أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - الناس على دين ملوكها.















المزيد.....


الناس على دين ملوكها.


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5151 - 2016 / 5 / 3 - 22:32
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



كنت أظن ولفترة طويلة أن هذه العبارة توحي على أن شكلية العقيدة الدينية تفرض طبيعيا وفقا لقياس السلطة الحاكمة خاصة إذا كانت مستبدة أو طويلة، وأحيانا إذا كانت السلطة تعط مثالا محببا قد يجر الشعوب والمجتمعات إلى صفها عقائديا، كنت أتسأل هل هناك قضايا وتجارب تأريخية توحي بهذا الأمر أو مصداق لها؟, وهل هناك قصص وروايات واقعية تثبت العكس؟، الدراسة التاريخية والأجتماعية تثبت الأمرين الإيجاب وضده ممكنان وواقعيان وقد حصلا بالفعل، إنه التناقض في النتائج الذي تجعل من هذه المقولة كما تبدو ظاهريا غير صحيحة، لقد حكمت أقليات أثنية ومذاهب تمثل عنوان فرعي مجتمعات تنافضها في العقيدة والدين ولم يتغير المجتمع ولم يبدل أحدا دينه كما في فترة الأستعمار الغربي للدول الإسلامية، كما أن الكثير من الصور التاريخية تثبت النعم وتؤكد المقولة وتشير مثلا لمصر الفاطمية غيرها صلاح الدين الأيوبي وإيران السنية غيرها الشاه الصفوي، فهل من تفسير غير ما يجري بالذهن لأول وهلة.
مناسبة الحديث هنا ظهور مفهوم المحمية الأجتماعية كنموذج لسلطة تموضع السلطة في مجتمعاتنا المتحولة من ديكتاتورية الدين إلى ديكتاتورية الحاكم المحمي خارجيا، في مثال بسيط لدول الخليج العربي وبعض الدول العربية والإسلامية وخاصة بعد خروج الخليفة العثماني الذي يمثل أقسى أنواع ديكتاتورية الدين السياسي تفردا وسوداوية والمتحكم بعقل المجتمع وفي رسم قيمه وقوانينه، تحولت هذه المحميات بعد أن تشرذم كيان الخلافة الدينية نتيجة الحتمية التاريخية للضغط الأجتماعي والتنوع اللا متوازن في رعاية الخصوصيات الأجتماعية والإنسانية لشعوبها إلى قطع صغيرة ومتناهية بالصغر، تعتمد على القوة الذاتية في تكوين هيكلية المجتمع الجديد والناشئ الذي بدوره يحتاج للقوة الحامية، القوة التي يمكنها أن تحافظ على الشكلية الخارجية وتمنح السلطة المسيطرة حرية العمل اجتماعيا دون أن تحقق نوعا من التمرد على السلطة الحامية.
هذا الترتيب السلطوي أنتج لنا مجتمع يسعى أولا لتمييز ذاته عن غيره وصنع التفرد ومحاولا إحاطة نفسه بالحدود الخارجية التي يحرص دوما على أن لا تخترق، كي لا يعود هامشيا في ظل مجتمع أخر شريك أو منافس أو محتل أو مناهض، ثانيا أنتجت أيضا شعورا نفسيا مزاجيا عاما أن السلطة هي الحدود والحدود هي السلطة، وبالتالي تم الربط ما بين قبول سلطة المحمية كما هي وبعلاتها التكوينية حافظا على حدود المجتمع، وإن لم يكن مقنعا أداءها أو حتى قناعة المجتمع بالأهلية الطبيعية، نتج من ذلك أيضا أن السلطة والمجتمع كلاهما تموضع في خندق واحد ليس دفاعا عن الوطنية والهوية الدينية، ولكن للحفاظ على المكسب التاريخي الذي جعل من هذه المجتمعات دول مشخصنة بالتسمية وإن لم تستكمل وجودها كدول حقيقي وفاعلة في المنظومة العالمية..
بالعودة إلى المقولة أعلاه نجد أن مصطلح الدين هنا لا يعني بالضرورة العقيدة، بل يعني ما يدين به ويعمل عليه الناس في تتابع سلوكي وظني ومضمر مع نفس الإطار الفكري والسياسي عند السلطة ومنهجها في التعامل، في هذه المجتمعات يشعر صاحب السلطة أنه محمي بقوة ليس من واقع الحدث أو من تراتبية الواقع، بل من عامل خارجي مستمد ومستند من قوة الحامي وعليه التعويل, لذا فهو أيضا على دين الحامي ويتفاعل معه ويصطف مصيريا مع جهة الحماية، حتى لو أدى ذلك إلى التناقض مع بعض المبادئ الطبيعية وأحيانا حتى مع الخطوط الحمر التي كان عليها المجتمع { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين}.
بالتأكيد هو أن رمز السلطة ووجهها الخارجي والمتقيد بشرط الحماية ووصف المحمية الأجتماعية ليس عميلا بمعنى الخائن لمجتمعه، ولكن لأنه هو والمجتمع على مصير واحد وعلى هدف مشترك وجودي يتمثل في البقاء كمجتمع متميز أو يصنع له التمييز، وكلاهما محمي بسلطة القوة البعيدة ويرضيان تماما بما تريده وما تفعله هي وفقا لخياراتها ورؤيتها الخاصة، وليس لهما أي أعتراض أو حتى حق المناقشة في حالة التعارض أو تناقض الخصوصية العقدية وحتى الإنسانية الطبيعية مع راعي المحمية، لأن ذلك يعني إضعاف الحماية وبالتالي تهديد وجود المجتمع أصلا لأن الحدود معرضة للخطر، لقد كان غزو الكويت وإعادة الأسرة المتسلطة مثال لنظرية المحمية الأجتماعية ودلالة فعلا على أن الناس على دين الملك.
الأمر أيضا لا يقتصر على هذه الزاوية بل أيضا يؤثر مفهوم المقولة على نوعية السلوك الجمعي الغالب في المجتمعات البشرية عموما في ثقافتها وقيمها وحتى في نوعية المفردة المنطوقة، في عصر بروز الدولة العراقية الحديثة وخاصة بعد تنصيب الملك فيصل الأول حاكما على العراق بقرار الدولة الحامية، تغير النمط السلوكي الجمعي الأجتماعي من الشكل الديني المؤسساتي الغالب فيه تقديس الرابطة الدينية المشتركة وتبعه تغير في القيم الثقافية والأجتماعية، إلى بروز دور القبيلة والعشيرة والأسرة الكبيرة مع أن العراق أصبح وبموجب الدستور دولة مدنية حديثة، ولكن نمط السلطة التي تأسست عقب الأستقلال الشكلي هو نمط عشائري قبلي مبني على الولاء للدم وليس للوطن ولا للدين كما كان سابقا، والتذي تمظهر وتجلى بتوحد كل الطوائف الإسلامية المتناقضة مع مشروع حماية الدولة العثمانية حسب ما كان يروج له.
هناك ملاحظة مهمة وهي تتعلق بأدبيات وثقافات المرحلة وارتباطها بدين الملك، في زمن الناصرية في مصر وظهور اليسار القومي وأشتداد الأنفتاح على كل الفضاءات اليسارية في العالم شكلت هذه المرحلة تطور مهم وبارز تمثل في أنتقال مفاهيم المجتمع المصري العامة من مرحلة التبرجز والتقليد لسلوكيات الطبقة الأرستقراطية في الملبس والثقافة والسلوكيات الشعبية إلى تمط أخر يمكن تسميته بنمط الراديكالية اليسارية وشعبنة السلطة فظهر أهم نتاج معرفي وأدبي يساري شعبي مدني في كافة أوجه المعرفة وصولا حتى لتغيير المفاهيم الكلية في النظرة للعمل والمرأة والإنسان عموما، وهذا متأت من عقيدة السلطة الناصرية التي في توجهها الشعبي تنحاز لثقافة المجتمع والطبقة العامة بعيدا عن برجوازية وأرستقراطية النظام الملكي السابق.
إذن المسألة هي بالحقيقة تحولات في التفكير وتقليد لمنهج السلطة في التعامل مع القضايا الكبرى، قضايا أجتماعية تبسط تأثيرها على عموم الثقافة المجتمعية وتذهب بها نحو التوائم والمصالحة وأحيانا الذوبان بدين الملك, في مجتمع مثل مجتمع السعودية أمن الشعب ومن خلال ثقافة السلطة أن يتحول كل هذا الشعب إلى سعودي بالانتماء لفرد هو في الأصل عضو فيه، كما قبلت مجتمعات أخرى أن تنصر في شخصية الملك لأنها تؤمن بأنها جزء من محمية التي يمثلها رمز السلطة لدى القوى الحامية، فترتدي زيه الخاص وتتناسب مع طروحاته مهما كانت وإن بررتها بمبدأ ديني هو الأخر مزيف وانتهازي، لكن تبقى نظرية المحمية الأجتماعية هي السمه الغالبة على كل تفاصيل تكوين المشهد السياسي للدول الخاضعة لسلطان الفرد وسلطة الأيديولوجيا الفردية.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكاية الأربعاء
- بيان الأمانة العامة المؤقتة للتجمع المدني الديمقراطي للتغيير ...
- الفوضى الضرورية والفوضى الخلاقة
- نقد التاريخية قراءة نقدية في فكر عبد الكريم سروش ح1
- نقد التاريخية قراءة نقدية في فكر عبد الكريم سروش ح2
- من يطلق رصاصة الرحمة على نظام المحاصصة
- الحياد في قضايا المصير
- المتوقع والمأمول من حراك البرلمان العراقي
- الحرية الطبيعية ومفهوم الوعي بها
- اللعب على المكشوف
- قراءة في كتاب _ عندما يكون الرب لعبة سياسية . د عباس العلي
- بيان الأمانة العامة المؤقتة للتجمع المدني الديمقراطي للتغيير
- وأد النساء في عالم لا يعرف التمييز
- السياديني وظاهرة توظيف المقدس
- هل يمكننا إعادة تدوير الدين في ظل عالم فكري خاضع لفلسفة ما ب ...
- هل يمكننا إعادة تدوير الدين في ظل عالم فكري خاضع لفلسفة ما ب ...
- هل يمكننا إعادة تدوير الدين في ظل عالم فكري خاضع لفلسفة ما ب ...
- ثقافة التسليع
- شك الإيمان وظاهرة التكفير
- حق الإنسان في أختيار العقيدة منطق ديني أصلي


المزيد.....




- أمسكته أم وابنها -متلبسًا بالجريمة-.. حيوان أبسوم يقتحم منزل ...
- روبيو ونتانياهو يهددان بـ-فتح أبواب الجحيم- على حماس و-إنهاء ...
- السعودية.. 3 وافدات وما فعلنه بفندق في الرياض والأمن العام ي ...
- الولايات المتحدة.. وفاة شخص بسبب موجة برد جديدة
- من الجيزة إلى الإسكندرية.. حكايات 4 سفاحين هزوا مصر
- البيت الأبيض: يجب إنهاء حرب أوكرانيا بشكل نهائي ولا يمكن الق ...
- نتنياهو: أبواب الجحيم ستُفتح إذا لم يُفرج عن الرهائن ونزع سل ...
- رئيس وزراء بريطانيا يتعهد بـ-الضغط- لإطلاق سراح علاء عبدالفت ...
- وزارة الدفاع السورية تتوصل إلى اتفاق مع فصائل الجنوب
- -ربط متفجرات حول عنق مسن-.. تحقيق إسرائيلي يكشف فظائع ارتكبه ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - الناس على دين ملوكها.