، ومحور الدفاع عن عيش وكرامة المواطن ، ومحور النضال الديمقراطي لانتزاع وفرض الحريات الديمقراطية ، والحد من اساليب التسلط والاستبداد .
بقي ان نؤكد من جهة ان العمل من اجل مجمل هذه الاهداف ، لن يتأتى إلاّ بأسلوب النضال الجماهيري الواسع النطاق ، والشامل لكافة المستويات الاجتماعية والسياسية ، وان نوضح ، من جهة ثانية ، أن لا شيء يحمل القوى الوطنية والتقدمية ، وهي تخوض نضالها الديمقراطي هذا ، على السقوط في شرك تكتيك النظام ، والسقوط في لعبته ، واقتسام المسؤولية في مناوراته ومساوماته ، التي يوجه من خلالها الطعنة تلو الطعنة ، للأهداف الوطنية والديمقراطية على حد سواء .
ان منطق النضال الديمقراطي نفسه بمعناه الاصيل ، وليس بما الصق به من تشويهات وتحريفات انتخابية ضيقة ، يفترض فرز العدو الاساسي ، والحيلولة دون تلغيمه للصف الديمقراطي الوطني ، والتصدي لتكتيكه السياسي بتكتيك مستقل ، فليس من مصلحة كبيرة ولا صغيرة تجمع بينه وبين اوسع الجماهير الشعبية الكادحة .
ان حلقات الكفاح ضد الاستغلال الفاحش ، والدفاع عن العيش الكريم ، وحلقات النضال النقابي المنظم ( التوجه النقابي ) ، والعمل الجماهيري في مختلف القطاعات ، وحلقات النضال من اجل التعسف وتحقيق الحريات الفردية والجماعية ، هي التي تكتمل كلها في سياق النضال الديمقراطي الحق – وفق البرنامج الوطني الادنى – الذي يضمن الانتقال من موقع الى موقع افضل على طريق الثورة الوطنية ، الثورة التي ستقطع دابر الهيمنة الاجنبية وحلفاءها المخزنيين المحليين .
هكذا نفهم النضال الديمقراطي ، ونرى ان لا علاقة له بالتورط في سياسات النظام المحلية والخارجية ، والتبرير والتنظير لما يلحق الضرر المبين بمصالح الوطن والشعب ، وممارسة الخلط والغموض ، والى غير ذلك من الخطط والممارسات السلبية التي جسدها شعار " الاجماع " الوطني الفاسد احسن تجسيد .
بهذه التوضيحات الصريحة ، نعود ونقول ، أن ليس من شرط في العمل المشترك بين كل القوى الوطنية والتقدمية والديمقراطية المغربية سوى الخط الفاصل مع اعداء الشعب المحليين والأجانب ، وانه حان الوقت لرجوع المياه الى مجاريها ، ولانتزاع المبادرة من طرف هذه القوى ، وهي توحد صفوفها ، وتسترجع حرية حركتها ضمن خط وطني ديمقراطي اصيل ، وفي اطار جبهة وطنية تقدمية وديمقراطية حقة ، تنفض من صفوفها المرتدين والمغامرين والمنتفعين الذين تستهويهم لعبة الاصطياد في المياه العكرة .
انها دعوة صادقة مسؤولة وصريحة ، ولا مناص للوطنيين المخلصين من النضال من اجل تحقيقها مهما طالت المسافة .



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قدر المغرب الراهن بين نظامين . نظام الملكية المطلقة ، ونظام ...
- تمخض الجبل فولد فأرا
- هل استشعر الملك محمد السادس بشيء يحاك ضده ؟
- بين مغالطة - الاجماع الوطني - الاجماع الفاسد ، واقرار سيادة ...
- - هيئة الامم المتحدة لتنظيم الاستفتاء بالصحراء الغربية - - ا ...
- ألإقطاعية المخزنية والانتخابات
- إقرار السيادة للشعب
- - كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون - اتق الله يا جلا ...
- قرار مجلس الامن المرتقب حول نزاع الصحراء
- مثقف الطريق الوسط الراكد وراء المنصب الكبير
- هل الصحراء مغربية ؟
- هل سيتم حل قضية الصحراء الغربية بلجوء مجلس الامن الى الفصل ا ...
- التجييش والتهييج
- هل تعترف الامم المتحدة بالجمهورية الصحراوية ؟
- وضع المرأة في المجتمع الراسمالي : الجنس والاستغلال
- المرأة المحتقرة في النظام الراسمالي
- في المغرب سلك القضاء من وظائف الامامة
- اربعون سنة مرت على تأسيس الجمهورية العربية الصحراوية
- النظام الملكي في مواجهة مباشرة مع مجلس الامن والامم المتحدة
- الدولة القامعة


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - الجبهة الوطنية التقدمية الديمقراطية بديلا عن خرافة - الاجماع الوطني - الفاسد